بعد تعديل قانون الثانوية العامة:مواجهة برلمانية لفشل السياسة التعليمية !

كشفت مناقشات تعديل نظام شهادة الثانوية العامة تحت قبة مجلس الشعب لتكون عاما واحدا فقط بدلا من عامين لتخفيف الأعباء عن كاهل الأسرة المصرية التى تشرب «المر» بسبب أن يكون لديها طالب فى الثانوية العامة- عن العديد من القضايا المهمة عن تطوير منظومة التعليم المصرى، وأن سياستنا التعليمية مازالت تعانى من الاضطراب وعدم الاستقرار بما ينعكس سلبيا على الطلبة وأولياء الأمور ويسبب للجميع الضغوط العصبية والنفسية والمادية!
وأدت هذه السياسة المضطربة التى تتغير بدرجة 180 درجة بتغير كل وزير يتولى وزارة التربية والتعليم إلى تقليص دور المدرسة وانتشار حمى الدروس الخصوصية بين الطلبة بسبب عزوف المدرسين عن العمل داخل الفصولK رغم رفع مرتباتهم أكثر من مرة، وقد تحولت المدارس إلى مجرد مكان لتنظيم امتحانات آخر العام لمناهج تعتمد على حشر المعلومات وحفظها وتسجيلها فى أوراق الإجابة فى نهاية العام.
وhتفق تماما مع ما جاء فى تقرير لجنة التعليم بمجلس الشعب برئاسة د. شعبان عبدالعليم بأن التعليم الثانوى يعتبر العمود الفقرى فى العملية التعليمية.. وأننا نحتاج إلى وقفة متأنية أمام سياسة التعليم ونظامه ومحتواه لمواجهة التغير وتنمية قدرة الإنسان على الانتقاء والاختيار لرفع إنتاجية المواطن والارتقاء بقدراته التنافسية، ولذلك تعد عملية تطوير التعليم الثانوى وإصلاح مساره ضرورة ملحة يسعى إليها المجتمع المصرى بجميع طوائفه ومؤسساته وقطاعاته.
وأعتقد أن المراحل التى مرت بها الثانوية العامة.. واختلاف نظامها من عام واحد إلى عامين.. ثم نظام تحسين مجموع درجات الطالب ثم استخدام نظام المستوى الرفيع أدى ذلك إلى حالة من عدم الاستقرار وهروب الطلبة من الأقسام العلمية إلى الأقسام الأدبية، وهذه كارثة كبرى نعانى منها، وذلك نتيجة صعوبة بعض مقررات ومناهج القسم العلمى واشتراط الكليات العلمية لمجاميع عالية جدا فى الثانوية العامة للالتحاق بها بالمقارنة بالكليات الأدبية.
***
والنظام الجديد الذى وافق عليه مجلس الشعب مؤخرا وأصدر قانونه، كما يقول د. شعبان عبدالعليم سيجعل شهادة الثانوية العامة عاما واحدا فقط لإنهاء المأساة التى تعيشها الأسر المصرية لمدة عامين متتاليين، واعتبار شهادة الثانوية مؤهلة للالتحاق بالجامعة وسوق العمل وامتداد صلاحية الشهادة لمدة خمس سنوات لدخول الجامعة وإمكانية التدريب من أجل الالتحاق بسوق العمل.
وسيتم تطبيق هذا النظام من العام المقبل رغم الاعتراض الشديد لوزير التربية والتعليم جمال العربى، لأن ذلك سوف يؤدى إلى خسارة 115 مليون جنيه ثمن طباعة الكتب التى كانت ستوزع فى العام المقبل، وكان معه كل الحق.. ولكن يبدو أن النواب كانوا يبحثون عن بعض القضايا الجماهيرية التى تقربهم من الناس خارج القاعة.
وأعتقد أن هذه الموافقة على تعديل نظام الثانوية سوف تؤدى إلى أن تقوم وزارة التربية والتعليم إلى تعديل المناهج فى الصفين الثانى والثالث بما يجعلهما سنتين مستقلتين تماما عن بعضهما.
***
إن لجنة التعليم بمجلس الشعب أكدت على أن النظام الجديد للثانوية العامة يعتبر خطوة مهمة على طريق تطوير التعليم فى مصر، وأتمنى ذلك.. وقالت إن هذا التطوير يمكن أن يؤتى ثماره سريعا إذا تم تطوير نظم الامتحانات الحالية، بحيث لا يقتصر على قياس قدرة الطالب على التحصيل.. بل تشمل أيضا قياس مستويات الفهم والتحليل والإبداع وتحديث المناهج الدراسية بما يحقق المواصفات القياسية لخريجى التعليم الثانوى وضمان المشاركة الإيجابية للطالب.. وتدريب جميع المدرسين فى المرحلة الثانوية على طرق التدريس الملائمة للمناهج والاختيارات المتطورة وتحقيق التكافؤ فى المستويات المعرفية والمهارية بين مسارات التعليم الثانوى المختلفة وتحليل المناهج الدراسية ومدى تلبيتها لحاجة سوق العمل واستعراض تجارب بعض الدول التى حققت تقدما كبيرا فى مجال التعليم مثل تركيا وماليزيا وكوريا والوقوف على مدى فاعليتها.
***
إننى أتفق مع تعديل قانون الثانوية العامة وأن تكون سنة واحدة فقط.. ولكن أرجو أن تدرس اللجنة إلغاء درجات أعمال السنة فى الصف الأول الثانوى والذى تحول إلى سوط وسيف على رقاب الطلبة وأولياء الأمور بسبب هذه الدرجات التى يستخدمها المدرسون كنوع من «السبوبة» للتكسب من ورائها من جيوب أولياء أمور الطلبة!