لماذا نقابة الموسيقيين ، دوناً عن كل النقابات، تتم انتخاباتها في جو من الفضائح وتبادل الاتهامات والبلاغات بالسرقة والنصب والسطو والتزوير والتهليب؟!..لأنها أغنى النقابات وأكثرها دخلاً، ولأنها البوابة الرسمية لدخول بوابة الغناء..وبدون تصاريحها لا يستطيع مطربو البانجو ومطربات التوك والميكروباص والحنطور إفساد الذوق العام ..ولأن معظم أعضاء النقابة من الموسيقيين الدرجة الثالثة من رواد شارع محمد علي وغيره، وهم الذين يشكلون معظم الكتلة التصويتية ويحددون اسم النقيب لدوافع وأهداف لا علاقة لها في الغالب بمستوى الغناء ومستقبل الطرب وتاريخ الموسيقى. والحقيقة أن ما يجري في كل انتخابات لتلك النقابة الموعودة بالصراعات والخناقات ينعكس على حال الموسيقى في مصر..فالأغانى الجميلة انتقلت من الحفلات إلى ''تيترات'' المسلسلات، وفضائيات ''الكليبات'' الراقصة لا تعرض سوى الأغانى الخفيفة الأقرب إلى فن ''المونولوج'' منها إلى أغنية الطرب. أما الأصوات المدربة جيداً فهى لا تغنى سوى فى حفلات الأوبرا وقاعة سيد درويش، وهى محدودة الشهرة، وتعيش على تراثنا الموسيقى القديم. والحقيقة أن الفنون كلها تعانى من أزمات متوالية، وليست الأغنية فقط، فما كادت السينما تتعافى وتعود إلى الإنتاج، حتى انتكست مرة أخرى بعد ثورة يناير ، ورغم أن لدينا أكثر من عشرة مهرجانات مسرحية، إلا أن مسارحنا تطفئ أنوارها معظم شهور السنة، بعد أن توقف القطاع الخاص تقريباً عن العمل، واكتفت مسارح الدولة بإعادة تقديم العروض القديمة، أو تحويل الأفلام القديمة الناجحة إلى مسرحيات فاشلة. وتلقى إنتاج الكاسيت ضربات موجعة بسبب قرصنة الإنترنت والفضائيات الموسيقية التى تذيع الأغنيات ليل نهار مجاناً، وتضرب صناعة الأغنية فى مقتل وتسبب الخسائر الفادحة لشركات الإنتاج الغنائى، التى انسحب معظمها من السوق. والمشكلة أن الدولة انسحبت تماماً من عملية الإنتاج الفنى، وتركت عمليات الإنتاج والتوزيع بدون ضوابط حاكمة وأصاب شركاتها مثل صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات وجهاز السينما، ومدينة الإنتاج الإعلامى ما أصاب شركات القطاع العام من أمراض الروتين والبيروقراطية المزمنة، فتخلت عن دعم الأصوات الجديدة الموهوبة، وتوقف جهاز السينما تقريباً عن إنتاج أفلام جديدة. واكتفت مدينة الإنتاج الإعلامى بشراء وتسويق المسلسلات، وإنتاج أعمال قليلة لبعض الأسماء المحظوظة، وفقد مهرجان الموسيقى العربية بريقه، ولم يعد يجذب نجوم ونجمات الغناء لحضور حفلاته والمشاركة بالغناء فيه..ولا عزاء للفن الجميل.