«الزراعة»: استمرار معرض «خير مزارعنا لأهالينا» حتى عيد شم النسيم    رئيس «اقتصادية الشيوخ»: وحدات النصف تشطيب لا تتناسب مع معايير تصدير العقار    مشاهد مرعبة من فيضانات روسيا.. مدن تغرق ونزوح أهالي قرى بأكملها (فيديو)    نادي مدينتي يستضيف بطولة الجمهورية للاسكواش بمشاركة 1500 لاعب    «رياضة القليوبية»: افتتاح منشآت جديدة بتكلفة 7 ملايين جنيه قريبا    تعرف على نماذج البوكليت التجريبي لطلاب الثانوية الأزهرية    تعيين 19 رئيسا لمجالس الأقسام العلمية في جامعة القاهرة    في روشة ميكانيكا.. سهر الصايغ تبدأ تصوير مشاهد اتنين × واحد.. صور    احتفالية الصحة باليوم العالمي للهيموفيليا بالتعاون مع جمعية أصدقاء مرضى النزف    5 أكلات تدمر صحة طفلك.. أبرزها الأطعمة المقلية والوجبات السريعة    الهند تدعو إلى اتخاذ إجراء حاسم بشأن إصلاح مجلس الأمن الدولي    مانشستر سيتى يستعيد ووكر ودياز وأكى قبل قمة ريال مدريد فى دورى الأبطال    رئيس أركان حرب القوات المسلحة يبحث مع قائد قوات الدفاع بمالاوي تعزيز العلاقات العسكرية    لأول مرة.. انطلاق تدريب لاستخدام المنصة الرقمية لرصد نتيجة المسح القرائي ببورسعيد    كرة اليد، مصر تصطدم بالدنمارك وفرنسا في قرعة أولمبياد باريس    رسميا - بتروجيت أول العائدين للدوري الممتاز بعد غياب 4 مواسم    سوبر هاتريك «بالمر» يشعل الصراع على الحذاء الذهبي    تدشين مبادرة "الموهبة والإبداع في مناهضة العنف" بإدارة شرق التعليمية بالإسكندرية    الإعدام ل 3 أشخاص بتهمة قتل سائق توك توك بالمنصورة    عاجل- عاصفة رملية وترابية تضرب القاهرة وبعض المحافظات خلال ساعات    يصارع الموت.. سقوط فني تكييف من الطابق الرابع بالمهندسين    بسبب غيابهم.. إحالة أطباء بوحدة صحية في الوادي الجديد للتحقيق    الأسبوع المقبل|فصل الكهرباء 6 ساعات لمدة 4 أيام عن عدة مناطق ببني سويف    نسخة بمليون جنيه.. ستروين تطرح سيارتها ë-C3 الجديدة بالأسواق (صور)    سهر الصايغ تبدأ تصوير فيلم اتنين × واحد    ريهام حجاج عن انتقادات مسلسلها «صدفة»: «مش كل الناس اتفقت على ربنا»    «مالمو للسينما العربية» يُكرم المخرج خيري بشارة.. و4 نجوم في ضيافته (تفاصيل)    بعد تحذيرات العاصفة الترابية..دعاء الرياح والعواصف    عالم بالأوقاف: يوضح معني قول الله" كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ"؟    ل"النقل والشهادات".. محافظ بني سويف يعتمد مواعيد امتحانات آخر العام    الدنمارك تعلن إغلاق سفارتها نهائيا في العراق نهاية شهر مايو المقبل    في فصل الربيع.. كل ما يخص مرض جفاف العين وكيفية العلاج (فيديو)    وزير الخارجية ونظيره الصيني يبحثان تطورات الأوضاع في قطاع غزة ومحيطها    الحرية المصري يشيد بدور التحالف الوطني للعمل الأهلي في دعم المواطنين بغزة    وزير التعليم: مد سن الخدمة للمُعلمين| خاص    جامعة الإسكندرية تتألق في 18 تخصصًا فرعيًا بتصنيف QS العالمي 2024    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    توقعات برج الدلو في النصف الثاني من أبريل 2024: فرص غير متوقعة للحب    فى ذكرى ميلاده.. تعرف على 6 أعمال غنى فيها عمار الشريعي بصوته    فصل التيار الكهربائي "الأسبوع المقبل" عن بعض المناطق بمدينة بني سويف 4 أيام للصيانة    سلوفاكيا تعارض انضمام أوكرانيا لحلف الناتو    وزير الأوقاف: إن كانت الناس لا تراك فيكفيك أن الله يراك    «الأهلي مش بتاعك».. مدحت شلبي يوجه رسالة نارية ل كولر    هل يجوز العلاج في درجة تأمينية أعلى؟.. ضوابط علاج المؤمن عليه في التأمينات الاجتماعية    توفير 319.1 ألف فرصة عمل.. مدبولي يتابع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    طلبها «سائق أوبر» المتهم في قضية حبيبة الشماع.. ما هي البشعة وما حكمها الشرعي؟    