تنص المادة رقم 86 من الدستور المصري علي أنه (يتولي مجلس الشعب سلطة التشريع، ويقر السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، كما يمارس الرقابة علي أعمال السلطة التنفيذية، وذلك كله علي الوجه المبين في الدستور). وما سبق يعني أن نائب مجلس الشعب هو نائب سياسي وبرلماني بالدرجة الأولي.. يهتم بالمشاركة في التشريع والرقابة علي أداء السلطة التنفيذية. وهو دور أساسي يرتكز علي ثقافته السياسية وثقافته العامة التي تؤهله للقيام بهذا الدور. من الواضح أنه كلما كان النائب منتمياً لأحد الأحزاب السياسية.. كلما كان ذلك عاملاً رئيسياً في دعمه بالمرجعية الفكرية والسياسية في القيام بدوره كنائب سياسي.. بحيث يتخذ موقفاً محدداً يدافع عنه فيما يمس القضايا التي يجب أن يتم حسمها داخل البرلمان.. وهو ما يتطلب منه أن يكون نائباً عن دائرته، ونائباً عاماً عن الشعب أيضاً. لقد حدث خلال السنوات الأخيرة.. أنه تم تحويل نائب مجلس الشعب من نائب برلماني إلي نائب خدمات. وهو ما اختزل دوره في مجرد (نائب شنطة) يحمل طلبات أهل دائرته من تعيين في وظائف حكومية، أو في تخصيص أراض، أو في قبول طفل في مدرسة محددة أو تحويله من مدرسة إلي مدرسة أخري، أو تأشيرة تحويل من محافظة إلي محافظة. وهو الأمر الذي أثر سلباً علي مدي متابعة ورقابة هؤلاء النواب علي الوزارات والمصالح الحكومية التي ارتبطوا بخدمات مباشرة معها.. أي أنه انعكس علي مدي ممارسة لدورهم الرقابي المنوط بعضويتهم البرلمانية علي تلك الجهات. كما أن اختزال دورهم في كونهم نواب خدمات.. أدي إلي تقليص دور عضو المجلس الشعبي المحلي.. كنائب خدمات حقيقي. إن التعديلات الدستورية الأخيرة التي أعطت لأعضاء المجالس الشعبية المحلية أهمية قصوي في حق ترشيحهم لرئيس الجمهورية مع أعضاء مجلسي الشعب والشوري من جهة، وتطبيق سياسة اللامركزية من جانب آخر.. سوف يؤدي إلي استعادة عضو المجلس الشعبي المحلي إلي دوره الحقيقي كنائب خدمات، كما يترتب علي ذلك أن يعود نائب البرلمان إلي دوره الدستوري في التشريع والرقابة. إن أداء نائب مجلس الشعب سوف يتوقف في المستقبل القريب علي مدي قيام أعضاء المجالس الشعبية المحلية في نطاق دائرته سواء في القرية أو المركز أو المدينة أو المحافظة لدورهم التنفيذي الحقيقي. هذا الدور الذي غاب كثيراً خلال السنوات الماضية بعد أن ارتبط بقاء بعض أعضاء المجالس الشعبية المحلية بأعضاء مجلسي الشعب والشوري في دائرتهم. نحتاج إلي نائب سياسي حقيقي يعرف حقيقة دوره.. وليس نائب خدمات يهتم بالتأشيرات والمصالح الشخصية أو نائب فضائيات.. يظهر في وسائل الإعلام أكثر مما يتفاعل في جلسات مجلس الشعب.