وكيل "خطة النواب": رئيس المركزى للمحاسبات لم يحضر للمجلس منذ 10 سنوات    وزير الدفاع يلتقى قائد القيادة المركزية الأمريكية    متحدث الحكومة يكشف المواعيد الجديدة لقطع الكهرباء خلال فترة الامتحانات: تبدأ غدا    وزير المالية السعودي: عجز الميزانية مقصود ولأهداف تنموية.. وسنواصل الإنفاق الاستراتيجي    نازحون يفرّون من رفح الفلسطينية تحت القصف: صرنا زي الطابة كل يوم في ملعب    نهضة بركان يستعيد مهاجمه أمام الزمالك    ضبط عاطل وراء سرقة مسجد بالشرقية    الكوميديا تسيطر على برومو فيلم بنقدر ظروفك لأحمد الفيشاوى    النيابة تصرح بدفن جثة سيدة دهسها قطار في سمالوط بالمنيا    كاتب صحفي: المقترح المصري للتهدئة في قطاع غزة حظى بردود فلسطينية إيجابية    «مهرجان التذوق».. مسابقة للطهي بين شيفات «الحلو والحادق» في الإسكندرية    نائب رئيس جامعة الأزهر السابق: تعليم وتعلم اللغات أمر شرعي    انطلاق قافلة طبية مجانية لمدة يومين في قرية الحنفي بكفر الشيخ ضمن حياة كريمة    محافظ قنا يفتتح عددا من الوحدات الطبية بقرى الرواتب والحسينات وبخانس بأبوتشت    وضع حجر أساس شاطئ النادي البحري لهيئة النيابة الإدارية ببيانكي غرب الإسكندرية    بيان عاجل.. الكهرباء: تعديل جدول تخفيف الأحمال من الغد.. اعرف المواعيد الجديدة    انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي الخامس لتحلية المياه بشرم الشيخ    وزير الصحة يؤكد أهمية نشر فكر الجودة وصقل مهارات العاملين بالمجال    سب والدته.. المشدد 10 سنوات للمتهم بقتل شقيقه في القليوبية    وائل كفوري ونوال الزغبي يحييان حفلًا غنائيًا بأمريكا في هذا الموعد (تفاصيل)    الشامي: حسام حسن علمني الالتزام في الملعب.. وأخبرني أنني أذكره بنفسه وهو صغير    نشطاء مؤيدون للفلسطينيين يحتلون باحة في جامعة برلين الحرة    البورصة المصرية تربح 11.9 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    كيف يقوم العبد المسلم بشكر ربه على نعمِه الكثيرة؟..د.عصام الروبي يوضح    9 أيام إجازة متواصلة.. موعد عيد الأضحى 2024    بدء تطبيق نظام رقمنة أعمال شهادات الإيداع الدولية «GDR»    الرئيس الصيني يتعهد ب"عدم نيسان" قصف الناتو للسفارة الصينية في بلجراد    للأمهات.. أخطاء تجنبي فعلها إذا تعرض طفلك لحروق الجلد    انطلاق الأعمال التحضيرية للدورة ال32 من اللجنة العليا المشتركة المصرية الأردنية    وزير الري يتابع موقف المشروعات المائية وتدبير الأراضي لتنفيذ مشروعات خدمية بمراكز المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"    ضبط متهم بالاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بأهالي المنيا    المشاكل بيونايتد كبيرة.. تن هاج يعلق على مستوى فريقه بعد الهزيمة القاسية بالدوري    بعد الإنجاز الأخير.. سام مرسي يتحدث عن مستقبله مع منتخب مصر    75 رغبة لطلاب الثانوية العامة.. هل يتغير عدد الرغبات بتنسيق الجامعات 2024؟    حفل met gala 2024..