يقولون للنجاح ألف أب وللفشل أب واحد وهو دائما ما يكون المدرب أياً كان دوره الإيجابي سواء في التحضير أم الاختيار أم حسن قراءته للمباريات، بمعني أن الحظ العاثر غير معترف به في عالم المستديرة بالنسبة للمنتخبات الكبري وكل ما يقوم به المدربون العظماء يذهب في طي النسيان عند أي إخفاق غير متوقع . فالكثير من المدربين كانوا موضع اهتمام قبل مونديال جنوب أفريقيا 2010 علي أساس أنهم سيخوضون امتحاناً مهماً فبعضهم أتي ليشارك البرازيلي زاجالو والقيصر بيكنباور بإنجاز الفوز باللقب لاعباً ومدرباً ، وآخر أتي لمشاركة مدرب وحيد فاز باللقب مرتين ، وثالث أتي للانفراد بلقب لم يحققه أحد وهو الفوز باللقب مع منتخب أجنبي ، وآخرون أتوا لمغازلة اللقب الأول وبالنهاية لابد من فائز واحد فكانت الدموع كثيرة والابتسامات قليلة . من الأقوال الكلاسيكية التي ارتبطت بكأس العالم علي مدار تاريخه إنها بطولة التمرد علي التوقعات والترشيحات ، خاصة فيما يتعلق بهوية البطل، ولكن مونديال جنوب أفريقيا أضاف إلي تاريخ بطولات كأس العالم بعداً جديداً، لتصبح بطولة "سقوط بعض النجوم"، بعد أن ذهبت توقعات الخبراء والجماهير بتألق هؤلاء النجوم أدراج الرياح، والكارثة أن هؤلاء النجوم لم يكتفوا بالأفول علي المستوي الكروي، بل كانت لهم سقطاتهم الأخلاقية التي لن ينساها تاريخ الساحرة المستديرة، خاصة أن أحداث المونديال هي الأكثر بقاءً واستقراراً في سجلات التاريخ الكروي، ومن المؤكد أن التعثر الكروي لهؤلاء النجوم في مباريات المونديال وفشلهم في صنع الفارق مع منتخباتهم لعب دور البطولة وكانت له اليد الطولي في توترهم وارتكابهم حماقات لا تليق بنجوميتهم وعشق الجماهير لهم. ولم يقتصر الفشل في الملاعب عند حدود المدربين واللاعبين بل امتد الي الحكام الذين تسببت أخطاؤهم الفادحة في تغيير نتائج عدد من المباريات الهامة مما تسبب في اعلان الحرب علي رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم " الفيفا السويسري جوزيف بلاتر . كابيللو أكثر المدربين إخفاقا أكثر المدربين إخفاقاً هو الإيطالي كابيللو صاحب أعلي راتب " 8 ملايين يورو " لعدة اعتبارات أهمها : الانطباع الخاطئ الذي أوهم من خلاله الإنجليز خلال التصفيات، وثانياً لم يستثمر الطاقات الموجودة لديه، وثالثاً لم تظهر شخصية المنتخب في أي من مبارياته، ورابعاً لم يكن قارئاً للمباريات بالشكل المطلوب فأمام الجزائر لم نلحظ تغييراً خططياً يقلب الموازين فلاحظنا 90 دقيقة بنهج واحد وأمام أمريكا أنقذته العارضة من الخسارة وأمام سلوفينيا ارتضي بالهدف وكأنه يلعب أمام البرازيل والأرجنتين وعندما حانت ساعة الحقيقة خسرت إنجلترا أمام ألمانيا بشكل لم يسبق له مثيل رقمياً حيث ظهر الدفاع الإنجليزي أقرب للقصاصات الورقية . وتعالت الأصوات للمطالبة بإقالة المدرب الإيطالي وبعد أن هدأت العاصفة اكتشف الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم انه مطالب بدفع 16 مليون يورو لكابيللو في حال قرر إقالته ، لتهدأ العاصفة وسط توجه بالإبقاء عليه بعد أن تعهد بإجراء إصلاح شامل قبل الدخول إلي تصفيات أمم أوروبا يورو 2012 . مارادونا.. الأحضان والقبلات لاتكفيأسفرت تجربة مارادونا الذي يتقاضي 880 ألف يورو مع منتخب الأرجنتين في المونديال المنتهي عن سقوط كبير للكرة الأرجنتينية .. فقد تلقي مارادونا ضربة مميتة علي طريقة الضربات القاضية في منافسات الملاكمة، ولم يتمالك نفسه عقب الهزيمة المهينة علي يد الألمان في ربع النهائي برباعية نظيفة ليعلن انه يفكر في الرحيل.. وربما العودة الي فتح صفحة جديدة في عالم الادمان والمخدرات. وجاء الاستقبال الدافئ من الجماهير الأرجنتينية عقب العودة إلي بوينس آيرس ليخفف قليلاً من آلام مارادونا الذي نجح بامتياز في أداء دور "خاطف الأضواء" بتصريحاته