حسب الخبر المنشور في "روزاليوسف" الثلاثاء الفائت أبلغ وزير الصحة حاتم الجبلي المستشار عبدالمجيد محمود في مذكرة في 10 يناير الجاري، تفشي مرض أنفلونزا الطيور بسبب استمرار تداول الطيور الحية وعدم تطبيق القانون "70 لسنة 2007" الخاص بتنظيم تداول وبيع الطيور الحية في المحلات التجارية. وطالبت المذكرة بتوقيع العقوبات الواردة بالقانون وتنص علي حظر السماح بنقل الطيور الحية من المزارع، ومعاقبة المخالفين بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه أو إحدي العقوبتين ومصادرة الطيور والدواجن محل المخالفة لحساب وزارة الزراعة وغلق مكان ارتكاب المخالفة لمدة 3 أشهر، وفي حالة العودة إلي ارتكاب المخالفة تضاعف العقوبة في حديها الأدني والأقصي، وغلق مكان ارتكاب المخالفة نهائيا. وبناء علي المذكرة استدعي النائب العام سهير حسن مدير الادارة المركزية للطب الوقائي بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، للاستفسار عن الخطوات التنظيمية والوقائية المحددة بالقانون وذلك بعد انتهاء الفترة الانتقالية لحظر نقل وبيع الطيور الحية في أغسطس من العام الماضي. وكلف النائب العام أعضاء النيابة بحسب المنشور رقم 3 لسنة 2011 بضرورة الاهتمام بمباشرة الدعوي الجنائية في هذه الجرائم وإبداء الطلبات والعقوبة المقررة للفصل في الدعوي علي وجه السرعة. انتهي الخبر المثير "جدا جدا جدا".. فالسيد وزير الصحة بهذه المذكرة تقريبا اشتكي ثلاثة من زملائه الوزراء إلي النائب العام، وهم وزير الداخلية، باعتبار أن الشرطة هي المسئولة عن ضبط هذه المخالفات وإحالتها للنيابة، ووزير الزراعة المسئول الأول عن مكافحة أنفلونزا الطيور، ووزير التنمية المحلية ومن ثم المحافظين الذين يفترض بهم متابعة وتنفيذ إجراءات مكافحة أنفلونزا الطيور في كل المحافظات المصرية. شخصيا اعتقد أن وزير الصحة قدم لنا نموذجا جديدا في التعامل الوزاري، ولا أعرف هل هو أخذ مثلا موافقة رئيسه، رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد نظيف علي شكوي عدد من زملائه في الحكومة إلي النيابة العامة، أم أنه لا يعترف أصلا بوجود مجلس للوزراء، وبالتالي قرر من تلقاء نفسه تصويب ما يراه من خلل بالتوجه إلي النائب العام مباشرة. كما أتوقف ايضا أمام ما جاء في مذكرة وزير الصحة للنائب العام والتي يطالب فيها بتوقيع العقوبات المقررة قانونا علي مخالفات نقل الطيور الحية، في إشارة واضحة أن هذه الإجراءات والعقوبات المقررة في القانون لا يجري تطبيقها، وبالتالي فهو يحث النيابة العامة علي العمل بها، والقضاء الذي يقرر تلك العقوبات أن يلتزم بالقانون، وهو من وجهة نظري يعد تدخلا من وزير في السلطة التنفيذية في أعمال السلطة القضائية ما يعد مخالفة دستورية واضحة جدا. منذ أكثر من عامين كتبت مقترحا بلغة ساخرة أن يفتتح رئيس الوزراء فصولا ليلية في مقر مجلس الوزراء لمحو الأمية السياسية لدي بعض الوزراء، لكن من الواضح في ضوء ما قام به وزير الصحة أننا لسنا أمام حكومة من الأساس حتي نمحو أمية سياسية لدي بعض وزرائها، لأننا في هذه الواقعة أمام شكل جديد من العمل الوزاري الحكومي، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن كل وزير في هذه الحكومة يعمل في جزيرة منعزلة، ويغتصب سلطات رئيس الحكومة، وربما يجور علي سلطات دستورية أخري في الدولة.. وبالمناسبة أين رئيس الوزراء؟