تزامن إصدار كتاب "الخوف" للصحفي الأمريكي بيتر جودوين، مع الاحتفال باليوم العالمي لإفريقيا، لكن جودوين الذي نشأ وترعرع في زيمبابوي، التي يحكمها روبرت موجابي منذ أكثر من ثلاثين عاما، يعلم أنها ليست مجرد بلد إفريقي آخر متخلف، وقد اختار أن يسافر إلي هناك رغم المخاطر ليكتب كتابه "الخوف"، الذي يوثق لكل من جرائم موجابي، وكفاح الشعب الزيمبابوي من أجل الديمقراطية. في كتابه يعطي جودوين لقراءه نصيبا قاسيا من الخوف الذي يعيشه أهل زيمبابوي، والذي تسبب فيه نظام حكم الرئيس موجابي خلال العقود الثلاثة التي قضاها في مكانه، يمارس سياسات هبطت باقتصاد البلاد، والأكثر من ذلك أن لاذ أكثر أبناء الطبقة الوسطي بالفرار من البلاد، هربا من الجحيم، ناهيك عن حالات الإصابة بالإيدز التي انفجرت في البلاد، والنقص الشديد في الأدوية والمساعدات الطبية. كانت الآمال قد تعالت خلال الأسابيع التي سبقت الانتخابات الرئاسية في يونيو من عام 2008، في أن تكون أيام الرئيس الزيمبابوي معدودة، في وجود معارض مهم مثل زعيم المعارضة تسفانجيراي، إلا أن أنصاره كانوا يتعرضون لهجوم عنيف، لذا أعلن السيد تسفانجيراي انسحابه من الانتخابات كمرشح للرئاسة، معللا ذلك بقوله: لا يمكن أن نقول للناس أخرجوا للتصويت إذا كان خروجهم سيكلفهم حياتهم. مع انتهاء الانتخابات تم تأليف ما أطلق عليه حكومة تقاسم السلطة، و ظل موجابي راسخا، ومسيطرا، وواصل قمعه للآراء المعارضة، حتي أنه ألقي القبض علي ربع معارضيه في البرلمان بحسب ما أعلنته حركة محامون من أجل التغيير الديمقراطي وحقوق الإنسان، وبالرغم من بلوغه سن ال 87، فقد أعلن مؤخرا نيته في الترشح لولاية رئاسية جديدة، ما أدي إلي تصاعد حدة أعمال العنف والقتل في البلاد. في كتاب "الخوف" يسجل جودوين تفاصيل لفظائع نظام حكم الرئيس موجابي المروعة، بداية من الإبادة الجماعية للجماعات السياسية المعارضة له، مرورا بالقتل والاغتصاب والتعذيب، خلال انتخابات 2008. جودوين الذي تربي في زيمبابوي، سافر لها من أجل كتابة هذا الكتاب، رغم ما أحاطه من أخطار في رحلته، إذ إن نظام موجابي يحظر الصحفيين الغربيين، كما أنه كان قد أعلن جودوين عدوا للدولة من قبل، واتهموه بالتجسس، ولكنه دخل إلي البلاد واستغل معرفته بها لكتابة كتابه الذي يعد وثيقة الآن علي ما يحدث هناك. وينقل جودوين شهادة المواطنين الذين عملوا في حركة التغيير الديمقراطي، يقول فيها: تم اختطافي علي أيدي لصوص أعتقد أنهم من وكالة موجابي للتجسس، وقاموا بجلدي بالسياط المصنوعة من المطاط علي وجهي، وجسدي، وقاموا بتجريدي من ملابسي، وسحلي في الشارع علي هذه الهيئة، ثم قاموا بقيادة سيارة مسرعة ومروا بها مرتين علي قدمي. أما السيد دنيس دومبو، وهو مزارع انضم لحركة الديمقراطية في البلاد، فقد حرق موجابي منزله، ثم عرضه بعد ذلك لاعتداء بالعصي الحديدية والحجارة، والعصي الثقيلة، ما أدي إلي تحطيم ذراعه وساقه، وتحطيم عدة أضلع له، كما قتلوا ماشيته وسرقوا أدوات الزراعة التي كان يستخدمها، ولم يعثر بعد علي زوجته وأولاده.