استنكر علماء دين واجتماع دعوة الكاتبة والمفكرة الدكتورة نوال السعداوى التى قالت فيها «لم ينص القرآن على تأديب الأزواج كما نص على تأديب الزوجات! ألا يحتاج الأزواج للتأديب؟! أليس السن بالسن والعين بالعين والصفعة بالصفعة والبادى أظلم؟!»، حيث رأوا أن تأديب الزوج لزوجته مشروط بضوابط حددها الشرع. والمعروف أن الشرع منح الحق للزوج فى تأديب زوجته بوسائل متدرجة، أولها الوعظ، ثم الهجر فى الفراش، وآخرها الضرب الخفيف وهو آخر مراحل التأديب. والسؤال الذى تطرحه «أكتوبر»، ماذا لو تحول التأديب إلى تعذيب،وكيف للزوجة أن تؤدب زوجها؟! وهو مايجيب عنه علماء فى السطور القادمة. بداية، قال الدكتور عبدالحكم الصعيدى أستاذ بجامعة الازهر إن الله عز وجل قال فى كتابه «الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع وأضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً. وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً». وأشار الصعيدى إلى أنه ضد دعوة السعداوى وغيرها من الدعوات التى تتنافى مع الدين موضحا أنه فى مسألة تأديب الزوج للزوجة فالشريعة الإسلامية لا تتفق مع طول اليد واللسان وللأسف بعض الأزواج لا يعرفون المغزى الحقيقى من الدين، ولم يلتفت كلاهما إلى إنصاف الشريعة الإسلامية للرجل والمرأة. وأضاف أن الدين لم يظلم أحدا، وأول الأخطاء التى نقع فيها هو استخدامنا للنص الدينى فى كثير من الأحيان استخداما خاطئا . مشيراً إلى أن الإسلام دين العدل والمساواة وقد كفل للمرأة حياة كريمة فى منزل أسرتها وكفل لها حياة أكرم والاهتمام مع أولادها فى نهاية العمر.. و لا يمكن أن يقر الإسلام ظلما أو عدوانا على المرأة تحت أى مسمى. وأضاف :لقد أحاط الإسلام المرأة بسياج من التكريم والحماية، فالزوج مطالب بأن يدفع لها مهراً ليظهر اعتزازه بها، ومطالب بتأسيس عش الزوجية ومطالب بالإنفاق عليها حسب حاله وأن يوفر لها كل مقومات الحياة الكريمة من مسكن مناسب وأثاث منزلى مريح، وكساء وغذاء وعلاج وغير ذلك من الأمور التي تحتاجها كل زوجة لتعيش حياة سعيدة مستقرة. فإذا ما وفر الزوج متطلبات الحياة الزوجية الكريمة ووجد معاملة طيبة من زوجته وجب عليه أن يعاملها معاملة حسنة، فالحسنى للذين أحسنوا وزيادة.. وتابع : لكن إذا قابلت الزوجة كل هذه الرعاية والاهتمام من زوجها بالعصيان والتمرد والنشوز وجب عليه وليس من قبيل الإباحة فقط أن يؤدبها التأديب اللازم الذى يستهدف مصلحتها قبل مصلحة الزوج، فالرجل الذى يبادر بعلاج نشوز زوجته بالوسائل المشروعة هو فى حقيقة الأمر يحافظ عليها ويؤكد ارتباطه بها وحرصه على استمرار علاقته الزوجية بها.لذلك ينبغى ألا يتحول تأديب الرجل لزوجته فى نظر البعض إلى عنف وإهدار للحقوق، و ينبغى ألا ترتفع الأصوات فى بلادنا العربية والإسلامية بتجريم سلوك كل زوج يحاول إصلاح حال زوجته الناشز.. فهذا خلط للأوراق وعدوان صارخ على تعاليم الدين التى تستهدف أولا وأخيرا مصلحة الأسرة. وأشار إلى أن الضرب الخفيف وهو آخر مراحل التأديب ومقاومة التمرد والعصيان، والضرب هنا لا يستهدف الإيذاء البدنى كما قد يفهم البعض، بل هو مجرد تعبير رمزى عن غضب الزوج ونفوره من زوجته كما ان الضرب مباح بشروط ثلاثة هى: أن يغلب على ظن الزوج أن ضرب زوجته سيصلحها، فإذا كان الزوج متأكداً أو يغلب على ظنه أن ضربه لزوجته سيضاعف من حالة الفرقة بينهما وأنه من دون جدوى.. حرم عليه ضربها.