عفت سعيد - داليا كامل مجدى الشاذلى - روضة فؤاد هبة مظهر تفشى الإيبولا فى غرب أفريقيا ومنها إلى جميع قارات العالم.. تصاعد العنف من قبل بوكوحرام فى نيجيريا.. اشتعال القتال فى دولة جنوب السودان الوليدة.. ازدياد التوتر بين الغرب وروسيا على خلفية أزمة أوكرانيا.. تعثر مباحثات النووى الإيرانى.. افتضاح العنصرية الأمريكية ضد المواطنين السود.. صعود اليمين المتطرف فى أوروبا وتنامى الحركات الانفصالية.. كلها ملفات ساخنة شغلت الرأى العام العالمى على مدار عام 2014، والذى أوشك على الرحيل دون أن يقدم العالم حلولا شافية لهذه الأزمات تاركا للعام الجديد 2015 ميراثا ثقيلا، وأجواء ملبدة بالأوبئة والعنصرية والصراعات المسلحة..! لم يختلف عام 2014 فى أفريقيا عما سبقه من أعوام عانت فيها القارة السمراء من ويلات الحروب الأهلية والصراعات المسلحة وتفشى الأمراض، ولكن المتغير الملحوظ دائما فى أفريقيا هو توقيت الحدث ومكان تفجره داخل القارة، فما شهدته أفريقيا خلال العام الذى يودعنا الآن، يكاد يكون امتدادا لأحداث مشابهة مرت بها القارة سابقا، سواء تجسد هذا فى حوادث العنف والإرهاب التى مارستها جماعة بوكوحرام على مدار العام فى نيجيريا، أو فى النزاع الدموى بين المتصارعين على السلطة فى جنوب السودان، أو فى التفشى المفزع لفيروس الإيبولا غرب أفريقيا وحصده لآلاف الأرواح..كأهم ثلاثة أحداث نسلط الضوء عليها فى هذا التقرير.. بوكوحرام رغم ظهورها فى أواخر عام 2003، كجماعة دينية فى مدينة مايدوجورى، العاصمة الإقليمية لولاية «بورنو» النيجيرية، على يد مؤسسها محمد يوسف، وهو رجل دين إسلامى نيجيرى، ورغم مقتل نحو 9 آلاف شخص، ونزوح نحو 1.5 مليون آخرين بسبب الإرهاب الذى مارسته هذه الجماعة، إلا أن عام 2014 كان الأكثر دموية خلال خمس سنوات من تمرد جماعة «بوكو حرام» النيجيرية المتشددة. وجذبت هذه الجماعة المتطرفة أنظار العالم باختطافها لأكثر من 270 فتاة من إحدى المدارس المسيحية فى منطقة «شيبوك» بولاية «بورنو» شمال نيجيريا، وما تبع ذلك من تحركات قادتها على الأرض عدة دول غربية لتحرير هؤلاء الطالبات، دون إحراز أى نجاح يذكر، وعقب ذلك تمكنت جماعة بوكوحرام من تكثيف هجماتها الإرهابية والتى سقط جرائها مئات القتلى مما ألحق بالغ الضرر بصورة الإسلام المتضررة بالفعل منذ أحداث سبتمبر 2001. ووفقا للإحصائيات، قتل 7 آلاف شخص على الأقل فى هجمات بوكو حرام بين شهرى يناير، ويونيو الماضيين فقط، وهو رقم يفوق بكثير إجمالى عدد الضحايا فى عام 2013، وذكرت «شبكة أمن نيجيريا» وهى منظمة غير حكومية متخصصة فى تتبع الإصابات، أن أكثر من 940 شخصا قتلوا فى هجمات المسلحين خلال شهر نوفمبر وحده، وأن شهر مايو، أكثر الشهور دموية بعدد قتلى يقدر بأكثر من 4000 شخص. ومع تصاعد هجمات «بوكو حرام» على القرى فى الولايات الشمالية الشرقية تحول المزيد من المواطنين النيجيريين إلى لاجئين، وأغلقت السلطات معظم المدارس فى المنطقة الشمالية، ما اضطر ملايين الشباب لترك دراستهم. إذ تشير إحصاءات صادرة عن ائتلاف