عباس شراقي: فيضانات السودان غير المعتادة بسبب تعطل توربينات سد النهضة    البداية الرقمية للنقل الذكي في مصر.. تراخيص إنترنت الأشياء للمركبات تدخل حيز التنفيذ    وزير الإسكان: بدء تصنيف حالات الإيجار القديم وفق شرائح الدخل    لماذا كل هذه العداء السيساوي لغزة.. الأمن يحاصر مقر أسطول الصمود المصري واعتقال 3 نشطاء    مقتل شخص وإصابة 15 في هجوم روسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية    تشكيل منتخب مصر أمام نيوزيلندا في كأس العالم للشباب    سلوت عن جلوس صلاح على مقاعد البدلاء أمام جالاتا سراي: رفاهية الخيارات المتعددة    خطة إطاحة تتبلور.. مانشستر يونايتد يدرس رحيل أموريم وعودة كاريك مؤقتا    مصرع 7 عناصر إجرامية وضبط كميات ضخمة من المخدرات والأسلحة في مداهمة بؤرة خطرة بالبحيرة    الأرصاد: الخريف بدأ بطقس متقلب.. واستعدادات لموسم السيول والأمطار    مفتي الجمهورية يبحث مع وفد منظمة شنغهاي آليات التعاون ضد التطرف والإسلاموفوبيا    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 1102025    ماجد الكدوانى ومحمد على رزق أول حضور العرض الخاص لفيلم "وفيها ايه يعنى".. صور    أمين الفتوى: احترام كبار السن أصل من أصول العقيدة وواجب شرعي    ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة المعينين لدى المملكة    محافظ القاهرة يناقش ملف تطوير القاهرة التراثية مع مستشار رئيس الجمهورية    من القلب للقلب.. برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    بعد رصد 4 حالات فى مدرسة دولية.. تعرف علي أسباب نقل عدوى HFMD وطرق الوقاية منها    جارناتشو يقود هجوم تشيلسى ضد بنفيكا فى ليلة مئوية البلوز    البورصة المصرية.. أسهم التعليم والخدمات تحقق أعلى المكاسب بينما العقارات تواجه تراجعات ملحوظة    هل يجوز للمرأة اتباع الجنازة حتى المقابر؟ أمين الفتوى يجيب.. فيديو    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    أحمد موسى: حماس أمام قرار وطنى حاسم بشأن خطة ترامب    محافظ قنا يسلم عقود تعيين 733 معلمًا مساعدًا ضمن مسابقة 30 ألف معلم    داعية: تربية البنات طريق إلى الجنة ووقاية من النار(فيديو)    نقيب المحامين يتلقى دعوة للمشاركة بالجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    "الرعاية الصحية" تطلق 6 جلسات علمية لمناقشة مستقبل الرعاية القلبية والتحول الرقمي    البنك الزراعي المصري يحتفل بالحصول على شهادة الأيزو ISO-9001    محمود فؤاد صدقي يترك إدارة مسرح نهاد صليحة ويتجه للفن بسبب ظرف صحي    مصر تستضيف معسكر الاتحاد الدولي لكرة السلة للشباب بالتعاون مع الNBA    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    بعد 5 أيام من الواقعة.. انتشال جثمان جديد من أسفل أنقاض مصنع المحلة    المبعوث الصينى بالأمم المتحدة يدعو لتسريع الجهود الرامية لحل القضية