يتوصل إلي أفكاره التي بني عليها كتابه معالم في الطريق، بعدما أمضي في سجن ليمان طره، ومن أبرزها أنه رأي أن الحكم في الإسلام مسألة عقدية تدخل في صميم الربوبية والألوهية، وأن الدين معناه نظام الحكم، وبالتالي ليس هناك إلا نوعين من الحكم: إما إسلامي تكون الحاكمية فيه لله وحده، وإما جاهلي وهو كل حكم لا تكون الحاكمية فيه لله، وانتهي إلي ضرورة تربية الإخوان المسلمين بهذه الفكرة. أما الهضيبي فقال عن سيد قطب إنه فهم عبارة لا إله إلا الله بمعني: لا إله علي الأرض إلا الله، مع أن الله في السماء إله وفي الأرض إله، لكنه رأي في نفس الوقت أن ما قاله قطب هو الصواب الذي لا يسع أي مسلم أن يقول بغيره، أما اعتراض الهضيبي الوحيد فكان علي الصورة الصارمة التي عبر بها قطب عن رأيه السديد، وهكذا يبدو رأي الهضيبي في جوهر أفكار سيد قطب التي تعتبر كل محاولة يقوم بها البشر للتشريع لأنفسهم بأنفسهم طاغوتا يعتدي علي أخص حقوق الألوهية. ومع ذلك قدم الهضيبي أفكارا في كتابه دعاة لا قضاة خلافا لما أتي به سيد قطب، والذي انتهي فيه إلي أن الحاكمية لم ترد في القرآن ولا في السنة، لكنه مجرد مصطلح عام جذاب ومخادع، وليس أساسا لوضع أحكام فقهية، والحقيقة أن موقف الهضيبي من أفكار قطب وتنظيمه، يثير تساؤلا حول رؤية الهضيبي كشخص مثير للجدل وغامض، فهل يمكن القول أن دعم الهضيبي لأفكار قطب المتزمتة هي التي نقلته من معسكر الاعتدال إلي معسكر التطرف، كما حدث مع سيد قطب، الذي حتي دخوله السجن كان محسوبا علي تيار اليسار الإسلامي، أم كان الهضيبي منذ البداية متشددا متزمتا وداعية للعنف؟