صداع «كولر» قبل مواجهة «وحوش» مازيمبي في دوري أبطال إفريقيا    مستشار المفتي من سنغافورة: القيادة السياسية واجهت التحديات بحكمة وعقلانية.. ونصدر 1.5 مليون فتوى سنويا ب 12 لغة    وزارة الأوقاف تنشر بيانا بتحسين أحوال الأئمة المعينين منذ عام 2014    "التعليم" تخاطب المديريات بشأن المراجعات المجانية للطلاب.. و4 إجراءات للتنظيم (تفاصيل)    رئيس جهاز العبور يتفقد مشروع التغذية الكهربائية لعددٍ من الموزعات بالشيخ زايد    المؤبد لمتهم و10 سنوات لآخر بتهمة الإتجار بالمخدرات ومقاومة السلطات بسوهاج    ميكنة الصيدليات.. "الرعاية الصحية" تعلن خارطة طريق عملها لعام 2024    «الصحة» تطلق البرنامج الإلكتروني المُحدث لترصد العدوى في المنشآت الصحية    «لا تتركوا منازلكم».. تحذير ل5 فئات من الخروج خلال ساعات بسبب الطقس السيئ    السفيرة الأمريكية بالأمم المتحدة: حان الوقت لإنهاء الصراع في السودان    أيمن دجيش: كريم نيدفيد كان يستحق الطرد بالحصول على إنذار ثانٍ    دعاء السفر قصير: اللهم أنت الصاحبُ في السفرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التطهير .. قبل التطوير
نشر في أكتوبر يوم 14 - 10 - 2012

خلال الأيام القليلة الماضية.. تساقطت الكثير من رؤوس الفساد والإفساد.. وسوف يتساقط المزيد منها حسبما أتوقع.. وكما قال كبار المسئولين. وكلما زاد معدل سقوط هذه الرؤوس.. تصاعدت الحرب من الفلول والثورة المضادة وأذناب النظام البائد.
ولكن كل هؤلاء لا يجيدون الحركة والتآمر إلا فى الظلام ومثل الخفافيش والفئران المذعورة.
هؤلاء لا يستطيعون مواجهة شعب ثار ضد ظلمهم وفسادهم واستبدادهم.. واكتوى بنيرانهم على مدى عقود طويلة. فالأنظمة الديكتاتورية ليست لها قواعد شعبية أو جماهير تساندها. ولا حتى فكر أو أيديولوجية مُقنعة. وليس أدل على ذلك من سقوط مبارك ونظامه.. وصدام وأعوانه.. والقذافى وأذنابه.. وزين العابدين بن على وعلى عبد الله صالح. كلهم فروا مذعورين.. إلى مزبلة التاريخ.. وكذلك سوف يلحق بهم أذناب مبارك.
هؤلاء هم الذين صنعوا أخطر وأبشع صور الفساد فى المحليات وغرسوا بذوره.. وظلوا يزرعونها.. حتى تشعبت وتجذرت وكادت تصبح ممارسة شائعة فى كثير من المواقع للأسف الشديد.. بل إن البعض مازال يعيش ويمارس ذات الخطايا وجرائم النظام السابق.. وكأنه لم تقم ثورة.. ولم يسقط شهداء.
وظاهرة الرشوة أبلغ دليل على ذلك الفساد «الشعبى» المنتشر والذى أصبح عادة «حق الشاى والإكرامية والتبس.. إلخ المسميات الممقوتة والمذمومة». وتوقع الكثيرون أن تختفى هذه الظاهرة العفنة أو تتراجع على أقل تقدير بعد الثورة.. ولكن هذا لم يحدث. فهناك امبراطورية الفساد التى أقامت هياكلها من هذه الأموال الحرام.. ولا تستطيع أن تحيا فى مناخ صحى سليم.
لذا فإن أولى وسائل علاج الفساد هى تطهير المحليات بالإسراع بالانتخابات المحلية.. ربما قبل البرلمانية.. لأن انتزاع هذه الجذور الفاسدة هو المدخل الصحيح والوحيد للإصلاح.. فلا يمكن أن نقيم بناءً سوياً قوياً على سرطان منتشر فى أغلب الأنحاء. فهؤلاء هم سبب إخفاق جانب كبير من برنامج المائة يوم الذى وعد به الرئيس قبل انتخابه «رغم النسبة التى تحققت منه فى ظل هذه الظروف الصعبة».فعندما نعلم أن مسئولين كباراً بوزارة البترول هم الذين كانوا يقودون عصابات تهريب الوقود.. بمئات الملايين من الجنيهات.. وعندما تتم هذه الجرائم بصورة منظمة على مدى شهور.. ندرك أن هناك مؤامرات خطيرة - وعلى نطاق واسع لإفشال ليس برنامج الرئيس أو الإسلاميين فقط بل لإجهاض ثورة 25 يناير.
