رجل المخابرات هو جندى الخفاء الذى يملك حدة البصر والبصيرة ويملك أيضاً الوعى السياسى الذى يؤهله للإيمان المطلق بعقيدة الوطن ورسالته النبيلة تجاه شعبه حتى الموت راضياً عن طيب خاطر أن يكون الجندى المجهول فى كل الحروب وهو فى معركة دائماً مع العدو يشعر بوجوده سلماً وحرباً ولا يراه ربما بعينه المجردة ولكن ملكاته الفائقة تساعده كى يرى السم فى العسل.. ويرشف الدماء كالماء...! ويحظى البعض منهم بصفات أخرى تجعله يعمل فى السر والعلن بكفاءة نادرة وتكون سببا لشغله أعلى المناصب. ولهذا جاء اختيار الرئيس الأمريكى أوباما لجون برينان مستشارًا لشئون الأمن القومى ومكافحة الإرهاب والكوارث الطبيعية ليصبح الرئيس الجديد لجهاز المخابرات المركزية (سى آى إيه) خلفا لديفيد بيتريوس الذى قدم استقالته فى نوفمبر الماضى بعد تورطه فى فضيحة جنسية ويقول عنه أوباما «إن برينان قادر على تزويد صانعى القرار بالحقائق المدعمة والشاملة لكل تفاصيل العالم حولنا». ويضيف «إنه إسطورى ولا أذكر أنه نام أبداً فى السنوات الأربع الماضية». ولد برينان (57 عاما) فى ولاية نيوجرسى الأمريكية لأبوين مهاجرين من أيرلندا، نال درجة الماجستير فى الجامعة الأمريكية فى القاهرة وحصل على دورات لتعلم اللغة العربية وانضم للعمل بوكالة الاستخبارات المركزية عام 1981 وعمل لسنوات فى مجال التحليلات السياسية المختصة بالشرق الأدنى وجنوب آسيا وترأس فرع (سى آى إيه) فى السعودية حتى انضم لحملة أوباما الرئاسية الأولى وأصبح كاتم أسراره وأقرب المساعدين له، وقد اختاره أوباما عام 2008 ليتولى رئاسة وكالة الاستخبارات المركزية، ولكنه سحب ترشيحه بعد الانتقادات التى وجهت لبرينان بسبب موافقته على استخدام أساليب التعذيب ضد المتهمين بالإرهاب والسماح بنقلهم لسجون خارجية لتعذيبهم لتعارض هذا مع القانون الأمريكى الذى يحظر التعذيب ولذلك اضطر أوباما لتعيينه مستشارا لشئون مكافحة الإرهاب وهو منصب استشارى لا يتطلب موافقة الكونجرس وبعد فوز أوباما بفترة رئاسية ثانية وشروعه فى اختيار وزرائه ومساعديه وقع الاختيار على برينان لشغل المنصب الأول لوكالة (سى آى أيه) لدوره فى تقنين التعامل مع الطائرات بدون طيار واستخدامها فى تنفيذ اغتيالات ضد زعماء تنظيم القاعدة وإليه يرجع الفضل فى حفظ ماء الوجه الأمريكى أمام المجتمع العالمى والأمريكى بشكل خاص لأنه منذ بدأ استخدام هذا السلاح توقف سيل النعوش التى تحمل جثث الجنود الأمريكان المتواجدين فى أفغانستان وباكستان، وقد أعلنت المنظمات الحقوقية رفضها لاستخدام هذا السلاح لأنه يتسبب فى سقوط ضحايا من المدنيين الأبرياء ويرد برينان «إنه لا يوجد قانون دولى يمنع استخدام القوى الفتاكة ضد أعدائنا» ويتباهى برينان بنجاح هذا السلاح فى اغتيال بن لادن والعولقى و28 من القيادات التابعة لتنظيمى القاعدة وطالبان فى اليمن وأفغانستان وباكستان وفى تصريح ينسب لخبير أمنى «إن برينان يحدد أسبوعيا قائمة بأسماء أشخاص يريد قتلهم» ولهذا السبب يطلق عليه اسم « قيصر الاغتيالات» وهو لقب غير رسمى تطلقه وسائل الإعلام على المسئولين الذين يتولون ملفات معينة ولا يتطلب تعيينهم تصديق الكونجرس، وقد انتشر هذا اللقب عبر مواقع التواصل الاجتماعى عبر الشبكة العنكبوتية وتقول صحيفة التايمز البريطانية «إن اختيار برينان يعنى أن البيت الأبيض ينوى تصعيد عملية الاغتيالات السرية بدلا من التدخل العسكرى المباشر».