الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1966/12/16 والتي وقعت عليها جمهورية مصر العربية بتاريخ 1967/8/4 وصدر بشأنها قرار رئيس الجمهورية رقم 563 لسنة 1981 الصادر في 1981/10/1 وتم نشره في الجريدة الرسمية في العدد 15 في 15 إبريل 1982 ومنذ هذه اللحظة - لحظة نشر الحكم في الجريدة الرسمية.. صارت «الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية» تشريعًا من التشريعات المصرية - ولها ما للقوانين المصرية من قوة وإلزام.. والاتفاقية الدولية المشار إليها تنص في المادة الثانية علي أن «تتعهد كل دولة طرف في الاتفاقية الحالية باحترام وتأمين الحقوق المقررة في الاتفاقية الحالية لجميع الأفراد ضمن إقليمها والخاضعين لولايتها دون تمييز من أي نوع سواء كان ذلك بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الديانة أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الملكية أو صفة الولادة أو غيرها. كما نصت المادة الثالثة من الاتفاقية الدولية المشار إليها علي أن «تتعهد الدول الأطراف في الاتفاقية الحالية بضمان مساواة الرجال والنساء في الاستمتاع بجميع الحقوق المدنية والسياسية المدونة في الاتفاقية الحالية» كما نصت المادة «25» من ذات الاتفاقية علي أن «لكل مواطن الحق والفرصة دون أي تمييز ودون قيود غير معقولة» وأخيرا تنص المادة «26» من ذات الاتفاقية علي أن «جميع الأشخاص متساوون أمام القانون ومن حقهم التمتع دون أي تمييز وبالتساوي بحمايته ويحرم القانون في هذا المجال أي تمييز ويكفل لجميع الأشخاص حماية متساوية وفعالة ضد أي تمييز سواء كان ذلك علي أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الملكية أو صفة الولادة أو غيرها». وقد حرص الدستور المصري في المواد 40/14/11/8 علي تأكيد المساواة بين الرجل والمرأة من حيث تكافؤ الفرص وتقلد المناصب والوظائف العامة دون تمييز حيث نصت المادة «8» من الدستور المصري «تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين» ونصت المادة «11» علي أن «تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع ومساواتها بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية دون إخلال بالشريعة الإسلامية» ونصت المادة «14» علي أن «الوظائف العامة حق للمواطنين وتكليف للقائمين بها بخدمة الشعب وأخيرًا نصت المادة «40» من الدستور المصري علي أن: «المواطنون لدي القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة». تلك هي الأسس والقواعد المتعلقة بالمساواة بين الرجل والمرأة بصفة عامة وفيما يتعلق بحق تقلد الوظائف العامة ولا شك أن التاريخ يشهد بأن الدستور المصري قد سبق الاتفاقيات الدولية التي عنت بالمساواة بين الرجل والمرأة والمستقرئ لنصوص الدستور المصري سالفة البيان يبدو له مدي توافق واتساق ما نص عليه الدستور المصري مع قواعد الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية كما أن الدستور المصري لم يضع استثناء واحدًا أو تفرقة واحدة في المساواة بين الرجل والمرأة فيما يخص الخدمة العامة والوظائف المدنية كافة. فلم يشر الدستور المصري أو أي من القوانين المصرية إلي أي قيد علي تقلد النساء المناصب القضائية أيا كانت الوظيفة وطبيعتها داخل كيان الجهاز القضائي في الدولة ولو اعتلاء منصة القضاء والحكم في القضايا بين الخصوم بل إن الدولة أمرت بتعيين النساء في مناصب قضائية في النيابة العامة وفي المحاكم العادية فلماذا إذن يعترض مجلس الدولة علي تعيين النساء في وظائفه. أن الغريب في الأمر أنه رغم الجدل الدائر في هذا الشأن وعلي جميع المستويات فإن مجلس الدولة لم يقدم سببًا واحدًا مقنعًا لرفض تعيين النساء فلا سند شرعي ولا سند دستوري ولا سند قانوني ولا سند أخلاقي لهذا الموقف الذي يكتفي مجلس الدولة المصغر «7 أعضاء» برفض تعيين النساء لعدم موافقة هذا المجلس «المصغر»!! إنها ردة وعودة للخلف، إنها مخالفة شرعية ودستورية.. تستحق التدخل علي أعلي المستويات.