قدم أوركسترا القاهرة السيمفونى حفلاً موسيقياً أمتع الجماهير للملحمة الغنائية كارمينا بورانا للمؤلف الألمانى كارل أورف والتى أبدعها فيما بين عامى 1935 و1936 وقدمت لأول مرة فى مدينة فرانكفورت عام 1937 ومنذ هذا الحين تعتبر من أشهر وأنجح الأعمال الموسيقية على وجه الإطلاق. وكتبها أورف فى صيغة الكانتاتا وهى مقطوعة موسيقية ذات طابع غنائى فردى أو جماعى بمصاحبة مجموعة من الآلات ،ولم يكتبها فى الشكل المعتاد للأوبرا مما أدى لتميزها وتفردها عن التناول التقليدى.. وكارمينا بورانا كلمة لاتينية تعنى أغانى دنيوية ،وهى مليئة بأجواء سحرية تخلب الألباب والعقول وتسيطر على المشاعر والأحاسيس ،كما أن موسيقاها تخاطب العالم أجمع فى كل مكان وزمان. وتقول الناقدة الموسيقية د.رانيا يحيى تبدأ الملحمة بمقدمة يليها أجزائها الثلاث وتتسم ألحانها بالانسيابية لتعبر عن الفكرة الفلسفية للعمل من خلال بعض المقاطع الموسيقية ذات الحبكة والتوزيع المتناغم ،ويعتمد أورف على تغيير الموازين وهى إحدى سمات موسيقى القرن العشرين ،واستخدم الصمت فى بعض الأحيان لزيادة العمق الدرامى ،كما تنوعت المصاحبة ما بين البوليفونية والهارمونية ،واتسمت الإيقاعات بالتركيب والتعقيد أحياناً مع تغيير فى السرعات ،وارتكز المؤلف على آلات الإيقاع التى تؤدى لحن إيقاعى يطرق المسامع يرافق لحن الغناء ويظل يتكرر معبراً عن اليأس الذى يفرض نفسه على الإنسان من خلال إلهة الحظ «فورتونا»، واستخدم النبر فى الآلات الوترية أحياناً للتعبير بها كآلة نقر إيقاعية، بينما وضع آلات النفخ فى مساحات صوتية لتتناسب مع أداء الكورال. وفى هذه الأسطورة السيمفونية لا يقل دور الكورال أهمية عن دور الأوركسترا بل أدى هذا التلاحم فيما بينهما لزيادة البعد الجمالى وتعضيد الأثر النفسى من خلال الصوت البشرى ،كذلك أضاف المغنون المنفردون تعميق الرؤية الفلسفية فى معاناة البشر فى هذه الحياة الدنيوية. وكان للمايسترو تأثير كبير على نجاح العمل حيث يتحلى عباسى بكاريزما تجذب إليه الجماهير من كل مكان وكأنه البؤرة التى يرتكز عليها الجميع، وكذلك مغنى الكورال الذين تفاعلوا بكل ما لديهم من رغبة شعورية مع القائد ليصل لنا العمل بهذه الصورة ..أما عن مغنين الأوبرا المنفردين فقد ثبتت مهارتهم الغنائية لأداء كارمينا بورانا بصعوبتها البالغة.