«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوسف القعيد يكتب: لماذا صمت هيكل كل هذه السنين على إعلان مؤامرة اغتيال عبد الناصر؟
نشر في الدستور الأصلي يوم 05 - 03 - 2010


1- الذكرى تنفع الوطنيين
هل تذكرون ما قاله الأستاذ هيكل علي قناة الجزيرة أن الرئيس عبد الناصر قرأ بنفسه خطة التخلص من حياته. وبعدها انهالت التساؤلات: لماذا صمت هيكل كل هذه السنوات ولم يعلن هذا السر الخطير؟ من سألوني وعدتهم بنقل التساؤل إلي الأستاذ. وقبيل اللقاء قال لي خالد عبد الهادي في اتصال تليفوني إن الأستاذ هيكل ذكر هذه الواقعة في كتابه بين الصحافة والسياسة. في الفصل السادس وعنوانه: أسئلة كثيرة وسؤال أكبر. تأخر لقائي مع الأستاذ لوجوده في برقاش. وعندما جاء القاهرة قابلته في لقاء تداخل مع لقاء ثان. كان مع الصديق عبد الله السناوي. رئيس تحرير جريدة العربي الناصري. وفي اللقاء أكد لي الأستاذ دقة الواقعة.
2-عمر من الكتب
وفي مكتبتي الخاصة أكثر من نسخة من كل كتاب من كتب الأستاذ هيكل حتي النادرة منها. ولكني وبسبب حالة «كركبة» وعدم تنظيم في المكتبة. فإنني عندما أحتاج كتاباً جديداً أكتشف أن شراءه من المكتبات ربما كان أسهل. وهكذا قمت برحلة في المكتبات التي أعرفها والتي لا أعرفها. واكتشفت أن كتب هيكل «المفردة» موجودة. ولكن حسب التساهيل، أما كتاب بين الصحافة والسياسة فلا وجود له. والموجود - إن وجد - المؤلفات الكاملة التي صدرت مؤخراً عن دار الشروق. ولا بد من بيعها كلها مرة واحدة. وقد صدر الأستاذ هيكل مؤلفاته تحت عنوان: عمر من الكتب. تحت هذه العبارة: - لا أعرف أهو تحيز رجل لما ألف وعرف. أو أنه حكم في الموضوع. بصرف النظر عن متغيرات العصور. لكني علي شبه اقتناع بأن الكتاب المطبوع علي ورق له العمر الطويل. وأنه الحاضر علي الدوام. مهما اشتد من حوله الزحام. بمعني أن الكلمة المكتوبة علي الورق باقية. والكلمة المسموعة علي الإذاعة والتليفزيون عابرة. والكلمة المكهربة علي الكمبيوتر فوارة. وهي مثل كل فوران متلاشية. أي أن الكلمة المكتوبة علي الورق بناء صلب: حجر أو معدن. وهكذا كل بناء. وأما غيرها فهو صيحة متغيرة. خاطفة ولامعة. وبارقة. وبالنسبة لكاتب - علي الورق وبالحبر - فإن كتابته هي بناء عمره. وهكذا فإن هذه المجموعة في نهاية المطاف: عمر من الكتب! محمد حسنين هيكل
3- بين الصحافة والسياسة
وكتاب بين الصحافة والسياسة له مكانة خاصة عندي. علاوة علي نوعية موضوعة. ففي هذا الكتاب كتب هيكل عن نفسه وحكايته مع الصحافة. ما يمكن أن يرقي لأن يكون ترجمة ذاتية. كتبها بنفسه وبقلمه. ولأن طبعة الشروق لكتب هيكل الكاملة أو عمر هيكل من الكتب تخلو من تاريخ كل كتاب. متي صدرت طبعته الأولي؟ وأين صدرت؟ وهل نشر مسلسلاً في الصحافة؟ أم صدر ككتاب مباشرة؟ لذلك عصرت ذهني وعدت لما تمكنت من العودة إليه من مكتبتي. وسألت خالد عبد الهادي وعرفت تاريخ بين الصحافة والسياسة ككتاب. بين الصحافة والسياسة. صدر ككتاب لأول مرة سنة 1984 أي منذ ستة وعشرين عاماً عن دار المطبوعات لصاحبها تحسين خياط في لبنان. وقبل ذلك كان قد نشر الكتاب مسلسلاً في وقت واحد في كل من القبس الكويتية والخليج الإماراتية والدستور الأردنية والسفير اللبنانية. وصدرت طبعات كثيرة من الكتاب عن دار النشر اللبنانية. ولم يصدر هذا الكتاب في مصر إلا سنة 2004 أي بعد صدوره لأول مرة بعشرين عاماً. ضمن مشروع دار الشروق: عمر من الكتب. وأسميه أنا مؤلفات هيكل غير الكاملة. أما الفصل الخطير الذي كتب فيه هيكل لأول مرة عن محاولة اختيال عبد الناصر ومعرفة عبد الناصر بالمحاولة. فعنوانه في الكتاب: أسئلة كثيرة وسؤال أكبر. ويقع في الصفحات من 326 إلي 330 وحتي نسترجع معاً متعة قراءة هيكل كاتباً نقرأ هذا الفصل الجميل:
4- أسئلة كثيرة وسؤال كبير!
