شهدت السنوات الأخيرة ظاهرة انتشار الصحف الصفراء الصادرة بتراخيص أجنبية والمتخصصة في نشر أخبار الجريمة التي يغلب عليها الإثارة و«الفبركة» حيث نشر جرائم جنسية مزعومة وصور إباحية في ظل غياب الرقابة النقابية والمجلس الأعلي للصحافة. اللافت أنها تنتشر من خلال بائعي الصحف بالقطارات ووسائل المواصلات العامة مما يسيء إلي مهنة الصحافة والصحفيين فأين دور النقابة والمجلس الأعلي للصحافة وهل تراجع الاهتمام بصفحات الجريمة في الصحافة المصرية الصادرة بتراخيص من المجلس الأعلي للصحافة هو سبب انتشار تلك الصحف الصفراء؟ طرحنا هذه الأسئلة علي المهتمين. أكد حاتم زكريا -سكرتير عام نقابة الصحفيين- أن النقابة لا تقوم بدور الرقيب علي هذا النوع من الصحف لأنها لا تخضع لسلطتها لصدورها بترخيص من الخارج ولا تتحكم فيها النقابة. وقال زكريا: إن هذه الصحف مشاكلها متعددة وتضر أكثر مما تنفع، لكنها تخرج عن نطاق مسئولية المجلس الأعلي للصحافة ونقابة الصحفيين، لافتا إلي أن انتشارها أصبح خطرا والموقف يحتاج لمراجعة شاملة تشارك فيها كل الجهات المسئولة بالدولة وليست النقابة فقط، حيث تتضافر الجهود، والخروج بحلول بعد دراسة مستفيضة ومكتملة من جميع النواحي. وأرجعت فريدة النقاش رئيس تحرير جريدة «الأهالي» انتشار صحافة الإثارة لترجع الصحف الجادة والعميقة وأن هذا النوع من الصحف يرتبط بانتشار الثقافة التجارية والاستهلاكية التي تترتب علي مجموعة من السياسات التي تشجع الاستيراد أكثر من البيع والاستهلاك علي حساب الإنتاج، خاصة في المجتمعات الرأسمالية. وقالت النقاش: إن هذه الصحف تحاول الاستفادة من مناخ الاستهلاك وتخلق حالة نفسية اعتمادا علي هذه الثقافة نتيجة لانعدام ثقافة قبول النقد فالجماهير تستقبلها دون أن تفكر بنظرة ثاقبة. وشددت النقاش علي أن لتلك الصحف أثرًا سلبيا علي سمعة الصحافة المصرية فتري النقاش أنه غالبا ما تختلف النظرة للصحفيين الذين يعملون في مثل هذه الصحف وعادة ما لا يحظون باحترام الوسط الصحفي وهذه النظرة هي التي تجعلهم في ركن صغير وتؤدي لتقليص تأثيرهم علي الجمهور. وأكد عباس الطرابيلي رئيس تحرير جريدة الوفد السابق أنه لابد من إعادة النظر في الصحف الصادرة بتصاريح خارجية و«غربلتها» وعدم السماح لغير الجاد الملتزم بآداب المهنة بالصدور والتصدي لصحف الإثارة والتشويق من خلال الصور الإباحية والمضامين التي تركز علي الموضوعات الجنسية حفاظا علي قيم المجتمع. وأوضح الطرابيلي أن هناك جهتين يمكنهما التحكم فيها ومنع انتشارها في الأسواق وهما وزارتا الإعلام والداخلية، مضيفا أن أحد مشاكل استمرارها موافقة المجلس الأعلي للصحافة علي طبعها بالمطابع التابعة لبعض المؤسسات القومية. محمود صلاح رئيس تحرير جريدة أخبار الحوادث أكد هذه الظاهرة رغم كونها من الظواهر السلبية الضارة بسمعة الصحافة المصرية وصحافة الحوادث، إلا أنه يري أنها لا تثير القلق علي الصحف القومية أو صحف الحوادث وفي مقدمتها جريدته باعتبارها من أقوي صحف الحوادث. وأوضح صلاح أن جريدته بدأت في الظهور منذ 18 عاما وكانت الأولي في مجال الحوادث والجرائم في العالم العربي ولم تكن هناك تجارب سابقة وأدي نجاحها وجماهيريتها إلي انتشار توزيعها ليصل إلي ما يقرب من مليون نسخة أسبوعيا مما ساهم في إيجاد شريحة عريضة من قراء صحافة الحوادث. وأضاف أن نجاح صحيفته أدي لظهور عدد من صحف الحوادث بعد مرور عدة سنوات، معظمها ذات ترخيص أجنبي وهي التي يطلق عليها الصحف الصفراء التي تتمثل سلعتها التي تقدمها للقارئ في الجن والشعوذة ونشر القضايا الوهمية التي سرعان ما يتم اكتشاف حقيقتها والانصراف عنها حتي لم يعد سوي جريدتين أو ثلاث. وأوضح أن هذه الصحف رغم أنها تؤثر بالسلب علي مكانة الصحافة إلا أنها بفعل الوقت ووعي القراء أصبحت علي وشك الاختفاء لأن الصحف لابد أن تلتزم بقواعد الصحافة والمهنة ومن يخالفها يحكم علي نفسه بالنفي ويخسر قراءه.