نواصل في هذا المقال التذكير بالمفاهيم الإسلامية الواضحة التي تمثل أهم ركائز هذا الدين الحنيف: 8- الإيمان بالقضاء والقدر: وأصل القدر سر الله تعالي في خلقه، لم يطلع علي ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل، والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان، وسلم الحرمان، ودرجة الطغيان، فالحذر كل الحذر من ذلك نظرا وفكرا ووسوسة، فإن الله تعالي طوي علم القدر عن أنامه، ونهاهم عن مرامه، كما قال الله تعالي في كتابه: «لا يسأل عما يفعل وهم يسألون» فمن سأل: لم فعل؟ فقد رد حكم الكتاب، ومن رد حكم الكتاب كان من المنحرفين، فهذا جملة ما يحتاج إليه من هو منور قلبه من أولياء الله تعالي، وهي درجة الراسخين في العلم، لأن العلم علمان: علم في الخلق موجود، وعلم في الخلق مفقود، فإنكار العلم الموجود كفر، وادعاء العلم المفقود كفر، ولا يثبت الإيمان إلا بقبول العلم الموجود وترك طلب العلم المفقود، ونؤمن باللوح والقلم، وبجميع ما فيه قد رقم، فلو اجتمع الخلق كلهم علي شيء كتبه الله تعالي فيه أنه كائن ليجعلوه غير كائن لم يقدروا عليه، ولو اجتمعوا كلهم علي شيء لم يكتبه الله تعالي فيه ليجعلوه كائنا لم يقدروا عليه، جف القلم بما هو كائن إلي يوم القيامة، وما أخطأ العبد لم يكن ليصيبه، وما أصابه لم يكن ليخطئه وعلي العبد أن يعلم أن الله قد سبق علمه في كل كائن من خلقه، فقدر ذلك تقديرا محكما مبرما، ليس فيه ناقض ولا معقب، ولا مزيل ولا مغير، ولا ناقص ولا زائد من خلقه في سماواته وأرضه، وذلك من عقد الإيمان وأصول المعرفة، والاعتراف بتوحيد الله تعالي وربوبيته، كما قال تعالي في كتابه: «وخلق كل شيء فقدره تقديرًا»، وقال تعالي: «وكان أمر الله قدرا مقدورا» فويل لمن صار لله تعالي في القدر خصيما، وأحضر للنظر فيه قلبا سقيما، لقد التمس بوهمه في محض الغيب سرا كتيما، وعاد بما قال فيه أفاكا أثيما. 9- الإيمان بالعرش والكرسي: والعرش والكرسي حق، وهو مستغن عن العرش وما دونه، محيط بكل شيء وفوقه، وقد أعجز عن الإحاطة خلقه. 10- الإيمان بالملائكة والنبيين والكتب السماوية: ونقول إن الله اتخذ إبراهيم خليلا، وكلم الله موسي تكليما، إيمانا وتصديقا وتسليما، ونؤمن بأن عيسي عليه السلام عبدالله ورسوله وكلمته التي ألقاها إلي مريم فكان بالكلمة كن فكان، ونؤمن بالملائكة والنبيين والكتب المنزلة علي المرسلين، ونشهد أنهم كانوا علي الحق المبين، ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين، ما داموا بما جاء به النبي صلي الله عليه وسلم معترفين، وله بكل ما قاله وأخبر مصدقين. 11- حرمة الخوض في ذات الله، والجدال في دين الله وقرآنه: ولا نخوض في الله، ولا نماري في دين الله، ولا نجادل في القرآن، ونشهد أنه كلام رب العالمين، نزل به الروح الأمين، فعلمه سيد المرسلين، محمدا صلي الله عليه وسلم، وهو كلام الله تعالي لا يساويه شيء من كلام المخلوقين، ولا نقول بخلقه، ولا نخالف جماعة المسلمين. 12- الرد علي المرجئة: ولا نقول: لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله، نرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم، ويدخلهم الجنة برحمته، ولا نأمن عليهم، ولا نشهد لهم بالجنة، ونستغفر لمسيئهم، ونخاف عليهم ولا نقنطهم، والأمن والإياس ينقلان عن ملة الإسلام، وسبيل الحق بينهما لأهل القبلة، ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه. 13- تعريف الإيمان: هو الإقرار باللسان والتصديق بالجنان والعمل بالأركان وجميع ما صح عن رسول الله صلي الله عليه وسلم من الشرع والبيان كله حق والإيمان واحد وأهله في أصله سواء والتفاضل بينهم بالخشية والتقي ومخالفة الهوي وملازمة الأولي والمؤمنون كلهم أولياء الرحمن وأكرمهم عند الله أطوعهم وأتبعهم للقرآن والإيمان: هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره وحلوه ومره من الله تعالي ونحن مؤمنون بذلك كله لا نفرق بين أحد من رسله ونصدقهم كلهم علي ما جاءوا به والإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. 