«الشيوخ» يدعم الشباب |الموافقة نهائيًا على تعديلات «نقابة المهن الرياضية»    من 5 إلى 10%، اتحاد الغرف يكشف موعد زيادة أسعار الهواتف المحمولة    برلماني يقترح إنشاء هيئة لتنظيم السوق العقاري وحماية المواطنين من النصب    «الهلال المصرى» يقاوم برد غزة |قافلة طبية لدعم الأشقاء فى السودان    رويترز: الولايات المتحدة تجري رحلات استطلاع جوية فوق نيجيريا    فوستر الأفضل فى مباراة جنوب أفريقيا ضد أنجولا.. فيديو    30 دقيقة| تاخر الفراعنة بهدف أمام زيمبابوي    وليد صلاح عبداللطيف: منتخب مصر مرشح للتتويج بأمم أفريقيا    شباب نجريج يتوافدون على مركز شباب محمد صلاح لمتابعة مباراة المنتخب.. فيديو    إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ميكروباص غرب بني سويف    النيابة ترسل صورة من تحقيقات قضية وفاة السباح يوسف محمد لوزارة الرياضة    أبطال خريطة رأس السنة يحتفلون بالعرض الخاص وسط العديد من المفاجآت    مروة عبد المنعم: حزينة من كمية التطاول غير المهني على الفنان محمد صبحي.. بابا ونيس خط أحمر    متحدث الصحة: التشغيل التجريبي للتأمين الصحي الشامل يبدأ في المنيا بالربع الأول من 2026    مسؤول سابق بالناتو: احتجاجات مزارعين أوروبا تتصاعد بسبب تقليص الدعم    مصر و الأردن يؤكدان تعزيز التعاون في النقل البري خلال اجتماعات اللجنة الفنية المشتركة بعمان    فضل صيام شهر رجب وأثره الروحي في تهيئة النفس لشهر رمضان    نقيب أطباء الأسنان: "الخريجون مش لاقيين شغل"    رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين: الاحتلال لا يسمح سوى بدخول أقل من ثلث المساعدات المتفق عليها إلى غزة    ميرال الطحاوي تفوز بجائزة سرد الذهب فرع السرود الشعبية    السيسي: مستعدون لدفع المزيد من الاستثمارات المصرية إلى السوق التنزانية    رمضان عبدالمعز: دعوة المظلوم لا تُرد    زيلينسكي: أوكرانيا بدأت إنتاج أنظمة الدفاع الجوي محليًا    الكويت وروسيا تبحثان تعزيز التعاون في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية    البورصة تختتم تعاملاتها اليوم الإثنين بتباين كافة المؤشرات    تعيينات جديدة بكلية التربية جامعة عين شمس    مصدر من الأهلي ل في الجول: لا نعرقل انتقال حمزة عبد الكريم ل برشلونة.. وهذا موقفنا    "يتمتع بخصوصية مميزة".. أزهري يكشف فضل شهر رجب(فيديو)    آيتن عامر تعتذر عن استكمال "حق ضايع" قبل بدء التصوير    لأول مرة بجامعة عين شمس.. نجاح جراحة زرع جهاز تحفيز العصب العجزي    خلال 24 ساعة.. رصد 153 مخالفة على الطرق في الغربية    نائب الصحة لشئون الحوكمة والرقابة يشهد الاجتماع الأول للجنة تطوير منظومة طب الأسنان    "هعيش حزين".. أول تعليق من أحمد الفيشاوي بعد وفاة والدته    جنايات الإرهاب تقضى بالمؤبد والسجن المشدد ل5 متهمين بخلية التجمع    يضم 950 قطعة أثرية.... محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي    انتظام أعمال امتحانات الفصل الدراسي الأول بجامعة قنا    قائد أوغندا قبل مواجهة تونس: لن نكون لقمة سائغة لمنافسينا في أمم إفريقيا    في مشهد مهيب.. الأزهر ينجح في إخماد فتنة ثأرية بالصعيد    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    فرحة وحيدة لمنتخب مصر في الاستضافة العربية لأمم أفريقيا    مدير تعليم الجيزة يواصل سياسة العمل الميداني بزيارة مفاجئة لإدارتي «العياط والصف»    الانتقام المجنون.. حكاية جريمة حضرها الشيطان