وما ذلك المستقبل إلا الأطفال؟ هل استطعنا إعدادهم الإعداد الوطني الذي يتناسب ووطن بقيمة مصر وقامتها الطفل صاحب العشرة أعوام بعد قليل سيصبح هو الشاب صاحب الستة عشر عاماً أو يزيد علي أبواب مرحلة الشباب يشب كبيراً وهو لا يعلم بديهيات الأمور لا يعرف تاريخ الحركة الوطنية في مصر يعرف بالكاد أسماء بعض الرموز الوطنية والأحداث التاريخية التي مر بها وطنه أنه يشب ناقص المعلومة اللهم. الا ما درسه في منهج الدراسات الاجتماعية التي كانت مقررة عليه وقت الدراسة ذلك الوقت الذي يقضيه مرغماً مجبراً في الحفظ والصم في سبيل الحصول علي درجة النجاح فقط لا غير فالمهم عنده أن يحفظ بعض الأسطر من كتاب المدرسة ليكتبها في كراسة الإجابة وقت الامتحان لينجح ويجتاز العقبة، العلم الذي يقدم للأطفال وقت الدراسة يتم تقديمه بطريقة مزعجة لحالته المزاجية والنفسية لا تشجعه علي حب المادة الدراسية والاقبال علي معرفتها اسأل اي طفل عن احب المواد الدراسية اليه للأسف لن تجد إجابة وإذا أجابك احدهم ستجدها اجابة مشوشة لا تستطيع أن تحدد معالمها بطريقة واضحة لتعرف، ميوله الفعلية علي وجه الدقة هل هي ميول علمية أم انها ميول أدبية والنتيجة الحقيقية أن الطفل يفتقد الأدوات الضرورية لتشكيل فكره وتحديد ميوله واتجاهاته ليس له كتاب مدرسي سهل العبارة جميل الرسم انيق الطباعة يساعده ولايجد كتابا ترفيهيا علميا أو أدبيا يحرص علي شرائه وقت طرحه في الأسواق وليس عنده مجلة قصصية مسلية هادفة يتم الاعلان عنها اسبوعياً أو حتي شهرياً يحرص علي متابعة قصصها وأبطالها ويداوم علي شرائها وينتظر موعد طرحها عند الباعة بكل صبر بل الأخطر من ذلك كله أنه لا يعرف له برنامجاً تليفزيونياً يومياً - او حتي اسبوعياً - ينتظره في وقته ليشاهده و يندمج معه ويتأثر بكل حواراته وأحداثه وابطاله كيف يطمئن الوطن علي إعداد وتجهيز أطفاله ونحن لا نمتلك كل تلك الأدوات الأساسية لا كتابا مدرسيا جيد ولا مجلة رائدة ولا برنامج تليفزيونيا خاصا ولا أقول قناة فضائية مصرية خاصة بأطفال مصر فقط حتي لا يحسبني البعض أنني من الطامعين في رئاستها أسأل كل من يمكنه توفير تلك الأدوات ما هي الخطة التي وضعتها الدولة للاهتمام بعشرات الملايين من أطفال مصر وإذا لم تكن تلك الخطة متوافرة فمتي نبدأ في وضع تصور محدد لها ومتي نبدأ في تنفيذها متي يكون لهم كتاب ومجلة وبرنامج وقناة ألا يستحق أطفال مصر قليلاً من الاهتمام لنوفر لهم تلك الأدوات الأساسية في تشكيل فكرهم النامي، الاهتمام بالاعداد الجيد لأطفال مصر هو- من وجهة نظري- قضية أمن قومي لا تقل أهمية عن أي قضية من قضايا الأمن القومي الأخري، قضية بناء جيل المستقبل هي أولي القضايا بالرعاية وسط قضايانا المتعددة إنها قضية المستقبل القادم فهل نحن مستعدون له فعلا اعتقد هذا بما نملكه من خبرات وكفاءات متوافرة تتمني خدمة الوطن علي أرضه قبل أن تفكر في الهجرة خارجه.