بقلم د. رفعت سيد أحمد * لعل أخطر ما ينم عنه حادث باب المغاربة وما صاحبه من ضجة إعلامية وسياسية هو أن المخطط الصهيونى لتهويد المدينة قائم وأن الضجيج العربى والإسلامى بلا وزن أو تأثير ، وأن العراك الوطنى الفلسطينى الداخلى بين (فتح وحماس) الذى وفر للعدو الفرصة كى يمارس تهويده ، فلقد انشغل المقاومون بالصراع حول تشكيل الحكومة رغم أنها حكومة تحت الاحتلال ، وانشغلوا بالكلام الفارغ عن توزيع المقاعد الوزارية رغم أن منافذ الوطن ومقدساته لاتزال محتلة ولم يحاولوا أن يحرروه أولاً ثم يتصارعوا عليه بعد ذلك . ان خطورة ما تم فى باب المغاربة أنه أثبت أن امكانات هدم الأقصى واردة وأن إسرائيل قاست ردود الفعل العربية ووجدتها ضعيفة ولذلك ستستمر فى حفرياتها إلى أن يسقط الأقصى ويعنى ذلك الهيكل المزعوم !! . * ترى وبهذه المناسبة هل فى التاريخ المعاصر ما يشئ بهذه الحقيقة ، حقيقة التهويد ، تعالوا نبحث ونحذر فى آن واحد . بداية يحدثنا التاريخ أن مساحة مدينة القدس عام 1847 كانت حوالى 59 كيلو متراً مربعاً ، ومساحة القسم الغربى 53 كيلو متراً مربعاً ، ومساحة القسم الشرقى 6.5 كيلو متر مربع بما فيها المدينة القديمة التى تبلغ مساحتها (كيلو متراً مربعاً واحداً) وكانت حدود المدينة من الشرق قرية أبو ديس ومن الغرب عين كامل ومن الشمال شعفاط ومن الجنوب بيت لحم وكانت أراضى القرية المحيطة بالقدس والمتاخمة لخطوط حدود البلدية تعتبر جزءاً من المحيط الاجتماعى والاقتصادى للمدينة ، وليست جزءاً من جغرافيا المدينة ، وكانت فى القسم الغربى كل من دير ياسين ولفتا وعين كارم والمالح وروميما والشيخ بدر وخلة الطرحة ، وفى القسم الشرقى قرى العيزرية وأبو ديس وشعفاط وبيت حينينا. وعلى أثر الحرب العربية – الاسرائيلية الأولى ونكبة الشعب الفلسطينى عام 1948 تشكلت خطوط عسكرية أولى ثم خطوط هدنة مؤقتة (وقف اطلاق النار) تفصل بين قسمى المدينة وتشكل بينهما " مناطق حرام " وأشرفت عليها هيئة الأمم ، وقوات الطوارىء الدولية ، ووافق الجانب العربى (الأردن) على مرور قافلة كل أسبوعين عبر القسم الشرقى من المدينة ، والذى أصبح يعرف باسم " القدسالشرقية " الى بناية الجامعة العبرية على جبل سكوبس ،لتزويدها باحتياجاتها من أدوات وأجهزة واداريين. وعلى أثر حرب حزيران 1967 ، واحتلال القوات الاسرائيلية للضفة الغربية وقطاع غزة ، أعلنت الحكومة الاسرائيلية عن مصادرة أراض فى الضفة الغربية ، متاخمة لحدود القسم الشرقى من مدينة القدس ، وأعلنت ضمها لمناطق بلدية القدس ، وفرض القانون الاسرائيلى عليها ، وكانت خلال ست مراحل على النحو التالى : 1 – يونيو / حزيران 1967 : 12 دونما داخل أسوار المدينة (الحى اليهودى). 2 – يناير / كانون الثانى 1968 : 4000 دونم فى الشيخ جراح ، شعفاط ، لفتا ، العيسوية. 3 - يناير / كانون الثانى 1970 : 14000 دونم فى المالحة ، صور باهر ، بيت جالا ، لفتا ، شعفاط. 4 – 1980 : 4500 دونما فى بيت حنينا وحزما. 