نجمة في موقف محرج بسبب فستان الساعة الرملية (فيديو)    9 عروض مسرحية مجانية لقصور الثقافة بالغربية والبحيرة    الأمم المتحدة: العمليات العسكرية المكثفة ستجلب مزيدا من الموت واليأس ل 700 ألف امرأة وفتاة في رفح    توقف حركة دخول شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة    بحضور مجلس النقابة.. محمود بدر يعلن تخوفه من أي تعديلات بقانون الصحفيين    الضرائب: تخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية ل25 ألف جنيه بدءًا من أغسطس المقبل    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس على المحافظات    نصائح مهمة لطلاب ثانوي قبل دخول الامتحان.. «التابلت مش هيفصل أبدا»    بكتيريا وتسمم ونزلة معوية حادة.. «الصحة» تحذر من أضرار الفسيخ والرنجة وتوجه رسالة مهمة للمواطنين (تفاصيل)    انطلاق فعاليات مهرجان المسرح الجامعي للعروض المسرحية الطويلة بجامعة القاهرة    عادات وتقاليد.. أهل الطفلة جانيت يكشفون سر طباعة صورتها على تيشرتات (فيديو)    الجدول الزمني لانتخابات مجالس إدارات وعموميات الصحف القومية    جمهور السينما ينفق رقم ضخم لمشاهدة فيلم السرب في 6 أيام فقط.. (تفاصيل)    اقوى رد من محمود الهواري على منكرين وجود الله    "تم عرضه".. ميدو يفجر مفاجأة بشأن رفض الزمالك التعاقد مع معلول    المتحف القومي للحضارة يحتفل بعيد شم النسيم ضمن مبادرة «طبلية مصر»    تفاصيل نارية.. تدخل الكبار لحل أزمة أفشة ومارسيل كولر    مدحت شلبي يعلق علي رفض الشناوي بديلًا لمصطفى شوبير    زعيم المعارضة الإسرائيلي: على نتنياهو إنجاز صفقة التبادل.. وسأضمن له منع انهيار حكومته    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زيارة مرسي للسودان تقضي على المساعي الصهيونية للسيطرة على البحر الأحمر
نشر في الشعب يوم 09 - 04 - 2013

جددت زيارة الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية للسودان الحديث عن التكامل الاقتصادى بين مصر والسودان وليبيا بعدما تم وأد الفكرة فى عهد المخلوع حسنى مبارك، بعدما ظلت هذه الفكرة التى سماها الخبراء بتكامل دول "المثلث الذهبى"، بين الدول الثلاث حلما يراود شعوب المنطقة وباحثيها منذ عشرات السنين لما سيكون له من تأثير إيجابى على حياة شعوب المنطقة، لكن سياسات المخلوع أوقفت بعض المشروعات وصور التعاون التى بدأت أثناء حكم الرئيس الراحل أنور السادات، مما أدى لبقاء الملفات الخاصة بالمشروع حبيسة الأدراج وبعيدة عن طور التنفيذ، ومع أحداث الربيع العربى انتعشت الآمال فى النفوس لتنفيذ ذلك الحلم وتحويله إلى واقع.
وقد ظهر مصطلح أو "تعبير المثلث الذهبى "مع توقيع ميثاق طرابلس فى 24 ديسمبر 1969 الذى وقعه كل من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، والرئيسين السابقين الليبى معمر القذافى والسودانى جعفر النميرى، وقد أقر ميثاق طرابلس لجانا مشتركة فى العديد من المجالات، وقد اختفى المصطلح أو التعبير بالتدريج مع عدم تفعيل ما تم الاتفاق عليه فى ميثاق طرابلس وسط الخلافات السياسية بين قيادات الدول الثلاث، خاصة بعد وفاة عبد الناصر وتولى أنور السادات للرئاسة، بل ساءت العلاقات بين القاهرة وطرابلس عقب توقيع معاهدة كامب ديفيد عام 1978.
وبالرغم من ذلك، أصبح تفعيل مصطلح المثلث الذهبى وتحقيق اتفاقاته على أرض الواقع يراود شعوب وباحثى المنطقة، وفى فترة مبارك لم تهتم قيادات الدول الثلاث بالنهوض بالمثلث الذهبى للظروف السياسية لكل بلد؛ حيث أجل مبارك كل المشروعات الكبرى أو أوقفها إما إهمالًا وعدم إدراك لأهمية تلك المشروعات، أو تعمدًا لتنفيذ سياسات تجويع الشعب لكى يتبعه، أو تنفيذا لأجندات أمريكا والغرب، مما أدى لانخفاض معدلات الاقتصاد وتفاقم المشاكل على المستوى الداخلى، وكذلك انعزال مصر عن محيطها العربى والإفريقى، كما كان السودان يواجه مشاكل داخلية وحربًا أهلية مع الجنوب، فيما كانت ليبيا تعانى من الحصار الاقتصادى نتيجة سياسات القذافى غير الرشيدة وقضية لوكيربى وتصرفاته غير الطبيعية.
