وفي كوب التعليم الفارغ تقريبا يتبقي قطرات لا تروي ولا تصلح وإنما تزيد الوضع سوءا.. وهو ما يكشفه التقرير البرلماني للجنة التعليم في مجلس الشعب التي يرأسها الدكتور شريف عمر والتي تري أن الخطة الاستراتيجية لوزارة التعليم لا تتسق مع ما طرحه السيد رئيس الجمهورية من أن تطوير التعليم يعني إتاحته للجميع دون تمييز أو إقصاء ليحقق شعار' اليونسكو'( التعليم للجميع والتعليم للتميز والتميز للجميع) لذلك فنحن في حاجة إلي نظام تعليمي مرن يتيح فرصة التعليم للجميع من خلال جودة ونوعية عالية من التعليم في كافة مراحله وأنواعه وليس من خلال سياسة تضييق الفرص التعليمية أمام الطلاب. ويؤكد التقرير أن عملية إصلاح التعليم الثانوي يجب أن يسبقها إصلاح التعليم ما قبل الثانوي والذي يقتضي جهودا متنوعة ومتعددة في حلقتي التعليم الأساسي الابتدائية والإعدادية ولعل أهمها كثافة الفصول واستكمال مطالب تعليم اليوم الكامل في كافة المدارس وتوفير إمكانات الممارسة العملية للأنشطة ثم إنه لا يمكن أن يتحقق التعليم النشط ومجالات الحوار في العملية التعليمية دون التخفيف من كثافة الفصول. ومن الضروري مضاعفة تمويل التعليم مع المراجعة الجادة في اختيار مشروعات إصلاحه كي تتجه نحو قبلة واحدة تستهدف جسد المنظومات التعليمية وفي خطي محسوبة للأولويات. كما أن اعتبار الثانوية العامة مرحلة منتهية ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بالتعليم الجامعي والعالي سيضخ أعدادا تقترب من نصف مليون طالب إلي جيش المتعطلين الذي تتزايد أعداده يوميا حتي وصلت إلي أكثر من ثلاثة ملايين متعطل عن العمل من حملة المؤهلات العليا بالإضافة إلي حملة المؤهلات المتوسطة, إن معدل خريجي التعليم العالي في قوة العمل بمصر لا يتجاوز أكثر من11% والباقي إما أميون أو من حملة المؤهلات المتوسطة والأقل من المتوسطة. وإن كل دول العالم ونظمه التعليمية تعتبر الثانوية العامة أحد أهم متطلبات الالتحاق بالتعليم الجامعي والعالي وبالتالي فإن حرمان أبناء هذا الوطن من مواصلة تعليمهم العالي والجامعي يقتل تكوين وبناء كوادر علمية متخصصة تستطيع أن تقود عملية التنمية والتطوير في الوطن ويعوق عدم وجود كتلة تعليمية واعية ساندة للقيادات في التنمية وفي التحرك نحو الديمقراطية خاصة بعد أن أصبح التعليم الجامعي تعليما أساسيا في عصر المعرفة والاتصالات. كما أن عقد اختبارات قبول للالتحاق بالتعليم الجامعي والعالي ليست مسألة فنية بحتة بل تخضع لعوامل كثيرة حيث إن قدرات الإنسان ليست ثابتة وإنما هي متغيرة صعودا وهبوطا مع تجاربه وخبراته طوال مسيرة حياته. كما أن إنشاء بنك مركزي جديد للمعلومات متخصص في وضع هذا الكم الرهيب من الأسئلة وفي تغذيته المستمرة بها في كل المواد يمثل عبئا ماليا وبشريا وتنظيميا تنوء به ميزانية التعليم وإدارتها علي مدي السنين ومن الأفضل استخدام أكبر قدر من المبالغ المتاحة لإنشاء مدارس ثانوية جديدة لتخفيف كثافة الفصول التي هي محور تجويد العملية التعليمية. والتساؤل هنا هل مدارسنا جميعها مؤهلة للتقويم الشامل؟! إن عدد مدارس التعليم الثانوي حوالي2000 مدرسة علي مستوي الجمهورية والكثير لا تتوافر فيه ملاعب وأفنية وقاعات للرسم والموسيقي والمسرح وأماكن لممارسة الأنشطة الرياضية والفنية والثقافية والإبداعية إضافة إلي أن المعلمين لم يتدربوا بعد علي مفهوم التقويم الشامل وآلياته ولم يؤهل أولياء الأمور لتقبل نتائج تلك الاختبارات التي ستكون بيد المعلم وحده فالأولي أن يعاد الاعتبار للمعلم وللمدرسة ونقوم بتأهيل وتدريب جميع العاملين بها للتعامل مع هذا النظام الجديد والذي يتطلب أولا الثقة التامة في تقديرات المعلم والمدرسة وسنوات من الخبرة والتجريب قبل تطبيقه حتي تتحقق العدالة والموضوعية ولا يتم اللجوء فيه للدروس الخصوصية أو عوامل شخصية أخري ولكن تبقي مشكلة عناصر التقويم والتي تشمل الاختبارات المعرفية والأنشطة والتي تتفاوت إمكاناتها بين المدارس وبخاصة في مجال الأنشطة من حيث المكان والتجهيزات فضلا عن المدرسين وإذا كان النجاح في التقويم التراكمي شرطا لدخول امتحان المواد الأساسية فما هو الموقف إزاء مئات من الطلاب الذين يتقدمون له من منازلهم وهل سيعد لهم امتحان خاص؟ وإنه لمن المهم والضروري إسناد إعداد المناهج والكتب في المرحلة الثانوية إلي فرق من أساتذة الجامعات المتميزين في مختلف التخصصات ضمانا لوفاء تلك الكتب بالمعرفة العلمية الصحيحة والحديثة في تطورها حيث إن ترك تأليف الكتب للناشرين لا يحقق ضمان المستوي الذي يؤهل خريجي الثانوية العامة للمستويات الجامعية. ويبقي التساؤل الذي تطرحه اللجنة وهو: هل يصلح المشروع المقترح للتطبيق في ضوء أوضاع مدارسنا الحالية والتي تتطلب إصلاحات متنوعة إلي جانب ما تستدعيه من إصلاحات في الإدارات المركزية والمحلية؟ والإجابة هي أن عملية إصلاح البنية الأساسية للمدارس الحالية وجعلها جاهزة للتقييم والاعتماد لا يمكن استكمالها مع عام2012 وربما تمتد إلي2015 لمدة أطول مما تتصوره الوزارة. [email protected] المزيد من مقالات لبيب السباعى