في عام 2009 عُرِض فيديو مدته 4 دقائق و36 ثانية علي موقع »هشَيم» الإسرائيلي المتشدد، وهو اسم يُطلق علي الإله في العهد القديم لتعظيمه وإجلاله، وفيه أقر الحاخام بنياهو شموئيلي - وكان آنذاك رئيساً للأكاديمية التلمودية العليا لتدريس التلمود وتخريج الحاخامات بالقدسالمحتلة - بمسؤولية 3 حاخامات عن تصفية الرئيس المصري جمال عبد الناصر عام 1970، والحاخامات الثلاثة هم إسحق كدوري وشاؤول داود حي معلم ويوسف زاروق، وهم ينتمون لحركة القبالاه المعروفة بإتقان السحر الأسود والشعوذة.. السحرة الثلاثة من أكبر حاخامات القبالاه، استغلوا بقايا الحيوانات لابتكار طرق سحرية كانت موجودة لدي شعوب الشرق الأدني القديم وتعتمد علي قراءة الطالع، وتسخير طاقة الحروف والكلمات، وحساب الجمل والتحكم في حياة الإنسان باستخدام بقايا كائنات حية مثل الكبد والقلب والرئة. يبدأ شريط الفيديو بتقرير عن الرئيس عبد الناصر، وشرح كيف كان سبباً في رعب إسرائيل، نظرا لمواقفه السياسية منذ عام 1956 وحتي وفاته، وعلي اعتبار أن عبد الناصر كان مسؤولا عن تحريك الدبابات العراقية والجنود الجزائريين والسعوديين والكويتيين نحو حدود إسرائيل، كما قام بتسليح جيش تحرير فلسطين بقيادة أحمد الشقيري، ونجح المصريون في عهده في توحيد العالم العربي تجاه إعلان الحرب ضد الدولة العبرية. وبعد أجزاء قصيرة من خطاباته، يعرض الفيديو مشاهد من جنازته والحزن الذي انتشر في الدول العربية بعد وفاته. ويبدأ بعد ذلك الحاخام شموئيلي بإلقاء مواعظ قصيرة علي أتباعه، ليوضح الطريقة التي اغتال بها 3 حاخامات، بقيادة كبير المتصوفين اليهود الحاخام إسحق كدوري الرئيس المصري عبد الناصر، عقابا له علي ما فعله قبل حرب 1967 وبعدها في فترة حرب الاستنزاف، ثم يفصِّل الطريقة التي قتلوا بها عبد الناصر قائلاً: تشاور الحاخامات الثلاثة فيما بينهم لاغتيال عبد الناصر، لكن معلم هو الذي قام بالمهمة الأساسية، فأحضر كبد بهيمة وقلبها ورئتها وقرروا قتل عبد الناصر عقابا له علي الكوارث التي حلّت بإسرائيل نتيجة مواقفه السياسية. استخدموا أسماء الجلالة اليهودية الواردة في مخطوط ديني قديم وبعد مداولات كثيرة، اتفقوا علي كتابة الأسماء القدسية علي الكبد لاستخدامه في قتل عبد الناصر. ويدّعي الحاخام حدوث أمر غير متوقع ويتمثل في هبوط ملائكة من السماء ليهتف أحدهم في أذن الحاخام شاؤول: لا تفعل هذا الأمر، إياك واستخدام أسماء الرب، فقال الحاخام: لن أستخدم الأسماء المقدسة، لكن عليكم أن تقوموا بهذه المهمة، فليمت عبد الناصر. وهو ما جعلهم ينتقمون منه ب 100 مسمار صلب غرسوها بالكامل في قلب الحيوان مرددين بعض التعاويذ والكلمات غير المفهومة، ثم وضع القلب علي النار ثلاثة أيام حتي تفحم!!، وقاموا بعد ذلك بدفنه وأعلنوا وفاة عبد الناصر! يعتمد الإسرائيليون علي السحر والشعوذة في حياتهم بشكل كبير، ولكل شيء ما يؤمن به وفيه يعتقد.. السياسيون يلجأون إليه لمعرفة مصيرهم في المستقبل، ولاعبو الكرة يستخدمونه لتحقيق الفوز في المباريات، أما المتدينون فيقتلون به أعداءهم، وحينما وجدت الحكومة أن الحاخامات يربحون المليارات بعدما حوّلوا المسألة لتجارة، فرضت عليهم الضرائب لتحصل بدورها علي نصيبها من عوائد السحر والشعوذة، كما تعتبر النجمة السداسية التي يتخذها اليهود شعارا لهم من أهم رموز السحر الأسود والشعوذة. فن ورياضة ولا يرتبط الأمر بالسياسة فقط، ففي تصفيات كأس أمم