شيخ الأزهر يستقبل رئيس جامعة القاهرة لبحث تعزيز التعاون العلمي والثقافي    محافظ البحيرة ورئيس جامعة دمنهور يتفقدان الجامعة الأهلية بالبستان    الأمين العام الجديد للشيوخ يجتمع بالعاملين لبحث أليات العمل    وزيرة التضامن تشهد انطلاق فعاليات النسخة الرابعة من مؤتمر CEO Women    الذكاء الاصطناعي أم الضمير.. من يحكم العالم؟    مركزان ثقافيان وجامعة.. اتفاق مصري - كوري على تعزيز التعاون في التعليم العالي    الاتحاد الأوروبى: العقوبات ضد إسرائيل مازالت مطروحة على الطاولة    وزير الخارجية يلتقي مبعوث الأمم المتحدة الخاص للقرن الأفريقي    ياسر الزابيري بطل كأس العالم للشباب مرشح للانتقال إلى أتلتيكو مدريد    ليست الأولى.. تسلسل زمني ل محاولة اغتيال ترامب (لماذا تتكرر؟)    بعد تهنئة إسرائيل له.. من هو الرئيس البوليفي الجديد رودريغو باز؟    "أسود الأطلس يكتبون التاريخ.. أول منتخب عربي يتوج بكأس العالم للشباب | فيديو    أشرف نصار يكشف حقيقة مفاوضات الأهلي لضم عمرو الجزار    لا تهاجموا صلاح.. انظروا ماذا يفعل مدرب ليفربول    طلب عاجل من توروب في الاهلي    حزن وبكاء خلال تشييع جثمان مدرب حراس المرمى بنادى الرباط ببورسعيد.. صور    الداخلية تواصل جهودها لتحقيق الأمن ومواجهة أشكال الخروج على القانون    إنفوجراف| مواعيد امتحانات نصف ونهاية العام الدراسي 2026    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمصنع إسفنج فى الشرقية دون إصابات.. صور    تشغيل 6 أتوبيسات جديدة غرب الإسكندرية لتيسير حركة المرور    راغب علامة ل "اليوم السابع": أغنياتى تصلح لكل زمان.. أتمنى يجمعنى حفل غنائى مع عمرو دياب.. وأحضر لعمل يوثق مسيرتى الفنية وكواليس تذاع لأول مرة على مدار أكثر من 30 سنة    شاهد رسالة يسرا على ظهر بلوزتها من مهرجان الجونة السينمائي    بروفة ريهام عبد الحكيم على أنغام الموجي استعدادًا لمهرجان الموسيقى العربية    رئيس الوزراء يتابع جهود تعظيم الاستفادة سياحياً من مسار العائلة المقدسة    "بين ثنايا الحقيقة" على مسرح السامر ضمن ملتقى شباب المخرجين    مشروع رعايات مصر يقدم الخدمة ل 1544 مريض بالشرقية خلال أسبوع    اغلاق مزلقان التوفيقية في سمالوط بالمنيا لمدة يومين للصيانة    وزير الخارجية: نقدر جهود الدكتور مجدي يعقوب في تسخير العلم والخبرة لخدمة الفئات الأكثر احتياجا داخل مصر وخارجها    طارق العشري: زعلت على نفسي بعد رحيلي من فاركو    «العمل»: التفتيش على 1730 منشأة بالمحافظات خلال 19 يومًا    مجلس إدارة راية لخدمات مراكز الاتصالات يرفض عرض استحواذ راية القابضة لتدني قيمته    مدبولي: الحكومة تعمل على مواصلة تكثيف الجهود لتعزيز قدرات الدولة في مجال زيادة الاستثمارات في مراكز البيانات    احمي نفسك بهذه الخطوات.. لماذا يقع برج السرطان ضحية للتلاعب؟    الفجر في الإسكندرية 5.39.. جدول مواقيت الصلاة في محافظات الجمهورية غدًا الثلاثاء 21 أكتوبر 2025    لعظام أقوى.. تعرف على أهم الأطعمة والمشروبات التي تقيك من هشاشة العظام    وزير الصحة يطلق جائزة مصر للتميز الحكومي للقطاع الصحي    «نقابة العاملين»: المجلس القومي للأجور مطالب بمراجعة الحد الأدنى كل 6 أشهر    موانئ البحر الأحمر: تصدير 49 الف طن فوسفات عبر ميناء سفاجا    وزير التعليم يتابع سير الدراسة بأسيوط    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة جهود تحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة    المنظمات الأهلية الفلسطينية: الوضع كارثي والاحتلال يعرقل إدخال المساعدات لغزة    علي هامش مهرجان الجونة .. إلهام شاهين تحتفل بمرور 50 عامًا على مشوار يسرا الفني .. صور    مواقف محرجة على السجادة الحمراء.. حين تتحول الأناقة إلى لحظة لا تُنسى    طالب يطعن زميله باله حادة فى أسيوط والمباحث تلقى القبض عليه    تأجيل محاكمة 3 متهمين بالتنظيم الثلاثي المسلح لسماع أقوال شاهد الإثبات الأول    اتصالان هاتفيان لوزير الخارجية مع وزيري خارجية فرنسا والدنمارك    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 330 وظيفة مهندس بوزارة الموارد المائية    سعر الأرز الأبيض والشعير للمستهلك اليوم الإثنين 20اكتوبر 2025 فى المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-10-2025 في محافظة الأقصر    روح الفريق بين الانهيار والانتصار    ضبط 3 أشخاص بالمنيا تخصصوا في النصب على أصحاب البطاقات الائتمانية    تقارير: اتحاد جدة ينهي تجديد عقد نجم الفريق    دار الإفتاء توضح حكم تصفح الهاتف أثناء خطبة الجمعة    وزير الصحة يبحث خطة تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل في المنيا    نحافة مقلقة أم رشاقة زائدة؟.. الجدل يشتعل حول إطلالات هدى المفتي وتارا عماد في مهرجان الجونة    صححوا مفاهيم أبنائكم عن أن حب الوطن فرض    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



..وماذا عن الاقتصاد السوداني ؟!
