تنظر إليها وهى جالسة لا حول لها ولا قوة.. تنظر بعينين تملؤهما الدموع التى تزرف بدلا منها دما.. قلبها يتمزق كلما رأتها وشاهدت أخوتها وأقرانها من أبناء الجيران.. تتحسر على حالها وحال ابنتها آخر عنقودها التى طالما حلمت بخراط البنات الذى سوف يمر عليها ليجعلها البنات.. عندما ولدت الابنة ونظرت إليها مع أول نظرة شعرت بقلبها يذوب بين جوانجها.. نعم الله زرقها بثلاثة أولاد قبلها وبينهم بنت.. ولكن كانت "سلوى" هى الروح ونن العين حتى عند أبيها.. كانت هى قمة الحب.. وبالرغم من رزق الأب القليل فإنه كان يحاول توفير طلباتها وطلبات أخوتها.. كان يعمل أرزقيا.. اليوم يحمل رملًا وزلطًا وغدًا خضار وفاكهة وقد يجلس أيام بدون عمل يعمله.. كان يحمد الله فى الليل على أنه يستطيع توفير لقمة العيش الحاف من أجل الأطفال.. كم 5 من مرة حلم بتعليم أبنائه وبزواج البنات.. ولكن لم تمهله الأيام ليرى أحلامه تتحقق.. وبين يوم وليلة انتقل إلى جوار ربه وترك الزوجة وحيدة تحمل تركة ثقيلة على كتفيها.. تركها بدون سند أو معين تجر من ذيلها ثلاثة أطفال صغار وطفلة مازالت فى شهورها الأولى لم تعرف معنى كلمة "بابا" أو حتى كيفية النطق بها.. تركها وليس لها مورد رزق.. حاولت الأم أن تتحمل مسئولية الأسرة والأطفال.. حاولت أن تعمل أى شىء لتوفر لقمة العيش ومرت الأيام والليالى شاقة عليها وعلى أولادها.. ولكن لله فى خلقه شئون" مرت السنوات كانت تجلس طوال ليلها تناجى ربها وتطلب منه أن يساعدها ويقدرها على تحمل هذه المسئولية.. لم يتخل عنها ربها أعانها ودخل الأطفال المدرسة وفرحت لأنها سوف تحقق أحلامها وأحلام زوجها المتوفى.. ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. "سلوى" الابنة الصغيرة عادت من المدرسة وهى تبكى من الآلام التى داهمت ساقها.. أخذتها الأم فى أحضانها وسألتها هل سقطت على الأرض؟ هل تعاركت مع زميلاتها بالمدرسة؟ وكانت الإجابة بالنفى.. طيبّت الأم خاطرها وقامت بربط الساق وتدفئتها.. ولكن لم يأت هذا كله بنتيجة.. بل زادت الشكوى والآلام والأم تحاول حتى نصحها الجيران والأهل بالذهاب بها إلى المستشفى.. قدم الطبيب بعض المسكنات لتخفيف الآلام.. تحسنت الحالة بعض الشىء.. ولكن عادت الآلام أكثر من قبل وتعالت صرخاتها وآهاتها التى كانت تقطع سكون الليل فى هذه القرية الصغير التى يعيشون بها.. ولم يكن هناك أى شك فى إصابة الصبية الصغيرة التى لم تتجاوز العاشرة من عمرها بشىء ما أكبر بكثير من المسكنات التى وصفها لها الطبيب عادت بها إلى المستشفى، وهنا بدأت رحلة لفحص الطفلة وإجراء تحاليل وأشعة كثيرة.. ثم قابل الطبيب الأم وسلمها خطابا وعندما سألته عنه طلب منها الذهاب بالإبنه إلى القاهرة وخاصة إلى المعهد القومى للأورام.. فقد أثبتت التحليل أنها مصابة بورم سرطانى.. لطمت الأم خديها وبكت ماذا تفعل بهذا الحمل الثقيل الذى سقط على رأسها؟ نظرت للطفلة وتحسرت عليها وعلى نفسها وأكد الطبيب لها سرعة التوجه للمعهد.. وقد كان حملت الطفلة على صدرها وتحملت مشاق السفر والذى لم تكن تمتلك جنيها واحدًا من تكاليفه.. ولكن أولاد الحلال وقفوا بحوارها ووصلت إلى المعهد وهناك أكد الأطباء أنها مصابة بورم سرطانى بعظام الفخد اليمنى وأنها تحتاج إلى الكثير من التحاليل والأشعة وتم ما كانوا يطلبون.. ثم أخبر الطبيب الأم حاجة الصبية إلى إجراء جراحة سريعة لاستئصال الورم وجزء من عظام الفخد حتى لا يتشعب الورم.. وقد كان وظلت الأم بابنتها مقيمة بالمعهد بعد الجراحة ثم تحملت مشاق الرحلة والسفر من بلدتها بأحدى محافظات الصعيد إلى القاهرة لتلقى العلاج الكيماوى والاشعاعى.. الطريق طويل سواء طريق العلاج أو طريق الحياة وأرسلت لنا منذ أربع سنوات مضت وكانت الطبية فى حاجة لجهازى تعويضى حتى تستطيع المش وها هى ذى الآن تحتاج إلى تغيير الجهاز بسبب تلفه والأم لا تستطيع تحمل مصاعب الحياة ومشاق توفير احتياجات أربعة من الأولاد منهم الطبيبة المريضة فكل دخل الأسرة 300 جنيه معاش ضمان اجتماعى وهو لا يكفى العيش، ولذلك أرسلت الأم تطلب الوقوف بحانبها ومساعدتها فى العلاج ومصاريف السفر.. فهل تجد هذه السيدة من يساعدها ويقف بجوارها.. من يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية.