مصر المتحفظة دائما ...وأحيانا أخري تكون« مطنشة».. هذا ببساطة الموقف.. نظام مبارك الدائم من الاتفاقات والمعاهدات الدولية، بمعني أنه بعد أن يقوم بالتوقيع علي أي اتفاقية - طبعا من أجل الصورة الديمقراطية والمتحضرة أمام العالم- يلتف ويقوم بالتحفظ علي أهم بنود الاتفاقية، ومن ثم لا يلتزم بتطبيقها، لكنه في أحيان أخري لايقوم بالتحفظ بل يقوم ب «التطنيش» أي لا يعمل علي تعديل التشريعات القانونية الداخلية لتوائم تلك الاتفاقية ومن ثم لا تنفذ ... رصدنا عدداً من الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي إما تحفظت مصر علي أهم بنودها أو التي لم تتحفظ عليها لكن التشريعات والقوانين المحلية تمثل انتهاكا صارخا لما ورد في تلك النصوص، ومن بين تلك الاتفاقيات الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والعهدان الدوليان للحقوق المدنية والسياسية وللحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب والاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد والاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب التي تمثل نموذجا لعدم التحفظ لكنها تجسد سياسة «التطنيش». مناهضة التعذيب.. مصر وقعت عليها منذ 24 سنة والتعذيب لايزال موجودا.. ويتوغل.. وينتشر! في أحيان كثيرة لا يكون التحفظ وحده وسيلة للهروب من الالتزام الكامل بنصوص أي معاهدة أو اتفاقية لكن - حتي لايبدو الشكل العام لمصر سيئاً - فهي تلجأ لشكل آخر من أشكال التحايل يجعلها تبدو أنها دولة تناهض وترفض التعذيب ومن ثم وقعت علي الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب والأشكال الأخري من المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة. حيث انضمت مصر للاتفاقية بالقرار الجمهوري رقم 154 في أبريل 1986 وصدقت مصر علي الاتفاقية بتاريخ 25 مايو 1986 ولم تتحفظ علي أي من أحكامها ونشرت بالجريدة الرسمية بالعدد الأول في يناير 1988 وعمل بها اعتباراً من 25/ 7/ 1986 وهو اليوم الثلاثون لتاريخ ايداع وثيقة التصديق عملا بنص المادة 27 من الاتفاقية. حتي هنا الكلام عظيم جدا.... لكن السؤال: هل التزمت مصر بأي من نصوص وبنود تلك الاتفاقية المناهضة للتعذيب؟ هنا لانتحدث عن مجرد المعاملة المهينة التي تجرمها الاتفاقية وهو السلوك الذي أصبح عاديا جدا في أقسام الشرطة والشوارع، لكننا نتحدث عن الهدف الرئيسي وجوهر الاتفاقية وهو مناهضة التعذيب... هل مصر أصبحت بلداً خالياً من التعذيب وإهانة المواطنين خاصة بعد مرور 24 عاما علي تصديق مصر علي الاتفاقية ودخولها حيز التنفيذ الفعلي؟ من المؤكد أن هذا لم يحدث وأرقام ضحايا التعذيب أكبر دليل علي هذا. كما أن الأهم من توقيع وتصديق مصر علي أي اتفاقية هو أن تقوم بإعادة صياغة تشريعاتها الداخلية لتتوائم مع الاتفاقيات الموقعة والدليل أنه رغم التزامات مصر الدولية بموجب تصديقها علي العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية عام 1982، وعلي الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب عام 1986 ووجود بعض الضمانات (الموضوعية والإجرامية ) للحق في السلامة البدنية والنفسية، ورغم كل ذلك مازال التعذيب يعتبر وسيلة رئيسية يلجأ إليها