الربيع العربى
وتجددت الرغبة فى إقامة المشروع عقب قيام ثورات الربيع العربى التى رفعت من سقف التطلعات لدى الشعوب وزوال نظام مبارك الذى تكبر على السودان وتعالى عليهم ونجح زبانية إعلامييه فى إزكاء روح العداء والكراهية فى نفوس المصريين ضد أشقائهم السودانيين عبر نشر الأخبار الكاذبة والشائعات المغرضة، وتكرر الأمر مع القذافى الذى -سلح أثناء حكمه- حركات معارضة فى دارفور لكى يكسب ولاءهم ويكسب نفوذا فى السودان، كما استضاف قائد حركة العدل والمساواة خليل إبراهيم رغم مطالب الخرطوم المتعددة بتسليمه لارتكابه جرائم وقتل ومواجهات مسلحة مع نظام البشير، وعزز من هذه الرغبة مشاريع تم إنجازها فعليًا وأخرى تحت التنفيذ بالإضافة للعديد من الخطط المستقبلية، وتصدر الحديث عن تشكيل المثلث الذهبى التكامل الغذائى نظرًا لوجود فجوة غذائية فى مصر، بينما يوجد فى السودان الأراضى الخصبة والصالحة للزراعة بمساحات شاسعة وغير مستغلة.
ورغم رفض الليبيين لدورهم فى التحالف الذى أشاعه نظام مبارك فى بدايات حكمه عن مشاركة ليبيا بالأموال بينما تسهم مصر بالخبرات والعلماء فيما تشارك السودان بالأرض الخصبة، حيث رأى الليبيون فى ذلك تقليلًا من شأنهم وانتقاصًا من قدرات علمائهم، وقال الدكتور محمد فائز جبريل الحاصل على دكتوراه فى العلوم السياسية: هذا التوزيع الذى أشاعه نظام مبارك ينتقص من دورنا وكأننا مجرد ممولين ولا نمتلك خبرات ولا علماء يمكن أن يسهموا بخبراتهم وعلومهم فى المشاريع المقترح تنفيذها، مطالبًا بتغيير هذا الفكر فى المرحلة الحالية.
وتؤكد الدكتورة إنصاف على من جامعة الزعيم الأزهرى بالسودان فى دراسة لها، أن دول المثلث الذهبى تعد من الدول النامية وتحتاج أكثر من غيرها الى التكامل الاقتصادى والتنمية المشتركة عبر مشاريع كبيرة توفر احتياجات شعوب المنطقة، وخاصة أن هذه الدول تمتلك من المقومات التى تساعد على التعاون والتكامل من حيث التاريخ المشترك والتداخل الاجتماعى واللغوى، بالإضافة الى العوامل الجغرافية المؤثرة والتى تتمثل فى قرب الدول من بعضها فضلًا عن موقعها الإستراتيجى.
المهندس عبد الوهاب محمد عثمان -وزير الصناعة- أعلن نوفمبر الماضى عن توجه السودان لخلق تكامل صناعى بينه ومصر وليبيا وتونس.. والأمر ليس قاصرًا على النوايا وإنما يمضى إلى التنفيذ الفعلى لهذا التكامل الصناعى فى مطلع العام المقبل.. ذلك فى نطاق التعاون المشترك بين هذه الأقطار للنهوض بالقطاع الصناعى تحت مظلة المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين من أجل تطوير الصناعات.. تلك من الغايات الكبرى التى تفضى إلى استقلال اقتصادى وسياسى يحول دون الاستمرار فى الاعتماد على الدول الأخرى فى استيراد احتياجات الشعوب العربية بداية بهذه الأقطار الأربعة.. ذلك أن إطلاق هذا العزم كان أورده وزير الصناعة فى فاتحة أعمال الدورة «42» للمجلس التنفيذى للمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين، حيث تبلورت فى هذا اللقاء الجامع ضرورة التعاون والعمل المشترك بين الدول العربية لتحقيق متغيرات كبرى فى مجال التنمية الصناعية المستدامة.. وتحقيق هذه الغاية تنجم عنها فوائد سوف تتحقق بالضرورة.. ومنها تحقق الحل الأمثل لتنمية القدرات وإيجاد فرص العمل وتجفيف مساحات الفقر مستظلة بالمستجدات السياسية والاقتصادية التى باتت تجسد واقع الدول العربية ويعين على تحقيق هذه الغاية أن القطاع الصناعى فى السودان قد شهد تطورًا فى السنوات الأخيرة بحيث بلغ معدل النمو الصناعى فى الصناعات التحويلية «8.3%» فى العام الماضى وارتفع إلى «5،9%» فى العام الحالى ويتوقع أن يرتفع إلى «10%» فى العام المقبل.
