رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد افتتاح مبنى خدمات ومكتبة كنيسة المقطم.. صور    آخر تحديث: سعر الدولار صباح تعاملات اليوم الخميس 25 أبريل 2024 في مصر    تطبيق التوقيت الصيفي في مصر 2024: خطوات تغيير الساعة وموعد البدء    تأثير حملة "خلّوها تعفن" على أسعار الأسماك واللحوم في مصر    محافظ الغربية يتابع الموقف التنفيذي لكورنيش المحلة الجديد    تراجع إنتاج السيارات في المملكة المتحدة خلال مارس الماضي    حماس تبدي استعدادها لإلقاء السلاح في حالة واحدة فقط    الدفاع المدني الفلسطيني: الاحتلال دفن 20 شخصا على الأقل بمجمع ناصر وهم أحياء    الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة بأطفيح    مسلسل البيت بيتي 2.. تفاصيل العرض ومواعيد الحلقات على منصة شاهد VIP    الرئيس السيسي: سيناء تشهد جهودا غير مسبوقة لتحقيق التنمية الشاملة    شوشة عن إنجازات سيناء الجديدة: مَنْ سمع ليس كمَنْ رأى    البحرية البريطانية: بلاغ عن حادث بحري جنوبي غرب عدن اليمنية    الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء "الأونروا" في دعم جهود الإغاثة للفلسطينيين    مواعيد مباريات الخميس 25 إبريل - الأهلي والزمالك في بطولة إفريقيا لليد.. ومواجهة صعبة لمانشستر سيتي    صباحك أوروبي.. بقاء تشافي.. كذبة أنشيلوتي.. واعتراف رانجنيك    مفاجأة غير سارة لجماهير الأهلي قبل مواجهة مازيمبي    الأهلي يصطدم بالترجي التونسي في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    "أبو زعبل للصناعات الهندسية" تكرم المحالين للمعاش    التريلا دخلت في الميكروباص.. 10 مصابين في حادث على صحراوي البحيرة    مصرع وإصابة 10 أشخاص إثر تصادم سيارتين في البحيرة    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    حمزة العيلى عن تكريم الراحل أشرف عبد الغفور: ليلة في غاية الرقي    اليوم.. حفل افتتاح الدورة ال 10 لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    الليلة.. أنغام وتامر حسني يحيان حفلا غنائيا بالعاصمة الإدارية    وزير التعليم العالي: تعزيز التعاون بين منظومة المستشفيات الجامعية والتابعة للصحة لتحسين جودة الخدمات    التحقيق في سقوط سيارة من أعلى كوبرى روض الفرج    الشواطئ العامة تجذب العائلات في الغردقة هربا من الحر.. والدخول ب20 جنيها    نشرة مرور "الفجر ".. سيولة بمحاور القاهرة والجيزة    بعثة الزمالك تغادر مطار القاهرة استعدادا للسفر إلي غانا لمواجهة دريمز    فرج عامر: لم نفكر في صفقات سموحة حتى الآن.. والأخطاء الدفاعية وراء خسارة العديد من المباريات    انقطاع مياه الشرب عن منشية البكري و5 مناطق رئيسية بالقاهرة غدًا    وزير النقل يشهد توقيع عقد تنفيذ أعمال البنية الفوقية لمشروع محطة الحاويات تحيا مصر 1 بميناء دمياط    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    هل يوجد فرق بين صلاتي الاستخارة والحاجة؟ أمين دار الإفتاء يوضح    عادل الغضبان يهنئ أبناء محافظة بورسعيد بالذكرى ال 42 لعيد تحرير سيناء    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    الصحة: 3.5 مليار جنيه لإنجاز 35 مشروعا خلال 10 سنوات في سيناء    حبس المتهم بإنهاء حياة شخص بسبب الخلاف على المخدرات بالقليوبية    لأول مرة .. أمريكا تعلن عن إرسالها صواريخ بعيدة المدى لأوكرانيا    احتجاجات طلابية في مدارس وجامعات أمريكا تندد بالعدوان الإسرائيلي على غزة    علماء بريطانيون: أكثر من نصف سكان العالم قد يكونون عرضة لخطر الإصابة بالأمراض التي ينقلها البعوض    هل ترك جنش مودرن فيوتشر غضبًا من قرار استبعاده؟.. هيثم عرابي يوضح    مشاجرات خلال اعتقال الشرطة الأمريكية لبعض طلاب الجامعة بتكساس الرافضين عدوان الاحتلال    المنيا.. السيطرة على حريق بمخزن أجهزة كهربائية بملوى دون خسائر في الأرواح    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    تقسيط 30 عاما.. محافظ شمال سيناء يكشف مفاجأة عن أسعار الوحدات السكنية    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. شبل بدران يكتب:الأهداف الخفية وراء تطوير الثانوية العامة
