شهدت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، اليوم الخميس، الفاعلية السنوية بيوم الوثيقة العربية لعام 2025 تحت عنوان " جامعة الدول العربية : ثمانون عاماً من العمل العربي المشترك "، والذي تنظمه الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالتنسيق مع الفرع الإقليمي العربي للمجلس الدولي للأرشيف (عربيكا). جاء ذلك بحضور كل من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، والسفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، والدكتور عبد الله ماجد آل على رئيس الفرع الإقليمي العربي للمجلس الدولي للأرشيف، والدكتور محمد مصطفى كمال مدير معهد الدراسات والبحوث العربية، ممثل المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، والدكتور أحمد بن عبد الله البوعينين رئيس لجنة ذاكرة العالم للمنطقة العربية. وأشاد أبو الغيط في كلمته خلال الاحتفالية بهذه المبادرة المهمة التي تبنتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في أوائل الألفية الثالثة لإبراز أهمية الوثيقة العربية باعتبارها من الأسس الأصيلة التي ترتكز عليها هوية الأمم والشعوب، و بوصفها شاهداً على التاريخ، وذاكرة الأجيال المقبلة، وللتأكيد على أن الأرشيف الوثائقي يُمثل جزءاً لا يتجزأ من الموروث الثقافي العربي وأحد مقومات الهوية الوطنية للأمة العربية. وتوجه بتحيةَ تقدير واعتزاز الى كل الوثائقيين والمُوثقين العرب ومؤسسات الوثائق العربية في هذه المناسبة، كما توجه إليهم هذه الرسالة باعتبارهم حراس التراث الوثائقي، بأن الحفاظ علي هذا الإرث وصونه ليس فقط واجباً مقدساً وأصيلاً، بل هو مسئولية قومية باتت ضرورة مُلحة أكثر من أي وقت مضى، خاصة في ظل هذا المنعطف التاريخي الحاسم الذى تتعرض فيه منطقتُنا العربية لتحدياتٍ غير مسبوقة تهدد كيانها وهويتها وتفرض علينا أن نتنبه الى خطورة الأوضاع التي تواجه الأرشيفات العربية من محاولات طمس هويتها وتزوير مضمونها التاريخي وتشويه التراث الفكري للأمة العربية. كما توجه بخالص التهنئة الى الفرع الإقليمي العربي للمجلس الدولي للأرشيف ودولة الامارات بمناسبة انتخاب الدكتور عبد الله ماجد آل على رئيساً له، معربا عن تطلعه في استمرار الفرع الإقليمي بالتعاون مع الجامعة في بذل الجهود اللازمة للحفاظ على التراث الأرشيفي للمنطقة العربية وصيانته، وحماية الأصول العربية التاريخية. وتوجه بالتهنئة إلى الدكتور أحمد بن عبد الله البوعينين بدولة قطر على فوزه برئاسة لجنة ذاكرة العالم للمنطقة العربية، داعيا إلى اللجنة للاهتمام بإثراء "سجل ذاكرة العالم" بالمساهمات الوثائقية العربية المتميزة والفريدة، والتي تحفظ حقوق الأمم والشعوب العربية وتسهم في اثراء الحضارة البشرية، والعمل على دعم الحفاظ على المخطوطات والمحفوظات والصور والخرائط القيمة في العالم العربي بكافة الأساليب التكنولوجية الحديثة وخلق بيئة مستدامة لهذا الإرث النفيس. وقال أبو الغيط خلال كلمته "نحتفل هذا العام بيوم الوثيقة العربية تحت شعار "جامعة الدول العربية: ثمانون عاماً من العمل العربي المشترك"، مشيرا إلى إن منظمتنا العريقة هي أول إطار مؤسسي يُجسد حلم التضامن العربي، وقد كانت استشرافاً سابقاً للعصر في أهمية التنظيم الإقليمي، كما جاء تأسيسها مع شعور جارف لدى الشعوب العربية بضرورة خلق كيان يجمعها ويجسد هويتها المشتركة، ويعبر عن تطلعاتها للمستقبل. وأُشاد بالمعرض الوثائقي التاريخي الذي قمنا بافتتاحه منذ قليل تحت عنوان "جامعة الدول العربية في عيون مؤسسات الوثائق والأرشيف العربية"، والذي استطاع أن يُجسد ببراعة عنوان احتفالنا اليوم، وأشكر دور الوثائق والأرشيف العربية، أعضاء الفرع الإقليمي العربي للمجلس الدولي للأرشيف، على جهودهم المُقدرة في تزويد المعرض بهذه الوثائق المتميزة عن جامعة الدول العربية. وأضاف أبو الغيط أن الجامعة العربية وضعت نصب أعينها موضوع الحفاظ على