الفلسطينية    اليوم.. البابا تواضروس يبدأ زيارته الرعوية لمحافظة أسيوط    حسام هيبة: مصر تفتح ذراعيها للمستثمرين من جميع أنحاء العالم    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    تعليم مطروح تتفقد عدة مدارس لمتابعة انتظام الدراسة    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    كونتي: لن أقبل بشكوى ثانية من دي بروين    «مش عايش ومعندهوش تدخلات».. مدرب الزمالك السابق يفتح النار على فيريرا    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    بيدري يعلق على مدح سكولز له.. ومركزه بالكرة الذهبية    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    السيسي يجدد التأكيد على ثوابت الموقف المصري تجاه الحرب في غزة    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود أباظة:الوطن ينزف بسبب جرح المواطنة

منذ ثلاثة أشهر فقط وضعت مصر قدمها علي أبواب العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين‏,‏ لكنها مجرد خطوة في مسيرة عشر سنوات من‏2010‏ إلي‏2020,‏ وبقدر كل خطوة نخطوها‏
سواء كانت محسوبة أو غير محسوبة سيتحدد شكل مصر في نهاية هذا العقد‏,‏ وربما في عقود لاحقة‏.‏ في كل المجالات تبدو مصر في طريقها لمشهد مختلف‏,‏ بدأت إرهاصاته السياسية والاقتصادية‏,‏ في الوقت نفسه الذي برزت فيه تحدياته الاجتماعية والاستراتيجية لتشكل مجموعة من الفرص والتحديات‏,‏ تثير عدة أسئلة عن كيفية إدراكنا لها وتعاطينا معها‏,‏ بالقدر الذي قد يحول التحدي إلي فرصة سانحة للتطور والتقدم‏,‏ ومن ثم تغيير الواقع‏,‏ أو ضياع الفرص لتتحول بالتالي إلي تحد جديد يضيف أعباء وتبعات علي كاهل الوطن‏.‏
وفي هذه الحوارات مع رموز النخبة في شتي المجالات‏..‏ نقيم الواقع‏,‏ ونستشرف آفاق المستقبل لنرسم صورة أقرب إلي الواقع خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين‏..‏ وليس هذا فقط‏,‏ وإنما الطريق إلي التعامل مع تحديات هذا الواقع لجعله يبدو في صورة أفضل‏.‏
في السنوات القليلة الماضية شرعت معظم الأحزاب الرئيسية في تغيير برامجها السياسية‏,‏ سواء باصدار برامج كاملة‏,‏ أو عبر سياسات جديدة في قضايا بعينهاوقد شمل ذلك حتي الأن أحزاب الوطني والتجمع والوفد‏,‏ فيما يشرع الحزب الناصري حاليا في صياغة برنامج جديد‏.‏
هل هذه التغييرات مرتبطة بعامين انتخابيين نشهد خلالهما تغييرا نصفيا لمجلس الشوري‏..‏ واختيار مجلس شعب جديد‏,‏ وانتخاب رئيس جمهورية؟‏..‏أم أن التغيير يعكس حقيقة ظهور تحديات جديدة في المجتمع تستدعي رؤي حزبية مغايرة لتحويل التحديات الي فرص‏.‏
نهاية العام الماضي أصدر حزب الوفد برنامجه الجديد وهو البرنامج الذي يخوض به كل هذه الانتخابات وهو أيضا يمثل رؤية الحزب في العشر سنوات القادمة‏..‏وهنا كان مدخلنا للحوار مع رئيس حزب الوفد محمود أباظة
‏*‏ دعنا نبدأ بالبرنامج الجديد للوفد‏,‏ هل هو لتغيير السياسات؟‏..‏أم بسبب التحديات الجديدة؟