نشر في الدستور الأصلي يوم 11 - 06 - 2010

تعد المرحلة الثانوية مرحلة متميزة بحكم موقعها في السلم التعليمي، فهي مرحلة تتوسط مرحلة التعليم الأساسي ومرحلة التعليم العالي والجامعي، حيث تقع عليها تبعات أساسية وجوهرية من أهمها: إتاحة الفرصة كاملة للطلاب لمواصلة تعليمهم الجامعي والعالي، وإعداد وتكوين الشباب ليجدوا لهم مكاناً ودوراً في المجتمع، وكذا إعداد الكوادر العلمية من صفوة شباب الجامعة لمواجهة متطلبات المجتمع من ناحية أخري، فضلاً عن أنها المرحلة التي تضحي من أجلها الأسرة المصرية بكل ما هو غال ونفيس من أجل أن يلتحق أبناؤها بالتعليم العالي والجامعي لا سيما الأسر الفقيرة التي حرمت من هذا النوع من التعليم بحكم وضعها الطبقي والاجتماعي.
1- الثانوية العامة واقتصاديات السوق:
إن بداية ما سمي بالإصلاح الاقتصادي في مصر منذ وزارة المرحوم الدكتور عاطف صدقي، كان الهدف النهائي لكل الجهود هو الانتقال من الاقتصاد الموجه إلي الاقتصاد الحر، وسياسة العرض والطلب وآليات السوق، وأن الخدمات وعلي رأسها (الصحة والتعليم والإسكان) خارج دور الدولة، حيث تراجع دورها من الدولة الراعية إلي الدولة الجابية، وقامت كل الوزارات المتعاقبة بمحاولة الانصياع إلي أجندة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لا سيما أن اتفاقية التجارة الحرة «الجات» والتي أزالت الحدود القطرية بين الدول، وتواكب ذلك مع السيطرة والهيمنة الرأسمالية للنظام الرأسمالي العالمي وما يسمي بالعولمة والكوكبة، وكانت لكل وزارة جهودها وبصماتها في ذلك الطريق الوعر.
إلا أن حكومة الدكتور أحمد نظيف جاءت وفي نيتها وعقيدتها الانصياع الكامل والتام لكل مطالب البنك والصندوق الدوليين، لا سيما أن اتفاقية تحرير الخدمات التي ستطبق عام 2010 ستنهي تماماً دور الدولة في دعم كل أشكال الخدمات، (الصحة التعليم الإسكان)، وسيكون لآليات السوق الطليقة القول الفصل في تلك القضايا، من هنا جاءت خطة تطوير الثانوية العامة بعد المؤتمر الذي عقد في مايو 2008 والذي لم تصدر عنه توصيات تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية، وكانت كل المقترحات والآراء تتم بشكل سري وغير معلن، إلا للذين يدافعون عن تلك السياسة وهي:
(أ) إن الثانوية العامة مرحلة منتهية ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بالتعليم الجامعي والعالي، وذلك الطرح لم تعرفه أي دولة في العالم أو أي نظام تعليمي في دولة متقدمة أو متخلفة، فكل دول العالم ونظمه التعليمية تعتبر الثانوية العامة أحد أهم متطلبات الالتحاق بالتعليم الجامعي والعالي. وذلك الأمر يعني في التحليل الأخير ضخ أعداد تقترب من نصف المليون طالب إلي جيش البطالة الذي تزداد أعداده يومياً، بعد أن وصلت إلي أكثر من ثلاثة ملايين متعطل عن العمل من حملة المؤهلات العليا، فما بالك وحملة المؤهلات المتوسطة؟ ونقول لأصحاب تلك الرؤية إن مصر لا يتجاوز فيها معدل خريجي التعليم العالي في قوة العمل أكثر من 11% والبقية إما أميون أو من حملة المؤهلات الدنيا. كما أن متوسط عدد سنوات التعليم التي يقضيها المواطن المصري في تعليم مؤسسي منظم لا تزيد علي خمس سنوات (معدل النهاية القصوي 10 سنوات)، ومن هنا فإن تلك الرؤية التي تفصل فصلاً معرفياً وتربوياً وتعليمياً بين التعليم الجامعي وما قبل الجامعي تنفرد بها مصر دون سائر بلدان العالم ونظمه التعليمية، وذلك يعني أيضاً في التحليل الأخير تحقيق شروط البنك الدولي التي تؤكد أنها لن تدعم التعليم العالي والجامعي وأن الدعم والمساندة سيكون للتعليم الأساسي الذي يعد العمالة الماهرة ويحرم أبناء هذا الوطن من مواصلة تعليمهم العالي والجامعي، وبذلك يُقتل تكوين وبناء كوادر علمية متخصصة تستطيع أن تقود عملية التنمية والتطوير في الوطن.