كما بلغ إسهامه فى الناتج الإجمالى المحلى «9%» كما يقول وزير الصناعة، ومن هنا جاءت دعوة المنظمة لدعم السودان بالترويج لاستقطاب المستثمرين خاصة فى مجال الأمن الغذائى من خلال إنشاء صناعات متكاملة لمنتجات القمح- السكر- الزيوت- واللحوم- والأعلاف والصناعات الغذائية الأخرى.
حتمية التكامل
فيما يضيف محمد بن يوسف -المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين- ظروفًا ومتغيرات تجعل التكامل أكثر إلحاحًا وحتميا فى المرحلة الحالية نظرًا لنشوء تطورات عربية ودولية معقدة أهمها ما تعانيه الدول العربية من «حالة عدم استقرار» واستنزاف الموارد المادية والبشرية وانعكاس ذلك على المؤسسات الإنتاجية بالإضافة إلى أزمات الديون والكساد.. وبرغم ذلك تحتاج إلى مضاعفة جهودها لتوفير فرص العمل والحد من البطالة ومكافحة الفقر وتحقيق تنمية مستدامة، ولعلنا نلاحظ أن المسارات الفاعلة لتحقيق آمال الشعوب فى هذه الأقطار الأربعة ابتداء ما سوف نشهده فى مطلع العام المقبل من تحقيق لحلم التكامل الصناعى بين السودان ومصر، وليبيا وهى أقطار مقتدرة ومؤهلة لتحقيق التكامل الصناعى بينها لأنها تمتلك قدرات إنسانية مؤهلة لاستحداث المستجدات الصناعية حين تتكامل هذه القدرات وتوجه طاقاتها غير المحدودة للابتداع وخلق تكامل يدعم استقلالها وحرية اتخاذ قرارها.
مؤهلات التكامل
وتؤكد أحدث الدراسات العلمية أن الدول الثلاث "السودان – مصر – ليبيا" تتميز بامتلاك مجموعة من المؤهلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية تؤهلها للتكامل ومن ثم النهضة، حيث تقول الأرقام ما يلى:
بالنسبة للسكان: يبلغ تعداد هذه الدول الثلاث عام "1997" حوالى 129 مليون نسمة منها 90 مليون نسمة مصر، 38 مليون نسمة للسودان 6 ملايين نسمة لليبيا، كما تبلغ مساحة هذه الدول حوالى 5.3 ملايين كيلو متر مربع تشغل السودان منها 2.5 كيلو متر مربع، ليبيا حوالى 1.7 مليون كيلو متر مربع، مصر حوالى مليون كيلو متر مربع، ولهذا نجد أن الكثافة السكانية تختلف ما بين هذه الدول؛ حيث إنها خفيفة للغاية فى ليبيا فتبلغ 3.6 فرد لكل كيلو متر مربع، وفى السودان 13 وفى مصر أكثر كثافة حيث تبلغ 90 فردا لكل كيلو متر مربع.
أما فى مجال الزراعة: فتبلغ الرقعة الزراعية فى السودان حوالى 16.8 مليون هكتار أرضا زراعية، وفى ليبيا 2.2 مليون هكتار وفى مصر حوالى 4.1 مليون هكتار، وتتميز السودان بتوافر أكبر كمية من الأراضى الزراعية حيث تبلغ أربعة أضعاف ما لدى مصر وثمانية أمثال ما لدى ليبيا. كما لدى السودان حوالى 44.2 ألف هكتار من الغابات، و10 آلاف هكتار من المراعى. ولدى ليبيا حوالى 751 هكتارًا من الغابات، 12.7 ألف هكتار من المراعى، وأهم المنتجات الزراعية فى ليبيا "الشعير- القمح - الطماطم - بطاطس - زيتون - تمور - الخضراوات - الفواكه – اللحوم"، وتزرع السودان حوالى 329 ألف هكتار من الأراضى بالقمح، 87.4 ألف هكتار من الذرة الصفراء، 8.1 مليون هكتار للذرة الرفيعة والدخن. أما مصر فتزرع حوالى مليون هكتار من الأراضى قمحًا، 44.5 ألف هكتار للشعير، 876 ألف هكتار للذرة الصفراء، 143 ألف هكتار للذرة الرفيعة.
ويلاحظ أن إنتاجية الفدان الزراعى فى مصر فى جميع أنواع الزراعات المختلفة يفوق بكثير مثيلاته من الزراعات لدى السودان وليبيا وذلك لتوافر العمالة الفنية المتخصصة، والخبرة الكبيرة، بالإضافة إلى التطور الزراعى الحديث واستخدام بعض جوانب التكنولوجية الحديثة والهندسة الوراثية.
