تقرير – إسلام الجوهري لم يكن ظهور السحابة في 2013 اقل حدة من العامين السابقين له ، إلا على مستوي التصريحات الإعلامية والحكومية ، بل أن مجرد ظهورها مرة أخري كما يقول مركز حابي للحقوق البيئية " مؤشر على أن هواء مصر قد تشبع بالملوثات للدرجة التي لم يعد قادرا معها على استيعاب أي قدر من الدخان ، وبذلك يطفح الكيل عندما يأتي دخان قش الأرز في الخريف فتظهر السحابة السوداء "حتى أن مصر لم تسلم أيضا سُحبها من دخان قنابل الغاز . ويبدوا أنه أصبح من الواضح ان الجهات الرسمية لم تقتنع بعد أن قضية السحابة السوداء مسئولية جميع جهاتها وليست مسئولية وزير البيئة وجهاز شئون البيئة فقط اللذان يقومان بمجرد جهود للتغلب عليها ،الا انه يغيب عنها التنسيق مع باقي الجهات المختصة. فغياب التكاتف بين الوزارت المعنية يوضح أن أسباب السحابة السوداء ليس فقط نتيجة لزياده نسب الملوثات في البيئة بل أيضا لغياب دور بعض الوزارت في هذا الشأن ، فعلي سبيل المثال ووفقا لدارسة – تنسيب الملوثات لمصادرها- التي نفذتها وازرة الدولة لشئون البيئة ، فإن حرق قش الأرز ليس هو السبب الوحيد لظاهرة السحابة السوداء ، حيث يعتبر حرق القمامة ،وعوادم السيارات ،والتلوث الصناعي الرهيب أسبابا جوهرية لظهور السحابة السوداء ، وطبقا للدراسة فإنه في عام 2013 ، ساهمت إنبعاثات الغازات الناتجة من عوادم السيارت في تلوث الهواء بإقليم القاهرة الكبرى بحوالي 33 % من إجمالي أحمال التلوث بالأتربة الصدرية العالقة بالقاهرة الكبرى وأكثر من 90 % من إجمالي أحمال التلوث بغاز أول أكسيد الكربون و 90 % من إجمالي أحمال التلوث بالهيدروكربونات و 50% من اجمالي احمال التلوث بأكاسيد النيتروجين . وحتي الآن لم يصدر قرار من وزارة الداخلية بحتمية حصول صاحب السيارة على شهادة تؤكد سلامة الانبعاثات من عادم السيارة وضبط محرك السيارة الذي يسرب 15 % من الوقود غير المحترق قبل الحصول على رخصة السيارة، كما تتسائلت مراكز حماية البيئة عن دور وزارات التنمية المحلية والزراعة والصناعة والصحة والبترول في عام 2013 فيما يحدث من تلوث سواء أثناء ظهور السحابة السوداء أو في تحسين هواء القاهرة طوال العام. وتأتي تضارب تصريحات المسئولين لحل مشكله السحابة السوداء في 2013 وما يحدث بالفعل في أرض الواقع ، فيعلنون عن جمع وتدوير قش الأرز وعن توفير مكابس لحل مشكله حرقه، التي هي من أكبر اسباب السحابة السوداء والتلوث البيئي ،حيث اتفقت وزارتا الزراعة والبيئة في نهاية شهر أغسطس 2013 على بدء تطبيق منظومة متكاملة لتجميع قش الأرز من المزارعين، بهدف إعادة تدويره ،وعدم حرقه لمنع ظهور السحابة السوداء من جديد فى سماء مصر ، وأعلنت كلا من وزارة البيئة والزراعة في بيان رسمي لهما في أغسطس 2013 عن شراء طن القش من المزارعين بسعر 80 جنيها، وتجهيز نحو 100 مكبس لقش الأرز لتدوير الكميات التى يقوم المزارعون بتسليمها فى محافظات الأرز السبع (كفرالشيخ والقليوبية والشرقية والدقهلية والغربية والبحيرة ودمياط ) التى تضم مساحات كبيرة من المحصول، والتي تتميز أرض كل منهم بصلاحيتها لزراعه الأرز . بينما نجد أن أرض الواقع تختلف عن تصريحات المسئولين الوردية ، حيث نالت "محافظات الأرز" السبع في 2013 نصيب كبير جدا من