سبق أن أجملت أهم مفاهيم الإسلام غضة طرية بلا إفراط أو تفريط وفي هذا المقال أواصل ما بدأته مبينًا مجمل مفاهيم الإسلام العظمي علي النحو التالي: 19- الإيمان بيوم القيامة وما فيه من المشاهد: ونؤمن بالبعث وجزاء الأعمال يوم القيامة، والعرض والحساب، وقراءة الكتاب، والثواب والعقاب، والصراط والميزان. 20- الإيمان بالجنة والنار: والجنة والنار مخلوقتان، لا تفنيان أبدًا ولا تبيدان، وإن الله تعالي خلق الجنة والنار قبل الخلق، وخلق لهما أهلا، فمن شاء منهم إلي الجنة فضلا منه، ومن شاء منهم إلي النار عدلا منه، وكل يعمل لما قد فرغ له، وصائر إلي ما خلق له. 21- أفعال العباد خلق الله وكسب من العباد: والخير والشر مقدران علي العباد. والاستطاعة التي يجب بها الفعل من نحو التوفيق الذي لا يجوز أن يوصف المخلوق به، فهي مع الفعل، وأما الاستطاعة من جهة الصحة والوسع والتمكن وسلامة الآلات فهي قبل الفعل، وبها يتعلق الخطاب، وهو كما قال تعالي: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) وأفعال العباد خلق الله، وكسب من العباد. 22- التكليف بما يطاق: ولم يكلفهم الله تعالي إلا ما يطيقون، ولا يطيقون إلا ما كلفهم، وهو تفسير لا حول ولا قوة إلا بالله، نقول: لا حيلة لأحد، ولا حركة لأحد، ولا تحول لأحد عن معصية الله إلا بمعونة الله، ولا قوة لأحد علي إقامة طاعة الله والثبات عليها إلا بتوفيق الله. وكل شيء يجري بمشيئة الله تعالي وعلمه وقضائه وقدره، غلبت مشيئة المشيئات كلها، وغلب قضاؤه الحيل كلها، يفعل ما يشاء وهو غير ظالم أبدًا، تقدس عن كل سوء وحين، وتنزه عن كل عيب وشين، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وفي دعاء الأحياء وصدقاتهم منفعة للأموات، والله تعالي يستجيب الدعوات ويقضي الحاجات. 23- الله هو الغني ونحن الفقراء إليه: ويملك كل شيء ولا يملكه شيء، ولا غني عن الله تعالي طرفة عين، ومن استغني عن الله طرفة عين فقد كفر، وصار من أهل الحين، والله يغضب ويرضي لا كأحد من الوري. 24- حب أصحاب النبي - صلي الله عليه وسلم -: ونحب أصحاب رسول الله - صلي الله عليه وسلم -، ولا نفرط في حب أحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان. ونثبت الخلافة بعد رسول الله - صلي الله عليه وسلم - أولا لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه - تفضيلاً له وتقديما علي جميع الأمة، ثم لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ثم لعثمان - رضي الله عنه - ثم لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وهم الخلفاء الراشدون والأئمة المهتدون، وأن العشرة الذين سماهم رسول الله - صلي الله عليه وسلم - وبشرهم بالجنة نشهد لهم بالجنة، علي ما شهد لهم رسول الله - صلي الله عليه وسلم - وقوله الحق، وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد، وعبدالرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح؛ وهو أمين هذه الأمة رضي الله عنهم أجمعين، ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله - صلي الله عليه وسلم - وأزواجه الطاهرات من كل دنس وذرياته المقدسين من كل رجس؛ فقد برئ من النفاق، وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر، لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو علي غير السبيل. 25- الأنبياء أفضل من الأولياء: ولا نفضل أحدا من الأولياء علي أحد من الأنبياء - عليهم السلام -، ونقول: نبي واحد أفضل من جميع الأولياء. ونؤمن بما جاء من كراماتهم، وصح عن الثقات من رواياتهم، بدون تعارض مع صحيح النصوص الثابتة، لأن خوارق العادات منها ما هو كرامة ومنها ما هو شعوذة فالكرامة يُجريها الله علي أيدي أولياء الرحمن والشعوذة تأتي علي أيدي أولياء الشيطان للاستدراج والابتلاء، فخرق العادة (الكرامة أو الشعوذة) ليست حجة في ذاتهما وإنما الحجة في الكتاب والسنة. 26- الإيمان بأشراط الساعة: ونؤمن بأشراط الساعة منها: خروج الدجال، ونزول عيسي ابن مريم - عليه السلام - من السماء ليحكم بشريعة الإسلام ويصلي خلف الإمام تكرمة لهذه الأمة ثم يقتل الدجال، ونؤمن بطلوع الشمس من مغربها، وخروج دابة الأرض من موضعها، والغيب ابتلاء إذا صح به الخير عن المعصوم - صلي الله عليه وسلم - أو جاء في التنزيل والابتلاء هنا هو التصديق ولا مجال لإعمال العقل فيما هو غيب ومن أنكر ذلك أو بعضه يُخشي عليه سوء الختام. 27- لا يجوز تصديق الكهنة والعرافين: ولا نصدق كاهنا ولا عرافا، ولا من يدعي شيئًا يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وفي ذلك صح الخبر عن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - «من أتي عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة» رواه مسلم ونري الجماعة حقا وصوابا، والفرقة زيغا وعذابا. 28- إن الدين عند الله الإسلام: ودين الله في الأرض والسماء واحد، وهو دين الإسلام، قال الله تعالي: (إن الدين عند الله الإسلام)، وقال تعالي: (ورضيت لكم الإسلام دينا) وهو بين الغلو والتقصير، وبين التشبيه والتعطيل، وبين الجبر والقدر، وبين الأمن والإياس. الخاتمة: فهذا ديننا واعتقادنا ظاهرا وباطنا، ونحن براء إلي الله من كل من خالف الذي ذكرناه وبيناه، ونسأل الله تعالي أن يثبتنا علي الإيمان، ويختم لنا به، ويعصمنا من الأهواء المختلفة، والآراء المتفرقة، والمذاهب الردية، مثل المشبهة والمعتزلة والجهمية والجبرية والقدرية والخوارج والشيعة وغلاة الصوفية وكل من تنكب طريق الأنبياء وهدي الأصحاب عامدًا متعمدًا بعد بلوغ الحجة والبيان وغيرهم؛ من الذين خالفوا السنة والجماعة، وحالفوا الضلالة، ونحن منهم براء، وهم عندنا ضلال وأردياء، وبالله العصمة. فما سبق ذكره في المقالات الثلاثة ما هو إلا إجمال لبعض الأصول وفي المقالات القادمة أحاول تفصيل ما أجمل في هذه المفاهيم ليحيي من حي عن بينة وليهلك من هلك عن بينة.