أما عن الثروة الحيوانية فالسودان لديها 33.1 مليون من الأبقار بينما مصر حوالى 3.2 ملايين وليبيا حوالى 150 ألف رأس فقط. أما الأغنام فالسودان لديها 47.1 مليون رأس وليبيا 6.2 ملايين رأس ومصر 3.2 ملايين رأس. أما الماعز فالسودان لديها 100.3 مليون رأس، ومصر ويقدر إنتاج مصر من الثروة الحيوانية بحوالى 8.3 ملايين رأس من الجاموس، و5.4 ملايين رأس من الأبقار، و8.3 ملايين رأس من الماعز، و143 ألف رأس من الإبل، واستهلاك مصر من اللحوم يقدر ب 863 ألف طن، منها 510 آلاف طن لحومًا محلية، و52 ألف طن مستوردة يتم ذبحها فى مصر، بالإضافة إلى 291 ألف طن من اللحوم المجمدة، بينما ليبيا لديها حوالى 4.7 ملايين رأس.
البترول والتعدين
أما عن البترول فليبيا لديها 7%من إجمالى ما لدى الدول العربية من احتياطى البترول ويشكل النفط نحو 94% من عائدات ليبيا من النقد الأجنبى، كما تمتلك ليبيا احتياطيًا من الغاز الطبيعى يبلغ مليار قدم مكعب، أما مصر فلديها 0.6% من احيتاطى البترول الخام للعالم العربى، ومن هذه الإحصائيات يتضح لنا أن ليبيا تتميز على مصر والسودان بما لديها من احتياطى البترول الخام، وكذا فى الإنتاج ومن ثم العائدات المالية، ونفس الحال بالنسبة لمادة الغاز الطبيعى، أما السودان فقد تراجع نصيب السودان من الإنتاج النفطى بعد انفصال الجنوب إلى 120 ألف برميل يوميًا نصيب الدولة منها 55 ألف برميل يوميًا. ومن المتوقع أن يرتفع الإنتاج بعد تشغيل الحقول التى كانت معطلة بسبب التوترات فى المنطقة وزيادة الاستثمار فى التنقيب إلى 180 ألف برميل بنهاية عام2012، وإلى 320 ألف برميل يوميًا فى عام 2030.
ويبلغ احتياطى السودان من النفط المؤكد 6.8 مليارات برميل (2010)، وهو بهذا يحتل الرقم 20 فى العالم، بينما يبلغ احتياطيه المؤكد من الغاز الطبيعى (2010) مليار متر مكعب.
يذكر أنه قد عقد منذ أسابيع بالعاصمة السودانية الخرطوم اجتماع بين وزراء الثروة المعدنية لدول مصر والسودان وليبيا لبحث ووضع إستراتيجيات لتحقيق التكامل والاستغلال الاقتصادى الأمثل للثروات التعدينية فى الدول الثلاث.
وأكد المهندس أسامة كمال -وزير البترول والثروة المعدنية- ضرورة التكامل بين الدول العربية التى ترتبط بعلاقات الدم والعقيدة واللغة المشتركة التى تدعو إلى الوحدة لا للتفرقة، مشيرًا إلى أهمية البدء فورًا فى تحقيق الاستغلال الاقتصادى الأمثل للثروات المعدنية بهذه الدول بما يعود بالنفع المشترك على المواطنين، مشددًا على أهمية تحقيق القيمة المضافة لتعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية، وأشار الوزير إلى أن وزارة البترول المصرية تقوم حاليًا بإقرار قانون جديد للثروة المعدنية يشجع الاستثمار فى هذه الأنشطة، بالإضافة إلى إعادة هيكلة قطاع الثروة المعدنية لمواكبة المتغيرات العالمية وإعطاء دفعات لهيئة الثروة المعدنية للقيام بأنشطتها، فضلًا عن إعداد خطة قومية للثروات المعدنية فى مصر من خلال مكتب استشارى عالمى متخصص، واقترح الوزير دعوة وزراء التعدين فى كل من المغرب والأردن والعراق لحضور اجتماع وزراء الثروة المعدنية المقرر عقده بالقاهرة فى شهر يونيو القادم فى إطار الجهود المبذولة لدعم التعاون العربى المشترك، وأوضح أنه تم الاتفاق على تشكيل مجموعة عمل دائمة لمتابعة تنفيذ التوصيات التى أقرها الوزراء، حيث اقترح المهندس أسامة كمال إنشاء كود تعدينى عربى يخص الدول العربية من أجل توحيد المسميات التعدينية فى تلك الدول. كما قدم وزير المعادن السودانى كمال عبد اللطيف رؤية فى التكامل بين الدول الثلاث من أجل التبادل المعرفى للتخريط الجيولوجى، وأشاد بمشروع التكامل للتخريط الجيولوجى على الحدود المشتركة بين مصر والسودان، وطلب الاستمرار فى هذا الاتجاه من أجل التوصل إل مشروعات تعدينية مشتركة.
