آفي شلايم كاتب اسرائيلي واستاذ العلاقات الدولية بجامعة أكسفورد ليس معروفاً عن الإسرائيليين حسن الخلق ولكن الطريقة التي عومل بها نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال زيارته الأخيرة إلي إسرائيل تعد بمثابة وقاحة.فبايدن هو واحد من اشد المؤيدين لإسرائيل في واشنطن.وكان الغرض من زيارته هو تمهيد الطريق لاستئناف عملية السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.وخلال زيارة بايدن أعلنت السلطات الاسرائيلية قرار بناء 1600 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة "رمات شلومو" شمال القدسالمحتلة وهو القرار الذي بالطبع من شانه أن يفسد فرص المحادثات ويثير حفيظة الفلسطينيين واغضب بايدن.فكانت هذه الخطوة بمثابة خطأ فادح من المحتمل أن تكون له عواقب وخيمة علي العلاقات الخاصة بين البلدين الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل. تقدم الولاياتالمتحدة دعما لإسرائيل تبلغ قيمته 3 مليارات دولار أمريكي.كما ان أمريكا هي الممول الأساسي لأسلحة إسرائيل وهو ما مكن إسرائيل من أن تكون لها قدرات تكنولوجية علي أعدائها من قريب أو بعيد.وعلي الصعيد الدبلوماسي تقدم أمريكا إلي إسرائيل دعماً غير مشروط من بينها استخدام حق الفيتو في مجلس الأمن لدحض القرارات التي تؤخذ ضد إسرائيل.فضلا عن ذلك،فأمريكا تدين الطموحات النووية الإيرانية في الوقت الذي تغض فيه الطرف عن امتلاك إسرائيل لترسانة كبري من الأسلحة النووية. فهذا الكرم منقطع النظير تجاه شريك صغير هو نتيجة لارتباط في القيم المشتركة.وتحاول إسرائيل دوما أن تقدم نفسها كجزيرة للديمقراطية في بحر من الحكم الاستبدادي ،ولكن دائما ما تتمزق هذه الصورة بسبب التصرفات التي ترتكبها. فإسرائيل الان في طريقها لتصبح دولة منبوذة.وخلال فترة الحرب الباردة عملت إسرائيل علي تقديم نفسها بأنها لها فائدة إستراتيجية للمساعدة في مراقبة تقدم السوفيت في الشرق الأوسط. وتكمن المصالح الحيوية لأمريكا في الخليج العربي لضمان الحصول علي النفط.وإسرائيل من جانها تمارس الاحتلال للأراضي الفلسطينية والقمع للشعب الفلسطيني لذا فهناك اتفاق دولي في الرأي حول تأييد الحل القائم علي دولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني ومن بين أمريكا من بين تلك الآراء.وكانت الإدارة الديمقراطية السابقة قد قدمت الخطة الأكثر واقعية لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.ففي الثالث والعشرين من ديسمبر عام 2000 أي قبيل أربعة أسابيع من خروج كلينتون من البيت الأبيض قدم كلينتون مقترحاته حول هذا الصدد،ودعا إلي إقامة دولة فلسطينية مستقلة في كامل قطاع غزة وجزء من الضفة الغربية مع إعلان القدسالشرقية العاصمة.ورفض كل من الجانبين خطة السلام هذه. ويمكن القول بأن البقاء علي الاحتلال في الضفة الغربية هو يصب في مصلحة إسرائيل وعلي العكس فإن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية لا يخدم المصالح القومية الأمريكية.فهل ينبغي علي الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تقدم مصالحها الخاصة علي مصالح حليف متعطش للأرض؟ ويميل عدد كبير من الامريكيين للإجابة ب"لا" بل أعرب البعض عن الاستعداد لإعلان ذلك علنا. صرح الجنرال ديفيد باتريوس- قائد القوات المركزية الأمريكية- الأسبوع الماضي للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي بأن الصراع الاسرائيلي الفلسطيني هو السبب الرئيسي لعدم الاستقرار في الشرق الاوسط واسيا مؤكدا أنها تثير المشاعر المعادية لأمريكا بسبب ميل أمريكا لمحاباة إسرائيل. وكان نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن قد صرح لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو أن ما يفعله نتانياهو في القدس يقوض أمن القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان. وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قد وبخت رئيس الوزراء الإسرائيلي لإعلان حكومته خلال الأسبوع الحالي عن بناء مستوطنات جديدة في أثناء زيارة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن لإسرائيل استدعت الخارجية الأمريكية سفير إسرائيل لدي واشنطن مايكل أورين إلي مقر الخارجية يوم الجمعة الماضي لإبلاغه استياءها من هذا التصرف. ودعت كلينتون إلي ضرورة عقد محادثات للتفاوض بشأن كافة القضايا الجوهرية في الصراع ومن بينها حدود الدولة الإسرائيلية.كما أرجئت زيارة السناتور جورج ميتشيل إلي إسرائيل. وعلي جانب آخر،يعي رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو جيدا أن الفلسطينيين لن يقبلوا استئناف المفاوضات دون التجميد الكامل لبناء المستوطنات ولذا لا يبدو ان هناك بارقة أمل حيال الوضع الراهن. والرئيس الأمريكي أوباما عازم علي مواجهة نتانياهو هذه المرة.وأفضل الحلول هو ان يقوم أوباما باستخدام النفوذ الاقتصادي لإجبار رئيس الوزراء الإسرائيلي علي الدخول في مفاوضات جادة مع الفلسطينيين وقبول الحل القائم علي دولتين وحتي إذا كتبت النهاية للازمة الراهنة وتم استئناف محادثات السلام فلن يحرك الأوضاع إلا قيام أوباما بجعل تدفقات الأموال والأسلحة الأمريكية إلي إسرائيل مشروطة بمقدار الالتفات إلي النصيحة الأمريكية.