(ب) عقد اختبارات قبول للالتحاق بالتعليم الجامعي والعالي «الغربال الأول»: وتلك بدعة من بدع الخصخصة والسوق الطليقة التي لم تعد طليقة بعد الأزمة العالمية، وبعد تدخل أكبر دولة في العالم بضخ مليارات الدولارات للبنوك والشركات من جيب دافعي الضرائب في أمريكا وأوروبا.. والسوق لم تعد طليقة ولا حرة تماماً، لكن حكومتنا الرشيدة ما زالت تؤمن بأن السوق طليقة وحرة تماماً.
إن تلك الاختبارات المزمع عقدها، هي في الأساس اختبارات للإقصاء والاستبعاد، لأن الاختبارات ليست مسألة فنية بحتة بل هي مسألة فنية اجتماعية وسياسية، فعلي سبيل المثال طالب يريد أن يلتحق بكلية الحقوق فيما نختبره؟! وما القدرات التي نود أن نعرفها لديه؟ وهو ما زال طفلاً حسب التعريف الرسمي بأن سن الطفولة من السنة الأولي حتي الثامنة عشرة، وآخر يريد الالتحاق بكلية الطب، ماذا نريد أن نعرف لديه؟! وما القدرات التي نود أن نعرفها ونقيسها؟! أليس في ذلك بدعة البدع ومحاولة للاستبعاد والإقصاء في ظل مجتمع الفساد قانون اجتماعي فيه، والرشوة والمحسوبية ما زالت تتصدر قمته، وكليات القمة (الطب، طب الأسنان، الصيدلة، الهندسة) هي الكليات التي تورث فيها المهن ولعل زيارة بسيطة لأي كلية طب ستكتشف بنفسك دلائل ذلك. إن الحل الموضوعي والعملي والذي يحقق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص هي المواد المؤهلة مجموع الثانوية العامة + مجموع المواد المؤهلة، فالقطاع الطبي مثلاً مجموع الثانوية العامة + درجات العلوم، والقطاع الهندسي، مجموع الثانوية العامة + درجات الرياضيات، والقطاع الأدبي، مجموع الثانوية العامة + درجات اللغات والدراسات الإنسانية.
وذلك من خلال امتحان قومي للجميع وبنفس الشروط والمواصفات لتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص والمساواة، لكن السياسة التعليمية في صورتها الجديدة لم يعد يُعنيها تكافؤ الفرص ولا العدالة ولا المساواة ولا المواطنة، القضية قضية اجتماعية واقتصادية بالدرجة الأولي وهي تقليل أعداد الطلاب بالتعليم الجامعي والعالي لتقليل تكلفة وتراجع دور الدولة في الخدمات بحلول عام 2010 وهو العام المقترح فيه للثانوية العامة بعد تطويرها تطبيق النظام الجديد، إذن القصة واضحة وجلية وليست في حاجة إلي شهود إثبات أو حتي نفي.
2- امتحانات الغربلة والتصفية الاجتماعية:
في النظام المقترح اقتصر الامتحان القومي (علي مستوي الجمهورية) لأربع مواد دراسية هي (اللغة العربية، واللغة الأجنبية الأولي، والتربية الدينية، والتربية القومية) وتلك هي المواد الأساسية «الغربال الثاني» ولأول مرة منذ نشأة الثانوية العامة أو «البكالوريا» 1906 تدخل التربية الدينية (الإسلامية والمسيحية) في الاختبار القومي، وربنا يستر، أن التدين سلوك ومعاملة ولا يمكن قياسه تحصيلياً، وكان من الأفضل أن يكون من خلال التقويم الشامل الذي يرصد السلوك والمهارات .. من هنا تم التضحية باللغة الثانية وهي عادة اللغة الفرنسية وأصبح تدريسها يشكل هدراً تربوياً .. إن هذه المواد التي تسمي الأساسية لكل الطلاب وعلي مستوي الجمهورية أمر جديد وغريب، ولا نعلم هل هذا للتخفيف عن أولياء الأمور؟! أم للتخفيف عن المصححين؟ أم للخوف من تسريب الأسئلة؟!