نعم إن هناك مسئولين صغاراً تعمدوا إفشال هذا البرنامج.. ويحاربون الثورة بكل قوتهم.. حتى يعود نظامهم البائد.. ولن يعود بكل تأكيد.. أو يشيعون الفوضى فى كل مكان.. كما قال المخلوع والمسجون.. مبارك.
وخلال لقائنا بنائب الرئيس المستشار محمود مكى.. قال: سوف تسمعون عن قضايا فساد كثيرة.. وقد حدث.. وسوف يحدث.. وهذه شهادة للرئيس.. إنه يسعى بكل قوته لاقتلاع جذور الفساد التى بلغت ذروتها داخل مؤسسة الرئاسة فى العهد البائد.
يكفى أن نعلم أن الصلاة لم تكن ممارسة شائعة داخل قصور الرئاسة بل إن الذى يصلى ويلتزم بدينه كان مطارداً فى كل مكان.. خاصة أولئك الحريصون على صلاة الفجر. ومن يدَّعون أن حراسة الرئيس خلال الصلاة تكلف ملايين الجنيهات.. دون منطق أو دليل.
ولم يقتصر الفساد على أجهزة الدولة الرسمية.. بل تواصل وتناغم ..بكل أسى وأسف.. مع القطاع الخاص الذى تحالف الكثير من رجاله و أركانه مع فساد الحكم.. فنشأت هذه الأوضاع المأساوية التى فجرت الثورة. بل إن هؤلاء الفاسدين من القطاع الخاص دخلوا عالم السياسة من باب البيزنس وأقاموا علاقات مشبوهة أدت إلى ثراء فاحش وفساد عظيم.. وجرائم خطيرة.
وليس أدل على ذلك من ملايين الأمتار من الأراضى التى استولى عليها رموز الفساد السابق وحلفاؤهم من رجال الأعمال.. ومئات المليارات التى سرقوها وهربوها إلى دول اعتادت رعاية الديكتاتوريات والنظم المستبدة.. لأنها لا تريد الخير لمصر أو لعالمنا العربى أو الإسلامى. ومثلما رعت هذه الدول المتآمرة جماعات الإرهاب والتطرف فى الماضى.. ها هى ذى ترعى الفاسدين الهاربين وتوفر لهم الملاذ الآمن.. بل وتتواطأ لعدم إعادة الأموال المنهوبة من شعب مصر الذى تدعى أنها حريصة على حريته وديمقراطيته!!
بمعنى آخر.. فإن الفساد المحلى ارتبط بفساد إقليمى ودولى وشكل شبكة هائلة من مافيا السلطة والثروة.. وهناك نماذج كثيرة تؤكد ذلك.. وأبرزها حسين سالم ويوسف بطرس غالى الذى يجد حماية قوية من الشرطة البريطانية.. ولسنا ندرى.. لماذا تفعل بريطانيا ذلك.. وهل اعتادت عاصمة الضباب استلاب حقوق الشعوب.. منذ الاستعمار والامبراطورية التى غابت عنها الشمس..؟! وليست بريطانيا وحدها التى تمارس ذات السياسة المرفوضة.. بل دول عديدة وفرت الحماية والنظم القانونية والمصرفية والمالية الفاسدة.. حتى يظل هؤلاء الفاسدون فى رعايتها.. وحتى تستخدمهم كورقة ضغط ضد النظام الجديد فى مصر.. للأسف الشديد.
وإذا كنا نتحدث عن الفساد المادى بكل مظاهره.. فإن فساد القلوب والعقول هو الخطر الأكبر الذى نواجهه. فما زالت الكثير من الأفكار والممارسات والآليات الممقوتة شائعة بيننا.. بدءاً من الانفلات الأخلاقى.. ومروراً بفوضى الاعتصامات والإضرابات.. وانتهاء بالابتزاز السياسى الذى يمارسه بعض الساسة المعروفين الذين يدَّعون الحرص على حقوق الشعب.. بينما الواقع يؤكد أنهم حريصون على مصالحهم بالدرجة الأولى.. حتى لو تحقق ذلك على حساب مصر ومستقبل أبنائها.
