القارئ للقانون والمتفحص لمواد الدستور المصري يجد أن منصب المحافظ في النظام الإداري المصري، يقترب من المناصب الشرفية، ونحن كشعب وككتاب رأي وصحافة وإعلام، حينما تحدث مصيبة أو شبهة فساد في أي إقليم، سرعان ما نتهم المحافظ الذي لا حول له ولا قوة في القانون، فالمحافظ لا سيطرة له ولا لديوانه علي أراضي المحافظة، فهي مقسمة طبقًا للسلطات المركزية، بعضها يتبع (هيئة المجتمعات العمرانية) «وزير الإسكان» وبعضها يتبع (هيئة التنمية الزراعية) «وزير الزراعة» وبعضها يتبع (هيئة التنمية الصناعية) «وزير الصناعة والتجارة» وبعضها يتبع (هيئة التنمية السياحية) «وزير السياحة» وبعضها أراض تتبع هيئة العمليات «القوات المسلحة»، أما المتبقي، فهو فتات لا يمكن إقامة مشروع عليه، أو ربما تتبقي أراضي لمبان سكنية وهي تتبع أيضًا - طبقًا للمخطط الاستراتيجي والتفصيلي - تقسيمات مخططة، يشرف عليها قانون البناء، ولكن يبقي المحافظ، وهو عين الحكومة في محافظته المسئول أمام الجميع عن تباطؤ حركة التنمية، والاستثمار، ويبقي مسئولاً أمام التعدي علي أراضي المحافظة التي يطبقها بلطجية المجتمعات - وهم كُثُر - ولكن تبقي يد المحافظ مغلولة!! ونحن حينما كتبنا وحينما أقررنا بأن قانون للإدارة المحلية أو التنمية المحلية أو للحكم المحلي، يجب أن يحدد دور محافظ الإقليم، وأن تطلق يده و«تنظبط» سيطرته بأدواته علي زمام محافظته، إنما هذا أيضًا يجب أن يوافقه بأن تكون هذه الوظيفة أو هذا المنصب له معيار وقواعد واضحة في تعيينه، طالبت أكثر من ألف مرة، وفي مواقع كثيرة بأن ننهي سمة ورثناها من حقبات زمنية سابقة بألا يكون هذا المنصب كمكافأة نهاية خدمة لمسئول نجح في وظيفة سابقة مهما كانت هذه الوظيفة! وبالتالي فإن المحافظين القائمين اليوم ترتبط نجاحاتهم في محافظاتهم بإمكانية مقدرة اتصالهم بالحكومة المركزية ومدي قدرتهم علي إقناع الوزير المركزي فيما تقدمه المحافظة من أفكار للتنمية. وهكذا نجد أن محافظات مهمة مثل محافظة القاهرة مظلومة جدا، حيث فيها تقطن جميع المراكز الإدارية والمركزية، وفيها يختلط الحابل بالنابل، فليس في سلطة محافظة القاهرة مثلاً أن يتدخل لرفع سوء في تصميم وتنفيذ طريق دائري يمر في وسط القاهرة، ولا يستطيع محافظ الجيزة أن يتحمل مسئولية محور تم انشاؤه بطريقة خاطئة ولكنه في قلب محافظة الجيزة وهكذا، نجد أن مسئولية المحافظ في العاصمة أو المدن الكبري تقع عليه مسئوليات ليست في الحقيقة مسئوليته ولكنها مسئولية وزير مركزي، وهيئات تابعة له، ولتكن أيادي المحافظين مغلولة «لحين»، ولكن يجب أن يعلم الجميع أن قانونًا للإدارة المحلية يحدد الحقوق والواجبات نحن في أشد الاحتياج إليه وهو في الطريق إلي الحياة!