منظمات المجتمع المدنى فى نيجيريا، إلى تدمير نحو800 مبنى مدرسة، وتضرر نحو 195 ألف طالب جراء التمرد فى شمال شرق البلاد. صراع الجنوب فى بلد يعيش أكثر من نصف سكانه فى فقر مدقع، ويحيط به شبح المجاعة من كل جانب، لا يزال طرفا الصراع على السلطة فى جنوب السودان يصران على مد أمد الصراع دون أية بوادر حلول للمواجهات الدموية التى تهدد بتحول جنوب السودان إلى دولة فاشلة بعد ثلاث سنوات فقط من الإعلان الرسمى لاستقلالها عن السودان فى 9 يوليو 2011. ومنذ أعلن سلفاكير فى شهر يناير الماضى أن نائبه ريك مشار قاد محاولة انقلاب عسكرى فاشلة، وجنوب السودان يشهد مواجهات دموية بين القوات الحكومية ومسلحين تابعين لمشار، وأدى القتال الدائر بين الطرفين على مدار ثمانية شهور إلى دخول البلاد فى حالة مأساوية من الفوضى والجوع، وأدى الصراع إلى مقتل الآلاف وتشريد أكثر من 1,8 مليون مواطن جنوبى. وفى ظل الإصرار الشديد لدى كل من رئيس البلاد سلفاكير ميارديت وغريمه ريك مشار زعيم المعارضة، على فرض شروطه على الآخر، فى الوقت الذى يرفض كلاهما الاستجابة لأية شروط مسبقة لحل النزاع..يبدو أن الطريق لا يزال شائكا أمام الطرفين المتنازعين (سلفاكير ومشار) اللذين التقيا لأول مرة فى القمة الرابعة للإيجاد الخاصة بأزمة جنوب السودان، والتى عقدت خلال شهر سبتمبر 2014 بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا. إيبولا..المرعب ربما فى الوقت الذى كانت الولاياتالمتحدة تغازل فيه القارة السمراء مع انعقاد أول قمة أفريقية أمريكية بناء على دعوة من الرئيس الأمريكى باراك أوباما، والتى حضرها فى واشنطن نحو 50 زعيما من قادة الدول الأفريقية تحت عنوان «الاستثمار فى الجيل القادم»، كان الغرب الأفريقى يئن تحت وطأة فيروس «إيبولا» الخطير، والذى أخذ يفتك بمواطنى كلّ من سيراليون وليبيريا وغينيا، ووصل عدد ضحاياه إلى 7518 حالة وفاة مع تسجيل 19340 إصابة مؤكدة حسب إحصاء لمنظمة الصحة العالمية. ورغم التجاوب الذى أبداه البنك الدولى، وإعلانه خلال انعقاد القمة الإفريقية الأمريكية عن تخصيص 200 مليون دولار كمساعدات طارئة لكل من غينيا وليبيريا وسيراليون على مواجهة وباء «الإيبولا»، إلا أن هذه المساعدات المالية لم تكن كافية لمحاصرة المرض المتفشى فى دول تعيش على اقتصاديات هشة وتحتاج للمساندة الفاعلة والعاجلة فى ظل تحذير منظمة الصحة العالمية من كوارث اقتصادية واجتماعية اذا انتشر وباء إيبولا بصورة خارجة عن السيطرة. وبعد اكتشاف حالات مصابة بالمرض فى الولاياتالمتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبى سارعت هذه الدول بتكثيف دعمها لمواجهة الإيبولا، وشرعت الأممالمتحدة فى تطبيق حملة جديدة عرفت بخطة «70/70/60»، وتنطوى على توفير الدفن الآمن ل 70 فى المائة من ضحايا الإيبولا، وعزل 70 فى المائة من الحالات المشتبه فيها، وذلك خلال فترة 60 يوما. وأكد بروس أليوارد، المدير المساعد لمنظمة الصحة العالمية، على حدوث تغير كبير للأفضل منذ أن أعلنت الأممالمتحدة خطتها للتعامل مع الإيبولا»..