في شقة «أبو يوسف»    حداد ودموع في طابور الصباح.. مدرسة بمعصرة صاوي تنعى تلميذين لقيا مصرعهما في حادث الطريق الإقليمي    السيطرة على حريق بسوق عرفان فى محرم بك بالإسكندرية دون إصابات.. صور    دكتور مصطفى الروبى : مستقبل التكنولوجيا المالية في مصر (FinTech) كيف تستفيد الشركات الناشئة من التحول الرقمي    إطلاق حملة "ستر ودفا وإطعام" بالشرقية    وزارة شئون القدس تطالب بتدخل دولي عاجل لوقف هدم منازل المقدسيين    مصدر من الأهلي يكشف ل في الجول تطورات ملف المحترفين والراحلين.. وموقف توروب    هل طلب بيراميدز ضم ناصر ماهر من الزمالك ..مصدر يوضح    مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ المنوفية يتفقد مركز خدمة عملاء مركز معلومات شبكات المرافق بقويسنا.. صور    كنز بطلمي يخرج من باطن الأرض محافظ بني سويف يتفقد أسرار معبد بطليموس الثاني بجبل النور بعد أكثر من عقد على اكتشافه    الحقيقة الكاملة لسحب الجنسية من البلوجر علي حسن    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    ننشر مواعيد امتحانات الفصل الدراسى الأول بمحافظة القاهرة    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    وزير قطاع الأعمال: نحرص على تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجانب الآخر للنصر العظيم
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 05 - 10 - 2009


ألا تستحق حرب أكتوبر مسلسلاً تليفزيونياً واحداً ؟
1
كنت وقتها في الصف السادس الابتدائي، عندما استيقظنا فجراً وذهبنا إلي محطة القطار، لاستقبال المهاجرين الذين جاءوا إلي مدينتنا من بورسعيد عقب هزيمة 5 يونيو، وقيام الدولة بتهجير سكان مدن القناة.
لا أنسي ذلك اليوم ورئيس المدينة وأعضاء الاتحاد الاشتراكي يحملون زهوراً باهتة يستقبلون بها الضيوف ثم حملتهم سيارات النقل مع أمتعتهم البالية إلي مقر إقامتهم.
أقام "المهاجرون" كما كنا نطلق عليهم في المدارس، كانت كل أسرتين تقيمان في فصل واحد، وتفصل بينهما ملاية سرير رثة، أطفال ونساء وبنات وأزواج وزوجات تحت سقف واحد.
2
كنا نسمع عن خناقات "المهاجرين" في المدارس بسبب الحياة التعيسة، وإذا أرادت البنت أو الطفل الذهاب إلي دورة المياه، فعليهما أن يقطعا عشرات الأمتار للوصول إلي حمامات المدرسة في عز البرد والظلام.
لم يذب المهاجرون في مجتمع الصعيد بسهولة، من بورسعيد إلي أسيوط، المسافة شاسعة، والعادات والتقاليد مختلفة، من مجتمع صعيدي منغلق إلي مجتمع بورسعيدي منفتح.
الهزيمة النفسية للمصريين كانت أصعب بكثير من الهزيمة العسكرية، وما أصعب أن تنتزع إنساناً من عمله وبيته ومدينته، ثم تهاجر به مئات الكيلو مترات، ليقيم في فصل "شرك" داخل مدرسة.
3
المهاجرون عادوا إلي مدنهم بعد نصر أكتوبر العظيم، عادوا لبيوتهم وعائلاتهم وشوارعهم وغرف نومهم، وودعوا إلي الأبد عيشة الدواجن في الأقفاص.
كان مستحيلاً أن تطول إقامتهم أكثر من ست سنوات ما بين هزيمة يونيو 67 وانتصار أكتوبر 73، الطفل الذي جاء عمره شهراً دخل المدرسة، والبنت الصغيرة أصبحت علي وش زواج.
كان مستحيلاً أن تمتد حالة اللاسلم واللا حرب، لأن المهاجرين الذين جاءوا إلي مدينتنا تم توزيع مثلهم علي بقية مدارس الجمهورية، وفي كل مدرسة بركان أخلاقي يوشك علي الانفجار.
4
مازلت أذكر "وفاء" أجمل مهاجرة التي جاءت في سن الزهور ثم كبرت وزاد جمالها وامتدت إليها الأيدي الآثمة التي زجت بها في تيار الرذيلة، فمنحت جمالها، لمن يدفع.