نشر في أكتوبر يوم 04 - 08 - 2019

الثورات عادة هى «محطات مؤقتة» فى حياة الشعوب والدول، وتستهدف غالبًا تغيير الأوضاع القائمة إلى الأفضل.
ومن المتفق عليه أن الشعوب لا تأكل من «الشعارات الثورية»، وإنما هى عنوان لمرحلة جديدة تتوافر فيها المتطلبات الضرورية لحياة كريمة، منها المآكل والملبس والمسكن، ثم التعليم الجيد والرعاية الصحية اللائقة.. إلخ.
وإذا كان السودان الشقيق مازال فى «مراوغة سياسية» بين شباب الثورة والمجلس العسكرى الحاكم للاتفاق على شكل الحكم وأركانه ومؤسساته فى المرحلة الانتقالية الممتدة لثلاث سنوات مقبلة، فلا شك أن الفقر والبطالة وعدم المساواة والفساد بكافة أشكاله، هى المحرك والدافع الأساسى لثورة الشباب السودانى فى ديسمبر الماضى.
وأعتقد أن تلك المفاوضات السياسية – طالت أو قصرت – سوف تنتهى وتستقر الأوضاع، ثم يبدأ الأشقاء فى السودان فى بحث تطبيق الشعارات الثورية على أرض الواقع، خاصة فيما يسمى بالعدالة الاجتماعية والتى تستوجب إعادة النظر فى الوضع الحالى للاقتصاد السودانى.
أى لا بد أن يكون لثورة الشباب السودانى برنامج اقتصادى واضح المعالم ومحدد الأهداف، ويتم تنفيذه على مراحل زمنية مختلفة اعتمادًا على ما يملكه السودان الشقيق من خبرات أو ميزات نسبية، وبمساعدة من الأشقاء أو المؤسسات الدولية المعنية بذلك.
ونظرًا لأن الاقتصاديات العربية تكاد تتشابه فى مكوناتها ومشاكلها وأساليب الإصلاح، فسوف أعرض هنا ما اقترحه الصديق والخبير الاقتصادى د. إبراهيم البدوى – سودانى الجنسية – مدير منتدى البحوث الاقتصادية، من ملامح رئيسية للبرنامج الاقتصادى للثورة السودانية، والذى يمكن أن يطبق أيضًا – بعد استقرار الأوضاع فى البلدين الشقيقين سوريا وليبيا!
والدكتور البدوى يقترح أولًا برنامج إسعافى لمدة شهور قليلة بهدف تثبيت الاقتصاد وإعادة هيكلة الموازنة، أى عملية «إنعاش» سريعة للاقتصاد السودانى.
وهذا البرنامج الإسعافى يقوم على كبح جماح التضخم ووضع حد لإنهيار العملة الوطنية، ففى رأيه أن أسوأ أنواع الضرائب وأشدها إيلامًا للفقراء هى التضخم، حيث هو ضريبة مكتملة الأركان يدفعها المواطن لتمويل عجز الموازنات المنفلتة لفائدة الطبقة الطفيلية المتنفذة، ومن ثم يطالب بملاحقة الفساد وتصفية مكاسب طبقة الإنقاذ التى حكمت السودان طوال الأعوام الماضية، وإعادة النظر فى أولويات الموازنة العامة، وترشيد الدعم السلعى وحصره فى الدعم النقدى المباشر، مع السعى لإعفاء أو تخفيض الدين الخارجى، والحصول على قروض ميسرة من البنك الدولى.
