يسألونك عن القدس هي أولي القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بعد مكةوالمدينة، مسرح النبوات وزهرة المدائن، وموضع أنظار البشر منذ أقدم العصور، وأم الحضارات وأرض الانبياء، محضن المسجد الاقصي، وأرض الاسراء وبوابة الارض الي السماء، وأرض المحشر والمنشر. فعند النظر في الصراع العربي الاسرائيلي بشكل عام وفي الصراع الفلسطيني الصهيوني علي وجه الخصوص آفضل آن هناك مؤامرة كبيره علي ذاكرة الشعوب العربية لمحو القضية الفلسطينية من عقول العرب والمسلمين. فمحور الصراع مع الصهاينة يتمثل في اغتصاب الارض المباركة 'أرض فلسطين' منذ أن أعلن الصهاينة إنشاء 'دولة إسرائيل' في 14/5/1948 م و قيام الصهاينة باحتلال غربي القدس وطردوا سكانها العرب منها، وحيث استمر التنكيل والطرد في القدس حتي عام 1967 م لتحتل اسرائيل ايضا الجزء الشرقي المتبقي من القدس. فمنذ عام 1948 م تبنت الحكومات الإسرائيلية السياسة المتعاقبة تهويد القدس بسلسلة إجراءات واعتداءات علي أهل المدينة، وعلي الأماكن المقدسة إسلامية ومسيحية، حتي لم تبق حارة او زاوية في القدس الا وتعرضت للحفريات، فاذا اكتشفت آثار إسلامية تلقي الإهمال والضياع وحتي التدمير ولا توثق. وكان أهم الانتهاكات والاعتداءات و أخطرها الشروع في تنفيذ مخططات الحفريات تحت أساسات البلدة القديمة والأماكن المقدسة بذريعة الكشف عن التاريخ اليهودي وهيكل سليمان، ولكن الهدف الحقيقي لهذه الحفريات تصديع هذه المعالم والتسبب بانهيارها. ان الفكر الصهيوني والايدلوجية الصهيونية منذ تبلورهما تهدف باتجاه واحد هو النفي الكامل للشعب الفلسطيني وترحيله واستبداله باليهود من مختلف أنحاء العالم، وكانت الخطة ترتكز علي الاستيلاء علي أكبر مساحات ممكنة من الأراضي الفلسطينية. وإجبار السكان الفلسطينيين علي مغادرة أراضيهم وبيوتهم بمختلف الطرق والوسائل، ثم دفع الهجرة اليهودية إلي أرض فلسطين. وهذا النهج الإسرائيلي أدي بدوره إلي برنامج عمل يومي ينحو باتجاه إعادة تكوين المدينة وتشكيلها من جديد وإعادة صياغة التركيبة والخريطة السكانية الديموغرافية لها. فإن اسرائيل سعت وتسعي الي تحقيق وجود يهودي دائم ومباشر في المسجد الاقصي ومحيطه وتحويل الهوية العربية الاسلامية للقدس الي هوية يهودية. وفي المقابل عند النظر في موقف الدول الإسلامية والعربية من سياسة التهويد والتنكيل بالقدس، حيث اعتبر المسلمون أن القدس أرض عربية إسلامية غير قابلة للتنازل، وطالب العالم الإسلامي بتحرير قبلة المسلمين الأولي وحماية المقدسات الإسلامية، حيث أن مؤتمرات القمم الإسلامية كلها نصت علي رفض الاحتلال والسيطرة الإسرائيلية علي مقدسات المسلمين. كما و أكدت الأمة العربية بكاملها رفضها التام للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عامة وللقدس خاصة. إلا أن الموقف الرسمي العربي غالبا ما يكتفي بالشجب واستنكار الممارسات والاعتداءات الإسرائيلية علي المقدسات الإسلامية في القدس دون القيام بإجراء فعال لوقف تلك الاعتداءات، وقد أكدت جامعة دول العربية علي أنها لن تعترف تحت أي ظرف من الظروف بشرعية الاحتلال والإجراءات التي تتخذها إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال، والتي ترمي إلي تغيير الوضع القانوني أو الشكل الجغرافي أو التركيب السكاني لمدينة القدس، ورفض سياسة التهويد. ودعت الجامعة العربية كافة دول العالم إلي التحرك لوقف الممارسات الإسرائيلية ضد المقدسات الإسلامية والإسراع في التوصل إلي حل لقضية القدس من خلال المفاوضات. ولكنني اريد في نهاية مقالي ان أعقب علي الوسيلة التي اقترحتها ودعت إليها الجامعة العربية لحل قضية القدس وهي 'وسيلة المفاوضات' وبكل أسف الجامعة العربية اقتصرت في طريقة حل القضية علي المفاوضات التي تعتبر حصان خاسر بكل المقاييس وفي كل الجوالات والمراحل لأنها غير مجديه في مواجهة الهمجية الصهيونية الاسرائيلية، وأعتقد ان الجامعة العربية تأخذ وسيلة ضعيفة للحل ولم تمتلك زمام القوة في أي موقف عبر مراحل التهويد التي شهدتها القدس، فكان من الأجدر استخدام وسائل البرنامج المفضل أكثر قوه لثني ومنع اسرائيل من تهويد القدس أبرزها المقاطعة السياسية والاقتصادية وإنهاء عملية التطبيع التي مارستها اسرائيل مع معظم الدول العربية وبالإضافة لدعم المقاومة الفلسطينية في مجابهة ومواجهة العدو الصهيوني.