«من جعجعة القامع الى أنين المقموع» هكذا بدأ الإخوان فى الأيام القليلة الماضية، حيث جلست القيادات فى قلعتها (مكتب الإرشاد) يتداولون ويتقاذفون الاتهامات بعد سلسلة المفاجآت المتتالية التى حملت رسالة واضحة للجماعة، فمن قانون الضبطية القضائية إلى عدم دستورية قانون العزل إلى حل البرلمان والبقية تأتى، حيث يبدو أن لعنة الحل تطارد الجماعة فمن حل المجلس إلى انتظار حل الجماعة فى دعوى قضائية مرفوعة ضدها والتى سينظر بها اليوم الثلاثاء برفض أو قبول الدعوى، وعلى هذا فالبعض يرى أنها ستكون الصفعة الرابعة من القضاء على وجه الإخوان، بينما يرى البعض الآخر أنها لعنة الثورة التى ضاعت بين الشيوخ والجنرالات.
وفى ظل هذه الأحداث تتحرك القيادات الإخوانية بخطى غير ثابتة نظرا لضبابية الموقف، لكن ما تم تأكيده هو حالة الخلاف والترقب التى تشهدها الجماعة والخطة المعدة سلفا بمكتب الإرشاد فى حالة خسارة مرسى، حيث الفوضى بمليونيات تشتعل بمحافظات مصر جميعها بعد أن تحولت أخطاء الإخوان من كثرتها إلى خطايا.
أما عن بداية الخلاف الذى دب داخل مكتب الإرشاد فقد أعقب ظهور نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية والتى جاءت بالإعادة بين مرشح الإخوان دكتور محمد مرسى والفريق أحمد شفيق حيث بدأت التلميحات بخسارة الجماعة لقطاع كبير من الشارع المصرى نتيجة لسياسة الجماعة الأخيرة والتى وصفت بالمتضاربة حيث أوضح مصدر موثوق داخل الجماعة أن طاولة المناقشات لا تنتهى داخل جماعة الإخوان، حيث تتوالى الخسائر مما أدى إلى حدوث خلاف بين بعض القيادات والتى تتولى التيار الإصلاحى داخل الجماعة مثل الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة التابع للجماعة، والدكتور محمد البلتاجى، أمين الحزب بالقاهرة، متوجهين باللوم الى قيادات أخرى تتولى الإطاحة بمصداقية الجماعة وكشف أسرارها، خاصة عند الحاجة الملحة إلى تقديم بعض التطمينات إلى الشارع والقوى السياسية بعدم الاستحواذ فى حالة تولى السلطة إلا أن نفس هذه القيادة قد رفضت تقديم الجماعة لأية تنازلات أو تطمينات مما أدى إلى فقد بعض القوى التصويتية والتى اتهمت الإخوان بالمراوغة. هذا إضافة إلى تيار ثالث كان قد نشأ داخل جماعة الإخوان يتزعمه أحد الأفراد خارج الهيكل التنظيمى للجماعة فى محاولة لخلق جبهة جديدة تنافس فكر القيادات والذى أصبح مرفوضا من البعض، وبالتالى فالتيار الجديد يدعمه جيل من الشباب لم تتحين له الفرصة بعد للإعلان عن نفسه. ∎ «طوارئ» وتوافقا مع يومى الانتخابات الماضيين صدرت أوامر عليا من مكتب الإرشاد لمندوبى اللجان بالمبيت خارج اللجان خوفا من تبديل الصناديق أو حدوث تزوير، أما عن أهم الموضوعات المطروحة الآن على مائدة مكتب الإرشاد فيوضح المصدر ذلك قائلا: يتم الآن مناقشة سيناريوهات ما بعد الانتخابات الرئاسية، حيث مناقشة موقف الجماعة والحزب حال خسارة مرشحهم الدكتور محمد مرسى فى سباق الرئاسة وفوز الفريق أحمد شفيق حيث يعتبر هذا لدى الجماعة أمر كارثى، خاصة بعد التهديدات المتوالية والتوعد بحل الجماعة والحزب. لذلك فما تقوم به الجماعة الآن هو رفع درجة الاستعدادات للدرجة القصوى تحسبا لنتيجة الانتخابات والتى من المتوقع حسب خطة الجماعة حال فوز شفيق أن تحتشد المليونيات والتى تم تأجيلها عقب حكم الدستورية بحل البرلمان لحين معرفة نتائج الانتخابات. وقد رصدت غرفة عمليات الجماعة والتى أعدتها بمكتب الإرشاد يوم السبت الماضى بعض التجاوزات التى سوف تتقدم بشكاوى بها حيث وجود بعض بطاقات الاقتراع التى تم توزيعها على القضاة المشرفين على اللجان الانتخابية فى المحافظات المختلفة بدون الحصول على قوائم الناخبين، مما يوضح لجوء البعض لتسويد هذه البطاقات. هذا بالإضافة إلى ما ترصده غرفة العمليات المركزية لمراقبة الانتخابات بمقر الحزب بوسط القاهرة.