هذا مع ضرورة تبنى سعر صرف مرن، وإعادة تأهيل القطاع المصرفى ليتمكن من القيام بدوره فى الوساطة المالية اللازمة لتمويل الاقتصاد.
كما يطالب بضرورة إعادة النظر – وهو ما ينفرد به السودان – فى الحيازات لمساحات شاسعة من الأراضى الزراعية قدرت بملايين الأفدنة لشركات أجنبية خاصة بموجب اتفاقيات سرية.
وبالطبع هذا البرنامج الإسعافى يحتاج لتمويل، هنا د. إبراهيم يرى أن (الإحسان يبدأ من أهل البيت)، حيث يقترح ما يسمى ب «الديسابورا السودانية» أى صندوق الإعمار وبناء القدرات، والذى يمول من مساهمات السودانيين بالخارج والذين يقدر عددهم بأكثر من خمسة ملايين، فهؤلاء يمكنهم الاكتتاب فى السندات أو الصكوك المكونة لرأس مال الصندوق، الذى يمكن أن يصل إلى خمسة مليار دولار، بواقع ألفين دولار لكل مكتتب فى المتوسط.
هذا بالإضافة إلى إمكانية الاستفادة من الكفاءات السودانية فى الخارج سواء من خلال العودة النهائية أو الجزئية.
ويعتقد أن هذا الصندوق، مع ترشيد أوجه الصرف فى الموازنة العامة، بالإضافة إلى الحصول على قروض خارجية ميسرة، سوف يتوفر التمويل المطلوب لبرنامج إنقاذ الاقتصاد السودانى بشكل سريع.
ولا يكتفى د. إبراهيم بذلك، وإنما يقترح أيضًا خطة اقتصادية عشرية للنمو المستدام فى الاقتصاد السودانى تمتد من 2020 إلى 2030.
ولكنه يشترط أن يكون هذا البرنامج مشروعًا وطنيًا يحظى بالإجماع، مع استهداء الفكر الاقتصادى الحديث، والاستفادة من التجارب السابقة للدول الناجحة والفاشلة أيضًا.
ويعتقد أن الاقتصاد السودانى يتميز بعاملين أساسيين، هما الشباب والقطاع الزراعى، والأول يعانى من البطالة الشديدة والتى تصل نسبتها لأكثر من 40%، والثانى يعانى من الإهمال الشديد بخلاف توزيع مساحات شاسعة لشركات خاصة تستنزف خيراتها.
وملامح تلك الخطة العشرية التى يقترحها د.البدوى تتلخص فى دور رائد للدولة لتوفير البنية التحتية، والهياكل التنظيمية والقواعد التشريعية، باعتبارها مدخلات مكملة لعملية التنمية الاقتصادية، مع توفير التعليم والتدريب وتشجيع الأبحاث والتطوير.
وأيضًا تحفيز وتشجيع القطاع الخاص، وإعداد برامج تشغيل الشباب على الصعيدين، المرحلى والبعيد، ثم إطلاق برنامج للنمو المستدام المتنوع والمتعدد الأقطاب، والذى يعمل على إحياء مشروع حزام الصمغ العربى والزراعة المطرية، وكذلك مشروع الجزيرة الزراعى، ثم مشروع الساحل السودانى من النيل إلى البحر الأحمر، وأخيرًا مشروع المدن المنتجة.
كل ذلك بالتزامن مع تحقيق السلام من خلال إنهاء النزاعات الداخلية المسلحة، وإقامة ما يسمى بالتوأمة مع دولة الجنوب فى إطار استراتيجية للتكامل الاقتصادى.
وأعتقد أن ما قدمه د. إبراهيم البدوى.. هو برنامج وطنى للإنقاذ قابل للتنفيذ، سواء فى شقه العاجل او المستديم، لأنه يستهدف التشغيل ومكافحة الفقر فى المجتمع السودانى ويعتمد على جهود وإمكانات السودانيين أنفسهم، ولا مانع من مساعدة الأصدقاء.
ولكنه يختلف تمامًا فى أهدافه ومكوناته عن برامج «التكييف الهيكلى» التى يفرضها صندوق النقد على الدول التى تطلب مساعدته.
ونحمد الله أننا خرجنا من عباءة الصندوق، وحققنا نجاحا ملحوظًا انعكس فى المؤشرات الاقتصادية الجيدة، ولكننا مازلنا أيضًا نحتاج لبرنامج لمكافحة الفقر، خاصة بعد أن كشفت بحوث الجهاز المركزى للمحاسبات عن زيادة نسبته.. وهو موضوع المقال المقبل.. إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.