رجال الأمن للحصول علي الاعترافات من المتهمين والمشتبه في ارتكابهم بعض الجرائم خلال مرحلة التحقيقات الأولية. كما أن مطالبات المجتمع المدني المصري ومنظمات حقوق الانسان بتعديل بعض النصوص بالقانون المصري، كانت في سبيل إحداث تلك الموائمة ومن ثم إجبار مصر بالالتزام وتنفيذ بنود الاتفاقية وكان من بين أهم النصوص القانونية التي طالبوا بتعديلها كان نص المادة 126 من قانون العقوبات لكي تتواءم مع نص المادة الأولي من الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب بحيث يمتد نطاق التجريم والعقاب، وتعديل المادة (63) من قانون الإجراءات الجنائية بما يسمح للمجني عليه في جرائم التعذيب بالادعاء المباشر في جرائم التعذيب التي يرتكبها ضباط ورجال الأمن أثناء تأدية وظيفتهم أخيرا بسببها، وإجراء تحقيقات قضائية مستقلة ونزيهة وعلي وجه السرعة، كلما وجدت أسباب معقولة تدعو للاعتقاد بأن عملا من أعمال التعذيب قد ارتكب ضد المواطنين وذلك عملا بنص المادتين (63، 15) من الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، تصديق مصر علي المادتين (21،22) من الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب واللتين بمقتضاهما يمكن للجنة مناهضة التعذيب للأمم المتحدة تلقي الشكاوي المقدمة من دول وأشخاص وتتعلق بانتهاك الحكومة المصرية لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان داخلها. سيداو.. آخر اتفاقية وقعها السادات لمكافحة التمييز ضد المرأة ومعطلة بدعوي «الحفاظ علي قدسية العلاقة الزوجية» «إيمانًا بالمرأة ودورها الأساسي في المجتمع ومنع أي شكل من أشكال التمييز ضدها» وقعت مصر علي «سيداو» الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز ضد المرأة ،وفقاً للقرار الجمهوري 434 لعام 1981 وصدقت عليها في 18 سبتمبر ودخلت حيز النفاذ في 18 أكتوبر من نفس العام. لكن كالعادة تأتي تلك الحقوق منتقصة بسبب فرض مجموعة من التحفظات والمحظورات التي عادة ما تكون مرتبطة باسم أحكام الشريعة والعادات والتقاليد، وهذا المبرر الدائم للتحفظ مرتبط بشكل أساسي بأي اتفاقية أو معاهدة تضمن حقوق المرأة... من هنا جاءت تحفظات مصر علي بعض بنود الاتفاقية ومنها نص الفقرة (2) للمادة (9) والتي تمنح المرأة حقوقاً متساوية مع الرجل بشأن منح الجنسية لأبنائهم. ورأت مصر أنه ينبغي أن يتم ذلك بدون الإخلال بحق الطفل الذي ولد داخل عقدة النكاح، في اكتسابه لجنسية أبيه. وقد تمسكت مصر بهذا الرأي حتي لا يكون للطفل جنسيتان في حالة اختلاف جنسية الأبوين حتي لا يضر ذلك بمستقبله، حيث إن تمتع الطفل بجنسية أبيه هو الوضع المثالي بالنسبة للطفل. ولا يخل هذا بمبدأ المساواة بين الرجال والنساء حيث إنه من المعتاد أن تقبل المرأة المتزوجة من أجنبي أن يكتسب أبناؤهما جنسيتهم من الأب. كما تحفظت علي نص المادة (16) والتي تمنح النساء حقوقاً متساوية مع الرجال في الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية أثناء الزواج ، وتري مصر أن هذا الأمر يخضع للحقوق التي منحتها الشريعة الإسلامية للزوجة مقابل الحقوق التي منحتها الشريعة الإسلامية للزوج والتي تنص علي المساواة العادلة بينهما. وهذا يتم لمراعاة قدسية