الإرث الوثائقي العربي ودعت لتضافر كافة الجهود لحمايته وصونه، من خلال دعم كافة المبادرات وتبنى الاستراتيجيات والقرارات اللازمة للتصدي للمحاولات المستمرة لطمس تاريخ الأمة وتراثها. وأردف قائلا: ي"أتي افتتاح المعرض المتحفي لجامعة الدول العربية في شهر سبتمبر الماضي على رأس هذه المبادرات، كما إنه صرحٌ جديد شُيّد بمقر الجامعة، و تُمثل مقتنياتُه سجلاً لتاريخ ورحلة الأمة العربية ويُعتبر شهادة حية على ثمانية عقود من العمل العربي المشترك وهو أيضاً رسالة للاستمرارية في المستقبل، داعيا الجميع اليوم لاستكشاف هذا المتحف وأن تكونوا جزءً من هذه القصة المستمرة". وأشار الى ما تشهده فعالية يوم الوثيقة العربية لعام 2025 تكريم دار الوثائق القومية السودانية ونخبة من الشخصيات العربية على انجازاتهم وإسهاماتهم الكبيرة في مجال الحفاظ على تراثنا الوثائقي العربي. من جهته، قال الدكتور محمد كمال مدير معهد البحوث والدراسات العربية، إن جامعة الدول العربية تعد الكيان القومي العروبي الأفضل في مواجهة المشاكل والأزمات التي تعترض الوطن العربي، وفي توحيد دوله على كلمة سواء. وأضاف خلال كلمته: لقد أتمت الجامعة عامها الثمانين وكانت وما تزال بيتاً لكل العرب ومنارة لأفكارهم. وأشار إلى سعى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) دوماً لتكون بيت الفكر والخبرة للجامعة العربية من خلال أنشطتها المختلفة، وقد أصدرت العديد من الأعمال التي تتناول تاريخ الجامعة وحاضرها ومستقبلها بمشاركة كبار المختصين. كما أكد أن هذه الفعالية تأتي في توقيت مهم يمثل محطة تاريخية في ظل توجيهات الأمين العام لجامعة الدول العربية. وأشاد بمتحف الجامعة العربية الذي أنشئ حديثاً بمبادرة من الأمين العام ليكون منارة وسجلًا لتاريخ الجامعة، ولا يقل محتوى وتنظيماً عن المتاحف المشابهة في دول العالم المتقدمة. وأوضح أن جامعة الدول العربية تواجه في هذه الفترة جملة من التحديات في مسيرة عملها، مما يستدعي من الجميع تقديم أفكار وخطوات مهمة لمواجهتها. بدوره، أكد الدكتور أحمد بن عبد الله البوعينين، رئيس لجنة ذاكرة العالم للمنطقة العربية، أن احتفالية يوم الوثيقة العربية تتزامن مع مرور ثمانين عاماً على العمل العربي المشترك تحت مظلة جامعة الدول العربية، مؤكدا أن الوثيقة تتجاوز كونها مجرد سجل جامد، فهي شاهد حي على مسيرة الإنسان العربي ونضاله نحو التقدم. وقال البوعينين إن الاحتفال بيوم الوثيقة العربية هو احتفال بالهوية والذاكرة والوعي الجمعي، مشيرا إلى برنامج ذاكرة العالم العربي الذي أطلقته منظمة اليونسكو لحفظ التراث الوثائقي، ومشيراً إلى أهمية اللجنة العربية ضمن هذا الإطار. كما سلط الضوء على تحدٍ كبير يتمثل في تدني نسبة المشاركة العربية عالمياً، حيث لا تتجاوز 4%، وهو ما لا يعكس حجم إسهامات الحضارة العربية، داعيا إلى تفعيل العمل العربي المشترك كحل أساسي لسد هذه الفجوة. وأضاف: أقترح تعزيز التنسيق بين المؤسسات الوطنية المعنية بالتراث، ودعم جهود التوثيق الرقمي واستعادة الوثائق المفقودة، وتبادل الخبرات، وتقديم ملفات ترشيح عربية مشتركة تبرز الروايات التاريخية والثقافية الفريدة. واختتم كلمته بالتأكيد على أن الوثائق لا تقتصر على حفظ الماضي فحسب، بل تلعب دوراً حاسماً في صياغة المستقبل وإلهامه، فهي تنج وتكون المستقبل. تجدر الإشارة إلى أنه تم افتتاح معرض وثائقي بعنوان "جامعة الدول العربية في عيون مؤسسات الوثائق والأرشيف العربية" وذلك على هامش الاحتفال يتضمن عرضاً لمستنسخات الوثائق المتاحة بدور الأرشيف العربية الأعضاء ب(عربيكا) حول جامعة الدول العربية. وشهد الاحتفال بيوم الوثيقة العربية تكريم أبو الغيط من قبل لجنة التكريم "لشخصية هذا العام"، نظراً لجهوده الكبيرة الداعمة في مجال الحفاظ على التراث الوثائقي العربي وصونه، ولجهوده المقدرة في دعم الفرع الإقليمي للمجلس الدولي للأرشيف طوال السنوات العشر الماضية.