يرى البعض من جمهور الفرق الموسيقية المتخصصة فى إعادة تراثنا الغنائى أنه لا ضرورة لوجود قائد «مايسترو» لها فهى تعزف لحنا ميلوديا ومن النادر أن يصاحبه خط آخر من الهارمونى أو الكونتر بونيط، بينما يرى آخرون ضرورة وجود قائد يوحد العزف ويعطى إشارتى البداية والنهاية، غير ذلك مما يتطلبه العزف الجماعى على المسرح. ومنذ ظهور عبد الحليم حافظ على الساحة الغنائية، وقد عمل على زيادة عدد أعضاء الفرقة الموسيقية المصاحبة لغنائه. وساعده أحمد فؤاد حسن الذى كان قد أعلن عن تكوين الفرقة الماسية بأن اتفق مع عدد من العازفين المهرة من فرقة الإذاعة حينئذ وأيضا من فرق أخرى للعمل فى المجال، واستعان عبد الحليم بالموسيقار على إسماعيل فى توزيع بعض أغانيه وقيادة الفرقة فى بعض حفلاته خاصة التى كان يحييها فى مناسبة ذكرى ثورة يوليه 1952 فضاعف على إسماعيل عدد أعضاء الفرقة مرة أخرى، وأضاف آلات من فصائل مختلفة مثل النفح والإيقاع كما ضاعف عدد آلالات الوترية من كمان وشيللو وكونترباص وغيرها لتناسب الشكل الغنائى بالتوزيع الموسيقى الذى كان عبد الحليم وعلى إسماعيل يحرصان على تقديمه؟ ومن هنا أصبح القائد (المايسترو) من غناء العندليب ضرورة، وحرص أحمد فؤاد حسن أن تتمسك فرقته الماسية بالأسلوب العلمى فى العزف من حيث توحيد حركة القوس الخاص بآلات الكمان والمظهر المشرف لأعضاء الفرقة والتعامل المهذب معهم. وكان يستعين بخريجى المعاهد الموسيقية ليجلسوا فى صفوف خلفية من أجل التدريب والإحتكاك بجيل النجوم والعمل مع كبار المطربين العرب. ويستحسن أن يكون المايسترو العربى عازفًا لآلة أصلًا. ولا يكتفى بدراسة التأليف الموسيقى ثم القيادة، فالعازف على آلة يتحول إلى قائد يكون أكثر إحساسًا بالعازفين الذين يقودهم، والعزف أساسه الإحساس وليس النوتة الموسيقية فقط، وكان الموسيقار رياض السنباطى يرفض أن يعتمد العازف على النوتة الموسيقية وإنما هى بالنسبة له مجرد تفكير بأصل اللحن. وعبد الحيلم نويره كان قائدًا ومعلمًا وكان يطلق على البروفات التى تجريها فرقة الموسيقى العربية (عبد الحليم نويره فيما بعد) محاضرات وليست بروفات، فهو يسلطن الأعضاء بصوته ويتحدث إليهم مفسرًا وشارحًا مسلطا الضوء على اللمسات الجميلة فى الأعمال التى تعزفها الفرقة. وكان نويره يكتب بعض الجمل الموسيقية بين المقاطع من نفس نسيج اللحن الأصلى ليقضى على الملل الذى كان من الممكن أن يتعرض له مستمع هذه الأعمال التراثية، كما كان يزخرف بعض الجمل الطويلة بما لا يبعد اللحن الأصلى عن طابعه الخاص، وفرض آداب العزف من توحيد الأقواس والتباين فى الأداء بين القوة والدقة وهو المعروف فى الموسيقى العالمية ب «النيانس» وفرض شكلًا لآداب الاستماع ومنع استحسان الجمهور أثناء الأداء، كما كان حريصًأ أن تجرى البروفات من حجرة ذات أرضية من خشب يمتص صدى الصوت ليصبح الإستماع أدق ولنفس السبب استغنى عن ميكروفونات المسرح، كان عبد الحليم نويره رائدًا وأستاذا لأعضاء فرق الموسيقى العربية وقد تعلم منه كثيرون أصبحوا فيما بعد نجومًا فى مجال القيادة فى الموسيقى العربية كان نويره ممن قادوا فرقة الإذاعة المصرية الموسيقية، مثل عزيز صادق وإبراهيم حجاج وعطية شراره وغيرهم. تعلم إبراهيم حجاج (1966-1987) العزف والتأليف والتوزيع والقيادة على يد خواجات كانوا يقيمون فى مصر وانضم كعازف على الكمان إلى فرقة تكونت من عازفين على آلات عربية وغربية معا بقيادة الخواجة «كانتونى» مدير دار الأوبرا الخديوية ثم كون فرقة مماثلة من عازفين مصريين وأجانب واتجه لتأليف الموسيقى التصويرية للأفلام وقاد أوركسترا الإذاعة السيمفونى وأنشأ الفرقة الموسيقية للفرقة القومية للفنون الشعبية، وشارك فى الإنتاج الموسيقى المصرى بالكتابة للسينما والمسرح والبرامج الإذاعية التلفزيونية والتوزيع الموسيقى ومن أعماله أغانى فيلم «عايدة» لأم كلثوم من ألحان محمد القصبجى ورياض السنباطى وكتب عشرات المقطوعات الموسيقية للإذاعة كان عطاء المايسترو إبراهيم حجاج وفيرا ولم يتناسب مع ما حققه من شهرة.