كما رحب الدكتور سليمان الطيب -وزير الصناعة الليبى- بالمشروع المصرى الليبى للتخريط الجيولوجى على الحدود المشتركة بين البلدين، وأبدى رغبته فى استمرار هذا التعاون البناء.
وفى مجال الصناعة تتميز مصر بما لديها من خامات طبيعية وتعدينية وإنتاج وتصنيع لبعض الصناعات المختلفة، فلديها الحديد الخام والفوسفات، وتتميز بإنتاج غزل القطن والمنسوجات القطنية وإنتاج الأسمنت، كما تتميز مصر فى عدة قطاعات أخرى مثل النقل والمواصلات والاتصالات والسياحة، أما فى ليبيا فأهم الصناعات "الحديد والصلب – الأسمنت ومواد البناء – الصودا الكاوية – أسمدة اليوريا – الصناعات البتروكيماوية".
التجارة الخارجية
أما التجارة الخارجية: فيلاحظ أن الميزان التجارى وميزان المدفوعات فى حالة خلل دائم ومتزايد للدول الثلاث، وذلك لظروفها الاقتصادية والإنتاجية وما يمر به بعضها من ظروف سياسية داخلية وخارجية، وما تحتاجه هذه الدول للكثير من الواردات فى السلع المختلفة، ومواجهتها للكثير من المشاكل بالنسبة للصادرات. ولكن فى حالة حدوث تكامل بينها فإنها سوف تقضى على هذه المشاكل والمعوقات، وسوف تعمل على زيادة الإنتاج ورفع الكفاءة الإنتاجية والتركيز على الإنتاج من أجل التصدير، وخاصة فى مجال السلع الزراعية والحيوانية المصنع منها وغير المصنع، هذه نبذة مبسطة عن قدرات وإمكانيات هذه الدول الثلاث، والتى تتلخص فى أن السودان تتميز بما لديه من أراض زراعية شاسعة وثروة حيوانية كبيرة، وتتميز بما لديه من طاقة بشرية فنية ومتخصصة فى عدة مجالات خاصة فى الزراعة والتصنيع الزراعى والحيوانى، وفى عدة مجالات صناعية أخرى.
وتتميز ليبيا بما لديها من طاقات إنتاجية كبيرة فى مجال البترول مما يعود عليها بعائد كبير، ويمكن تصنيع كميات كبيرة مما يصدر منه كمادة خام مما يزيد من دخلها وتشغيل الكثير من العمالة سواء الليبية أو المصرية أو السودانية فى هذا المجال.
كما تتميز مصر بما لديها من مقومات نجاح كبير فى مجال الصناعة فى عدة سلع مختلفة، وما لديها من مقومات نجاح كبير فى قطاع السياحة.
وكل هذه المقومات تدعونا إلى التأكيد على أن هذا التكامل "سواء الرسمى أو الشعبى وهو الأهم والأبقى ويمكن أن يكتب له النجاح إذا تم تعضيده بالإدارة السياسية والشعبية لهذه الدول على أن يقوم هذا التكامل على رغبة سياسية حقيقية، وقد بدأت بشائرها فى زيارة الرئيس مرسى الأخيرة للسودان، ثم بعد ذلك فى القطاع الزراعى والثروة الحيوانية وذلك باستغلال ما لدى السودان من أرض زراعية شاسعة وثروة حيوانية كبيرة وما لدى مصر من عمالة فنية ماهرة ومدربة وخبرة كبيرة وما لدى ليبيا من فوائض مالية بترولية.