وأن يكون الضرب غير مبرح، بمعنى ألا يلحق بها أي أذى بدنى، فإن تجاوز الزوج هذا الحد أصبح آثما.. فالمراد من الضرب ليس الإيلام الجسدي، بل الإيلام الأدبى والنفسي، فالزوجة المحبة لزوجها الحريصة عليه يؤثر فيها جدا ضرب زوجها لها.وأن يكون الضرب في غير الوجه، فالرسول ? قال عندما سئل عن حق المرأة على الرجل: «أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا فى البيت». وأضاف أنه يسبق مرحلة الضرب مرحلتين أولهما الوعظ ولابد أن يلتزم الزوج حد العفة فى القول والأدب في النصح، فلا يوجه لها ألفاظا بذيئة ولا يجرح مشاعرها بقول أو فعل والمرحلة الثانية هى الإصلاح والتأديب والهجر فى الفراش وهذا فى حالة استمرار الزوجة فى التمرد . وقال من جانبه الدكتور أحمد يحيى أستاذ علم الاجتماع ومدير أحد مراكز الدراسات الأسرية إن الشرع حلل بعض الطرق لتأديب الزوجة ولكن كلها تؤذى المرأة نفسيا ولا تؤذيها بدنيا، موضحا ان هجر الزوجة أو ضربها الخفيف له وقع على نفسيتها كبير، مؤكداً أن الزواج قائم على علاقة بها احترام متبادل بين الطرفين والسعى لاسعاد كل طرف للآخر انطلاقا من قواعد ايمانية منها المودة والرحمة. وأشار يحيى إلى أنه فى أى علاقة إنسانية هناك حد ادنى تبنى عليه تلك العلاقة وننمى هذا الحد تدريجيا ولا يجوز أن تتحول العلاقة إلى تأديب وإصلاح كالسجون إنه فى الغالب ستقع النتيجة السلبية على رأس الزوجة لأنها هى الجانب الأضعف فى أغلب الحالات خاصة إن كانت كبيرة فى السن أو معها أطفال أو بدون مأوى آخر. وناشد الأزواج إلى بث روح التسامح والمودة والرحمة بينهما ناصحاً المتزوجات فى حالات تمرد الأزواج أو خروجهن عن الطريق الصحيح فإن أفضل وسيلة لتأديب الزوج هو حرمانه مما يحبه بمعنى حرمانه من طعام معين يحبه أو لباس معين يفضل أو امتناعها عن الخروج معه اذا كان يحب ذلك وغيرها من الامور البسيطة ولكن حذر من خطورة عدم الانصياع أو الخضوع إلى رغبات الزوج لفترة طويلة لأنه سينعكس سلبيا على الزوجة وقد يتحول الامر إلى اهماله لها أو البحث عن أخرى. وأكد دكتور يحيىأنه دائم القول بأنه وراء كل رجل منحرف امرأة غبية. وأضاف دكتور أحمد أن الشكاوى السائدة فى مجتمعنا العربى كله سببها التفكك الأسرى أو الأسرة الفندقية أى أن كلها علاقات قائمة على المعيشة وليس المعايشة وأوضح أن مثل دعوة السعداوى ستؤدى بالنهاية إلى هذا النوع من المعيشة، وأضاف أنه كان يتمنى أن تنادى بعلاقة قائمة على المودة والرحمة وليس الصراع لأنه وأن استطاعت الزوجة تأديب زوجها فهى من ستدفعه الى انهيار العلاقة الزوجية والبحث عن أخرى ووصف تلك الدعوات بالمضرة والسيئة وضررها أكبر بكثير من نفعها إن وجد.