العلاقة الزوجية في مصر والتي تستقي مبادئها من العقيدة الدينية الراسخة التي لا يجوز المساس بها. بالإضافة إلي ما تقدم ومن بين أهم أسس هذه العلاقة تساوي الحقوق والواجبات بشكل يحقق التكامل والذي يؤدي بدوره إلي تحقيق المساواة الحقيقية بين الزوجين بدلاً من الجوانب السطحية للمساواة التي لا تعود بالنفع علي الزوجة من جراء الزواج، بل تضيف المزيد من الأعباء عليها. تقضي الشريعة الإسلامية بأن يقوم الزوج بدفع مهر مناسب للزوجة والتكفل بجميع نفقاتها ودفع النفقة في حالة الطلاق. ومن ناحية أخري تحتفظ المرأة بكل حقوقها فيما يتعلق بالتصرف في أموالها ولا تكون مضطرة إلي استخدام هذا المال للإنفاق علي نفسها. وفي المقابل تفرض الشريعة الإسلامية قيوداً علي المرأة بشأن حقها في تطليق نفسها حيث تشترط الشريعة أن يتم الطلاق في هذه الحالة بالقانون بينما لا تفرض هذا القيد علي الزوج. وأشارت مصر في تحفظاتها إلي أنها مستعدة لتطبيق نصوص هذه الفقرات الخاصة بالمادة شريطة ألا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية. مكافحة الفساد.. وقعت مصر علي الاتفاقية فأصبح ترتيبها 115 علي دول العالم من حيث انتشار الفساد.. تطور طبيعي! وقعت مصر علي الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد عام 2005، لكنها أخذت تماطل في نشر الاتفاقية بالجريدة الرسمية حتي عام 2007 ومن ثم تدخل حيز التنفيذ، وجاء ذلك بعد قيام منظمات المجتمع المدني بممارسة ضغوط كبيرة علي الحكومة وحصولهم علي حكم قضائي ملزم بنشرها. واتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، هي الاتفاقية الوحيدة الشاملة التي تضع إطارا عاما للتشريعات المتعلقة بمكافحة الفساد والرشوة عالميا وحماية المال العام، وتقدم المتطلبات اللازمة لمنع الرشوة والفساد أو التحقيق في الجرائم المتعلقة بها ومعاقبة مرتكبيها. وجاءت آلية المراقبة لتنفيذ بنود الاتفاقية «أن تكلف إحدي الدول بإعداد تقرير عن دولة موقعة علي الاتفاقية، وتقوم الدولة الأخيرة بمراقبة دولة أخري وهكذا، علي أن تكون الرقابة خاصة بمدي توافر المناخ القانوني والتشريعي والإجراءات الكاملة التي تمكن من مكافحة الفساد وحماية المال العام» هذا البند تحفظت عليه مصر بدعوي أنه يمثل استقطاعا من السيادة الوطنية. وكان الاقتراح البديل المقدم من الجانب المصري لمنع وجود مراقبة دولية عليها ، هو أن تقدم الحكومة التقارير الخاصة بإجراءات مكافحة الفساد، لكن الأممالمتحدة رفضت ذلك وقالت: إن الرغبة في إعطاء مصداقية لتقارير المراقبة، تقضي بأن تصدر عن جهة مستقلة عن الحكومة. وفيما يخص تقارير الفساد التي تنص الاتفاقية علي نشرها ، اشترطت أن تبقي نتائج هذا التقرير وتوصياته سرية، ويقدم في مرحلة متأخرة تقريراً لمتابعة تنفيذ التوصيات، وهو ما رفضته الأممالمتحدة، مؤكدة أن التقارير والإفصاح عن نتائجها جزء من ثوابت الاتفاقية القائمة علي الشفافية الكاملة.