‏**‏ لأن مصر تغيرت في الثلاثين عاما الأخيرة‏,‏ أكثر مما تغيرت خلال‏150‏ عاما‏,‏ وحدث تغييران مهمان في أمور من الثوابت المصرية‏.‏
‏*‏ ماهما؟
‏**‏ الأول آن غالبية المصريين عاشوا آلاف السنين وهم يعملون بالزراعة‏,‏ وظلت مصر مجتمعا زراعيا‏,‏ في دولة مركزية قوية‏,‏ يأتي الفيضان فيزرع الناس ويحصدون‏,‏ ويتغير عليهم الحكام‏,‏ يأتون من الداخل أو حتي من خارج مصر‏,‏ دون ان يعني ذلك شيئا للناس‏,‏ لكن الأمر لم يعد كذلك‏,‏ وتقلصت أعداد العاملين بالزراعة لتصل إلي‏17%‏ فقط من المصريين‏.‏
‏*‏ والتغيير الثاني؟
‏**‏ الثاني هو ان مصر علي مدار التاريخ ظلت دولة مستقبلة للجاليات الأجنبية‏,‏ ولم تعش جاليات مصرية في الخارج‏,‏مما يعني ان مصر الجاذبة أصبحت طاردة‏,‏ وتحولت الي أكبر مصدر للعمالة في حوض المتوسط‏,‏ وهذا غير كثيرا في المجتمع وفرضت علينا تحديات استدعت مواجهتها‏:‏
‏*‏ مثل ماذا؟
‏**‏ ونحن نغير البرنامج هناك مبدآن ثابتان من ثوابت الوفد والحركة الوطنية‏,‏ يفرضان علينا تحديا الأول الحفاظ علي سيادة الأمة‏,‏في الماضي كانت السيادة تعكس جلاء المستعمر‏,‏ الآن تعني استقلال الارادة لحماية المصالح الحيوية للدولة‏,‏ وهو مايستدعي ديمقراطية حقيقية‏,‏ تقوم علي ان الشعب هو صاحب الحق الوحيد في اختيار حكامه ومراقبتهم ومحاسبتهم‏,‏ وتغييرهم من خلال مؤسسات دستورية مستقرة ومتوازنة يخطي بالقبول العام‏..‏هذا تحد ينبغي ان تحوله إلي فرصة‏.‏
‏*‏والثابتة الثانية؟
الحفاظ علي الوحدة الوطنية‏,‏ أي المواطنة باعتبارها المصدر الوحيد للحقوق والواجبات العامة دون تمييز ديني أو جنسي أوعرقي‏,‏ خاصة وأننا نشاهد قيما تجرح المواطنة‏,‏ وتؤدي الي ان ينزف الوطن‏..‏
الوجه الأخر للوحدة الوطنية هو العدالة الاجتماعية‏,‏ لأن المجتمعات التي تهمش الفئات الأفقر والأضعف لاتلتئم فيها الوحدة الوطنية أبدا‏.‏
‏*‏ كيف نبدأ الطريق؟
‏**‏ بالنجاح في معركة التنمية الشاملة التي لم ننجح فيها الي الأن للأسف الشديد لدينا تدهور شديد في التعليم والصحة والنقل والاسكان والأمن العام‏,‏ بمعني الأمن في الشارع‏..‏ هذه هي الأسس التي قامت عليها الدولة المدنية الحديثة‏,‏ وبدون حداثة نخرج من التاريخ‏.‏
‏*‏ التعليم قضية محورية‏,‏أو إذا شئنا الدقة هو أهم تحد يواجه مصر الأن‏..‏وفي المستقبل‏..‏كيف تري هذا التحدي؟
‏**‏ التعليم هو المصعد الاجتماعي الذي تم تعطيلة‏,‏ فظلت الطبقات علي حالها‏,‏ يعني تحت وفوق‏,‏ ونحن تنفق حوالي‏40‏ مليار جنيه علي التعليم وهو رقم كبير لكنه لايمثل أكثر من‏4%‏ من الناتج المحلي‏,‏ والتعليم أحد المسببات الرئيسية لمشكلة البطالة‏,‏ وهي لاتمس الشباب فقط وانما تؤثر علي الأسرة المصرية التي ضحت في سبيل تعليم ابنها ثم فوجئت انه بلا عمل مثل زرعة خابت وتأثير ذلك يمتد الي الأجيال الصغيرة‏,‏ويتساءلون لماذا نتعلم إذا كان هذا هو المصير