5 – 1991 : 2000 دونم فى أم طوبا ، صور باهر ، بيت صفاقا ، بيت لحم ، بيت جالا. 6 – 1996 : 6000 دونم جنوبالقدس ، جبل أبو غنيم ، بيت لحم ، وبيت جالا. أى ما مجموعه 30 ألف دونم أى 24.5% مصادرة ، وعلى رغم ان القسم الشرقى من المدينة ، ونتيجة ضم أراضى من الضفة الغربية اليه ، أصبحت مساحته حوالى 71 كيلو متراً مربعاً ، الا ان سياسة تهويد المدينة تمثلت فى سلسلة من قرارات المصادرة الاسرائيلية وخطط التنظيم البلدى التى قيدت واقع ومستقبل هذه المساحة الى النحو الآتى : [ 34% أراضى مصادرة – 40% مناطق خضراء – 7% أراضى غير مستعملة – 6% أبنية تحتية وشوارع – 3% أراض مجمدة ]. ما مجموعه 90% من أراضى القدسالشرقية (المؤسسة منذ 67 – 97) مقيدة بفعل القرار الاسرائيلى وما تبقى 10% فقط تحت تصرف الأيدى العربية وتقدر مساحته حوالى 9400 دونم فقط ، وفيما يتعلق بالسكان ، فقد كان عدد سكان القدس قبل عام 1967 (195 ألف نسمة) فى القسم الغربى و75 ألف نسمة فى القسم الشرقى من المدينة المقسمة . وحرصت اسرائيل على المحافظة على النسبة 72% يهود و28% فلسطينيين حتى مطلع التسعينات ، حيث أصبح السكان اليهود 330 ألف نسمة فى القسم الغربى الى 160 ألف مستوطن فى 28 مستوطنة فى القسم الشرقى أى ما مجموعه 490 ألف يهودى مقابل 210 ألف مواطن فلسطينى فى القسم الشرقى بالاضافة الى 50 ألف مقدسى يقيمون خارج حدود البلدية الحالية أى ما مجموعه 260 ألف نسمة اذ تغيرت النسبة التقليدية الى ارتفاع عدد المواطنين الفلسطينيين مقابل اليهود فى المدينة 67% لليهود مقابل 33% مواطن فلسطينى أما فى القسم الغربى من المدينة ، فلابد من التذكير المستمر بأن حوالى 80 ألف مقدسى أجبروا على النزوح ومغادرة القدس العربية عام 1948 ، واشتملت الممتلكات من أراض وعقارات على 40% ممتلكات فردية فلسطينية و34% ممتلكات للأوقاف الاسلامية ، والكنائس المسيحية والمبانى الحكومية ، و26% ممتلكات يهودية ، واستمرت السياسة الاسرائيلية فى منع أى فلسطينى من الاقامة فى القدسالغربية من عام 1948 وحتى يومنا هذا. ******* قام الصهاينة بسلسلة من الحفريات والاعتداءات على المدينة المقدسة ومسجدها العريق (المسجد الأقصى) تمثل في مجملها اعتداءً صارخاً على هوية المدينة ومستقبلها،وسنجل في هذا الصدد ما يلى : ** هدم اليهود حى المغاربة نهائياً بعد حرب 1967 مباشرة ، وقد استمرت هذه الحفريات سنة كاملة ووصل عمقها الى 14 متراً. ** حريق المسجد الأقصى عام 1969 : وجرت الحفريات على امتداد 80 متراً حول السور. ** ما بين 1970 – 1972 : بدأ شق الأنفاق تحت المسجد الأقصى. ** 1973 : اقتربت الحفريات من الجدار الغربى للمسجد الأقصى. ** 1974 : توسعت الحفريات تحت الجدار الغربى. ** 1975 – 1976 : أزال اليهود مقبرة للمسلمين تضم رفات الصحابيين عبادة بن الصامت وشداد بن أوس (رضى الله عنهما). ** 1977 : وصلت الحفريات الى تحت مسجد النساء داخل المسجد الأقصى. ** حفريات جديدة قرب حائط البراق ، وتم شق نفق واسع طويل. ** 1986 : الحفريات تنتشر في كل مكان وتم إجلاء أعداد كبيرة من السكان من القدس القديمة. ** المرحلة الأخيرة والخطيرة تستهدف تفريغ الأتربة والصخور من تحت المسجد الأقصى ومسجد الصخرة وتعريضهما للانهيار ، وهى التى بدأت منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 وحتى اليوم مستغلة غطاء التسوية البائس. ** 24/9/1996 : سلطات الاحتلال تعيد فتح النفق الخطير عشية ما يسمى بعيد الغفران اليهودى. ** 28 سبتمبر 2000 : شارون يدنس حرمة المسجد الأقصى بزيارة استفزازية مما يترتب عليه انتفاضة الأقصى المباركة ، انتفاضة شعب فلسطين التى لازالت مستمرة بوسائل أخرى. أمام هذه الحقائق .. ما العمل .. سؤال نوجهه للأخوة المتصارعين فى غزة والضفة ، كفوا قليلاً عن صراعاتكم فالمقدسات تضيع ، وسط تقاسم صغير على سلطة لاتزال أرضها وسماؤها محتلة . E – mail : yafafr @ hotmail . com