كما شهد اجتماع قيادات الجماعة عقب صدور قرار بحل البرلمان حالة من الشد والجذب فى المناقشات حيث دعت بعض قيادات الإخوان والحرية والعدالة إلى اتخاذ رد فعل قوى تجاه هذه الأحكام كنزول إلى الميدان وحشد المليونيات للرد عليها، لكن الأغلبية توافقت فى النهاية على الاستمرار فى الانتخابات وعدم نزول الشارع إلا فى حالة تزوير الانتخابات والتى تعنى بالطبع خسارة مرشحهم.
ثم أعقبت الجماعة ذلك بإصدار بيان لها حمل المرارة التى يشعرون بها حيث قالت فيه «إن الأمور الحالية التى تمر بها البلاد نتيجة أحكام الدستورية وقرار حق الضبطية وغيرها تقطع بأننا مقبلون على أيام عصيبة، لعلها تكون أخطر من الأيام الأخيرة من حكم الرئيس السابق حسنى مبارك، وإن كل مكاسب الثورة الديمقراطية يتم تبديدها والانقلاب عليها بتسليم السلطة لأحد أبرز رموز العهد البائد، الذى أكد أن الرئيس المخلوع هو مثله الأعلى، وأن مفيش حاجة اسمها ثورة وإنه سيفض المظاهرات السلمية بقوات الشرطة العسكرية. وأضاف الإخوان.. أن هذا يفرض علينا واجبا وطنيا أن نتكاتف جميعا لمنع دعوة النظام البائد، وذلك يقتضى نزول كل أفراد الشعب بملايينهم الخمسين فى انتخابات الرئاسة، ولم يعد هناك مجال لبعض الدعوات بمقاطعة الانتخاب أو إبطال الأصوات، لأن ذلك يصب فى مصلحة إحياء النظام البائد بكل مفاسده وانتقامه من الثورة والثوار.
أما عن أكثر القيادات المتواجدة بصفة شبه دائمة والمتابعة للأحداث عبر مكتب الإرشاد هم سعد الكتاتنى وعصام العريان، وأسامة ياسين، وخيرت الشاطر وفريد إسماعيل وسعد الحسينى وأحمد فهمى.
∎ تنكيل وأكد أحد شباب الإخوان المتظاهرين أمام المقر فى وقفة احتجاجية اعتراضاً على موقف «الإخوان» والمطالبة بالنزول إلى الميدان لإنقاذ الثورة قائلا نحن لا نعترض على أوامر مكتب الإرشاد ولكننا نخشى من المصير الذى قد ينتظر الجماعة فى حالة فشل د.مرسى خاصة بعد خسارة الشارع.
