ونحن فى الذكرى الثالثة لثورة يناير تتجلى أمامنا بعض الأمور، فى مقدمتها، أن جميع الأطراف ينصحون جماعة الإخوان المسلمين وقوى الإسلام السياسى بضرورة مراجعة مواقفهم، وأن يتم ذلك بشكل سريع وفورى حتى تتمكن البلاد من العودة للاستقرار ونبدأ فى إعادة البناء من جديد، خاصة أن الجميع أيضا يعلم أن الأوضاع العامة ليست بالجيدة خاصة الأوضاع الاقتصادية، والتى إذا لم تكن سيئة، فهى بالتأكيد ليست جيدة، وفى كل الأحوال لا تتناسب مع ثورة طلبت تحسين الأوضاع السياسية والاقتصادية، فى حين أن هذه القوى نفسها الناصحة لجماعة الإخوان، لم تفكر هى أيضا فى ضرورة إجراء مراجعات لما تم خلال السنوات الثلاث الماضية، وماذا قدمت جميع الطلائع الثورية إن جاز التعبير للشعب الذى صنع الثورة، وتصدت هذه الطلائع لبناء المستقبل كما أخبروا الشعب لحظتها. المراجعة ليست واجبة على فصيل واحد فقط، بل على الجميع، وليست واجبة فقط لمراجعة أفكار وقرارات ومواقف تيارات سياسية أو قوى شبابية أو حتى حركات احتجاجية، وإنما مراجعة شاملة لكل ما حدث خلال الأعوام الماضية، وماذا قدمت الثورة لجماهيرها، وما هى المكاسب التى حصل المواطنون من هذه الثورة، وهى المراجعة التى تتطلب شجاعة وأمانة كبيرتين، حتى نستطيع أن نستشرف المستقبل، من دون أن نحيد عن مطالب ثورة يناير، خاصة أن هذه المطالب، مبدئيا، تعطلت كثيرا وطويلا، أى أننا نبحث عن مراجعة للثورة نفسها. الشجاعة والأمانة تتطلبان، أن نعترف بداية، أن الشعب فقد أمرا مهما من الأمور التى لم يكن يشعر بأهميتها، إلا عندما فقدها، ألا وهى الأمن، وهذا المطلب تحديدا أحدث ارتباكا فى جميع أجندات العمل، والطلبات، حتى إن مطالب أساسية تراجعت أمام مطلب عودة الأمن، وهو أمر منطقى، وربما ساعدت ممارسات الإخوان وأنصارهم على تفاقم هذا المطلب على حساب بقية المطالب، وذلك كان فى مقدمة الخسائر الفادحة التى نتجت عن الثورة، رغم أن الثورة ليست مسئولة عن هذه الخسائر، حتى إن الواشنطن بوست كتبت مؤخرا عن أن شباب الثورة تسببوا فى إحداث فوضى فى البلاد، لا أقول إن ذلك حقيقة، لكن تجب مناقشة مثل تلك الأمور إذا كنا جادين حقا فى الإصلاح والعودة للطريق الشامل للثورة. أعتقد أن إزاحة هم الأمن من طريق مطالب الثورة، يجب أن يصبح هما عند الجميع، لأنه لا يمكن العودة للنقاش العام عن مطالب الثورة الحقيقية إلا بتحقيق الأمن، ساعتها يمكن أن تشارك الجماهير فى أى شيء بعد ذلك، وساعتها أيضا، نستطيع أن نتحدث عن الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وهى التلخيص الحقيقى للثورة ولا يمكن التنازل عنها، هذا طبعا إذا كانت القوى السياسية والشبابية مخلصة لمعركتها الكبرى وهى تحقيق مطالب الجماهير، فى هذه اللحظة سيكون التوافق سهلا، بما فيه أى مصالحات، أما إذا كانت القصة بحثا عن سلطة ومناصب، فإن الخلافات والنزاعات ستظل هى بطل اللحظة، وصاحبة الكلمة الأولى والأخيرة فى تبديد ما طالبت به جماهير يناير التى لم تربح شيئا حتى الآن، وعدم ربح الجماهير أى شىء يجب أن يكون نقطة الانطلاق نحو المراجعات إذا كان الجميع مخلصا للثورة كما يقولون.