صدر حديثا عن دار كنوز للنشر بالقاهرة كتاب جديد يفتح نافذة مختلفة لفهم إسرائيل وما يدور في عوالمها غير المرئية، يحمل عنوان "إسرائيل… السحر، الدين، الدم" للباحث والأكاديمي المعروف الدكتور محمد عبود، أحد أبرز المتخصصين في الشؤون الإسرائيلية، والذي كرس أكثر من ربع قرن لدراسة المجتمع الإسرائيلي ونصوصه الدينية وتاريخه السياسي. الكتاب يعد القراء برحلة فريدة داخل البنية العميقة للعقل الإسرائيلي، حيث تتقاطع الأساطير التوراتية مع حسابات الأمن والسياسة الحديثة، وتتحول طقوس الحروف العبرية والرموز الدينية إلى أدوات تُحرك قرارات الجيش والحكومة وتوجه صراعات الدولة العبرية في المنطقة. ويقدم عبود مادته بأسلوب قصصي شيق دون أن يتخلى عن دقة الباحث وصرامة التوثيق. فهو يشرح كيف خرجت العلوم الباطنية اليهودية "القبالاه" من خزائن الحاخامات الكبار وأصبحت اليوم مادة متداولة على المواقع والمنصات الرقمية، يستخدمها بعض رجال الدين بالمشاركة مع السياسيين في "دبلوماسية الغيبيات"، وفي ترويج مزاعمهم بامتلاك "قوى غيبية" تؤثر في مصائر الناس وكبار رجال السياسة في العالم على السواء. ويؤكد المؤلف أن فهم إسرائيل لا يكتمل دون الغوص في تلك العقائد الخفية التي تربط بين الدين والحرب، وتمنح الصراع في فلسطين بُعده الروحي والدموي معا، إذ تتحول النصوص القديمة إلى مصدر إلهام لقرارات عسكرية وسياسية راهنة. ينقسم الكتاب إلى ثلاثة فصول كبرى، تشكل معا لوحة تحليلية شاملة لإسرائيل اليوم: الفصل الأول: مملكة القبالاه.. أسرار السحر والظلام يرصد جذور الحروف العبرية المقدسة، والتعويذات القديمة، وحكايات الشياطين والجن في التراث الديني اليهودي من مصادره العبرية القديمة والتراثية، ويتناول قصصا غير مسبوقة عن حاخامات زعموا استخدام السحر للتأثير في قادة سياسيين بارزين بدءا من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ومرورا بسياسيين راحلين ومعاصرين.
الفصل الثاني: الدين.. دماء على صفحات التوراة يكشف تحوُّل الدولة العبرية منذ 1967 إلى كيان تتحكم فيه المرجعيات الدينية، وكيف أصبحت النصوص الحاخامية تملي شكل المجتمع والعلاقات والقرار السياسي. الفصل الثالث: السابع من أكتوبر.. بحور الدم يتناول أسرار ليلة السابع من أكتوبر، وكيف فشلت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في قراءة مؤشرات العملية التي تراكمت أمام أعينها. ويرصد تأثيرات عملية السابع من أكتوبر وتداعياتها على المجتمع الإسرائيلي، وكيف تمدد التطرف الديني داخل الجيش والحكومة، وطفا الفساد والخلاف السياسي إلى السطح، مع صعود قادة اليمين المتشدد الذين يعتمدون "لغة الدم" بدلا من لغة السياسة. جاءت كلمة الغلاف معبرة عن محتوى الكتاب، إذ تقول دار النشر: "هذا الكتاب يزيل القناع العلماني الذي تتخفى وراءه إسرائيل، لينفذ إلى قلبها النابض بالميتافيزيقا: حيث يمتزج السحر بالدين بالدم، ويتحوّل اللاهوت إلى قرارات عسكرية، والسياسة إلى تنفيذٍ لرؤى عقائدية خفية". يذكر أن المؤلف د. محمد عبود باحث أكاديمي ومترجم وخبير في الشؤون الإسرائيلية. ويعمل مدرسا للغة العبرية والدراسات الإسرائيلية بكلية الآداب جامعة عين شمس، ومدير وحدة اللغات والترجمة بالكلية. ويرتبط اسمه بترجمة أبرز الوثائق الإسرائيلية المتعلقة بانتصار مصر في حرب أكتوبر ضمن أعمال لجنة أجرانات. وله إسهامات بحثية ونقدية وأدبية متخصصة، منها كتاب "التمرد على الصهيونية في الأدب الإسرائيلي المعاصر". ويظهر بانتظام في القنوات المصرية والعربية محللًا للشأن الإسرائيلي ومفككا لأدواته السياسية والعسكرية والإعلامية.