‏*‏ أيهما له الأولوية تحدي التنمية‏..‏أم التحدي السياسي والديمقراطي؟
‏**‏ لا استطيع الفصل‏,‏ فقصور الداخل يستدعي ضغوط الخارج‏,‏ وإذا إردنا وضع أولويات سيكون التعليم ثم التعليم ثم التعليم‏,‏ لأنه كما قلت المصعد الاجتماعي الذي يحرك المجتمع وإذا بدأنا بالتعليم الأساسي فلابد ان ينتهي بخريج يجيد القراءة والكتابة والحساب‏,‏وإلا يكون بناء بغير أساس‏.‏
ومع ذلك يجب التمسك بمجانية التعليم‏,‏ لأن التراجع عنها خطر‏,‏ لذلك لابد ان يظل التعليم الاساسي مجانيا‏,‏ ثم نأخذ الأعداد التي نحتاجها ونستطيع تعليمها تعليما أعلي‏,‏ ونفتح قنوات أخري لمن تقعد به امكاناته‏,‏ مع وجود شبكة ضمان اجتماعي‏,‏ ولابد من تفصيل برنامج خاص للاهتمام بالتعليم الأساسي في المناطق الفقيرة والعشوائيات‏.‏
‏*‏ لكن البعض يري ان نبدأ بتحديات التنمية أولا‏..‏لأنها ستمكننا من مواجهة التحديات السياسية؟
‏**‏ كما قلت لا استطيع الفصل‏,‏ لكن هناك فجوة بين الدولة والمجتمع وهي تضعف الاثنين‏,‏ وهي في جانب منها سياسي لأن النظام السياسي لم يتطور علي قدر حركة المجتمع‏,‏ وإذا كانت الصيغة السياسية التي تركز السلطات في يد رئيس الدولة كان لها مايبررها في مرحلة تحرر وطن ومجتمع بسيط فإن هذه الصيغة لايمكن ان تستمر بنجاح لأن المجتمع تغير‏,‏ ومن سيأتي بعد الرئيس مبارك لن تكون له شرعية‏23‏ يوليو‏,‏ أو
‏6‏ أكتوبر‏,‏ وانما يستمد شرعيته من الانتخاب ولن يستطيع ممارسة كل هذه الصلاحيات دون اصطدام البناء السياسي بالواقع الاجتماعي الجديد‏,‏ وواجبنا تغبير الطرق الموصلة الي آلمستقبل حتي لايحدث هذا الصدام الذي لايمكن التنبؤ بعواقبه
‏*‏نحن علي أبواب عامين انتخابيين‏,‏ وفي العشر سنوات المقبلة لدينا تسعة انتخابات مابين شوري وشعب ورئاسية‏..‏كل هذا الحراك الانتخابي كيف يؤثر علي المشهد السياسي القادم؟
‏**‏ نحن لاننطلق من فراغ‏,‏ نحن أول شعب شهد قيام دولة حديثة في المنطقة من أواخر القرن التاسع عشر‏,‏ ومن أوائل
الشعوب التي نادت بدستور وطرحت قضية العلاقة بين الحاكم والمحكوم‏,‏ ولدينا نظام برلماني لم يكن موجودا سوي في عدد محدود من دول العالم في القرن التاسع عشر‏.‏
‏*‏ انت تراهن علي الشعب كما يبدو لكن هذا الشعب لايشارك بكثافة في الانتخابات العامة‏,‏ ولاتتعدي نسب التصويت حاجز‏25%‏ فقط؟
‏**‏ هناك سببان الأول سياسي لأن الناس تعلم ان النائب لايستطيع شيئا‏,‏ ولو دخلت انتخابات وكلمت الناس عن السياسة الخارجية والدستور لن يصدقوك‏,‏ وهم يعرفون انه لايوجد تغيير لذلك يختار المواطن قريبه أو ابن بلده أو من مهنته او مقابل مزايا مالية أو خدمات شخصية أو عامة‏..‏لكن لاينتخبون باعتبار ان ذلك سيؤدي الي تداول السلطة‏,‏فالنظام لايسمح وهم يفهمون ذلك جيدا‏.‏
السبب الثاني وهو ان المواطن يحتاج ثلاث دقائق منذ دخول باب اللجنة حتي يدلي بصوته‏,‏ مما يعني‏200‏ شخص في عشر ساعات بينما عدد المسجلين في اللجنة ألف شخص‏,‏ وهذا يعني استحالة تصويتهم جميعا إذا حضروا‏.‏
