بعيدًا عن الشعارات الجوفاء التى تتحدث عن الوحدة الوطنية وتعانق الهلال مع الصليب، قرر نادر ونيس مدير مركز أركان للإبداع بكاتدرائية القديس مرقص بالإسكندرية التعامل مع المشكلة بشكل مختلف.. حيث رأى أن الكنيسة مجتمع مغلق بالنسبة للمسلمين، وأن هذا الانغلاق جعل من السهل أن تخرج شائعات عديدة مثل: «الكنيسة تحتوى على أسلحة.. الكنيسة لا هم لها إلا التبشير» وغيرها من الكلام المرسل الذى يفتقد المصداقية لكنه للأسف يتردد بشكل كبير.. فى الوقت الذى تغلق الكنائس الأبواب على نفسها وتكتفى بالدور الدينى والروحانى فقط. وقرر أن يفتح أبواب الكنيسة لكل أفراد المجتمع المسلمين قبل المسيحيين، وحتى لا يقال إنه يفعل ذلك من أجل التبشير ودعوتهم للمسيحية، قرر أن يكون مجال التعاون فى الإبداع والثقافة بشكل عام، من خلال ورش عمل فى كل المجالات واشترط أن يكون قائدها مسلما، مشيرًا إلى أنه قام بتلك التجربة منذ عامين تقريبا نظم خلالها أكثر من 20 ورشة ثقافية وشارك فيها أكثر من 500 شاب مسلم.. «أكتوبر» التقت نادر ونيس للتعرف عن تلك التجربة. يقول ونيس: إن هدفنا هو نشر التسامح والمحبة إلا أن هذه الأهداف لا تصل مع الأسف بشكل واضح للمجتمع الواسع من حولنا، وكنت دائما فى حيرة من أمرى كيف يمكن أن تصل هذه المفاهيم دون أن يساء فهمنا، وكنت أخشى أن أقيم أى نشاط بالكنيسة فيتم تأويله بشكل آخر، وقبيل بدء ثورة 25 يناير قمت بعقد عدة ورش عمل فى مركز الإبداع بالإسكندرية، وبعد انطلاق الثورة جلسنا داخل الكاتدرائية لنفكر فى حل، ووجدنا أن الحل فى أن يكسر المسيحى السور الذى بناه حوله وفرض عليه، وقد لاقت دعوتى ترحابًا كبيرًا فى الأوساط الكنسية خاصة أن كنيستنا «القديس مرقس» وعميدها الدكتور القس سامى شحاتة تتعامل بشكل دولى وفكرتنا الرئيسية هى الإنسان نفسه، والمشكلة كانت داخل مصر وليس خارجها. وأضاف وصلنا لفكرة إنشاء مركز ثقافى لبناء الشباب وتنمية إبداعاتهم، وهو مركز أركان للإبداع ليكون المركز إحدى مؤسسات الكاتدرائية وكانت هناك ثلاثة شروط لمن يمارس نشاطًا داخل المركز الثقافى هى: ألا يتحدث فى الدين أو السياسة أو الرياضة، لأن هذه العناصر الثلاثة بها اختلاف وتؤدى إلى الانقسام، وكل طرف يحاول أن يثبت رأيه ويكون ضد الطرف الآخر مما يسبب فرقة بينهم، وهو ما لا نبغيه ولا نحبه لذا اشترطت أن يكون كل مدير ورشة مسلمًا، ويكون مسئولاً عنها مسئولية كاملة، دون أى تدخل منا، فنحن نوفر المكان وننسق لهم المواعيد، وعليهم أن يختاروا نشاطهم وطريقة إدارته بأنفسهم، علما بأن كل الورش حتى هذه اللحظة تطوعية. وتابع إن البداية كانت مع ورشة للتصوير تمت بالتناسق مع مجموعة «فيو فيندر» وكانت الورشة عن مبنى الكاتدرائية نفسه لأن هذا المبنى بنى من مسلمين ومسيحيين ويهود، فباب الكنيسة بالكامل إسلامى، والزخارف التى على السور إسلامية، وقد تم عمل معرض من نتاج هذه الورشة، وقام أعضاء الورشة بإهداء الصور بعد انتهاء المعرض للكنيسة فى لافتة رائعة منهم، ليصبح لدينا متحف صور من شباب مسلمين مهدى إلى الكنيسة. واضاف بعد ذلك بدأنا فى التوسع فى ورش عمل فى مجالات متعددة لأننا وجدنا أن الشباب يحتاج إلى من يخرج أفكارهم، وكونت حلقات نقاشية وبرنامج عن الإدمان، وغيرها، وبحثت عما يريد الشباب وليس عما نريد نحن، ونجحت هذه الورش حتى تحول بعضها إلى مدارس، فأصبح لدينا مدرسة خط عربى، وهو عمل يتم لأول مرة فى تاريخ الكنائس. ويقول ونيس حققنا أكثر من 20 ورشة فى عامين فقط وأصبحت هذه الورش مستمرة طوال العام مرة أو مرتين أسبوعيا، ومنها ورش فى التصوير الفوتوغرافى والسينمائى وحقوق الإنسان، والرسم والخط العربى، كما لدينا مدرستان فى الغناء ومدرستان فى المسرح، كل هذه الورش تضم من 500 إلى 600 شاب يمارسون الأنشطة داخل الكنيسة. وقد خصصنا يوم السبت لنادى الرسم للجميع، ويوم الاثنين لكل من: مدرسة الفنون التمثيلية ومدرسة الخط العربى ومنتدى الغناء المصرى، وورشة فنون سينمائية، وورش حقوق الإنسان وحركة الدفاع عن مصر، وفى يوم الثلاثاء ورشة المونتاج وورشة الجرافيك، ويوم الأربعاء نادى أركان للتصوير وفريق كورال مصر وورشة منهجية للأداء التمثيلى. ويؤكد ونيس أنه لم يجد أى معوقات ولكن لديه كثير من الطموحات، حيث يتمنى أن يطور ما يقام داخل المركز وأن يأتى المتخصصين ليمدوا أيديهم ويساهموا بأفكارهم فى دعم المركز وأنشطته، من أجل أن يتحول المركز إلى مركز إبداعى ثقافى لكل مصر.