النجاح في امتحانات التقويم الشامل علي مدار السنوات الثلاث"الغربال الثالث» وعلي الرغم من أن التقويم الشامل فكرة نبيلة الهدف منها قياس قدرات وإمكانات الطلاب علي مدار العام وليس في لحظة امتحانية واحدة، إلا أنه تحول إلي اختبارات للنجاح والرسوب، في حين أنه يشكل مجموعة الأنشطة والتكليفات التي يقوم بها الطلاب علي مدار العام أو الأعوام الثلاثة، فكيف سيكون فيها اختبار به نجاح ورسوب. والسؤال الأهم: هل مدارسنا جميعها مؤهلة للتقويم الشامل، إن عدد مدارس التعليم الثانوي حوالي 2300 مدرسة علي مستوي الجمهورية، فهل كلها بها ملاعب وأفنية وقاعات للرسم والموسيقي ومسرح وأمكنة لممارسة الأنشطة الرياضية والفنية والثقافية والإبداعية؟! بالتأكيد هناك نسبة لديها الجاهزية ولكن المدارس في غالبيتها ليس لديها الجاهزية، ناهيك عن المعلمين الذين لم يتدربوا بعد علي مفهوم التقويم الشامل وآلياته، كما أن أولياء الأمور لم يدربوا ويعدوا لتقبل نتائج تلك الاختبارات التي ستكون بيد المعلم وحده، والمعلم لم يعد إليه اعتباره للآن ولا للمدرسة، ما زال المعلم يمد يده للطالب في المنزل حينما يتعاطي الدروس الخصوصية، فكيف لهذا المعلم أن يكون موضوعياً وحيادياً إلي الدرجة التي تثق فيه الأسرة والمجتمع، كان الأولي بالوزارة أن تُعيد الاعتبار للمعلم وللمدرسة وتقوم بتأهيل وتدريب جميع العاملين بها للتعامل مع هذا النظام الجديد والذي يتطلب أولاً الثقة التامة في تقديرات المعلم والمدرسة.
أما «الغربال الرابع»، فهو اختبار علي مستوي المدرسة ويتم الاتفاق علي نماذج أسئلته بين المديرية التعليمية المشرفة عليه وعلي مدارسها، بالتعاون مع بنك المعلومات المركزي في المركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي، وتختلف نماذج الأسئلة التي تعد من مدرسة لأخري، شريطة أن يكون جميعها في نفس مستوي الصعوبة والسهولة لجميع المدارس.
ولا يتقدم لهذين القسمين إلا من ينجح أولاً ببلوغه المستوي المطلوب من التقويم الشامل الذي تعده المدرسة من التقدير للطالب في دراسته خلال سنوات المرحلة الثلاث فيما يعرف بالتقويم التراكمي. وهذا النجاح هو الباب الذي يؤهله لدخول امتحان القسم الأول من الامتحان العام الموحد في المواد الأساسية. إذ يضاف هذا التقويم المدرسي ليمثل 50% من درجات الامتحان العام شرط للالتحاق بالامتحان الثالث من المواد التخصصية التي تقام علي مستوي المدرسة.
ثم يأتي بعد ذلك كله شرط النجاح بنسبة محددة يقررها مكتب التنسيق شرطاً لدخول الامتحان الرابع المسمي اختبارات القدرات النوعية التي تنظمه الجامعات أو الكليات المشرفة علي هذه الاختبارات وبعدها يتم القبول بنسب محددة من الدرجات والتقديرات لكل جامعة وكل كلية جامعية.
