إن المتابع للصراع العربي الإسرائيلي بشكل عام، والصراع الفلسطيني الصهيوني علي وجه الخصوص يجد أن هناك مؤامرةً كبيرةً على ذاكرة الشعوب العربية لمحو القضية الفلسطينية من عقول العرب والمسلمين فمحور الصراع مع الصهاينة يتمثل في اغتصاب الأرض المباركة "أرض فلسطين" منذ أن أعلن الصهاينة إنشاء " دولة إسرائيل " في 14 مايو 1948 وقيام الصهاينة باحتلال غربي القدس وطردوا خلالها سكانها العرب منها. ولم تكتفِ اسرائيل بهذا بل استمر التنكيل والطرد في مدينة القدس حتى عام 1967 لتحتل الجزء الشرقي المتبقي من القدس. فمنذ عام 1948 م تبنت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة سياسة تهويد القدس بسلسلة إجراءات واعتداءات على أهل المدينة، وعلى الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، حتى لم تبقَ حارة أو زاوية في القدس إلا وتعرضت للحفريات، وإذا اكتشفت آثار إسلامية تلقى الإهمال والضياع وحتى التدمير ولا توثق. وإن أهم الانتهاكات والاعتداءات علي القدس هي الشروع في تنفيذ مخططات الحفريات تحت أساسات البلدة القديمة والأماكن المقدسة بذريعة الكشف عن التاريخ اليهودي وهيكل سليمان، ولكن الهدف الحقيقي لهذه الحفريات تصديع هذه المعالم والتسبب بانهيارها. إن الفكر الصهيوني والأيدلوجية الصهيونية منذ تبلورهما تهدف باتجاه واحد هو النفي الكامل للشعب الفلسطيني وترحيله واستبداله باليهود من مختلف أنحاء العالم، وكانت الخطة ترتكز على الاستيلاء على أكبر مساحات ممكنة من الأراضي الفلسطينية، وإجبار السكان الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم وبيوتهم بمختلف الطرق والوسائل، ثم دفع الهجرة اليهودية إلى أرض فلسطين، وهذا النهج الإسرائيلي أدى بدوره إلى برنامج عمل يومي ينحو باتجاه إعادة تكوين المدينة وتشكيلها من جديد وإعادة صياغة التركيبة والخريطة السكانية الديموغرافية له. وست إسرائيل إلى تحقيق وجود يهودي دائم ومباشر في المسجد الأقصى ومحيطه وتحويل الهوية العربية الاسلامية للقدس الي هوية يهودية، حيث " ركز الصهاينة على تهويد مدينة القدس، فسيطروا على 86% منها، وملؤها بالمهاجرين اليهود. وبلغ عدد سكان اليهود نحو 515 ألف مقابل حوالي 300 ألف فلسطيني في شرق القدس وغربها مطلع سنة 2013. وفي منطقة شرقي القدس حيث المسجد الأقصى أسكنوا نحو 200 ألف يهودي، وأحاطوها بسوار من المستوطنات اليهودية يعزلها عن محيطها العربي الإسلامي، وأعلنوا أن القدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني، واهتم اليهود الصهاينة بالسيطرة على المسجد الأقصى، فصادروا الحائط الغربي للمسجد الأقصى (حائط البراق)، ودمروا حيّ المغاربة المجاور له، وصادروا أرضه، وأنهوا حتى الآن عشر مراحل من الحفريات تحت المسجد الأقصى وفي محيطه، وهناك 17 حفرية ونفقاً مكتملاً، و30 حفرية ونفقاً تحت الإنجاز، بشكل يهدد بانهيار المسجد في أي لحظة. وتَشكَّل نحو 25 تنظيماً إرهابياً يهودياً صهيونياً يهدف إلى تدمير الأقصى وإقامة الهيكل اليهودي مكانه، وقام الصهاينة بعشرات الاعتداءات على المسجد الأقصى خصوصاً بعد اتفاق أوسلو 1993، وكان أشهر الاعتداءات إحراق المسجد الأقصى في 21 أغسطس 1969 وفي المقابل عند النظر في موقف الدول الإسلامية والعربية من سياسة التهويد والتنكيل بالقدس، حيث اعتبر المسلمون أن القدس أرض عربية إسلامية غير قابلة للتنازل، وطالب العالم الإسلامي بتحرير قبلة المسلمين الأولى وحماية المقدسات الإسلامية، حيث أن مؤتمرات القمم الإسلامية كلها نصت على رفض الاحتلال والسيطرة الإسرائيلية على مقدسات المسلمين وأكدت الأمة العربية بكاملها رفضها التام للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عامة وللقدس خاصة، إلا أن الموقف الرسمي العربي غالباً ما يكتفي بالشجب واستنكار الممارسات والاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الإسلامية في القدس دون القيام بإجراء فعال لوقف تلك الاعتداءات، وقد أكدت جامعة دول العربية على أنها لن تعترف تحت أي ظرف من الظروف بشرعية. الاحتلال والإجراءات التي تتخذها إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال، والتي ترمي إلى تغيير الوضع القانوني أو الشكل الجغرافي أو التركيب السكاني لمدينة القدس، ورفض سياسة التهويد ودعت الجامعة العربية كافة دول العالم إلى التحرك لوقف الممارسات الإسرائيلية ضد المقدسات الإسلامية والإسراع في التوصل إلى حل لقضية القدس من خلال المفاوضات.