وأغلقت الملف الكبير الذي يضم خطابات علي أمين إلي مصطفي أمين، وتواردت علي خواطري صور، ولا أقول ذكريات. لأن الذكريات شريط سريع منسجم لا تظهر فيه مشاهد بعينها محددة بشخوصها مستقلة عما عداها، وإنما هي حالة تنساب فيها الحركة والمشاهد والملامح، وتتحول إلي رؤي تطوف بالقلب وبالأعصاب أكثر مما تمر أمام العين وقرب الأذن... حالة تتلاشي فيها المادة وتتحول إلي رائحة تعيد في عالم الحواس عبق دنيا بأسرها كانت ثم مضت... الصورة شيئ آخر غير الذكريات. مشاهد بعينها تبقي وكأنما لحظة من الزمان تجمدت فيها، وليس من الضروري أن تكون هناك علاقة بين مشهد وآخر ولا رابطة معينة بالضرورة بين شخص وشخص. انفتحت عدسة فالتقطت كل ما كان من أمامها لمجرد أنه كان هناك. وربما تناقضت الصورة مع الصورة وتصادم المشهد مع المشهد. وليس هذا هو الحال مع الذكريات. ليلتها، تلك الليلة التي سهرت فيها أقرأ خطابات لندن إلي طره، كان ما حولي ينتمي إلي عالم الصور أكثر من عالم الذكريات. ما كل هذا الذي قرأته؟ والذي قرأته ورأيته ولمسته قبله؟ وقبله؟ ماذا يعني هذا كله؟ وما القصد منه؟ وماذا وراءه؟ وماذا بعده؟ وأين الصدق وأين الزيف؟... وأين فيه المتعمد المقصود، وأين العفوي التلقائي؟ ثم اختزلت الأسئلة كلها في سؤال واحد: - هل قرأ «جمال عبد الناصر» هذه الرسائل؟ وماذا كان تعليقه؟ وما الذي استنتجه منها؟ كنت أرجح أنه قرأها كما قرأتها، وربما سبقني في أنه قرأها قبلي في أوانها، فقد كان يقرأ كل شئ في أوانه، وكان له جلد غريب علي المتابعة. هامش: «قلت مرة فيما بعد أن من مشاكل مصر - بين عهدي عبد الناصر والسادات - رئيس كان يقرأ حتي بعض ما لا يستحق القراءة. ثم رئيس بعده لا يقرأ حتي ما لابد له أن يقرأه»، وتذكرت أنه كان في وضع يسمح له أن يري جانبي الطريق بين لندن وطره وبالعكس. كان اختصاصي كوزير للإرشاد أن أتلقي ما هو قادم من لندن. وكان الاختصاص في تلقي ما هو صادر عن طره عائداً إلي مصلحة السجون ووزارة الداخلية، وإن كنت عرفت من بعيد أن مصطفي كان يضيق صدره أحياناً برسائل علي. يكتب له من لندن والريفييرا وإسبانيا، ثم يقول له في نهاية كل خطاب إنه «يحس بقدوم الفجر»، ويصرخ مصطفي في ردوده بأنه لا يري فجراً ولا «هباب»! ولم أعرف ولا سعيت لأعرف أكثر. وكان مكتبي مصب وزارة واحدة. وأما مكتب جمال عبد الناصر فكان مصب كل الوزارات. وإذن فقد كان أمامه أن يري كل شئ إذا كان يريد أن يراه.. ولكن هل رأي؟ ثم ماذا؟ وكيف؟ وهل؟ إلي آخره... أسئلة كثيرة دون إجابة مؤكدة! ثم جاءتني الظروف ذات يوم. فيما بعد. بما تصورته للوهلة الأولي إجابة، ثم راح بمزيد من التفكير يتحول إلي سؤال أكبر من كل الأسئلة! بمحض المصادفات - فيما بعد بسنوات - جاءت إلي مكتبي ورقة لفتت نظري علي الفور لأنها تحمل في أعلاها تأشيرة بخط جمال عبد الناصر، كنت في ذلك الوقت أجمع المواد لكتاب «عبد الناصر والعالم» وأحاول تعقب كل تأشيرة كتبها بيده. كانت الورقة مذكرة بخط السيد سامي شرف تاريخها 3-6-1970، وعليها كتب السيد سامي شرف بخطه ما يلي بالحرف. هامش: صورة المذكرة بخط السيد سامي شرف في الملحق الوثائقي في نهاية هذا الكتاب. وثيقة رقم 28: رئاسة الجمهورية العربية المتحدة سكرتارية الرئيس للمعلومات أفندم هناك بعض الخواطر وردت علي ذهني نتيجة استقراء بعض التحركات والتصريحات في الفترة الأخيرة يمكن أن أخرج منها باستنتاج أن هناك شيئاً يدبر ضد ج. ع. م (الجمهورية العربية المتحدة) ويمكن إجمالاً إيجاز هذه التحركات في الآتي: (واستطرد السيد سامي شرف فساق ثمانية مظاهر أوصلته إلي استنتاجه. وأوثر أن لا أنقل منها شيئاً. حتي الآن ورغم مرور السنين. لأن الصالح الوطني يقتضي الحفاظ علي سريتها. ثم استطرد). وطبعاً هناك بند أساسي كان من المفروض أن يتصدر القائمة وهو الولايات المتحدة وإسرائيل وتخطيطهما الموحد والموجه أساساً ضد مصر. وعلي ضوء هذه الخواطر السريعة أقترح أن تتخذ جميع الإجراءات الوقائية المشددة بالنسبة للأوضاع في الداخل، ويمكن إذا أذنتم سيادتكم أن يُعقد اجتماع من بعض المسئولين في قطاعات الأمن لوضع تقدير موقف كامل وخطة لمواجهة أي احتمالات. برجاء التفضل بالنظر. (إمضاء) سامي في أعلي المذكرة كانت تأشيرة جمال عبد الناصر وبخط يده، نصها بالحرف. هامش: تأشيرة الرئيس جمال عبد الناصر في الركن الأعلي الأيسر من المذكرة وبخط يده ظاهرة في الوثيقة رقم 28 في الملحق الوثائقي في نهاية هذا الكتاب: «سامي» لقد تقابل علي أمين في روما مع أحد المصريين المقيمين في ليبيا وقال له إن الوضع في مصر سينتهي آخر سنة 1970 «جمال» لأول وهلة تصورت أن التأشيرة تجيب عن أسئلتي كلها بجملة واحدة: لا بد أنه قرأ كل شيء، ولكنه لم يصدق ما يقول به ظاهر الكلمات. وأعدت القراءة والتدقيق. وكشفت النظرة الثانية عن أشياء لم تظهر للوهلة الأولي. غريبة! إن مذكرة السيد سامي شرف لم يرد فيها - من قريب أو من بعيد - ذكر لعلي أمين، فما الذي استدعي الاسم إلي تفكير جمال عبد الناصر في صددها؟! ملاحظة أخري: تاريخ المذكرة هو 3 يونيو 70 وتأشيرة جمال عبد الناصر بخطه عليها بتاريخ 28 يونيو 70 ولم تكن عادته أن يتأخر في إبداء رأيه في موضوع يعرض عليه خمسة وعشرين يوماً! وتذكرت... كان أيامها في «ليبيا» يحضر احتفالات الجلاء عن قاعدة «هويلس» الأمريكية. لابد أن المذكرة دخلت إلي مكتبه قبل سفره بيوم أو بيومين ولم يطلع عليها، وحين عاد من ليبيا - وكان يستعد للسفر بعدها إلي الاتحاد السوفييتي - حرص علي أن يبدأ في كل ورقة وجدها علي مكتبه. ورحت أقرأ تأشيرته أحاول استيعاب كل حرف فيها: «لقد تقابل علي أمين في روما مع أحد المصريين المقيمين في ليبيا وقال له أنه الوضع في مصر سينتهي آخر سنة 70 جمال» هامش: يتضح من التأشيرة أن جمال عبد الناصر كتبها في البداية «لقد تقابل علي أمين مع أحد المصريين... إلخ». ويظهر أنه أراد أن تكون تأشيرته أكثر تحديداً. فقد عاد فيما يبدو ورسم خطاً كتب فوقه من روما. وللسرعة فيما أظن نسي حرف الواو في وسط كلمة «روما». كنت معه في ليبيا وصحبته بعدها إلي موسكو! ولكن من هو المصري المقيم في ليبيا الذي نقل إليه ما سمع من علي أمين؟ تذكرت أنه قابل كثيرين... كثيرين. من منهم؟ لم أستطع أن أحدد، لكنه من الواضح أن جمال عبد الناصر أخذ الكلام جداً فبقي عالقاً في ذهنه حتي استقر علي صورة تأشيرة بخط يده استدعتها مذكرة معروضة عليه. ماذا سمع من هذا المصري غير ذلك؟ وما الذي جعل علي أمين يفضي إليه بما أفضي؟ وفي أي سياق وأي مناخ؟ وقصداً أو زلة لسان؟ وما هي بقية التفاصيل؟ الخطير في الموضوع أن «الوضع في مصر انتهي» فعلاً «آخر سنة 70»! كان رحيل جمال عبد الناصر يوماً فاصلاً في هذه الحقبة من التاريخ العربي الحديث، ولعلي أقول إنه كان هو اليوم الفاصل! ما الذي كان يعرفه الأستاذ علي أمين؟ وكيف وصل إليه؟ وممن؟ وثارت الأسئلة عواصف. وأحسست بقشعريرة!
5- سامي شرف
والآن ما رأي الأستاذ سامي شرف. أحد حراس الناصرية وأحد ديدبانات تراث عبد الناصر وكل ما كان يمثله؟ خصوصاً أن الأستاذ هيكل يعترف صراحة أنه حذف ثمانية مظاهر كتبها سامي شرف بخط يده ليدلل علي مخاوفه. لأن الصالح الوطني قد يقتضي الحفاظ علي سريتها. هل مازالت هذه الاعتبارات قائمة حتي الآن؟ إن الأسئلة كثيرة. ما الذي دفع سامي شرف لكتابة ما كتبه؟ ولماذا لم يكتف بالكلام شفاهة مع عبد الناصر؟ وكان هذا متاحاً له في كل وقت؟ وفي أي وقت تم؟ وحتي مع العبور علي المظاهر التي رآها. فهل جري اتخاذ آي إجراءات؟ وهل أذن عبد الناصر بعقد اجتماع لبعض المسئولين عن قطاعات الأمن؟ وهل جري وضع تقييم الموقف بالكامل. الإجابة عند الأستاذ سامي شرف. وأقول له يا أستاذ سامي أن الصمت ليس من ذهب في جميع الأحوال. والكلام ليس من فضة في جميع الأحوال أيضاً. فهل يتكلم الآن بعد أن فجر الأستاذ هيكل قضية وفاة عبد الناصر؟
6- محمد الغزالي
أنا أحب الشيخ محمد الغزالي هكذا «لله في لله». فنحن بلديات. هو من قرية نكلة العنب. وأنا من قرية الضهرية. وكلتاهما من قري مركز إيتاي البارود محافظة البحيرة. ونكلة العنب بالمناسبة قرية الدكتور أحمد جويلي. ثم إن الشيخ الغزالي كان رقيقاً وإنساناً جميلاً عندما زار نجيب محفوظ بعد محاولة اغتياله. وكانت الزيارة في حد ذاتها رسالة لمن حاولوا اغتيال الرجل بأن الإسلام بريء مما حاولوا القيام به. ثم إن الرجل كان يجاملني في المسرات والأحزان بشكل جميل. ولذلك ما إن جاءني علي البريد الإلكتروني خبر عن صدور كتاب عنه. حتي سارعت لإعلانه والكتاب عنوانه «محمد الغزالي داعية النهضة الإسلامية» وتفاصيل الخبر تقول: صدر كتاب مؤخرًا للباحث الشاب محمود عبده عن مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، ضمن سلسلة «أعلام الفكر