كشفت دراسة حديثة إن معظم سيدات الصعيد يعتبرن أن الضرب والإهانة من قبيل الرجولة وأن من حق الرجل تأديب زوجته وعليها طاعته. وأشارت الدراسة التي صدرت عن هيئة كير في إطار مشروع "سلامة وأمان" إلي أن الضرب وإهانة الزوجة والطلاق التعسفي وحرمان النساء من الميراث هي أكثر مظاهر العنف الأسري من أصل 14 قضية عنف أسري تناولتها الدراسة وهي الضرب والإهانة عدم انفاق الزوج المساومة علي الحقوق ختان الإناث تمييز الولد عن البنت الحرمان من الميراث الحرمان من التعليم للفتيات منع الزوجة من الخروج من المنزل الزواج الإجباري طرد الزوجة من المنزل هجر الزوجات الزواج المبكر الدخلة البلدي الطلاق غير اللائق". أوضحت الدراسة التي أجريت علي 30 مجتمعاً ب 3 محافظات من صعيد مصر هي: المنيا وأسيوط وسوهاج أن قضية ضرب وإهانة الزوجة والنساء والفتيات والأطفال عموماً هي العامل المشترك الأول في 30 مجتمعاً محل الدراسة. يليها فيما بعد كل من حرمان المرأة من الميراث والطلاق التعسفي والطرد من المنزل. وحول أسباب انتشار هذه الظواهر في المجتمعات أوضحت الدراسة أن مظاهر الضرب والإهانة. الممارسة ضد النساء تعتبر مكوناً أساسياً ضمن مكونات ثقافة المجتمع بكل فئاته وترجع أسبابه إلي إثبات الرجولة ولأنه واجب علي الزوج تأديب زوجته. شخص مريض يري دكتور سيد صبحي أستاذ الصحة النفسية بجامعة عين شمس أن هذه الدراسة غير دقيقة لأن طبيعة المرأة سواء في الحضر أو الصعيد تكره العنف أما الذي يستعذب العنف فهو شخص مريض نفسياً لذلك فالمرأة التي ترضي بالإهانة ليست إنسانة سوية ولا تستطيع تربية أبنائها علي الحب لأن العنف الذي تتعرض له الأم يؤثر علي الأبناء فيتعلمون العنف أيضاً.. ويضيف أن الزوج الذي يستخدم العنف مع زوجته هو إنسان غير سوي وينتج ذرية ضعيفة نفسياً. ويؤكد أن العنف ضد المرأة يتنافي مع التعاليم الإسلامية لقوله تعالي: "وجعلنا بينكم مودة ورحمة" لذلك يطالب الأزواج بضرورة احترام زوجاتهم وتعليم أبنائهم التسامح والقيم الاجتماعية الراقية والثقافة السليمة. القيادة والحزم ويشاركه الرأي دكتور رشاد عبداللطيف نائب رئيس جامعة حلوان سابقاً وأستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية فيري أن الدراسة لا تعبِّر عن حقيقة المرأة في المجتمع لأنه من المعروف أن المرأة في الصعيد تتسم بالقيادة والحزم وإدارة شئون المنزل في حين أن الرجل يتفرغ للعمل بالزراعة أما ما تحدثت عنه الدراسة فهي نسبة ضئيلة جداً مثلها مثل أي مجتمع آخر.. ويرجع وجود هذه النسبة لعدة أسباب منها عدم وجود تكافؤ بين الزوجين أو أن أحدهما أو كليهما كثير المشاكل والغالب أنه من فئة اجتماعية متدنية. ويطالب د.رشاد بضرورة إجراء دراسة حقيقية عن المرأة الصعيدية وطبيعة علاقتها بالزوج خاصة أن المجتمع الصعيدي معروف بشهامته وقوة العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة. مفاهيم خاطئة ويرجع دكتور أشرف شلبي أستاذ علم النفس المساعد بآداب بني سويف : عنف الرجل تجاه المرأة إلي المفاهيم الخاطئة الخاصة بالرجولة التي يعتبرها الرجال أنها تعني أن الكلمة كلمته والشوري شورته.. فإذا أظهرت الزوجة عدم تقبلها لهذه الأفكار أو رغبت في مناقشتها أو أظهرت رفضها لها يثور الزوج وينفعل ويلجأ إلي هذا الأسلوب لفرض رأيه بالقوة كذلك المفاهيم الخاطئة عن الزواج فبعض الرجال يعتقدون أن الزواج يعني شراء زوجة لتقوم بدور معين سواء إعداد الوجبات وتنظيف البيت وإشباع رغباته الجسدية وتربية الأبناء.. كذلك الإحساس بالدونية فقد يشعر الزوج أنه أقل من زوجته في الذكاء أو الامكانيات المادية أو المكانة الاجتماعية فيدفعه الإحساس بالنقص إلي استخدام القوة الجسدية التي يمتلكها ليثبت لها أنه أقوي منها أيضاً القدوة فربما نشأ هذا الزوج في أسرة شاهد فيها والده يمارس نفس هذا السلوك العنيف مع والدته.. فالدراسات أثبتت أن الإنسان يتبع دائماً نموذجاً معيناً في