كما أعلنت مصر تحفظها علي المادة «13» من الاتفاقية التي تشير إلي حق المجتمع المدني والشعب في المراقبة والمتابعة. تأتي كل هذه التحفظات التي تفرضها مصر علي الاتفاقية ، في الوقت الذي كشف فيه مؤشر مدركات الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية أن مصر تحتل المركز 115 من 180 دولة في عام 2008 بعد أن كانت في المركز 105 في عام 2007 والمركز 77 في عام 2004، كما وصل ترتيب مصر في فهرس منظمة النزاهة الدولية في 2008 إلي المركز 39 من 46 دولة وبتصنيف (ضعيف جدا) ولم يعد خلفنا سوي دول مثل الصومال وأنجولا واليمن والضفة الغربية والعراق. أما في مؤشر منظمة فريدوم هاوس للدول التي تخلصت من الفساد، والذي تحتل قمته فنلندا والدنمارك، فقد تراجعت مصر للمركز 112 في عام 2009 بعد أن كانت في المركز 76 في عام 2005. العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.. التوقيع تم مع عبارة «عدم التعارض مع الشريعة ».. والنتيجة: الحدّ الأدني للأجور أقل من خط الفقر العالمي! وقعت مصر علي العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بتاريخ 4/ 8/ 1967 وصدقت علي العهدين بتاريخ 14 يناير 1982 وأصدرت عند انضمامها الإعلان التالي «مع الأخذ في الاعتبار أحكام الشريعة الإسلامية وعدم تعارضها معها». حيث ورد في المادة الأولي من كل من القرارين المشار إليهما عبارة مع الأخذ في الاعتبار أحكام الشريعة الإسلامية وعدم تعارضها معها. وقد أثارت صياغة هذا الإعلان ولا تزال تثير مشكلة حقيقية بالنسبة للاعتراف الدولي بهذين التحفظين حيث سجلت لدي السكرتارية العامة للأمم المتحدة «الجهة المودع لديها جميع وثائق تصديق الدول علي العهدين» باعتبارها إعلانات لا ترقي إلي كونها تحفظات. ورغم تلك اللافتة العريضة التي وضعتها مصر شرطا لقبول تنفيذ تلك العهود «وهو ألا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية» حتي تكون بمثابة مخرج لها يحول دون إحراجها في حال عدم التزامها بأي من بنود هذين العهدين إلا أنها رفضت التوقيع علي كل من البروتوكولين الأول والثاني للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والأول خاص بعقد الاختصاص للجنة المنشأة وفقاً لأحكام الاتفاقية في تلقي وفحص شكاوي الأفراد، والثاني خاص بإلغاء عقوبة الإعدام. ويأتي هذا في إطار محاولات مصر لعدم فرض مزيد من الالتزامات عليها ومن ثم تنفيذ بنود العهدين الذي يضمن الحقوق الاقتصادية والسياسية والمدنية للأفراد. إلا أن مصر لم تلتزم حتي بالأحكام التي تضمنها العهد والمتعلقة بتوفير أجر عادل للعاملين - مع الأخذ في الاعتبار أنه من المؤكد أن هذا الحق لا يتنافي مع أحكام الشريعة الإسلامية وهو التحفظ الوحيد الذي أعلنته مصر - ومع ذلك فإن المنظومة التشريعية المعنية بالأجور في مصر تشمل العديد من النصوص التي تنال من أجر العامل، وتشكل تراجعاً عن الحماية التي كانت مقررة للأجر، بدءا من الحق في الإضراب، ومروراً بالحق في الحصول علي أجر عادل ومناسب مقابل العمل عدد ساعات مناسبة، وانتهاًء بالفصل التعسفي من العمل دون إبداء أي سبب أو مبرر قانوني، مما يتعارض مع أحكام العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والذي صادقت عليه الحكومة المصرية وأصبح جزءا لا يتجزأ من ميثاقها الداخلي وفقا للمادة 151 من الدستور. كما أن منظومة الأجور في مصر دون مستوي الحد الأدني للأجور، بل وتفتقد لكل المعايير الدولية المعنية بوضع الحد الأدني للأجور، الذي تضمنه العهد الدولي، فالحدّ الأدني للأجور في مصر هو أدني بكثير من خطّ الفقر المدقع، والمقرّر دولياً بدولارين في اليوم للفرد. والسؤال هو لماذا لم تلتزم مصر بتوفير أجر عادل للعاملين كما نص العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية؟.... يا تري هل هذا الموقف يدخل ضمن تحفظها الذي أعلنته وهو عدم تعارضه مع الشريعة الإسلامية؟ هل توفير أجر عادل يتنافي مع أحكام الشريعة؟ حقوقيون: السيادة الوطنية الوسيلة المصرية التقليدية للتهرب من تطبيق الاتفاقيات الدولية موقف مصر المتحفظ دائما علي أي من بنود الاتفاقيات والمواثيق الدولية... هو أمر مثير للدهشة والتساؤل، إن كانت مصر تزيد من تحفظاتها علي أهم بنود كثير من الاتفاقيات الدولية فلماذا أصلا توقع عليها؟. ناصر أمين - مدير المركز العربي لاستقلال القضاة والمحاماة- أكد أن الإطار العام الذي يحكم تحفظات مصر ومعظم الدول العربية إطاران الأول علي أساس ديني والثاني علي أساس سياسي، وأن معظم الدول العربية وعلي رأسها مصر يتحفظون علي بعض المواد بدعوي مخالفته لقواعد وأحكام الشريعة الإسلامية ، تابع أمين أن مصر موقعة علي ما يقرب من 90 % من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي أصدرتها الأممالمتحدة منذ إنشائها عام 1945، وأغلب الاتفاقيات هناك بنود متحفظ عليها ... وهذه هي طبيعة معظم دول العالم الثالث حيث تصدق علي الاتفاقيات الدولية لكنها لا تلتزم بها ولا تدخلها ضمن تشريعيتها المحلية. «التحفظات من الملامح الرئيسية لتعامل مصر مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان منذ أوائل الثمانينيات، وغالبا التحفظات التي تأتي في هذا الإطار ما تكون غير مفهومة ومحاطة بكثير من الغموض»، هذا ما أكده حسام بهجت مدير مركز المبادرة الشخصية وأضاف قائلا : كما أن تحفظ مصر علي «المادة 16» من اتفاقية «سيداو» بشأن القضاء علي أي شكل من أشكال التمييز بين الرجل والمرأة، هو تحفظ أصلا علي جوهر الاتفاقية نفسها وهو ما اعتبره البعض مخالفاً لمفهوم وجوهر الاتفاقية نفسها. ومن جانبه أشار هاني هلال - مدير مركز حقوق الطفل المصري - إلي أن مصر من الدول العربية المفرطة في استخدام التحفظ، خاصة في الاتفاقيات المتعلقة بحقوق المرأة وممارسة الحقوق السياسية والمدنية، في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل أعلنت مصر تحفظها علي المادتين «20» و«21» المتعلقتين بالتبني ولكنها بعد ضغوط المجتمع المدني المصري اضطرت إلي سحب تحفظها بعد مرور عشر سنوات من توقيعها الاتفاقية الموقعة عام 1990 .. وعن الضغوط الدولية ودورها في أجبار الدول علي الالتزام بتطبيق الاتفاقيات قال هلال: قديما كنا نتصور أن الضغط الدولي هو أحد آليات دفع الحكومات من أجل تفعيل الاتفاقيات الموقعة عليها وتلزم بها، لكن بعد فترة من عملنا في مجال حقوق الإنسان اكتشف البعض أن اللجان والمجالس الدولية التي من شأنها الضغط هي نفسها مجالس حكومية - وفي النهاية الحكومات تجامل بعضها- ومن ثم بقيت الوسيلة الوحيدة للضغط علي الحكومة المصرية وغيرها من الحكومات غير الملتزمة بتطبيق الاتفاقيات سيكون من خلال المجتمع المدني نفسه الذي عليه أن يمارس كثيراً من الضغوط علي مثل تلك الحكومات.