فى غيبة تامة منذ عشرات السنين للمجتمع العربى والإسلامى والدولى يتعرض المسجد الأقصى لعمليات ممنهجة من التخريب، حيث تقوم قوات الاحتلال بعمليات حفر عميقة أسفل الأقصى المبارك. منذ عدة أيام شاهدنا على وسائل الإعلام رئيس وزراء الكيان المحتل وهو يتجول فى أحد الأنفاق أسفل المسجد الأقصى، هذا المشهد أراه بمثابة طعنة فى قلب الوطن العربى، وفى قلب كل غيور على مقدساته الدينية فى مدينة القدس العتيقة. الحفريات أسفل المسجد الأقصى ليست جديدة، وهى مجموعة من الحفريات التى تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلى حول وتحت المسجد منذ سنوات طويلة، بدأت أولى مراحلها بعد حرب 1967 حيث تم هدم حى المغاربة الملاصق لحائط البراق فى الجهة الغربية من المسجد الأقصى، وأصبح باب المغاربة مدخلًا لجنود الاحتلال الصهيونى والمستوطنين إلى ساحات المسجد. مصر أمس الأول أعربت عن بالغ إدانتها لاقتحام وزير الأمن القومى الإسرائيلى إيتمار بن غفير وعدد كبير من المستوطنين المتطرفين للمسجد الأقصى فى استمرار للممارسات التصعيدية الإسرائيلية، وحذرت من تداعيات تلك التصرفات الاستفزازية التى تمس معتقدات ومشاعر مئات الملايين من المسلمين حول العالم وضرورة إقامة الدولة الفلسطينية على خطوط 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدسالشرقية. فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف قال منذ عدة أيام عن أولى القبلتين ومسرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن من ينكر مكانة الأقصى جاهل بالتاريخ ومروج للخرافات ومنكر للحقيقة، وأن الأزهر منذ عام 1919 وأعوام 1929 و1936 و1967، إلى يومنا هذا يدافع عن القضية الفلسطينية بصفة عامة وعن قدسية المسجد الأقصى بصفة خاصة، والأزهر الشريف والكلام على لسان فضيلة الإمام الأكبر، يواكب القضية الفلسطينية بمؤتمراته وعلمائه ومؤلفاته، ولدينا مؤلفات عن القدس منها ما هو مطبوع ومنها ما هو مخطوط. شيخ الأزهر إمام المسلمين أكد على أهمية وجود مقرر عن القدس فى المرحلة الابتدائية، والإعدادية، والثانوية، بالإضافة إلى المرحلة الجامعية.. إلى هنا انتهى حديث الدكتور الطيب عن المسجد الأقصى. ومن هذا المنطلق نحيى فضيلة الإمام الأكبر على رؤية الأزهر بضرورة وضع مناهج تعليمية متكاملة، توضح للشباب المسلمين والعرب الأهمية البالغة لتاريخ بيت المقدس ومدينة القدسالشرقية. أما بخصوص الحفريات التى تقوم بها جماعة «أمناء الهيكل» تحت المسجد الأقصى فأصبحت تمثل انتهاكًا سافرًا للقانون الدولى، واعتداءً على أحد المقدسات الإسلامية، وقد شاهدنا ذلك من خلال فيديوهات توثق الأنفاق الكبيرة التى ظهر من خلالها رئيس وزراء الكيان المحتل، وهو يتفاخر بالحديث من تحت أنفاق بيت المقدس، وهذه الحفريات بدأت منذ عام 1967 تحت البيوت والمدارس والمساجد العربية بحجة البحث عن هيكل سليمان، ثم امتدت عام 1968 لتصل تحت ساحات المسجد الأقصى، فحُفر نفق عميق وطويل تحت المسجد وأنشئ داخله كنيس يهودى، ولاقت هذه الحفريات استنكارًا دوليًا واسع النطاق وقتها، وتأتى أخطر الحفريات التى قام بها الاحتلال عام 2016 حيث افتتحت بحضور وزيرة الثقافة الإسرائيلية ميرى ريجيف ورئيس البلدية الإسرائيلية فى القدس نير بركا، حيث امتد من عين سلوان جنوبًا، إلى الزاوية الجنوبية الغربية من المسجد الأقصى، ولم تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى، سواء عن طريق الحفريات التى تهدده أو الاقتحامات التى تتم بشكل متكرر من جانب يهود متطرفين وآخرها هذا النفق الضخم الذى ظهر منه رئيس وزراء الكيان الغاصب منذ عدة أيام. الدولة المصرية والقيادة السياسية تعتبر القضية الفلسطينية بصفة عامة، وقضية الاعتداء على الشعب الفلسطينى والمسجد الأقصى بصفة خاصة وما حدث فى غزة، قضية محورية لا يمكن أبدًا التهاون فى هذه الحقوق والسكوت عليها، وقد شاهد الجميع ما قامت به الدولة المصرية بعد أحداث 7 أكتوبر 2023 وحتى الآن. ما تقوم به إسرائيل أسفل المسجد الأقصى، لن يمر مرور الكرام وسيأتى اليوم الذى تنهض فيه الأمة العربية والإسلامية لنجدة بيت المقدس من دنس اليهود. التحديات الكبرى التى تواجهنا فى مصر، تستوجب من الجميع ضرورة العمل والإنتاج والاستمرار فى إتمام ما بدأته دولة 30يونيو التى أنقذت مصر، وهذا الشعب من مخطط كبير يهدف إلى القضاء على آخر دولة فى المنطقة، تقف ضد المحاولات الرامية إلى تقسيم الوطن العربى، والتوسع لصالح قوى الشر والطغيان، والقضاء على القضية الفلسطينية، وبالتالى استيلاء إسرائيل على المسجد الأقصى وتغيير طابعه وتزوير تاريخ المدينة المقدسة. تحيا مصر.