أحبها شباب كثيرون أرادوا الاقتراب منها، وحام حولها صيادون أكثر، نجحوا في الإيقاع بها، وبمرور الوقت اتسع نشاطها وتركت المدينة إلي مدينة أخري قريبة.
لم يمض وقت طويل حتي تم العثور علي وفاء جثة منتفخة في إحدي الترع بالقرب من ديروط الشريف، وبالطبع قيدت القضية ضد مجهول لأن دمها وزع بين عشرات الشبان.
5
هذه هي الحروب وهذه هي ويلاتها، فالهزيمة لا تكون فقط في جبهة القتال، ولكن الهزيمة الأفدح تكون في الداخل حيث تتحطم النفوس وتنهار القيم وتصبح الدنيا علي كف عفريت.
الهزيمة أيضا فعلت فى جيل الستينات والسبعينات مثلما فعلت فى المهاجرين.. كانوا يحلمون بالنصر وإلقاء إسرائيل فى البحر، فاستيقظوا صباحا على جيشهم مهزوما فى الصحراء.
لم يجد الشباب طريقاً يلجأون إليه، إلا التطرف "الديني" أو "الخلقي".. ومنذ ذلك الوقت أصيبت مصر بعدوي التطرف الذي تحول إلي عنف وإرهاب وقتل ودماء.
6
هذه هي الحروب، لمن لا يعرفون أهوالها وويلاتها وكان ضروريا أن تأخذ مصر بثأرها ليس فقط لاستعادة أرضها المحتلة، ولكن أيضا لاستعادة شعبها من براثن اليأس والإحباط والهزيمة النفسية.
كان يوم سبت "عشرة رمضان" وكنت يومها صائماً وعندما فتحت الراديو للاستماع لنشرة الساعة الثانية والنصف ظهراً، جاءت البشري، قواتنا المسلحة العظيمة تقوم بالرد علي إسرائيل والهجوم علي مواقعه في سيناء.
"الله أكبر" كانت كلمة السر.. الله سبحانه وتعالي الذي كافأ هذا الشعب الصابر بالنصر العظيم، وكانت إرادته فوق إرادة العدو، الذي حصن خط بارليف وجعل اقتحامه مستحيلاً حتي بقنبلة ذرية.
7
هل يعرف شبابنا هذه البطولات، هل سمعوا عنها.. هل سمعوا عن الطيارين الشبان العظماء الذين اقتحموا القناة بثلاثمائة طائرة، وأصابوا المدفعية والطيران الإسرائيلي بالشلل حتي نجح العبور؟
هل يعرفون شيئاً عن "مدافع المياه" التي أذابت خط بارليف وقصة حياة المهندسين الذين اخترعوها وكيف نجحوا في تصنيعها في ألمانيا، بحجة إطفاء حرائق البترول الهائلة؟
هل يعرفون شيئاً عن صائد الدبابات "عبدالعاطي" و"محمد" الذي رفع أول علم فوق سيناء، وبقية أبطال الصاعقة الذين تم إنزالهم خلف خطوط العدو؟
8
هل يعرف شبابنا شيئاً عن خطة الخداع الاستراتيجي التي ضللت العدو فتصور أن الحرب مستحيلة، ولم يتخيل أن هناك حرباً رغم أن قواتنا كانت تعبر القناة بالفعل؟
هل يعرفون شيئاً عن أعظم خطة في التاريخ لإتلاف خزانات النابالم الرهيبة التي كان من الممكن أن تحوّل القناة إلي بحيرة من جهنم، إذا حاولت القوات المصرية عبورها؟
هل يعرفون شيئاً عن الثغرة، بعد تسلل القوات الإسرائيلية إلي الضفة الغربية للقناة، وكيف دخل العدو المصيدة بعد أن خطط لإدخال الجيش الثالث المصري في المصيدة؟
9
عشرات القصص والبطولات والأعمال العظيمة التي تصلح لأعمال سينمائية ومسلسلات تليفزيونية، توقظ في شبابنا النخوة والبطولة والكرامة والكبرياء.
كيف يحبون بلدهم بينما الأفلام والمسلسلات والبرامج عندنا سخرت نفسها للهدم والتشكيك واغتيال القيم وإطفاء كل شيء في حياتنا.
بالله عليكم.. ألم تكن هذه الذكري العظيمة تستحق مسلسلاً رمضانياً واحداً، مسلسلاً إنسانياً، تاريخياً، بطولياً.. بدلاً من الملايين التي تم إهدارها في مسلسلات التفاهة؟
E-Mail : [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.