وتصرفاته المثيرة للجدل، ولكنه فشل خططياً في استغلال قدرات أحد أكثر منتخبات العالم موهبة، فلم نر ميسي أو تيفيز أو غيرهم من النجوم، وكان لوثار ماتيوس نجم الكرة الألمانية محقاً في هجومه العنيف علي مارادونا حينما قال له إن الأحضان والقبلات لا تكفي للمنافسة علي لقب المونديال، في إشارة إلي إفراط مارادونا في التعامل مع اللاعبين بطريقة عاطفية . رونالدو .. وداعا للمهارة والأخلاق نجم ريال مدريد الاسباني الذي توقع الكثير أن يكون هو من يحمل لواء البرتغال ويجعل منها منافساً علي كأس العالم للمرة الأولي في تاريخها لكن فتي مدريد لم يقدم شيئاً في هذا المونديال واكتفي بإيصال منتخبه إلي دور الستة عشر . ولم يكن لقرار حصوله علي شارة القيادة في ظل وجود بعض اللاعبين الأحق بها منه في صفوف المنتخب البرتغالي أي أثر إيجابي علي معنويات وعطاء رونالدو، الذي خرج بصفر كبير من مونديال 2010 خلافاً للتوقعات. وفضل النجم البرتغالي أن يترك انطباعًا سيئًا عقب مباراة منتخب بلاده مع إسبانيا في دور الستة عشر والتي انتهت بخروج رونالدو ورفاقه من المونديال بعد الهزيمة بهدف نظيف، حيث لم يتمالك اللاعب نفسه، وحينما حاولت الكاميرات التليفزيونية تتبع خطواته عقب المباراة ورصد ردود أفعاله، قام اللاعب بالبصق تجاه الكاميرا في تعبير غاضب، وهو ما أثار استياء الجميع ليسجل رونالدو "سقطة" أخلاقية تضاف إلي رصيده الفني الفقير في البطولة، حيث لم ينجح في صنع الفارق مع منتخب بلاده، واكتفي بتسجيل هدف يتيم في مرمي المنتخب الكوري الشمالي المتواضع . ليبي والعودة الفاشلة يبدو أن قرار عودة مارشيلو ليبي الذي يتقاضي 3 ملايين يورو إلي قيادة المنتخب الإيطالي عقب فشل دونادوني في يورو 2008 لم يكن بالقرار الموفق، فقد كان ليبي يرغب في الحفاظ علي صورة الإنجاز التاريخي الذي حققه في مونديال ألمانيا 2006 حينما منح الطليان لقب البطولة، إلا انه عاد لقيادة الآزوري مجدداً في مونديال 2010 وتحقق ما كان يخشي منه، فقد خرج المنتخب الإيطالي من الدور الأول دون أن يحقق أي فوز، حيث تعادل في مباراته الأولي مع باراجواي 1 -1 وفي مباراته الثانية مع نيوزيلندا زالمجهولةس بالنتيجة ذاتها، قبل أن يتلقي هزيمة مذلة قوامها 2-3 علي يد المنتخب السلوفاكي الذي كان يشارك في المونديال للمرة الأولي. المدرب الإيطالي ليبي عاد لقيادة الازوري ظناً منه أنه قادر علي الدفاع عن لقبه ولكن ظهر الطليان بلا لون ولا طعم ولا رائحة فلا أجادوا بالدفاع ولا أقنعوا بالهجوم ولم يظهروا أي نوع من الشخصية داخل المستطيل الأخضر وكأن المدرب الفائز باللقب قبل أربع سنوات هو غيره من قاد الطليان في ألمانيا. وبالقدر الذي نال فيه احترام العالم 2006 نال التوبيخ عام 2010 حيث لم يسبق لإيطاليا أن ودعت دون تحقيق ولو فوزاً واحداً!! دونجا وإهانة الكرة اللاتينية لم يكن البرازيلي دونجا الذي يتقاضي "800 ألف يورو" أهلا ً لإعادة السامبا لرأس الهرم الكروي في العالم والمركز الثاني يعتبر إخفاقاً بنظر أي برازيلي وعلي هذا الأساس فإن الخروج من ربع النهائي حرق أوراق دونجا وجرده من المهمة الصعبة. فقد تلقت البرازيل هزيمة مفاجئة علي يد المنتخب الهولندي، وفي البرازيل لا يوجد أحد علي استعداد لتقبل عودة المنتخب وهو لا يحمل كأس البطولة، ولم ينجح دونجا في جلب اللقب للبرازيل بعد أن استبعد أبرز النجوم علي رأسهم رونالدينيو وباتو ، وتخلي عن طابع الأداء المميز الذي يعتمد علي الكرة الهجومية وهو ما يعد اهانة للكرة اللاتينية و خاصة البرازيلية التي تستحوذ علي قلوب عشاق الكرة بسبب الأداء الجمالي، وكان مصيره الحتمي الرحيل عقب المونديال، خاصة أن تعاقده انتهي.. ونعتقد أنه لن يعود ثانية لقيادة السيلساو . دومينيك بطل الإهانة الفرنسية أخفق دومينيك الذي يتقاضي 560 ألف