إن تلك الصيغة الجهنمية من شروط القبول في الجامعات تؤدي بنا إلي مفهوم الاستبعاد أو الإقصاء لطلابنا من الالتحاق بالتعليم الجامعي والعالي وتنفيذًا لشروط البنك والصندوق الدوليين بتقليل أعداد طلاب التعليم العالي في مصر، وأن تلك الصيغة الخبيثة فيها من الحيل والتزييف الأكاديمي والتربوي الكثير فكل هذه الاختبارات من سيقوم بها ومتي وكيف؟ لأكثر من 2300 مدرسة، ولأكثر من عشر مواد دراسية؟ إننا سوف نحتاج إلي أكثر من 120000 ورقة امتحانية في العام الواحد، فكيف؟ وهل هذا هو التطوير؟
كما أن هناك ضرورة نجاح الطالب للالتحاق بالجامعة في ذلك النموذج الجهنمي الخبيث في أربعة امتحانات أو أربعة غرابيل أو عراقيل يتغربل ويتعرقل خلالها الطالب من الوفاء أولاً بشروط التقويم التراكمي الشامل الذي تقدره المدرسة لمستوي الطالب خلال السنوات الثلاث، أي مجمل تحصيله في المواد الدراسية بالمرحلة الثانوية، وفي هذا «الغربال» القيد، مع احترامنا وتقديرنا للمدرسة والعاملين فيها من نزاهة وموضوعية، تثار الظنون والشكوك والقيل والقال، وبخاصة حول تعاطي الدروس الخصوصية التي يقوم بها مدرسو المدرسة هنا وهناك وتعد تلك الدروس «مدرسة موازية» أو «تعليم موازي» برغبة الطالب والأسرة، وهذا هو القيد أو الغربال الأول.
إن تطوير الثانوية العامة وسياسات القبول بالتعليم الجامعي والعالي جاءت كلها مخالفة لما طرح السيد رئيس الجمهورية في مؤتمر مايو 2008 من أن تطوير التعليم يعني إتاحته للجميع دون تميز أو إقصاء، كما أن هذا التطوير العجيب الذي في حاجة إلي مدرس خصوصي لشرح تلك الامتحانات، امتحانات التقويم الشامل، ثم امتحانات علي مستوي المدرسة، ثم امتحان قومي علي مستوي الجمهورية، ثم بعد ذلك الثانوية العامة منتهية ولا علاقة لها بالالتحاق بالتعليم الجامعي والعالي، يعني أن هذه الغرابيل والقيود الثلاثة يصبح الطالب بعد النجاح فيها في الشارع يبحث عن فرصة عمل في سوق العمل غير الموجود أصلاً أو أن يجلس بجوار أقرانه من المتعطلين عن العمل، وإن أراد أن يستكمل تعليمه الجامعي والعالي فلا علاقة بما حصّله وبما عرفه وتعلمه من معارف وعلوم بالالتحاق بالجامعة، عليه أن يجتاز الغربال الرابع والأخير الذي سيكون آخر مصفاة ذات عيون ضيقة للغاية لن تسمح لأحد باجتيازها، إلا من كانت لديه القدرة الاجتماعية والمكانة الطبقية إلي جانب القدرات المادية التي هي جزء من القدرة والمكانة الاجتماعية والاقتصادية لأنه اختبار علي مستوي الكلية والجامعة، في ظل ظروف الواقع المعيش الذي نعرفه جميعاً.
والسؤال: لماذا كل هذا العذاب والألم لطلابنا وفلذات أكبادنا ومستقبل هذه الأمة؟، التي تحاول أن تجد لها مكاناً تحت الشمس في ظل مجتمع المعرفة والمعلومات، والمجتمع المتعلم، إن العالم شماله وجنوبه يسعي ليحقق شعار «اليونسكو» التعليم للجميع، والتعليم للتميز، والتميز للجميع، فأين سياستنا التعليمية من كل ذلك، إنها سياسة تسعي إلي التعليم مقابل الكلفة الاقتصادية وإدارة الشأن التعليمي إدارة اقتصادية بصرف النظر عن نسبة الأمية التي تربو علي 30% من جملة السكان، ناهيك عن 30% آخرين في طريقهم للأمية لأنهم لم يوظفوا معرفتهم بالقراءة والكتابة فارتدوا من جديد إلي الأمية، إن العالم المعاصر يسعي بكل جهد ودأب إلي تحقيق المجتمع المتعلم لكي ينافس في ظل الشروط القاسية للنظام الرأسمالي المؤسس علي التنافسية والجدارة بنظام تعليمي مرن يتيح فرصة التعليم للجميع من خلال جودة ونوعية عالية من التعليم في جميع مراحله وأنواعه، وليس من خلال سياسة تضييق الفرص التعليمية أمام أبناء الوطن، وخلق مجتمع نصفه متعلم والآخر يعيش في ظلمات الجهل، ولو أدركت حكومتنا الرشيدة وسياسة التعليم في مصر أن تكلفة الجهل أعلي بكثير من تكلفة العلم والتعلم .. لا مكان لأمة في هذا الزمن يعيش ثلث أفرادها في الأمية والجهل.

