اجتزنا الاختبار الديمقراطي الاول الخاص بالاستفتاء بنجاح قياسي وبنسبة مشاركة حقيقية لم نألفها في تاريخنا.. شهدنا طوابير المستفتين.. حدث فريد لم يذهبوا فيه لتائيد مرشح أو حزب.. بل وقفوا في الطوابير لتأييد وطن من خلال فكرة وطنية خالصة لبعث مضمون جديد للوطن.. عبر وثيقة الدستور الذي شهد كفاح المصريين طوال قرنين من الزمان وهم يبنون مصر الحديثة التي عادت كدولة قديمة متجددة متكيفة مع عالمها. المصريون لم يتخلفوا عن اللحاق بالحضارات المتعاقبة.. وظلوا مصريين بل مشاركين بفاعلية وبإسهامات مبتكرة وجديدة حتي ولو كانت فردية أو حزبية.. وصولا للحضارة الحديثة.. حيث كنا نري المصريين وهم يبدعون كأفراد في التحدي والابتكار في العلوم والفن والادب والسياسة عبرالمؤسسات العالمية وفي غير وطنهم.. الان يبعثون وطنا ودولة. حدث فريد ليس للمصريين وحدهم كشعب قديم عاد لعالمه وللحضارة الحديثة بقيم جديدة وروح مختلفة جددت.. بل أيضا لدول الشرق كله وقيمها وأديانها ومعتقداتها. تلاحم إسلامي ومسيحي يقول للعالم: هنا الإخاء.. هنا الوحدة.. هنا روح العصر.. كنا نلمسها من حين لآخر كومضة وحدث فريد.. ثم شهدناها ونحن نتجه إلي بناء دولة حديثة في عملية الاستفتاء علي أفكار محددة لشكل الدولة ونظام الحكم. شارك الشباب والرجال والنساء والفتيات.. روح جديدة بلا ضغوط من أي اتجاه بلا قيادات تسلطية أو أحزاب ديكتاتورية.. صحيح كنا سعداء للاختيار الأول ولكننا يجب أن نصحح أنفسنا ولا نجاملها حتي تكون عملية البناء والتغير صحيحة وكاملة.. ولا تشوبها شوائب في المرحلة المقبلة. نحن نسعي لدولة مدنية حديثة تحترم فيها الأغلبية والأقليات.. ولذلك يجب ألا نصادر حرية الرأي أو نسعي لتهميش أي فريق أو نستخدم العنف أو حتي الإغراء في جذب الناخبين لرؤانا سواء كان لشخص أو حزب أو فكرة. شهد استفتاء الأمس بعض الأخطاء التي تشوه الوجه الحضاري الذي ظهرت به أولي تجاربنا الديمقراطية وحاول البعض التعبير عن رأيه عبر الحشد أو التخويف من الرأي الآخر وحاول البعض الآخر الاعتداء علي مرشح للرئاسة بالطوب والحجارة, وهذا مرفوض.. وحاول الآخرون توزيع الهدايا علي البسطاء.. وتلك موروثات حقب الضعف والخوف من الحرية ونتائجها.. يجب أن نرفضها ونطالب الجميع بتصحيح سياساتهم وقبول النتائج بصدر رحب بعيدا عن استخدام القوة أو العنف أو الإغراء.. وصولا إلي رأي الاغلبية وبحثا عن الحقيقة عبر أصوات الناس التي لا يملكها أحد.. فلا تجتمع أمتنا علي ضلالة أو خطأ.. افتحوا أبواب الحرية وكل الأبواب ولا تخافوا من الاختلاف والرأي المختلف..وسوف نبني دولة قوية وصحيحة ونجعل مصر فخرا لنا وللعالم. [email protected]