‏*‏وهل لهذا قرر تحالف المعارضة النزول الي الشارع ورفع شعار التغيير بالجماهير؟
‏**‏ النزول الي الشارع لايعني شارع عبد الخالق ثروت وانما الشارع السياسي المصري‏,‏ في كل قري ومدن ومحافظات مصر‏,‏ وفي السنوات الثلاث الأخيرة عقد الوفد‏20‏ مؤتمرا منها‏16‏ خارج القاهرة لم يغطها الاعلام‏..‏ومع ذلك نحن نعاني من حالة خمول سياسي‏,‏ مر علي بلاد اخري في التاريخ‏,‏ فبسبب مراحل التغيير الاجتماعي الشديد تحدث أزمة حضارية
‏*‏ماهي هذه الأزمة الحضارية؟
‏**‏ هي تتكون من ثلاثة أضلاع‏,‏ الأول حنين الماضي لن يعود‏,‏ يعيش فريق يحن لاحياء الخلافة الاسلامية الأولي‏,‏ وفريق للتجربة الليبرالية قبل‏1952,‏ وفريق للتجربة الناصرية‏..‏لكنه
لا يوجد أمل أو إمكانية لاعادة نفس التجارب القديمة‏..‏ كما أن الحنين إلي ماض لن يعود يعيق التقدم‏.‏
والضلع الثاني ضيق شديد بحاضر صعب بسبب المشاكل الحياتية الصعبة‏,‏ التي تخلق حاضرا مرا يتولد عنه غضب عاجز‏,‏ ونظل ندور حول المشاكل ولا نحلها الضلع الثالث هو الخوف من مستقبل مجهول وهو يعوق القوي الحية‏,‏ وهذه الاضلاع الثلاثة سبب حالة الركوض الحالية‏.‏
‏*‏ وما العمل؟
‏**‏ كشف المستقبل الغامض‏,‏ بالاتجاه نحو تحقيق مشروع وطني يعين علي المستقبل
‏*‏ هل يمكن ان يكون هذا المشروع اصلاح التعليم مثلا؟
‏**‏ لا لابد ان يكون هو الاصلاح الشامل‏,‏ انما وسائله تختلف قد نبدأ بالتعليم أو غيره‏.‏
‏*‏ ومن الذي يواجه الغضب العاجز الذي تحدثت عنه؟
‏**‏ القنوات السياسية يعني الأحزاب والاعلام المفتوح والمسئول وغير المسيطر عليه‏,‏ ومنظمات المجتمع المدني عليها تحويل الغضب العاجز إلي قوة دفع منظمة‏.‏
‏*‏ في المجتمع المدني هل تقصد منظمات حقوق الانسان؟
‏**‏ لا صحيح منظمات حقوق الانسان مهمة جدا لكن أنا أتحدث عن منظمات أخري مثلا ظاهرة المناطق العشوائية المحرومة من الخدمات أو ظاهرة أطفال الشوارع‏,‏ وهي أمر معروف عانت منه المجتمعات وهي تتحول من مجتمع زراعي إلي صناعي‏,‏ والمواجهة تبدأ بتجفيف المنابع من خلال الدولة والمحليات ومؤسسات المجتمع المدني هذا مثال يمكن تطبيقه في أشياء أخري‏.‏
‏*‏ خلال السنوات العشر القادمة هل تقرأ ازدهار الليبرالية‏..‏ أم بناء تحالفات سياسية‏,‏ أم فرز سياسي جديد وغير متوقع في المجتمع؟
‏**‏ لا يستطيع أحد التنبؤ بما سيحدث في المرحلة القادمة‏,‏ نحن أمام عائق‏,‏ سنعبر ولا توجد وسيلة للعودة إلي الوراء‏..‏ لكن ما هي الخسائر نتمني ان تكون قليلة‏,‏ مثلا هناك احتمال الانتقال إلي صيغة سياسية جديدة تستوعب الجميع وبداخلها تعددية منظمة‏,‏ ويسمح لتيارات معينة بالوجود من خلال العمل السياسي وليس اسريا وهو الاحتمال الامثل شرط حدوث توافق وطني واسع؟
‏*‏والاحتمال الأصعب؟
‏**‏ الا تنجح في هذا الانتقال وتمر بمرحلة صعبة فيها اما فوضي عارمة أو شمولية جديدة‏..‏ لكن ما هي الفترة التي ستستغرقهاأتوقع ان الشعب المصري لن يسمح باستمرارها فترة طويلة لذلك ننادي باتفاق وطني واسع قبل الكارثة وليس بعدها؟