يورو سنوياً في كل المفردات التدريبية سواء من ناحية النتائج أم السيطرة علي اللاعبين أم الناحية الأخلاقية . فقد لعب دومينيك دور البطولة في" دراما إهانة الكرة الفرنسية " في جنوب أفريقيا، حيث تلقي منتخب الديوك لطمة كبيرة بالخروج من الدور الأول دون أن يحقق فوزاً واحداً. وكان الأداء المتواضع لمنتخب الديوك في ظل القيادة الفنية لدومينيك قد بدأ في تصفيات التأهل لمونديال 2010 . ولم يشأ المدرب الفرنسي الذي بدا تائهاً ضائعاً أن يغادر المونديال دون أن يترك ذكري سيئة حينما رفض مصافحة باريرا المدير الفني لجنوب أفريقيا، وسبق ذلك أحداث أخري وشتائم وجهها إليه أنيلكا . روني الخاسر الأكبر لم تتجاوز الصحف الانجليزية الحقيقة حينما أطلقت واحدة من النكات التي تعبر عن سخريتها من الأداء الهزيل للنجم الكبير وأين روني في مونديال جنوب أفريقيا، فقد قالت صحيفة الميرور، إن حارس المرمي الانجليزي تمكن خلال إحدي الحصص التدريبية من التصدي لحوالي 18 تسديدة ولم يدخل مرماه أي هدف، ثم اتضح فيما بعد أن روني هو من كان يقوم بالتسديد عليه في التدريبات ، في إشارة تهكمية إلي عدم تمكن الهداف الأول للمنتخب من تسجيل أي هدف . ولن ينسي التاريخ أن واين روني كان المرشح الأبرز للتألق في المونديال، ولكنه لم يتمكن من تسجيل أي هدف في 4 مباريات، ولم يقدم لمحة فنية واحدة وبدا تائهاً في الملعب ليسجل روني سقوطاً مدوياً علي المستوي الكروي . ولم يكتف روني بالتعثر التهديفي بل أضاف إليه سقطة أخلاقية كبيرة حينما تطاول علي المشجعين الإنجليز عقب الأداء المخيب للآمال في مباراة إنجلتراوالجزائر في الدور الأول . ميسي قنبلة .. لاتنفجر عالميا نجم برشلونة الإسباني عقدت عليه الأرجنتين آمالها لإعادة هيبة الكرة الأرجنتينية لكن للأسف لم يظهر ميسي بمستواه الرائع مع البارسا البعض عزا ذلك لافتقاده خط الوسط القوي في برشلونة والبعض عزا ذلك للتنظيم السيئ لمارادونا وعدم توظيف ميسي التوظيف الصحيح..وكان ميسي قد اعترف أنه لم يجد الأسباب التي تقف خلف الفارق في أدائه مع فريقه والمنتخب الوطني ، لكنه وعد بأنه سيعطي الجميع جواباً حول هذه المسألة علي أرضية الملعب.. وجاء الجواب بعنوان ألماني عريض : أربعة أهداف نظيفة أطاحت بآمال ميسي . بلاتر ولعنة التحكيم لطالما رفض رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» جوزيف بلاتر فكرة الاستعانة بالتكنولوجيا في عالم كرة القدم لكن بعد الأخطاء الساذجة والمتكررة التي وقع بها الحكام المشاركون في مونديال جنوب أفريقيا جعل بلاتر يعيد حساباته في ذلك الجانب حيث أطلق وعد بدراسة موضوع التكنولوجيا وكيفية الاستعانة بها دون الاخلال بروح اللعبة ، وكانت الأخطاء التي ارتكبوها الحكام أهدرت حقوق منتخبات وقتلت طموح جماهير هذه المنتخبات التي كانت تعلق الكثير من الآمال علي بطولة كأس العالم لتسعد بالانتصارات التي تحققها فرقها في المسابقة الكبري إلا أنها توقفت بفعل فاعل، ورغم أن هذه الأخطاء غير مقصودة فإنها كانت مؤثرة.. مما دفع معظم الجماهير وو سائل الاعلام بتوجيه انتقادات لاذعة لجوزيف بلاتر. كاكا.. الحاضر الغائب كان البرازيلي ريكاردو كاكا بمثابة الحاضر الغائب في المباريات الخمس التي خاضها منتخب البرازيل، ورغم أنه كان صاحب ثلاث تمريرات حاسمة فهو لم يقدم المستوي المتوقع منه كقائد فعلي علي أرض الملعب. نجم ريال مدريد الإسباني لم يستطع مساعدة منتخبه البرازيل في تجاوز دور الثمانية حيث لم يظهر كاكا بمستواه المعروف عنه. "أنا جاهز لأن أكون أحد قادة المنتخب علي الرغم من أنه في صفوفه كثير من القادة الذين يتمتعون بتقنيات عالية وتكتيك رفيع، أنا مستعد لتحمل هذه المسئولية"، هذا ما قاله كاكا قبل انطلاق النهائيات الأولي علي الأراضي الأفريقية، لكنه كان شبح اللاعب وليس كاكا.