والإصلاح في العالم الإسلامي». يتتبع الكتاب روافد تكوين محمد الغزالي الداعية والمفكر، كما يطرح صورة كاملة للمشروع الفكري للغزالي، مع مراجعة نقدية لأهم القضايا التي أثارها، مثل موقفه من قضية نسخ القرآن، ومنهجه في التعامل مع السُنَّة، ورده لبعض أحاديث الصحيحين، وتناوله لقضية القضاء والقدر، والاجتهاد الفقهي، وقضايا المرأة، وموقفه من الحضارة الغربية، والتصوف، والاستشراق، والغناء، والتقريب بين السنة والشيعة، والسلفية، والديمقراطية، والقومية العربية، وحقوق الإنسان، وغيرها من قضايا ما زالت تفرض نفسها علي الساحة الفكرية والاجتماعية. بالإضافة لذلك يقدم الكتاب موجز سيرة الشيخ الغزالي، والعوامل التي أسهمت في تكوينه الثقافي والنفسي. ثم هل لي أن أطلب من ابنه المهندس ضياء ومن صهره محمد عبد القدوس أن يحاولوا كتابة كتاب عن الجوانب الإنسانية في الشيخ الغزالي حتي نري الغزالي في بيته وبين أهله وكيف كان يتصرف في حياته اليومية؟ فإن كان نصف الرجل يحسب باعتباره متفقهاً في الدين. فنصفه الأهم بالنسبة لي أنه كان أديباً مهتماً بالأدب وبالإبداع الأدبي بشكل خاص.
7- إليها: يا أنا
من أين يبدأ عاشق الكتابة عمن يهوي.. من قبل قالت رابعة العدوية: إني جعلتك في الفؤاد محدثي. وقال عبد ربه التائه. بطل النصف الثاني من الرواية المحفوظية: أصداء السيرة الذاتية: الحب مفتاح أسوار الوجود. أمسك بيدي جمرة نارك إنها بعض من ح. ب. قال أراجون مخاطباً إليزا: أنا أنت. لأنه أحس أن حرف الواو بين أنا وأنت يمكن أن يقلق راحة المحبين. وقال الكسائي: لا تصبح المحبة حتي يقول كل واحد لصاحبه: يا أنا. من كثرة التهيب ألجأ لما قاله غيري. لا أدري السبب. ولكنه بحث عن علامات الطريق. أنت المرفأ والملاذ والأمان وأنا لا أطمح إلا أن أكون سؤالك. بل سؤالي لك. هل توجد من لها بعض من جمالك؟ دليني عليها. حتي تكون سلواي عندما تفرضين عليَّ طقوس الغياب. مع أنني أقول لك أنه الغياب المستحيل. هذا إن حدث.
8- عطر الأحباب
الدكتور حامد متولي. الأستاذ الجامعي. اتصل بي بعد اتصاله بالدكتور عاصم الدسوقي. كان غاضباً مما قاله الدكتور البرادعي. ضمن ما قاله عما جري لوالده. في زمن عبد الناصر. وحكي لي الكثير عن التدليل الذي لاقاه والده في زمن عبد الناصر. مما ينفي تهمة الظلم أساساً. إلا أن كان البرادعي يهدف لأمر ما من هذا الحديث. تماماً مثل كلامه عن رفضه لمجانية التعليم وتحفظه علي نسبة العمال والفلاحين في المجالس النيابية.كان كلام الدكتور حامد تليفونياً. لذلك الحرص واجب عند نقل ما قاله. إلا أن كتب لي مستقبلاً تفاصيل أكثر عن الموضوع والرجل صاحب ذاكرة بصرية لزمن عبد الناصر. عن نفسي. أمتثل لطلب الأصدقاء الأصدقاء بالتريث قبل الكتابة عن ظاهرة: البرادعي. بخيرها وشرها وحلوها ومرها. وعندي الكثير مما يمكن قوله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.