كما أننا علمنا من بعض القيادات داخل الجماعة أن لديها معلومات تفيد بأن مسئولين فى أجهزة سيادية بالدولة بدأوا فى إعداد فخاخ للإخوان للتنكيل بهم من خلال إعداد ملفات أمنية لتوريط قيادات إخوانية فى جرائم اقتحام السجون وتهريب القيادات وحرق أقسام الشرطة أثناء الثورة وقتل المتظاهرين فى ثورة 52 يناير. ونحن نخشى بالفعل أنه فى حالة سقوط الدكتور محمد مرسى فى الانتخابات أن تتعرض الجماعة للتنكيل الشديد على يد نظام أحمد شفيق.
∎ استقالة كذلك امتد سعة الخلافات داخل مكتب الإرشاد إلى الخلاف الكبير القائم بين الدكتور محمد على بشر، عضو مكتب الإرشاد، وبين باقى أعضاء المكتب بسبب الاستمرار فى جولة الإعادة لأنه كان من الرافضين بداية ترشيح دكتور محمد مرسى، وبعد الإعادة تجددت الاشتباكات، حتى أن الدكتور «بشر» قد هدد بتقديم استقالته فى آخر اجتماع لمجلس شورى الجماعة، بعد أن أوضح لهم أن المجلس العسكرى لن يسمح بوصول «مرسى» إلى الحكم. لكن كانت الأغلبية داخل الجماعة قد أخذت قرارها باستكمال مسيرة الانتخابات إلى نهايتها. ∎ الحل ينتظر الجماعة أما عن المصير الآخر والذى ينتظر الجماعة فهو قرار محكمة القضاء الإدارى والتى ستفصل فى الدعوى القضائية اليوم الثلاثاء والتى تطالب بإصدار حكم قضائى بحل جماعة الإخوان المسلمين. والذى تقدم به المحامى شحاتة محمد شحاتة، حيث اختصم فى دعواه كلاً من رئيس مجلس الوزراء ووزيرىّ «المالية» و«التضامن الاجتماعى» ومحمد بديع المرشد العام للإخوان، ومحمد مرسى رئيس حزب الحرية والعدالة، بصفتهم لامتناعهم عن اتخاذ قرار بحل الجماعة، ومنعها من ممارسة أنشطتها، وعلى رأسها قيامها بتأسيس حزب الحرية والعدالة رغم أن القانون المنظم للجمعيات الأهلية، الذى أوجب على الجمعيات، ومنها جماعة الإخوان المسلمون أن تعدل أوضاعها وفقًا لأحكامه، وأوجب حل أى جمعية لا تلتزم بما جاء فيه. وأضاف أن الإخوان يرفضون توفيق أوضاعهم وفقًا لقانون الجمعيات الأهلية، حتى لا يتم إخضاع أنشطتهم لرقابة أجهزة الدولة، مشيرًا إلى أن الشعب المصرى من حقه معرفة كل شىء عن الجماعة انتهاء بمصادر تمويلها .كما لفت إلى أن الجماعة تمارس العمل الاجتماعى والسياسى منذ الثلاثينيات، رغم أنها كانت محظورة قانونًا لأكثر من 60 عامًا ، إلا أن القانون المنظم للجمعيات الأهلية ألزم كل جماعة تقوم بأى من أنشطة الجمعيات أن تتخذ شكل جمعية أو مؤسسة أهلية، وفى حالة عدم الالتزام يتم حلها.
هذا عن الأوضاع داخل الجماعة وخاصة مكتب الإرشاد إلا أنه باهتمامنا بمعرفة المزيد عن الخطوة القادمة للإخوان كان لنا حديث مع قيادات إخوانية سابقة لتوضح لنا بعض الأمور.