ولا شك أن هناك الكثير من الفوائد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية سوف تعود على هذه الدول الثلاث، حيث يمكن لمصر أن تنهى مشكلة الفجوة الغذائية فى القمح الذى تستورد مصر منه قرابة عشرة ملايين طن سنويًا.. وكذلك باقى المحاصيل الغذائية الإستراتجية من خلال الزراعة فى الأراضى السودانية الخصبة، والتى تنخفض تكلفة استزراع الفدان فى السودان عن مصر لأقل من النصف حيث لا يقل عن 5 آلاف دولار بأى حال بينما لا يتجاوز نصف هذه القيمة فى السودان لخصوبة التربة وتوافر المياه الجوفية وكثرة فروع النيل، وتستفيد السودان عن طريق استصلاح واستزراع الكثير من أراضيها الزراعية ومن ثم زيادة الإنتاج ورفع الكفاءة الإنتاجية، وبذلك يزيد الدخل الفردى والدخل القومى، وتشغيل العدد من العاملين بالسودان مما يحقق القضاء على الكثير من العمالة العاطلة، هذا فى الجانب الاقتصادى والاجتماعى.
المجال السياسى
أما الجانب السياسى فإن التكامل بين مصر والسودان وليبيا سيمنع انفصال دارفور مثلما حدث فى الجنوب السودانى؛ وذلك باستغلال ثقل مصر السياسى، وكذلك النفوذ الليبى لوجود روابط قبلية وعلاقات تاريخية بين زعماء القبائل فى ليبيا والسودان، ويكفى أن نعلم أن نظام مبارك تخلى عن دعم السودان فى مشكلة الجنوب مما أدى لانفصال الإقليم الجنوبى عن الدولة الأم بعد استنزاف أموال طائلة وأرواح المواطنين، كما أدى هذا التقسيم إلى عدم استكمال مشروع قناة جونجلى مما حرم مصر والسودان من قرابة 7 مليارات متر مكعب من مياه النيل الأبيض تقسم مناصفة بين مصر والسودان، التى تضيع سنويا فى أحراش ومستنقعات جنوب السودان بالإضافة إلى تجفيف مليون ونصف فدان من المستنقعات تصلح للزراعة، مما يقضى على مخاوف العطش والفقر المائى وكذلك ينهى مشكلة الفجوة الغذائية، ويزيد من اتساع الرقعة الزراعية بالسودان ومصر ويعود بالخير على البلدين الشقيقين.
بالإضافة إلى تكامل الدورين المصرى والسودانى فى البحر الحمر التى تسعى إسرائيل للسيطرة عليه، وفى تعضيد كل منهما الآخر سوف يقضى على محاولات التلاعب فى حصصهما المائية والتى تحاول بعض الدول الإفريقية بناء بعض المشروعات على موارد النيل مما يقلل من حصتى الدولتين، كما أن زيادة موارد مصر من المياه سوف تزيد من إكمال مشروعاتها الكبرى فى زراعة الصحراء، كما أن التكامل سيجعل لمصر دورًا أكبر فى بناء الجيش الليبى وعدم ترك ليبيا للغرب حلف الناتو أو أمريكا.
وهناك فائدة كبرى للتكامل ستعود على مصر بتشغيل الكثير من العمالة المصرية فى قطاع الزراعة والثروة الحيوانية والتصنيع الزراعى والحيوانى بالسودان، حيث إن هناك مجالًا لتشغيل ما يقرب من 2 مليون عامل، أما ليبيا فسوف تستثمر أموالها وفوائضها من البترول فى مجال المشروعات المختلفة المشتركة فى هذه الدول الشقيقة التوأم وسيعود ذلك بفوائد كبيرة اقتصادية واجتماعية على الجماهيرية الليبية.
زيارة مرسى
ومما يبعث على التفاؤل الروح الطيبة التى تجلت بوضوح فى الزيارة الأخيرة للرئيس مرسى للسودان؛ حيث تعمد البقاء فيها يومين وليس قضاء عدة ساعات مثلما كان يفعل المخلوع مبارك، وكأنه يملى شروطه أو يلقى أوامره وهو ما كانت تبغضه الإدارة والشعب السودانى ويرفضونه ويعدونه نوعًا من التعالى والتكبر الذى كان يمارسه نظام مبارك على الأفارقة، وعلى النقيض من ذلك كانت زيارة "مرسى" التى ظهر فيها جليا حفاوة الاستقبال الرسمى والشعبى، وعبر الجانبان عن رغبتهما الأكيدة فى زيادة حجم وسقف التعاون القائم بينهما، لا سيما فى المجال السياسى والاقتصادى والتجارى والاستثمارى"، مشيرين إلى "التوجيه بإحداث نقلة نوعية فى هذا الجانب، من خلال الإسراع فى معالجة وتجسيد مجموعة المشروعات، ذات الطابع الإستراتيجى، والمدرجة فى جدول اللجنة العليا، واللجان الفرعية الفنية المشتركة".