14- أهل الكبائر من المؤمنين لا يخلدون في النار: وأهل الكبائر من أمة محمد صلي الله عليه وسلم في النار لا يخلدون إذا ماتوا وهم موحدون وإن لم يكونوا تائبين بعد أن لقوا الله عارفين مؤمنين وهم في مشيئته وحكمه: إن شاء غفر لهم وعفا عنهم بفضله كما ذكر عز وجل في كتابه: «ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء» وإن شاء عذبهم في النار بعدله ثم يخرجهم منها برحمته وشفاعة الشافعين من أهل طاعته ثم يبعثهم إلي جنته وذلك بأن الله تعالي تولي أهل معرفته ولم يجعلهم في الدارين كأهل نكرته الذين خابوا من هدايته ولم ينالوا من ولايته اللهم يا ولي الإسلام وأهله ثبتنا علي الإسلام حتي نلقاك به ونري الصلاة خلف كل بر وفاجر من أهل القبلة ونصلي علي من مات منهم ولا ننزل أحدا منهم جنة ولا نارا ولا نشهد عليهم بكفر ولا بشرك ولا بنفاق ما لم يظهر منهم شيء من ذلك ونذر سرائرهم إلي الله تعالي ولا نري السيف علي أحد من أمة محمد صلي الله عليه وسلم إلا من وجب عليه السيف تحت ولاية شرعية لحاكم مسلم جاء ببيعة ورضا فتملك أو حاكم تغلب واستتب له الأمر وكانت له شوكة ليأمر وينهي فيطاع في غير معصية. 15- وجوب طاعة الأئمة والولاة: ولا نري الخروج علي أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا ولا ندعو عليهم ولا ننزع يدا من طاعتهم ونري طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ما لم يأمروا بمعصية وندعو لهم بالصلاح والمعافاة فمن نازع ولاة الأمر وخرج عليهم بالقول أو السلاح من أهل القبلة فهو من الخوارج وليس من السلفيين أو من أهل السنة فذاك أصل من أصول الملة الحنيفية. 16- اتباع أهل السنة والجماعة: ونتبع السنة والجماعة ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة ونحب أهل العدل والأمانة ونبغض أهل الجور والخيانة ونقول: الله أعلم فيما اشتبه علينا علمه فكل من اقتفي أثر الرسول - صلي الله عليه وسلم - فيما صح عنه عقيدة وشريعة وخلقاً وأتي من ذلك ما استطاع ولزم جماعة المسلمين وحاكمهم فهو من أهل السنة والجماعة وعلي ضوء ذلك يفهم ما المقصود بأهل السنة والجماعة. 17- وجوب الحج والجهاد إلي يوم القيامة: والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين برهم وفاجرهم إلي قيام الساعة لا يبطلهما شيء ولا ينقضهما فمن رفع لواء الجهاد بدون إذن من الإمام أي الحاكم الممكن المتغلب - وإن كان جائراً - فقد خالف هدي الإسلام ونازع الأمر أهله وعلي ضوء ذلك تفهم الدعوات البدعية للجهاد والتي يحملها بعض الجماعات المعاصرة. 18- الإيمان بالملائكة والبرزخ: ونؤمن بالكرام الكاتبين فإن الله قد جعلهم علينا حافظين ونؤمن بملك الموت الموكل بقبض أرواح العالمين وبعذاب القبر لمن كان له أهلا وسؤال منكر ونكير في قبره عن ربه ودينه ونبيه علي ما جاءت به الأخبار عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وعن الصحابة رضوان الله عليهم والقبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران. وللحديث بقية