بعد إعلان وزارة الصحة عن إرسال مشروع قانون التأمين الصحى الاجتماعى الشامل للبرلمان لإقراره فى أولى جلساته، مؤكدة أنه من أهم التشريعات التى أنجزتها الوزارة لخدمة المواطن المصري, إلا أن نقابة الأطباء دشنت حملة شرسة ضد القانون واعتبرته ضد الفقراء ويساهم فى خصخصة المستشفيات الحكومية, بالإضافة إلى تحويل العاملين لنظام التعاقد بدلا من التعيين وإلغاء التزام الدولة بتكليف الأطباء والصيادلة والتمريض,كما أبدت تخوفها من رفع نسب المساهمات أو الاشتراكات خلال فترة وجيزة من تطبيق القانون، وأرسلت نقابة الاطباء مذكرة بها ال 12 سببا لرفض القانون لكل من رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، ووزير الصحة وأعضاء مجلس النواب والنقابات الفرعية والاتحاد العام لعمال مصر. أكدت نقابة الأطباء رفضها للقانون لإحتوائه على عدة مشكلات جوهرية كما أنه لا يلبى طموحات المصريين لتأمين صحى اجتماعى شامل حقيقى كما لا يوجد به ضمان بالحفاظ على أى حقوق مكتسبة للأطباء والعاملين بالوحدات الصحية والمستشفيات العامة والمركزية والتعليمية والمؤسسة العلاجية والتابعة لأمانة المراكز الطبية المتخصصة بعد تعاقد هيئة المستشفيات والرعاية الصحية، مشيرة إلى أنه يتم تحويل العاملين لنظام التعاقد بدلا من التعيين وإلغاء التزام الدولة بتكليف الأطباء والصيادلة والتمريض. وأشارت النقابة إلى أنه فى حالة حدوث عجز فى ميزانية التأمين الصحى يتم العرض على مجلس النواب لتعديل الاشتراكات والمساهمات، موضحة أن مميزات إعفاء غير القادرين والمعاشات وذوى الأمراض المزمنة من المساهمات وكذلك عدم وجود أى مساهمات عند دخول المستشفيات هى مميزات غير ثابتة وممكن التراجع عنها، مضيفة أن الأصل فى التأمين الصحى أن المريض يدفع اشتراكًا بشكل منظم ودائم حتى لا يضطر لدفع أى رسوم أو مساهمات عند المرض، وشددت على أن التعاقد مع القطاع الخاص يكون بسعر موحد. فرض رسوم وأضافت أن القانون نص على فرض بعض الرسوم والمساهمات البسيطة فى العيادة أو عند صرف العلاج كضابط لمنع سوء استخدام خدمة التأمين الصحى ولكن لا يمكن القبول إطلاقا بفرض مساهمات عند إجراء التحاليل والأشعة لأنها فحوص لازمة لتشخيص المرضى وعلاجهم. وانتقدت النقابة بند الحرائق والكوارث الطبيعية ويخشى منه أن يتم إخراج علاج المحروق من التأمين الصحى وأبدت تخوفها من قيام الخبير الإكتوارى برفع نسب المساهمات أو الاشتراكات خلال فترة وجيزة من تطبيق القانون. وطالبت نقابة الأطباء بالتأكيد على طبيعة الهيئة «هيئة خدمية غير ربحية»، وأن وزارة الصحة ملزمة برفع مستوى الجودة فى المستشفيات والوحدات الصحية التابعة لها وهيئة التأمين الصحى ملزمة بضم جميع المستشفيات والوحدات الحكومية لخدمات التأمين الصحى بدون تعاقد مع التأكيد على الحفاظ على هذه الممتلكات العامة كممتلكات للشعب لا يمكن خصخصتها أو القبول بشراكة القطاع الخاص فيها كما أن هذه المستشفيات والوحدات هى أداة الدولة فى ضبط الخدمة الصحية. وأشارت نقابة الأطباء إلى أهمية الحفاظ على حقوق العاملين بالمستشفيات والوحدات التى ستنتقل لهيئة تقديم الخدمات الصحية مع التأكيد على ضرورة تحسين الأوضاع المادية والتعليمية والتدريبة للعاملين كأحد شروط تحسين الجودة، وضرورة وجود رقابة شعبية باشتراك منظمات المجتمع المدنى والنقابات المهنية المعنية بالصحة فى الرقابة على كافة مستويات الخدمة (الخدمة والوحدات والمستشفيات والهيئات). سلبيات تشريعية وقال الدكتور إيهاب الطاهر أمين عام نقابة الأطباء إن هناك سلبيات فى القانون منها نطاق تطبيق أحكام القانون والذى يشمل أجر الاشتراك هو كل ما يحصل عليه المؤمن عليه من مقابل نقدى وتم إضافة جميع البدلات إلى الأجر الذى يحسب منه الاشتراك ولكن تم استثناء بدلات الانتقال والسفر والوجبة