ونحن نشاهد كيف تحول بعض الساسة إلى معاول هدم لكل ما هو مفيد للوطن واستقراره ورخائه. فهناك المحرضون ضد الدستور.. وهناك المحرضون فى الإعلام وهناك المضربون فى كل مكان.. حتى إن احتياطى بنوك الدم تراجع بسبب إضراب الأطباء.. وهذا خطر يهدد الجميع.. ولن يكتوى بناره سوى البؤساء الذين لا يجدون قوتهم .. وقد لا يجدون نقطة دم تنقذ حياتهم. لذا فإننا نناشد الفئات التى تنظم الإضرابات والاعتصامات أن تراعى ربها فى وطنها.. وأن تعطى مصر فرصة لالتقاط الأنفاس.. واستعادة حركة الإنتاج.. لمدة سنة.. نعمل خلالها بجد وبكل ما أوتينا من قوة.. حتى نستعيد بعض ما فقدناه ونؤسس لمرحلة جديدة.. على أسس سليمة.
وحتى تتطهر البلاد.. من أذناب الفساد.. يجب على النائب العام الجديد فتح كل الملفات.. دون استثناء.. حتى يعرف الناس من هم الذين تسببوا فى هذا الانهيار السياسى والمالى والأخلاقى.. بمن فيهم القابعون فى السجون.. أو من ينتظرون.. وهم قريبون! ورغم ضخامة المهمة الملقاة على أجهزة النيابة ومؤسسة القضاء إلا أن الدور المنوط بها والمأمول منها عظيم وفى منتهى الحيوية. فهى التى تملك مصابيح الأمل للمستقبل كما تملك الشرطة أدوات تحقيقها. وقد قامت بالكثير.. وهذه شهادة حق.. وواقع نشعر به جميعاً.. مع ملاحظة مهمة: أن الشرطة تعمل فى ظل ظروف أشد صعوبة ووعورة.. مقارنة بالسنوات السابقة بسبب الفوضى العارمة التى تشهدها البلاد مالياً وسياسياً.. وإعلامياً أيضاً!
وعندما يطلب أن يكلف الرئيس الحكومة بوضع قانون جديد لحماية الثورة والمجتمع.. فإننا نتوقع أن يشمل هذا التشريع انشاء محاكم ثورية ذات آليات وقوانين تتناسب مع روح 25 يناير.. فلا يمكن أن نحاسب مافيا النظام السابق بذات القوانين التى فصّلوها على مقاسهم.. ولخدمة مصالحهم وتبرير جرائمهم. ونتطلع إلى أن تعمل هذه المحاكم الثورية بسرعه ناجزة توازى حجم التحديات والمخاطر التى نواجهها.
وللأمانة فإن الأجهزة الرقابية. وفى مقدمتها هيئة الرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات تقوم بدور مشرف يشهد الجميع بنزاهته وجرأته. ونحن ننتظر منها المزيد. فلا أحد فوق المراقبة والمساءلة والمحاسبة.. بما فيها مؤسسة الرئاسة والرئيس نفسه. لكن نقطة الانطلاق فى هذا المجال هى «محاسبة النفس».. أى أن نحاسب أنفسنا قبل أن يحاسبنا أحد.. وأن ندرك أن عقاب الله فى الدنيا قد يكون أشد من جزاء الآخرة.
وهنا نشير إلى نجاح أجهزة الأمن فى تنفيذ عشرات الآلاف من الأحكام القضائية التى ظلت حبراً على ورق على مدى سنين طويلة فقدت فيها العدالة مضمونها.. وتوحش الفاسدون وقضوا على الأخضر واليابس.. بل قضوا على الأمل فى النفوس.. وحطموا الأحلام فى العقول.
وحتى تكتمل عملية التطهير يجب إعادة بناء المنظومة التشريعية بصورة كاملة.. ووضع هياكل جديدة للعدالة انطلاقاً من الدستور الجديد الذى بدأ طرحه للرأى العام.. وبمشاركة كل الأطراف القضائية والقانونية والأمنية أيضا بل بمشاركة كل فئات المجتمع التى تجرى صياغة القوانين والتشريعات من أجلها ولتلبية احتياجاتها ولحل مشاكلها.
وأخيرًا.. فلن يحدث أى تطور أو تطوير دون البدء بالتطهير.. وإزالة جذور الفساد وأذناب النظام البائد. هذا النظام الذى يلفظ أنفاسه الأخيرة.. فى كل مكان رغم الصوت الإعلامى العالى له فى بعض الفضائيات والصحف والمواقع.. نعم إنهم ضعفاء.. رغم الطبل والزمر.. و «الصاجات» التى يصدحون ويصدعوننا بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.