أوروبا» يورو 2016»، وقف لاعب إسرائيلي في الملعب مؤديا حركات السحرة والدجالين بغية منع جاريث بيل نجم ويلز وريال مدريد الإسباني من تسجيل هدف، ولكن ما فعله ذهب أدراج الرياح، إذ خسر الكيان العبري المباراة بهدفين مقابل لاشيء.. نتيجة أهّلت ويلز للنهائيات. ويمكننا ذكر قصة رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الأسبق »داني ياتوم» الذي التقطته الكاميرات وهو يدخل منزل أبرز حاخامات الشعوذة في القدسالمحتلة لمعرفة مستقبله بعد تقاعده من الموساد. وتتنوع تعويذات السحرة، فتعويذة الحمل تلجأ لها السيدة التي تعاني من تكرار الإجهاض، وتعويذة الحب والزواج يطلبها رجل يبحث عن زوجة، أو فتاة تبحث عن زوج، بالإضافة لتعويذة علاج العقم، والبحث عن عمل، وتميمة النجاة من حوادث الطرق، والتخلص من الزوج أو الزوجة، والهروب من التجنيد. ويعتبر السحر والشعوذة من مصادر الدخل القومي في إسرائيل، فقد فرضت ضرائب علي صناعة التعويذات التي يقوم بها الحاخامات نتيجة الأرباح الضخمة التي يحصلون عليها وتقدر بمليار شيكل سنويا، وأجبر الحاخامات في إسرائيل علي دفع غرامات تقدر بملايين من الشواكل بعد اتهامهم بالتهرب الضريبي. وتنتشر علي وسائل التواصل الاجتماعي والتليفزيون إعلانات الحاخامات ممن يقومون بأعمال السحر، فمنهم من هو مختص في مساعدة أعضاء الكنيست والفنانين والمشاهير ورجال الأعمال بخدمتهم في علم القبالاه، ولم يقتصر الأمر علي الرجال فقط بل قامت النساء بتخصيص مقعد لها في هذا المجال فظهرت في الفترة الأخيرة سيدات متخصصات في علم التنجيم والاستشارات وعلوم الطاقة. وتعتبر »القبالاه» من أهم العقائد الدينية في الدولة العبرية وواحدة من أعقد الفلسفات التي تتعمق برموز غامضة وباطنية، ومصطلحات شبه صوفية غير عقلانية تسعي إلي الكشف عن خفايا الخطط الإلهية. ويعتقد الإسرائيليون أن السحر بدأ في زمن موسي عليه السلام. وينتشر السحر والشعوذة بين اليهود الإشكيناز أكثر من الشرقيين، بينما لا يسمح بدراسة القبالاه إلا لرجال الدين اليهود المتدينين ممن يتخطون الأربعين، ويكونون علي استعداد تام لتكريس حياتهم لأعمال السحر الأسود. يقوم حاخامات القبالاه بصنع الأحجبة والأعمال السحرية، وتوزيع التبريكات، ويجلبون الخدام من الجن ويسخرونهم لإيذاء الآخرين، ويزعمون تمكنهم من استحضار قدرة الإله بقراءة ورد معين، ويعتبر الحاخام »بابا باروخ» من أشهر العرّافين في إسرائيل وله شعبية كبيرة في قراءة الحظ وادعاء معرفة الغيب. لم يقتصر الأمر علي المتدينين اليهود، فعدد كبير من العلمانيين ومن مختلف الطبقات يذهبون إليه، وأوضحت القناة العاشرة الإسرائيلية أن معظم زبائنه من النساء اللواتي يبحثن عن الزواج، وما يقرب من 500 ألف مواطن إسرائيلي يذهبون إلي قبر الحاخام شمعون بر يوحاي سنويا، لشراء التمائم للخلاص من المشكلات. أما المشعوذة »باتيا شنيورسو» فهي الأقرب لعائلة رئيس الحكومة الأسبق أرييل شارون، وكانت زوجته تستشيرها في كل ما يخص العائلة. وتشتهر القدس بمتحف »بلدان الكتاب» الشهير بكشف جذور السحر في الديانة اليهودية، ويوجد به بعض الآثار التي لها علاقة بأعمال السحر مثل بعض الأثواب والقمصان المنقوش عليها تعويذات لحفظ الأطفال من الحسد والسحر والشياطين، ويوجد بساط سحري حصلوا عليه من إيران محفور عليه بعض كتابات وتعويذات ورسوم تعلق في المنازل لحفظها من الأرواح الشريرة، بالإضافة للعين الزرقاء والكف.