«من الواضح أنه هناك حالة من الارتباك فى قيادة الجماعة والذى أعتقد إذا لم يحل قريبا مع الوضع فى الاعتبار مصلحة الوطن بل وتغليبها فسوف «نلبس جميعا فى الحائط» كلمات كان قد قالها لى الدكتور محمد حبيب القيادى السابق بجماعة الإخوان المسلمين فى حديث سابق وكأنه كان يعلم ما سنؤول إليه جميعا وعلى رأسنا جماعة الإخوان المسلمين. ومن ناحية أخرى وصف الدكتور محمد حبيب الموقف الحالى للإخوان بالخطير وطالب بتكرار الاجتماعات والتآلفات بين القوى السياسية خلال الفترة القادمة، لمواجهة ما يحدث من انقلابات سياسية غير مفهومة خاصة فيما يتعلق بإعادة إنتاج نظام مبارك. «الإخوان إذا تقدموا مترا فلن يتراجعوا سينتيمتر» وحول موقف الإخوان بصمتهم المخيف عقب قرار المحكمة الدستورية بحل البرلمان، يقول د.حبيب: إن الإخوان الآن مشغولون بمعركة أكبر وهى المعركة الانتخابية وكل شىء آخر تم تأجيله إلى حين إعلان النتيجة. وعن موقف الإخوان فى حال فوز شفيق؟ هو موقف صعب بلا شك حيث ستكون هناك عودة للقيد والقهر وخاصة للجماعات الإسلامية، لذلك لا أعتقد أن يقف الإخوان موقف المتفرج إذا خسروا أحد مكتسباتهم فما بالنا بكل مكتسباتهم. وبسؤالى على من تقع المسئولية فى الوصول بالجماعة إلى نقطة النهاية باكرا؟ للأسف كان هناك عدم وضوح رؤية من القيادات وغياب للاستراتيجية بوجه عام، فقد اجتهدوا وكان اجتهادهم خطأ. ∎ سيتنازل الإخوان لبقائهم الإخوان سيتنازلون عن الكثير حفاظا على الإخوان هكذا أكد الدكتور عبدالرحيم على الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية بوصفه أن الإخوان سيقدمون العديد من التنازلات من أجل الحفاظ على أنفسهم كجماعة أما كلامهم عن الصدام والنزول للشارع فهو مجرد تخويف وترهيب زائف. وأشار إلى أن الإخوان المسلمين لو جاءوا للحكم فسيغلقون الباب أمام باقى القوى السياسية لمدة لا تقل عن 100 سنة وإذا كانت الإخوان تريد الخير لمصر فكان عليهم أن يضحوا مرة واحدة من أجل مصر بالتنازل إلى أحد مرشحى الرئاسة الأكفاء إلا أنهم مصممون وكأنه على جثثهم التنازل عن السلطة لأنهم يريدون مصر الكرسى. وكان عليهم أن يتعظوا من حكم المحكمة الصادر بشأن قانون العزل وحل البرلمان قائلاً: بأن الإخوان أرادوا الإطاحة بشخص واحد وهو أحمد شفيق ولهذا اجتمع 005 فرد لاستبعاده فكانت النتيجة بأن جاء حكم المحكمة الذى أطاح بال 500 فرد واستمر الفريق أحمد شفيق. ومكتب الإرشاد ومداولاته التى لا تنتهى ستذهب هباء كما ذهب مجلسهم. ∎ صناعة الثورة وعن الخطة البديلة التى يعدها الإخوان الآن بمكتب الإرشاد فى حال فشل مرشحهم يقول القيادى الإخوانى السابق مختار نوح الإخوان ليس لديهم ما يفعلوه لأنهم مشتركون مع شفيق فى نفس المعركة متجاهلين كل النداءات بالانسحاب والوقوف فى صف الثورة إلا أنهم فضلوا طريق الانتخابات وحصد المكاسب التى فى حقيقتها خسارة واقعة لا محالة، وعليهم أن يتحملوا نتائجها.. ألا تتوقع خروج الجماعة على شفيق وإثارة الفوضى ؟الجماعة قادرة على إثارة الفوضى لكنها لا تجيد صناعة الثورة لأن الثورة تحتاج إلى تيارات ثورية تتكامل معا لا أن يقوم بها فصيل منفردا. والجماعة من البداية قادت الدفة منفردة حتى تاهت وتعثرت خطواتها رغم التحذيرات الكثيرة لها إلا أنها للأسف لا تتقبل رأيا غير رأى الجماعة.