والسكن والسيارة لمواجهة أعباء المعيشة بالخارج وليس من المقبول أن يتم استثناء بدلات كبار الموظفين والذين يعيشون بالخارج على نفقة الدولة. وانتقد الطاهر تعريف الخدمات العلاجية بالقانون حيث تم إلغاء عبارة «كافة أنواع العلاج الطبى» التى كانت موجودة بصياغة سابقة مما يعطى تخوفا من احتمال عدم شمول القانون لجميع الخدمات العلاجية مستقبلا مما سيعتبر مخالفة لنص المادة 18 من الدستور المصرى. واعترض الطاهر على تعريف الكوارث الطبيعية بأنها الظواهر الطبيعية المدمرة مثل الزلازل والحرائق والبراكين وغيرها التى لن تغطيها خدمة التأمين الصحى مؤكدًا أنه يجب إلغاء الحرائق من الكوارث الطبيعية لأنها تحدث يوميا ويجب عدم تنصل التأمين الصحى من علاج مصابى الحرائق. وهاجم أمين عام نقابة الأطباء تعريف غير القادرين بالقانون على أنها الأسر التى يتم تحديدها بمعرفة وزارة التضامن مؤكدا أنه يجب تعريفهم بأنهم من يحصلون على أقل من الحد الأدنى للأجور الذى تحدده الدولة وليس فقط الحاصلين على معاش الضمان الاجتماعى. وأشار الطاهر إلى عدم وجود ممثلين فى لجنة تسعير الخدمات الطبية، مشيرا إلى أن معظم مستشفيات الحكومة لا يوجد بها معايير جودة لعدم الإنفاق عليها وبالتالى فإن مسئولية الحكومة هى الانفاق على هذه المستشفيات، وأكد أنه يجب ألا تكون الجودة هى الباب الخلفى للاستغناء عن المستشفيات الحكومية أو خصخصتها بدعوى عدم تحقيقها لمعايير الجودة. قانون تجارى وقال الدكتور محمد حسن خليل منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة أن اللجنة قامت بحملة ضخمة لمنع إقرار القانون لأنه يحول التامين الصحى من قانون اجتماعى إلى قانون تجارى يهدف للربح وأن عددًا كبيرًا من المصريين غير قادرين على دفع المساهمات مشيرًا إلى أن التامين الشامل تم تعديله فى عهد عدد من الوزراء إلا أنه ما زال حتى الآن نفس القانون الذى وضعه حاتم الجبلى وما تم تغييره فقط هو نسب المساهمات, مؤكدا أن الدستور الحالى يلزم الحكومة بالتأمين الصحى على جميع المواطنين وضد كل الأمراض وبالتالى ما تفعله الحكومة الآن مخالفا للدستور. وتواصلنا مع الدكتور على حجازى رئيس هيئة التأمين الصحى للرد على الاتهامات الموجهة للقانون إلا إنه رفض الإدلاء بأى تصريحات قائلا «أنا مالى مش هرد عليكوا واكتبوا اللى انتو عايزينوا». ومن جانبه أكد الدكتور أحمد عماد راضى وزير الصحة والسكان أن مسودة قانون التأمين الصحى الشامل جاهزة وستعرض على البرلمان بعد خضوعها للنقاش المجتمعى لأكثر من مرة. وأضاف أن نظام التأمين الصحى إلزامى لجميع المصريين ويقوم على مبدأ التكافل بمعنى أن من معه يكفل من ليس معه وأن الدولة ستكفل غير القادرين بحسب قرار وزارة التضامن الاجتماعى. فصل التمويل عن الخدمة وأوضح راضى أن أهم ملامح القانون أنه سيتم فصل التمويل عن الخدمة وجميع المصريين سيحصلون على كارت التأمين من واقع بطاقة الرقم القومى وأنه بالفعل بدأت طباعة هذه الكروت تمهيدًا لتوزيعها على المستفيدين، مضيفا أن هناك حزمة خدمات طبية ستغطى كافة الأمراض وأن هناك هيئة تسمى الرقابة الطبية ستكون تابعة لرئيس الجمهورية مباشرة وهى التى تراقب أداء المستشفيات وتعطى أو تلغى التراخيص وهى التى ستحدد المستشفيات التى تقدم الخدمة للمستفيدين من نظام التأمين الصحى الشامل. وقال وزير الصحة نحن نمتلك الأموال اللازمة لتغطية تكلفة الخدمة فى المحافظات التى سيتم تطبيق التأمين الصحى فيها بالسنة الأولى، ومشكلة الاستدامة المالية للسنوات المقبلة سنحاول تدبيرها خلال الفترة المقبلة، لافتا سوف يكون هناك إلزام للمواطنين بدفع نسبة الاشتراكات خاصة أن لدينا 48% من الشعب المصرى متخارج من قانون التأمين الصحى وبالتالى لابد من إلزام جميع المصريين بالمساهمة بنسبة لضمان الاستدامة المالية.