*عدد طلاب الثانوية هذا العام يبلغ 389017 طالباً وطالبة في المرحلة الثانية، و40350 طالباً وطالبة في المرحلة الأولي.
*73% من حملة الشهادة الإعدادية يلتحقون بالتعليم الثانوي العام.. يتجه 70% منهم للدراسات الأدبية و30% فقط لدراسة العلوم والرياضيات.
*مرت الثانوية العامة بمراحل مختلفة من حيث النظام والمناهج الدراسية وأسلوب الامتحانات، ونظام تنسيق القبول بالجامعات، فمن عام واحد لعامين بمرحلتين.. للعودة ثانية لعام واحد، ومن مواد إجبارية واختيارية.. لتبديلها معاً، ومن مواد منتهية لمتصلة، ومن تحسين، إلي لا تحسين، ومن المجموع مجرداً.. لمقابلات شخصية وامتحان قدرات.
*في الفترة من (1922 1952) قسم التعليم الثانوي إلي مرحلتين، «مرحلة الكفاءة» و«مرحلة البكالوريا»، واشتملت كل مرحلة منهما علي سنتين دراسيتين، والدراسة في مرحلة الكفاءة عامة واسعة موحدة لجميع التلاميذ، بينما كانت الدراسة في مرحلة البكالوريا تتشعب إلي شعبتين إحداهما أدبية والأخري علمية.
*في الفترة (مارس 1925 يونيو 1926) جعل التعليم الثانوي خمس سنوات بدلاً من أربع يزود الطالب فيها بالمعارف العامة لمدة ثلاث سنوات ثم يتفرع التعليم الثانوي إلي ثلاث شعب في الفرقتين الرابعة والخامسة هي العلوم والآداب والرياضيات حتي يتزود الطلاب بالدراسات التي تعينهم علي التوجه لدراسة التخصصات المختلفة في الجامعة.
*في عام 1949 صدر قانون التعليم الثانوي الذي يهدف إلي توجيه التلميذ نحو التخصص تدريجياً، فقسم التعليم الثانوي إلي قسمين.. القسم الأول الدراسة به عامة لمدة سنة دراسية واحدة، والثاني فيه خاصة تستغرق ثلاث سنوات دراسية وتنقسم التخصصات فيها إلي خمسة تخصصات (العلوم الاجتماعية، الأحياء، العلوم الطبيعية، الرياضيات، الفلسفة).. إلا أن هذا القانون لم يطبق نتيجة لخروج الحكومة التي قدمته من الحكم.
*صدر القانون رقم 211 لسنة 1953 لتنظيم التعليم الثانوي، وقسم التعليم الثانوي إلي مرحلتين: مرحلة إعدادية، ثم مرحلة ثانوية، وجعلت الدراسة بالمرحلة الإعدادية دراسة عامة لجميع التلاميذ، ومن ثم لا يتم تنويع الدراسة إلا بعد المرحلة الثانوية النهائية، كما نص علي أن مدة الدراسة الثانوية العامة ثلاث سنوات.
*صدر قانون رقم 68 لسنة 1968، الذي يقدم جديداً في المجال، باستثناء التعديلات التي أدخلت علي نظام التشعيب عام 1976 الثانوية العامة، وهو تنظيم داخلي خاص بالدراسة بالصف الثالث من المرحلة الثانوية.
*القانون رقم 139 لسنة 1981، أكد أن مدة الدراسة الثانوية ثلاث سنوات دراسية، ويشترط فيمن يقبل بالصف الأول من مرحلة التعليم الثانوي أن يكون حاصلاً علي شهادة إتمام الدراسة بمرحلة التعليم الأساسي.
*القانون رقم 143 لسنة 94 قسم المرحلة الثانوية إلي ثلاث سنوات دراسية، في السنة الأولي يدرس الطالب المواد العلمية والأدبية، وتسمي كل من السنة الثانية والثالثة من المرحلة باسم المرحلة الثانوية ويدخل الطالب قسماً من ثلاثة أقسام: إما «علمي/ رياضة» أو «علمي/ علوم» أو «أدبي».. وكل قسم من هذه الأقسام يركز علي مجموعة محددة من المواد الدراسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.