تلك السحابة السوداء، وكذلك الأمراض التى تخلفها وراءها، ولم تنج محافظة القاهرة من السحابة ولكنها حظيت بنصيب أقل من هذه المحافظات، حيث تمتد غيامها إلى بعض الأماكن الزراعية الموجودة في القاهرة الكبرى. وذلك وفقا لغرفة عمليات وزارة البيئة، والتى لفتت الأنتباه في أكتوبر 2013 إلى اقتراب السحابة السوداء من محافظتي القاهرة والجيزة. وباتت غالبية المستشفيات الحكومية بالمحافظات السبعة في 2013 تقف عاجزة عن توفير جلسات التنفس الصناعى بسبب زيادة عدد الأطفال المصابين ب"أمراض السحابة السوداء" المتمثلة فى حساسية الصدر المزمنة والالتهاب الرئوي ومضاعفاتهما وذلك وفقا للتقرير الصادر عن مؤسسه حابي لحماية البيئة وعن بيانات من المستشفيات الحكومية بمحافظات الأرز ، بزياده حالات اختناق الاطفال نتيجة للسحابة السوداء في شهري سبتمبر واكتوبر 2013. ويأتي التنفيذ في أرض الواقع ليفضح تصريحات المسئولين ، فقله عدد المكابس وعدم استخدامها بكامل طاقتها وصعوبة نقل قش الأرز اليها ،فعلي سبيل المثال جائت تصريحات محافظة الدقهلية في16/9/2013 عن توفير العديد من المكابس اللازمة لعملية كبس قش الأرز، والتعاقد مع شركات متخصصة في مجال تجميع وكبس القش، للقضاء على ظاهرة الحرق، وأكد جهاز شؤون البيئة بالمحافظة أن ظاهرة "السحابة السوداء" انخفضت بنسبة عالية عن السنوات الماضية، بعد توفير مكابس تابعة للميكنة الزراعية، وأخرى لجمعيات خيرية لكبس قش الأرز موزعة على 7 مراكز، وأنه تم التعاقد مع شركات لتحقيق المستهدف، الذي يصل إلى 300 ألف طن هذا الموسم، لتغطية أكثر من 50% من إجمالي الكمية، وال50% الأخرى تدخل ضمن استخدامات الفلاحين.. في حين انه في منتصف شهر سبتمبر2013 تقريبا ظهرت السحابة السوداء بسماء قرى و مراكز محافظة الدقهلية، بعد حرق مئات الأفدنة من قش الأرز على امتداد الخطين الشرقي والغربي لفرع النيل بالمنصورة، وتسببت في إصابات باختناقات خاصة عند كبار السن، والاطفال ، وعادت للظهور مرة أخري في بداية شهر اكتوبر 2013 حيث غطت السحابة السوداء الطرق الرئيسية والزراعية بمحافظة الدقهلية، الخميس، بسبب تزايد عمليات حرق قش الأرز، وأشعل الفلاحون النيران في قش الأرز في عشرات الأفدنة بطول طريق "لمنصورة – جمصة"، و"المنصورة – بني عبيد"، و"دكرنس – منية النصر – المنزلة". وتأتي منظمة الصحة العالمية لتفجر مفاجأه فى تقريرها الصادر في 24/10/2013 عن الهواء الملوث مفاجأة من العيار الثقيل حيث اكدت ان الهواء فى مصر غير صالح للإستنشاق ، وتابع التقرير انه نتيجة إرتفاع التلوث فى مناطق شتى بالجمهورية اصبح استنشاق الهواء في مصر قد يؤدي الي الاصابة بسرطان الرئة ،واضافت في تقريرها أن جزء كبير من هذا التلوث يمكن أن يعزى إلى عدد كبير من السكان ، والعوادم الناتجة عن قيادة السيارات القديمة ، التى ليست مجهزة بالمحولات الحفازة ، فضلا عن حرق حقول الأرز والقمامة بشكل يومي وغيرها من الملوثات التي تلوص البيئة في مصر وتسبب السحابة السوداء. وأشارت منظمة الصحة العالمية في تقريرها إلى أن مجرد تنفس الهواء في مصر يعادل تدخين علبة من السجائر في اليوم ، وطالبت المنظمة بضرورة البدء في التفكير في كيف يمكننا تحسين نوعية الهواء في مصر في عام 2014 قبل فوات الأوان.