بالرغم من أن التليفزيون خطف جمهور المسرح خلال شهر رمضان إلا أن مسارح الدولة لا تزال تقاوم وبشدة ، حيث افتتح الخميس الماضي علي خشبة مسرح السلام عرض "يا ساكني مصر " للمخرج سمير العصفوري الذي يقيمه ضمن مشروع "قمم مصرية" التي من المقرر أن تقدم خلالها مجموعة من القمم التي أثرت حياتنا الثقافية والفنية أمثال أحمد شوقي وحافظ إبراهيم وأم كلثوم ونجيب محفوظ ، وقد بدأ المشروع بالفعل بالشاعرين "أحمد شوقي" و"حافظ إبراهيم" وهو العرض الذي أخرجه مؤخرا سمير العصفوري وذلك بالاتفاق مع الدكتور أشرف زكي رئيس قطاع الإنتاج الثقافي والمشرف العام علي إدارة البيت الفني للمسرح، ونظرا لأن العرض يتطلب تكلفة مادية كبيرة فقد أنتجه قطاع الإنتاج الثقافي بالتعاون مع اتحاد الإذاعة والتليفزيون . الفكرة الرئيسية لعروض هذا المشروع هي تعريف الشباب بتاريخ هذه القمم المصرية ودورها البارز في حياتنا الثقافية والفنية، وهو عمل تثقيفي بالدرجة الأولي موجه لفئة معينة حتي أنه بدأ أول أيام عرضه، بأكاديمية مبارك في السادس من أكتوبر ثم عرض علي مسرح الشباب والرياضة بالاتفاق مع وزارة الشباب والرياضة، وأخيرا علي خشبة مسرح السلام خلال شهر رمضان ، لكن بالرغم من أنه عرض يبدو لمن لم يره عملاً مدرسيا إلا أن المخرج المسرحي المتمكن سمير العصفوري استطاع وبحنكة شديدة أن يخرج من هذا المأزق إذ قدم عملا مسرحيا متكاملا يحمل كل فنون المسرح سواء كوميديا أو استعراضًا أو غناء أو تمثيلاً أو رسالة يريد أن يمنحها للجمهور في نهاية العمل بلا سذاجة أو ملل. ومن جانبه أكد العصفوري أن هذا العمل سبق وقدمه من قبل مع نفس المؤلف يسري الجندي تحت عنوان "حدث في وادي الجن" وكان وقتها عبارة عن مجرد احتفالية فنية بمناسبة مرور مائة عام علي شوقي وحافظ وحضرها عدد كبير من المثقفين علي مستوي مصر والعالم العربي ، ويضيف كنا نقصد وقتها أن نقدمها في شكل احتفالية فنية فقط لكنها نجحت واستمرت فترة ، ولعب البطولة وقتها الفنان سامي مغاوري واسماعيل محمود ومنال سليم .. ويقول: لكن هذه المرة الوضع مختلف تماما فنحن نقدم عملا مسرحيا تثقيفيا موجها للجامعات والتربية والتعليم وبالفعل بدأنا العرض من أكاديمية مبارك ، فهو عمل يحمل قيمة تثقيفية وفنية كبيرة وليس عملا تجاريا فهو له خصوصيته وله جمهوره فمن لا يحب الشعر بالطبع لن يشاهد العرض ، وكان العمل من وجهة نظر أشرف زكي لابد أن يقدم بشكل مختلف ومغاير بمعني ألا يكون عملا تقليديا وفي النهاية أنا لا أجزئ المسرح فعادتي دائما أن أقدم وجبة مسرحية متكاملة وهذا العرض هو عمل مسرحي متكامل لا ينقصه شيء. وحول أزمة العرض برمضان وعدم توافر مسرح مستقر للعرض أوضح العصفوري أن المشروع وضع ضمن برنامج عروض رمضان لكن للأسف ليس هناك إقبال جماهيري جيدا والمسألة لا تتعلق بشهر رمضان وإنما هذا هو حال المسرح منذ أربع سنوات وهذا ما يجعلني أتردد دائما في الخروج للعمل، لأن الجمهور فقد الثقة في المسرح، وذلك علي عكس عروض الشباب أعتقد أنها قد تشهد إقبالا جماهيريا أفضل لأنهم في رأيي قادرون أكثر علي التحرك وعمل نوع وحالة مختلفة من الدعاية لأعمالهم سواء من خلال الإنترنت أو من خلال أصدقائهم بعكس عروض المسرحيين الكبار، ليس هذا فحسب فهناك أشياء أخري أصابتني بالإحباط لأن العمل خرج أقل مما كنت أحلم لأسباب عديدة أهمها أن البيت الفني للمسرح لا يمتلك مسرحا مجهزا بشكل جيد، فمثلا في أول يوم عرض كانت هناك كوارث في الصوت والإضاءة لولا أننا حاولنا حلها بكل الطرق، فعلي سبيل المثال ومما يدعو للحزن ذهب الدكتور أشرف زكي لدار الأوبرا ولمكتب رئيسها الدكتور عبد المنعم كامل حتي يستعير منه جهاز بروجكتور جديدًا مجهزًا كي نستطيع عرض الصور والمادة الصحفية الموجودة بالعرض لأن أجهزة المسرح تهالكت من كثرة الاستخدام والمسرح يحتاج إلي أجهزة جديدة وتقنيات عالية ، وقال: لو كنت أملك حق التحكم في مسرح السلام لأعدت تشكيله بشكل آخر سواء في الإعداد الفني أو أجهزة الإضاءة أو الصوت فلا يوجد مسرح مصري واحد مجهز بشكل جيد باستثناء مسرح دار الأوبرا، لأنني سبق وقدمت العرض علي مسرح الشباب والرياضة وهو في النهاية مسرح صغير ومدرسي يشبه مسرح السلام، وعرض بهذا الحجم يحتاج إلي بيت يأويه إلي مكان كبير مجهز بإمكانيات وتقنيات عالية، فمثلا أنا أندهش من أن مسرح الجمهورية يظل طوال السنة في حوزة دار الأوبرا ولا يعمل إلا أيامًا قليلة فهو يقدم بضعة عروض رغم أنه مسرح مهم ومجهز تقنيا، فلماذا لا يمنحونه للبيت الفني لأنه في وقت من الأوقات كان يمثل الشعبة الثانية للمسرح القومي فكان مقرا لفرق المسرح الكوميدي والعالمي والحديث؟ ولماذا لا يعود ونعرض علي خشبته خاصة وهو مغلق معظم الوقت. وأضاف: مع احترامي لمسرح ميامي، فلن أعرض عليه لأكثر من سبب أولا لأنه يقع بجوار كباريه ومن حوله أشخاص مشبوهون فكيف أقدم عملاً مسرحيا محترمًا بجوار "كباريه" هذا لا يليق؟ وتحدثت للمسئولين أكثر من مرة عن مشكلة موقع هذا المسرح لأن موقعه سيئ للغاية وليس سهلا علي الجمهور أن يعرف مكانه، فلابد أن نبحث عنه بوسط البلد.. ويضيف: أملي الفترة المقبلة أن يخرج العمل بشكل جيد وأن يشاهده الجمهور أكثر بعد شهر رمضان لأن هناك جولات عديدة للعرض بعد العيد مباشرة فسوف نبدأ بدار أوبرا القاهرة ثم أوبرا دمنهور وأوبرا إسكندرية "مسرح سيد درويش" وسوف يعرض بمكتبة إسكندرية أيضا ثم يسافر الإسماعيلية وأسيوط وسوف تكون هناك اتفاقات لجولات أخري مع بعض الدول العربية لكنها لم تتحدد بعد.