أخيراً وصلنا للاختيار الصعب فى انتخاب رئيس للجمهورية الثانية بعد ثورة 25 يناير،ولكن بكم من التضحيات والتحديات والأزمات التى واجهناها لنصل إلى هذا اليوم حتى نشعر بأنه نتاج لكفاح الشعب المصرى ومع ذلك كان الاختيار الأكثر صعوبة لماذا؟! بسبب التجربة الديمقراطية الجديدة والفريدة، مع كثرة عدد المرشحين، بالإضافة إلى معدل الاستقطاب العالى لجذب الاصوات للتيارات الموجودة على الساحة من بين المرشحين، لذلك كان الاختيار صعبا فى الحيرة للاختيار من بين كل هؤلاء المرشحين وبرامجهم وتاريخهم ونضالهم. فلأول مرة فى تاريخ مصر يختار الشعب رئيسه بإرادته الحقيقية وكل التيارات والمثقفين فى الريف والحضر والبدو ذهبوا لاختيار هذا الرئيس، الذى كان برنامجه متوافقا مع نبض الشارع وكان يؤمن إيمانا راسخا بأن مصر تمر بعقد اجتماعى جديد وعليه أن يكون أهلا لقيادة هذا العقد، ويعلم جيداً بأن مصر لن ترجع للوراء أبداً، كما أثبتت التجربة الديمقراطية أصالة المصرى بقيمه الحقيقية فلقد حقق انتصارًا بالمشاركة الجادة وأثبت أنه البطل والقائد وأنه قادر على التحديات لأن له جذورا تاريخية حضارية، وأن عزوفه عن المشاركة والممارسة السياسية قبل الثورة ليس ناتجا عن عدم وعى بل لأنه كان يشعر بأن هذا الوطن ليس وطنه وأنه كان يعيش غريبا فيه محروما من أبسط حقوقه التى كفلها له الدستور فى الحق فى السكن والمأكل والتعليم والعلاج والعمل. لذلك تمثلت عظمة هذا الشعب وظهرت جلية فى الأجواء الانتخابية فمع أن الجيش والشرطة كانا بالفعل موجودين لتأمين المقار الانتخابية فإن ذلك لم يمنع الشعب من ممارسة دوره وظهر شباب هذا الوطن فى مساعدة رجال الأمن وتنظيم الطوابير التى امتدت لمئات الأمتار وساعات الانتظار فظهرت أيضا القيمة الحضارية فى تعامله مع كبار السن والمرضى فى الاستثناء من الوقوف فى هذه الطوابير. وأخيرًا اجتزنا الاختيار الصعب لأننا نعلم جيداً بأن هذا الاختيار سيكون تأثيره كبيرا على مصر لمدة أربع سنوات قادمة. إننا نولد من جديد فقد اختلفت مصر تماما وإلى الأبد منذ الجمهورية الأولى ونحن الآن نشكل الجمهورية الثانية الأكثر حرية وديمقراطية لنعبر بمصرنا إلى الاستقرار ويكون الاختيار الصعب هو بداية لمصرنا الجديدة ورئيسنا المختار.