دينا عمارة: لم يكن يدور في خلد كبير مستشاري الرئيس الأمريكي باراك أوباما لشؤون مكافحة الإرهاب جون برينان أن عام2013 سيحقق له أمنيته التي طالما سعي إليها ويكون علي رأس وكالة الاستخبارات المركزية( سي آي إيه), وذلك بعد أن أعطي له أوباما تأشيرة الدخول لهذه الغرفة السرية بترشيحه لهذا المنصب الكبير, ليكتمل بذلك فريق أوباما الأمني والعسكري- بعد اختيار السيناتور تشاك هيجل للدفاع- المنوط بتطبيق الخطة الأمريكية في مواجهة الإرهاب والحرب عليه. وبعد سنوات من اعتماد إدارة جورج بوش الإبن إسلوب الحرب العسكرية والانتصار علي ما سماه التهديد الإرهابي بتغيير النظام, كما حدث بأفغانستان والعراق, عملت إدارة أوباما في ظل برينان(57 عاما) علي شن حروب الطائرات من دون طيار, وفي حال حصول برينان علي موافقة الكونجرس فإنه سيحل مكان مدير الوكالة المستقيل ديفيد بترايوس بعد خروجه بفضيحة جنسية, فهل يعد برينان ورقة أوباما الرابحة؟. لقد عمل هذا الرجل الذي يتسم بالصرامة في الساحة العامة لأكثر من25 عاما في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية, وكان الطرف الأساسي في وضع سياسة أحدثت تحولا كبيرا في نهج مكافحة الإرهاب, بحيث أصبح قتالا عالميا علي مستوي تقني عال لتتبع الأعداء والقضاء عليهم الواحد تلو الآخر, بعد أن كان قتالا تقليديا متمركزا في أفغانستان, فما كان يوما مجموعة مختلفة من هجمات جوية بطائرات من دون طيار من قبل الاستخبارات المركزية والجيش والمراقبة الجوية ونشر عدد صغير من القوات الخاصة علي الأرض, أصبح استراتيجية يحركها البيت الأبيض وبالتحديد برينان. ومنذ أربعة أعوام شعر قيصر الاغتيالات أو هكذا يلقبه البعض بأنه مضطر للابتعاد عن المشهد أثناء اختيار باراك أوباما رئيس الاستخبارات المركزية بسبب ما وصفه بالانتقاد الظالم من الديمقراطيين الغاضبين من دفاعه عن اساليب التعذيب أثناء الاستجواب والتحقيق التي استخدمتها السي آي أيه اثناء إدارة الرئيس بوش الابن, وهي القضية التي ستعود للظهور مرة أخري في جلسة المصادقة علي تعيينه في الكونجرس الأمريكي. وعن أصداء اختيار أوباما لجون برينان مديرا لوكالة المخابرات المركزية نشرت صحيفة التايمز البريطانية تقريرا جاء فيه أن هذا الاختيار من جانب أوباما يعكس التزام البيت الابيض بتصعيد سياسة العمليات السرية بدلا من سياسة التدخل العسكري المباشر, وأن برينان يواصل تفضيله اعتماد اسلوب صارم وغير متسامح لمكافحة الإرهاب علي الرغم من اعتراضات جماعات حقوق الإنسان والناشطين والدارسين القانونيين. وينقل التقرير عن لورا مورفي مديرة اتحاد الحريات المدنية الأمريكية في واشنطن قولها إن أوباما أبعد السي أي أيه عن شؤون السجن والتعذيب ولكنه وضعها في شؤون عمليات القتل السرية. وتكمل الصحيفة تقريرها وتقول إن اختيار برينان يعني أن إدارة أوباما ستواصل خلال السنوات الأربع القادمة سياسة تصعيد حربها السرية علي القاعدة, وأن برينان بوصفه المدافع الأول عن هذه السياسة سيوسع- من مقره في وكالة المخابرات- هذه الحرب عن بعد لمكافحة الارهاب إلي مناطق أخري لتواجه القاعدة مثل مالي في غرب إفريقيا, كما أن أوباما وطاقم أمنه القومي سينتقلون خلال السنوات الأربع المقبلة إلي الظل أكثر, حيث يمكن للعمليات السرية أن تتم بدون مساءلة. بينما اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن أوباما يحتاج إلي بعض الأساليب الجديدة لتحقيق أهدافه الجديدة, وليس مجرد أشخاص جدد. فبترشيحه تشاك هاجل لوزارة الدفاع وجون برينان لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية, إنما يختار أوباما مستشارين موثوقا بهما ربما يساعدانه في تحديد نهج واتجاه جديدين محتملين بشأن قضايا الحرب والسلام في ولايته الثانية, إلا إنه ومع ذلك فإن المرشحين يجب أن يقدما إجابات للأسئلة الخطيرة قبل الحصول علي تأكيد من مجلس الشيوخ, فجون برينان مثلا مطالب بالإجابة عن الانتقادات الكثيرة التي وجهت إلي سياسة الاعتماد علي الطائرات بدون طيار, فكما أن لها أثرا إيجابيا علي القوات الأمريكية, إلا أن الإفراط في استخدامها يمكن أن يعرض أهداف واشنطن الأوسع نطاقا للخطر. فقد لقي برنامج الطائرات بدون طيار التي نفذت عمليات في باكستان واليمن والصومال انتقادات كثيرة من قبل مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان, خصوصا في ظل ما وصفته ب فشل الولاياتالمتحدة في تحديد أماكن المدنيين قبل تنفيذ عملياتها, الأمر الذي أدي إلي مقتل العديد منهم. بالتأكيد فإن استخدام هذه الطائرات يزيد من الشعور بالغطرسة الأمريكية وأنه باستطاعة الولاياتالمتحدة التحليق في أي مكان تريده وإطلاق النار علي أي شيء لمجرد أنها قادرة علي فعل ذلك! وفي النهاية يبقي السؤال.. هل يستطيع برينان الذي يتحدث العربية بطلاقة والذي أراد يوما أن يصبح رجل دين أن يتجاوز اختبار الكونجرس ويحظي بموافقته ليصبح الزعيم الجديد لهذا الجهاز الأمريكي الخطير؟.