واتفق الجانبان على "ترفيع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين إلى المستوى الرئاسى، لإعطاء المزيد من قوة الدفع لمشروعات التعاون القائمة، فضلًا عن زيادة حجم الاستثمارات المتبادلة، وإزالة العقبات التى تعترض سيرها".
والتزم الجانبان ب"تشجيع القطاع الخاص فى البلدين على القيام بدوره المنوط به فى هذا الصدد، وعلى تبسيط الإجراءات، وتسهيل حركة البضائع والركاب عبر المنافذ الحدودية".
وتأكيدًا من الجانب السودانى على جديته فى تشجيع وترقية التعاون بين البلدين فى المجال الصناعى، قدم الرئيس السودانى عمر البشير لنظيره الدكتور محمد مرسى، عقب المباحثات، قطعة أرض مساحتها مليونى مترًا مربعًا، لإقامة المدينة الصناعية.
وثمن الجانبان، فى بيانهما الختامى الدور المتعاظم، الذى يمارسه مجلس رجال الأعمال المشترك"، مرحبين بنتائج الاجتماع المشترك للمجلس، ضمن أجندة برنامج الزيارة، والاتجاه الجديد للمجلس، المتمثل فى "تأكيد جاهزيته لمواكبة التطورات الإيجابية والمحفزة، فى ملف العلاقات بين السودان ومصر، لا سيما فى مجال التجارة والاستثمار".
وأضاف البيان أن "الجانبين السودانى والمصرى سعيدان بإنشاء الطريق البرى بين البلدين، المقرر بدء تشغيله خلال الأيام المقبلة، الذى من شأنه تسهيل وزيادة حركة انتقال الأفراد والمنتجات بين السودان ومصر"، مشيرًا إلى "ما لذلك من آثار إيجابية على جهود التكامل بين البلدين، وما يمثله هذا الطريق من حلقة ربط أساسية، فى المشروع الإفريقى الطموح، لإنشاء طريق الإسكندرية/كيب تاون، الذى يربط شمال القارة مع جنوبها".
واتفق الجانبان على "مواصلة التنسيق لدعم عملية السلام فى دارفور، بمرجعية وثيقة الدوحة لسلام دارفور"، مشيدين "بما تقوم به مصر من إعمار وخدمات فى الإقليم".
وتم الاتفاق أيضًا على "دفع الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار فى مصر، والعمل على استعادة دورها الريادى فى المنطقة، لما يحمله هذا الدور من أهمية إستراتيجية لإفريقيا، وللعالمين العربى والإسلامي"، وتمت الإشارة أيضًا إلى قرب اجتماع تدعى إليه الإدارة الليبية لبحث سبل التنسيق المشترك.
كما أكد الرئيس مرسى فى أثناء المؤتمر الصحفى عدم وجود خلاف حول الحدود بين مصر والسودان، رغم تعمد صحف الفلول وأعداء الثورة إثارة هذا الملف من جديد لبث روح العداء والكراهية من جديد مع السودان، والادعاء أن الرئيس مرسى تعهد بالتنازل عن حلايب وشلاتين للسودان، وهو ما نفته الرئاسة فى بيان رسمى.
وأمّن على وضع خطة عمل لتنفيذ الشراكة الاقتصادية بجانب توجيه المزيد من الاستثمارات المصرية نحو السودان، مؤكدًا وجود رغبة حقيقية من قادة الدولتين لتطوير كافة أوجه التعاون بين القاهرة والخرطوم، "لكن ذلك لن يتم ما لم يتخذ الجانبان خطوات عملية ذات تأثير شعبى كبير".
وأشار إلى وجود "أياد خارجية ربما تسعى لتعطيل أى اتفاق تعاونى بين الخرطوم والقاهرة، متوقعًا انفتاحًا جزئيًا "كجس للنبض قبل الدخول فى مشروعات حقيقية متبادلة".
ونخلص مما سبق أن زيارة مرسى للخرطوم عكست رغبة فى تعزيز التعاون بين مصر والسودان فى مختلف المجالات، وتجنب رئيسا السودان ومصر فى فاتحة اجتماعاتهما المشتركة الخوض فى أية قضية سياسية ذات طابع خلافى بينهما.
واستبق وزير الإعلام السودانى أحمد بلال عثمان الاحتمالات كافة بإعلان أن الخرطوم لن تفتح أى ملف خلافى مع مصر خلال الزيارة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.