تعتبر قصة الملكة ماري أنطوانيت، آخر ملكات فرنسا من أغرب الظواهر في التاريخ الفرنسي، فقد عانت في حياتها من كراهية وسخط من الشعب والمحيطين بها أكثر من أي ملكة أخري سبقتها انتهت هذه المشاعر بإعدامها بالمقصلة في ال16 من أكتوبر 1793، إلا أنها أصبحت، بمرور الوقت من أشهر "نجوم" الثورة الفرنسية، ولا يذكر تاريخ الثورة إلا بذكر نوادر وقصص عن الملكة ونزواتها وأزيائها ومقولتها الشهيرة:" "إذا لم يكن هناك خبز للفقراء.. فليأكلوا الجاتوه!!". وفي كتابهما الصادر في نهاية العام الماضي، حرص المؤلفان، المؤرخة سيسيل برلي والمدير السابق لمعهد تاريخ الثورة الفرنسية جون كليمن مارتن علي تناول سيرة الملكة المثيرة للجدل "ماري أنطوانيت" من زاوية جديدة غير مطروقة في التاريخ الفرنسي. فبعد أكثر من 200 عام علي إعدامها بطريقة دموية في خضم الثورة الفرنسية بعد أشهر قليلة من زواجها، تخلصت ماري أنطوانيت من صورتها "النمساوية التي أصبحت رمزا لانحطاط قصر فرساي" وتدهور الأحوال في فرنسا وسقوط الملكية، لتصبح اليوم إحدي أهم الشخصيات التاريخية علي مستوي العالم، تبهر سيرتها السينمائيين وتثير شغف السياح الذين يأتون خصيصا لزيارة قصرها ، "تريانون الصغير"، الذي أصبح مرتبطا باسمها أكثر من مؤسسه لويس الرابع عشر. كانت ماري أنطوانيت في ال18 من عمرها عندما تولت عرش فرنسا وانتهي حكمها نهاية مآساوية بعد أقل من 20 سنة من توليها العرش بأن أعدمت بالمقصلة خلال الثورة الفرنسية التي ساعد طيشها وتآمرها علي انطلاقها. وقد وُلدت ماري بفيينا في النمسا، وكانت الابنة الصغري والمفضلة للإمبراطور فرانسيس الأووماريا تيريزا، حاكمي الإمبراطورية الرومانية المقدسة، وقد تمت تربيتها علي أمل أن تصبح يومًا ما ملكة لفرنسا وبالفعل تزوجت ماري الدوفين الفرنسي (ولي العهد) في عام 1770 لوي-أوجوست، وبعد أربعة أعوام أصبح الدوفين الملك لويس السادس عشر وأصبحت ماري ملكة فرنسا. كانت الملكة الصغيرة جميلة وذكية ومتهورة، وقد ملَّت الشكليات الرسمية لحياة البلاط، لذا اتجهت إلي الترويح عن نفسها بالملذّات، مثل: الحفلات الفاخرة والتمثيليات المسرحية وسباق الخيول والمقامرة. كان ينقص ماري التعليم الجيد، ولم تكن تعطي الأمور الجادة إلا القليل من الاهتمام، ولم تتردد في عزل وزراء فرنسا القادرين الذين هددت جهودهم لخفض النفقات الملكية ملذاتها. وقد أعطاها الملك لويس السادس عشر قصر بتي تريانون، حيث كانت الملكة وأصدقاؤها يقومون بالترويح عن أنفسهم.أصبحت ماري مكروهة جدًا، وقد تم تأنيبها علي فساد البلاط الفرنسي، حيث كانت تسرف في إغداق الأموال علي محاسيب البلاط، ولم تعط أي اهتمام للأزمة المالية بفرنسا. وقد رويت القصص الكاذبة والسيئة عنها، إلي حد أن أثيرت الشائعات علي أنها كانت جاسوسة لحساب النمسا بالإضافة إلي الشائعات الدائمة، التي كان أغلبها حقيقي - عن علاقاتها الغرامية المتعددة. ومن خلال أكثر من 400 صفحة يروي الكتاب، مستعينا بمئات من الصور النادرة وأجزاء من المراسلات الرسمية والخطابات الأصلية، قصة صعود الطفلة النمساوية البريئة ماريا أنطونيا أنّا جوزيفا وحتي أصبحت الملكة المتحكمة في زمام الأمور ماري أنطوانيت، وحتي نهايتها المأساوية وما صاحبها من أسر وإهانة لتصبح - بالرغم من اختلافها التام عن مبادئها - إحدي أيقونات الثورة الفرنسية.