بالنظر الي تصنيف الكتب التي تمتلئ بها ارفف المكتبات العربية يمكن بسهولة ملاحظة غياب ادب السير الذاتية او ندرته للدقة, فيما تشهد دور النشر الغربية حركة دائبة لاصدار كتب المذكرات والسير الشخصية لنجوم السياسة والاقتصاد والفن والموضة والرياضة كذلك. هذا المذكرات التي يتلقفها المتابعون باعتبارها لاترضي فقط تلك الحاجة الانسانية الملحة للتلصص علي الآخرين, سيما المشاهير منهم, لكن لكونها تكشف من خلال قراءتها عن جوانب من اسرار السياسة والمجتمعات في تلك الطبقات التي تحيطها الاضواء, ويلفها الغموض في الوقت ذاته. لهذا كانت مذكرات وزير الخزانة الامريكي السابق( رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي) آلان جرينسبان من اعلي السير الذاتية مبيعا بعد صدورها عام2007 وسارعت عدة دور نشر حول العالم لترجمتها, لما تكشف عنه من اسرار تتعلق بالعلاقة الوطيدة بين هندسة الاقتصاد الامريكي وسياسة الولاياتالمتحدة الخارجية. ولأسباب قريبة صدرت خلال الاسبوعين الماضيين فقط خمسة كتب للسير الذاتية والمذكرات توزعت بين الولاياتالمتحدة وبريطانيا تتناول سير عدد من الشخصيات الأنفتاحية في مجالات الادب والسياسة بل والموضة والازياء ايضا. فخلال الاسبوعين الماضيين صدرت سيرة لمصممة الازياء العالمية كوكو شانيل التي مازالت حياتها منبعا خصبا لكتاب السينما والرواية في الغرب وهو ماظهر بجلاء في كتاب جوستين بيكارديه( كوكو شانيل الاسطورة والحياةCocoChanel,thelegendandthelife) وكما يتوقع ان يتلقف الناس سيرة كوكو شانيل تنتظر سيرة الممثل المسرحي البريطاني الكبير رون موديRonMoody ذات الاهتمام باعتباره شاهدا علي رحلة طويلة من الفن والسياسة في حي ويست اند وشق طريقه الي هوليود من هذه البقعة الاكثر لمعانا في المملكة المتحدة. والطريف انه اختار لسيرته الذاتية عنوان:( لم اختر لهذه السيرة عنوانا بعد, لكنها ليست سيرة ذاتية بالمعني المفهوم)Astilluntitlednotquiteautobiography هذا العنوان الغريب لم يمتد لسيرة الممثلة المسرحية الامريكية باتي لوبونpattiLupone الا ان هذه السير كلها ربما لاتعادل في اهميتها تلك السيرة التي تتعرض للرئيس الزيمبابوي روبرت موجابي. السيرة المعنونة بالمجرم الناعمSmoothcrimenal( عنوان احدي اغاني مايكل جاكسون الشهيرة) تتناول سيرة السياسي الزيمبابوي بيتر جودوين, الذي يبدأ كتابه باعلان عودته لزيمبابوي ليرقص علي قبر معارضه موجابي. يرصد بيتر جودوين تفاصيل رحلة عودة موجابي الي زيمبابوي بعد ايام قليلة من خسارة حزبه للانتخابات البرلمانية عام2008, لكن موجابي استمر رغم ذلك في الحكم استمر في الحكم بعد توقيعه لاتفاق مع زعيم المعارضة في بلاده يضمن له البقاء في الحكم. وسط اتهامات بقيامه بمحاولات لتزوير الانتخابات الرئاسية. الرئيس المسئول عن مقتل من ثلاثة الي ستة ملايين مواطن زيمبابوي خلال فترة حكمه التي بلغت ثلاثة عقود, يظهره الكتاب بعد عودته كسيرا بعد خسارة حزبه غير المتوقعة للانتخابات ويصور رحلته لاستعادة السيطرة علي السلطة بما تضمنته من حركة اغتيالات واسعة النطاق لابرز معارضيه ليستغل الكاتب بيتر جودوين نجاة بعضهم ليجمع منهم شهاداتهم حول وقائع الاغتيال التي بلغت تأجير مجموعة من المراهقين ليمارسوا القتل والتنكيل لصالح الحزب الحاكم الذي يرأسه موجابي ضد اعضاء الحركة الديمقراطية للتغيير التي تضم القوي السياسية المعارضة لموجابي. هذه الشهادات تمثل قلب الكتاب الذي يشكل سيرة ذاتية غير مرخصة( لم تحظ بموافقة صاحبها علي النشر) لحاكم افريقي لايتردد في استخدام العنف والقتل ضد معارضيه ليضمن لنفسه بقاء مزمنا علي مقعد الحكم