‏*‏ وماذا عن مستقبل الحركات الاحتجاجية؟
هذا يختلف من حركة لأخري‏,‏ ومن الطبيعي ان تستمر الحركات الاحتجاجية الفئوية أو المهنية‏.‏
‏*‏ لا أنا اتحدث عن الحركات الاحتجاجية السياسية؟
‏**‏ اما ان تخط لها مجري محددا وتتحول إلي حزب‏,‏ أو تصبح مثل الماء عندما يزيد يتحول إلي برك
‏*‏ وكيف تتحول حركة احتجاجية تضم أناسا من أقصي اليمين إلي أقصي اليسار إلي حزب واحد؟
‏**‏ لابد ان يحدث فرز‏,‏ لذلك ستنفجر جميع هذه الحركات من الداخل
‏*‏ الانفجار يعني التحول إلي كيانات أصغر؟
‏**‏ اعتقد ان شكل الحياة السياسية سينضبط مع التطور في الانتخابات الرئاسية فأي انتخابات يخوضها اكثر من مرشح وحين لن يستطيع مرشح واحد الحصول علي‏50%‏ زائد صوت‏,‏ سنصل إلي انتخابات عبر درجتين‏,‏ ستفرض تكوين كتلتين سياسيتين كبيرتين‏,‏ ستتجمع فيه الأحزاب والحركات
وسينتقل هذا التطور إلي الانتخابات البرلمانية‏,‏ وتتجمع الحركات الاحتجاجية والكيانات الأخري في كتلتين يمينا ويسارا‏,‏ علمانيا وغير علماني‏,‏ لا نعرف هذا الشكل الان لكنهم في النهاية سيتجمعون‏.‏
‏*‏ وكيف سيستمر التحالف الحالي بين الأحزاب الأربعة الكبيرة وهم ينتمون لتيارات سياسية وفكرية مختلفة؟
عندما يكون الموضوع هو الاتفاق علي قواعد اللعبة أو تخطيط الملعب لابد من الاتفاق وهذه هي المرحلة التي نمر بها الآن لذلك لابد ان يكون التحالف واسعا وبينا نتفق علي القواعد بطبيعة الحال ستظهر خلافات في السياسات‏,‏ البعض سيقترب والبعض سيبتعد
‏*‏ والعلاقة مع الاخوان؟
‏**‏ العلاقة بين الوفد والاخوان تمتد إلي‏80‏ عاما نعرف علي ماذا نتفق وعلي ماذا نختلف‏.‏
‏*‏ وعلي ماذا تختلفان؟
‏**‏ علي فكرة المواطنة والدولة المدنية هم قالوا في مشروعهم ثلاثة أشياء‏,‏ وفرقوا بين الرجل والمرأة‏,‏ وبين المسلم والمسيحي‏,‏ وطالبوا بوجود مجلس أعلي من العلماء لمراقبة البرلمان‏,‏ بما يعني الغاء سيادة الأمة‏.‏
‏*‏ وكيف تقرأ مستقبل الاخوان؟
‏**‏ مطلوب منهم جد كبير لتحديث رسالتهم‏,‏ وليس لدي مانع في تأسيس حزب للاخوان لكن يجب ان نناقشهم نقاشا مجتمعيا‏.‏
‏*‏ ما هو تأثير حزب له مرجعية دينية علي الوحدة الوطنية‏,‏ وما هو الأمر إذا ظهر حزب أخر له مرجعيات دينية أخري‏,‏ وما هو الوضع إذا كان داخل الدين الواحد عدة احزاب لها مرجعيات مختلفة نتيجة تفسيرات مختلفة وهو أمر موجود في الحركات الاسلامية؟
‏**‏ حل هذا الموضوع ليس بيدي أو بيدك‏,‏ وانما بيد المجتمع حتي نكون علي بينة‏.‏ أوروبا بين الحربين عرفت تجربة الأحزاب الشيوعية القوية تحالف معها أخرون واسسوا جبهات شعبية‏,‏ تحولت إلي جمهوريات شعبية‏,‏ ولان الحزب الشيوعي قضي علي حلفائه تماما‏,‏ ظلوا ستين عاما في ظل حكم شمولي وعلينا التعلم من تجارب الآخرين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.