حياته يكون عادة الأب والطفل الذي يتعرض لمثل هذا الموقف قد يكره والده ويبدي رفضه لهذا السلوك.. لكن العجيب أنه عندما يكبر يكرر نفس الأسلوب ويري أنه إذا استمر الضرب وخضعت الزوجة لهذا السلوك العنيف لسبب أو لآخر فإنه يترك شرخاً فظيعاً في نفسيتها ويؤثر علي العلاقة الزوجية التي يضربها في مقتل. ويؤكد أن الوسيلة الوحيدة لوقف هذا العنف الموجه ضد المرأة هي التربية.. فيجب أن يتعلم الأطفال منذ طفولتهم معني المودة والرحمة بين الجنسين في الحياة الزوجية لكي يشبوا علي هذه المباديء ويتبعوها طوال حياتهم. وفي النهاية نتساءل هل أباح الدين الإسلامي ضرب الزوجات كما يدعي البعض وهل هناك قواعد للوصول إلي هذه المرحلة؟ تري دكتورة إلهام فتحي شاهين الأستاذ بجامعة الأزهر أن هناك بعض النساء اللاتي تعصي زوجها وترفض طاعته وتتطاول عليه بالقول أو بالفعل أحياناً وهؤلاء النساء هن من تحدث القرآن عنهن وفرَّق بينهن وبين الطائعات لأزواجهن فقال تعالي في كتابه الكريم: "الرجال قوَّامون علي النساء بما فضَّل اللَّه بعضهم علي بعض وبما أنفقوا من أموالهم. فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً" فهناك امرأة صالحة مطيعة لله ولزوجها وهي التي تتوكل علي الله وتكفي زوجها ما أهمه من أمر دينه ودنياه ويعينها الله علي ذلك أما المرأة التي ترتفع عن طاعة زوجها فهي المتحدث عنها بقوله تعالي: "واللاتي تخافون نشوزهن" وهذه يكون أدبها في الإسلام بالأسهل فالأسهل فتبدأ أولاً بالوعظ وذلك ببيان حكم الله لها في طاعة الزوج في الترغيب في طاعته والترهيب من معصيته فإن انتهت فذلك هو المطلوب وبعض النساء تكتفي بمجرد الوعظ إلا أن هناك من لا يجدي الوعظ معهن وهذه علي الزوج أن يهجرها في المضجع بأن لا يجامعها بمقدار ما يحصل به.. المقصود فإذا عادت فقد حصل المقصود وعليه ألا يزيد في الهجر لأن الله مراقب لها وله في أفعالهما. وإن لم يحدث المقصود من الهجر وتمادت في غيها وعصيانها أو تطاولها علي زوجها فتأتي المرحلة الأخيرة وهي أن يضربها ضرباً غر مبرح وذلك بألا يضرب الوجه ولا أي مكان مؤذ في الجسد ولا يُقبِّح بأن يصاحب الضرب إهانة أو شتم ولا يكون ضربها أمام أحد خاصة أولادها وأن يظهر من الضرب الحب والرحمة والحرص علي استمرار الحياة فإن حدث به المقصود سواء كان بالثلاث مراحل أو بواحدة فقط من هذه الأمور الثلاثة فالله تعالي يقول: "فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً" أي فقد حدث لكم ما تحبون فاتركوا حتي معاتبتها علي الأمور الماضية والبحث عن العيوب التي يضرها ذكرها أو يحدث بسبب الحديث فيها الشر وعودة البغض ولذلك فإن الله سبحانه وتعالي تظهر من آياته ومن تشريعاته الرحمة بالمرأة والحرص علي استمرار الحياة الزوجية وعدم الوصول بسهولة إلي مرحلة الانفصال والطلاق فإن الله مع أنه شرع الطلاق إلا أنه يبغضه فإن كان استمرار الحياة الزوجية سيأتي بأي رادع مما سبق فليكن ولكن مع الشفقة والرحمة لأن الله تعالي يقول: "فامسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف" وفي قصة نبي الله أيوب ما يوضح لنا رحمه الله بالمرأة وحرصه في التشريع علي استمرار الحياة الزوجية فقد أقسم نبي الله أيوب حينما تضجرت زوجته من مرضه وخاطبته بشكل غير لائق وفيه تجاوز فأقسم بالله أن يضربها مائة ضربة بعد أن يشفي وحينما شفاه الله عز وجل كان عليه أن يبر بقسمه فكان عليه أن يضربها مائة ضربة وإلا فليطلقها حتي لا تكون زوجة له ويحق له ضربها وهنا أنزل الله آية فيها رحمة للاثنين فقال تعالي : "وخذ بيمينك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث" وذلك معناه أن يأخذ مائة عود من الريحان ويضمهما معاً ويضربها بهم ضربة واحدة فيكون قد ضربها المائة ضربة وفي نفس الوقت لم يحنث بيمينه وأبرَّ بقسمه ولم يطلقها وأظهر حباً ورحمة في ضربه لها فليس الناس جميعاً تفهم آيات الله وتهتدي بهدي القرآن الكريم.