بحكم موقعهم في منطقة وسط البلد، وجد كلا من أتيليه القاهرة ودار ميريت للنشر أنفسهم وسط بؤرة الأحداث في ميدان التحرير والشوارع، والميادين الجانبية، بما فيها ميدان طلعت حرب، وبرغم تعدد المراكز الثقافية في المنطقة وتخومها، إلا أن أغلبها أغلق أبوابه، أو تراجع عن تأديه دوره، في حين تقدمت مراكز أخري وضاعفت من ساعات عملها، وحاولت تقديم ما استطاعت تقديمه للثوار. دار ميريت، كانت واحدة من هذه المراكز، فتحت أبوابها، واستضافت عددا كبيرا من الثوار الذين لم يكن أغلبهم يعرف بوجود الدار من قبل، قدمت الشاي، والشطائر، والقهوة، الناشر محمد هاشم مدير دار ميريت قال: هذا أقل واجب، الدار تدعم الثوار منذ اليوم الأول، وكنا جزءاً من جسم الثورة، سواء كمثقفين يساريين، إذ إن معظم الأصدقاء يساريين، أو ككتاب علي اختلاف انتماءاتنا السياسية، تحملت هذه المساعدات بصورة شخصية في الأيام الأولي، ثم ساهم الزملاء بمساهمات عينية كالبطاطين، و علب التونة، والعصير، والعديد من المساهمات الأخري التي قدمها مثقفون ورجال أعمال. عن سبب مساهمته قال: الأمور كانت واضحة، هذا نظام جرب معنا البلطجية ولم ينفعوا، استعملوا القنابل، والرصاص بأنواعه وظل الشباب صامدين، ولم يكن بالإمكان أن يقتلوا أو يلقوا القبض علي كل الثائرين، لذا كان أقل ما يمكننا تقديمه لهم هو ما قمنا به، لقد تنشقنا كمصريين رائحة الحرية ولن نرضي بأقل منها. أتيليه القاهرة بدوره كان مركزاً ثقافيا آخر أضاف مهمة خدمة الثورة لقائمة مهامه، الفنان محمد عبلة رئيس الأتيليه، قال: قمنا القاهرة في الأتيليه بعمل ثلاث جلسات لمجموعة كبيرة من الأعضاء، هدفنا كان حماية المنشآت الثقافية، وعملنا يوم الخميس الأسود الذي تم خلاله الهجوم علي متحف القاهرة دوائر ونبطشيات لحمايته، كما قمنا بإصدار بيان توعية للناس. وأكمل: منذ يوم الثلاثاء الماضي وأنا مقيم في الميدان وحتي النصر، نريد حكومة مدنية، كنت متخوفا من أن ينقلب الأمر وتصبح ديكتاتورية عسكرية، ولكن الناس متفائلة أنه بعد ذلك سوف يكون هناك تفاهم وحلول، وما كان يتردد عن فزاعة الإخوان، وهذا الكلام الكلاسيكي لم يعد واردا ولم ولن يصدقه الناس. أما الفنان عبد الفتاح البدري، عضو أتيليه القاهرة فقال: نتشارك منذ اليوم الأول كأعضاء وغير أعضاء، وأنشأنا صندوقا للتبرعات ساهم فيه من يملك ومن لا يملك، وقد رأيت روحاً جميلة لم أرها من قبل في الأتيليه ممن جاءه من الأعضاء و غير الأعضاء، كنا نحضر لبعضنا الفول والطعمية، ولم يكن ثمة رفاهية كتلك التي تحدثت عنها وسائل الإعلام. الفنان أحمد الصعيدي، أمين صندوق الأتيليه، وعضو مجلس الإدارة، قال: منذ اليوم الأول لم تكن الأمور واضحة، ولكن حين بدأت التدخلات من جانب الشرطة في اليوم التالي، يوم 26 يناير قمنا بجمع أنفسنا وفتحنا الأتيليه، للجميع من أجل النقاش حول ما سيحدث في الأيام التالية، وجاء مثقفون كثيرون كانوا جميعا مؤيدين لشعارات الثورة، ثم بدأنا نبلور إرادتنا ونتناقش ونتصل بالشباب، وننسق، وكونا غرفة عمليات للمثقفين المتواجدين ومنهم محمد عبلة، وإبراهيم عبد المجيد، وقد أصدرنا بيانا طالبنا خلاله بضرورة الحفاظ علي الممتلكات العامة، والخاصة، والمسارح، وكافة المنشآت الثقافية. وأكمل: بتنا أياما طويلة في الأتيليه، وكان البعض ممن في الميدان يأتون و يبيتون حتي نهاية الثورة، آتانا الكثير من المصابين، وحاولنا مداواتهم، أو إرسالهم لمداواتهم، جاءنا دعم بطاطين واستعدادات أخري، اعتبرنا أننا في لجنة طوارئ مستمرة كي لا ننقطع عن الميدان. وأضاف: بعض الشباب فوجئوا بالمكان، وأن هناك ما يسمي أتيليه القاهرة يقوم بدور ما في الثورة، كانت فكرتهم عن المثقف والأماكن الثقافية أنها مجرد كلام، ولكنهم اكتشفوا انها لم تكن كذلك فأعضاء الأتيليه شاركوا وكل المثقفين شاركوا، كما أن الشهيد أحمد بسيوني، المدرس المساعد في كلية التربية الفنية، و الفنان التشكيلي الذي كان من بين شهداء الثورة، هو أحد أعضاء أتيليه القاهرة.