رغم أن حادث غرق العبارة السلام 98 الذى راح ضحيته 1033 شهيدا- دفعوا حياتهم وأرواحهم ثمنا للإهمال والفساد والفوضى فى قطاع النقل البحرى- قد مضى على حدوثه 6 سنوات.. إلا أن هذا الحادث مازال يمثل لغزا كبيرا لم يتم الكشف عن أسراره حتى الآن!! ومازالت توجد علامات استفهام كثيرة أيضا لم يحاول أحد الإجابة عنها! وأعتقد أن رجال النظام السابق الفاسد قد تعمدوا- مع سبق الإصرار والترصد- إخفاء حقيقة هذا الحادث وملابساته منذ وقوعه فى 3 فبراير 2006 حتى يمكن التستر على مظاهر الفساد الذى كان ينخر فى عظام النظام السابق برئاسة الرئيس المخلوع مبارك! واستطاع هذا النظام الفاسد أن يُدخل أُسر الضحايا فى متاهات وألغاز وألاعيب قانونية وإعلامية.. حتى تمكن ممدوح إسماعيل مالك العبارة من الهروب إلى لندن رغم أن أصابع الاتهام كانت تشير إليه منذ اللحظات الأولى لوقوع الحادث باعتباره هو المسئول الأول عن سلامة هذه العبارة.. وأنه رئيس مجلس الإدارة لشركة السلام التى تسيطر على الخط الملاحى فى البحر الأحمر بدون منازع أو منافس لسنوات تصل إلى 15 سنة! *** والعجيب والغريب أن ممدوح إسماعيل كان عضوا معينا فى مجلس الشورى فى عام 2006- أى أنه كان رجلا معروفا- ولكن لم يتم رفع الحصانة عنه بعد الحادث إلا فى 19 مارس 2006.. أى بعد غرق العبارة بشهر ونصف الشهر بعد أن تلقى مجلس الشورى كتابا من المستشار وزير العدل فى ذلك الوقت فى مساء الخميس 16/3/2006 يطلب الأذن برفع الحصانة عن «ممدوح إسماعيل محمد» عضو المجلس فى القضية رقم 278 لسنة 2006.. إدارى سفاجة. *** وأذكر أن صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى المنحل اضطر للرد على اتهامات أعضاء المعارضة فى مجلس الشعب أثناء استجواباتهم للحكومة عن غرق العبارة وبالتحديد اتهام النائب محمد البلتاجى فى مجلس الشعب فى الجلسة التى عقدها فى 21 مايو 2007 عندما قال البلتاجى إن مجلس الشورى تقاعس عن طلب القيام برفع الحصانة عن ممدوح إسماعيل من 3 فبراير حتى 26 مارس 2006 ثم لم يتم رفع الحصانة عنه إلا فى 9 يونيو». ولكن رئيس مجلس الشورى السابق أرسل خطابا إلى مجلس الشعب يقول فيه إنه تلقى كتابا من السيد المستشار المدعى العام الاشتراكى فى 27 مارس 2006 مرفقا به مذكرة فى البلاغ المقيد برقم 40 لسنة 2006 بشأن التحقيق فى حادث غرق العبارة السلام، يطلب الإذن برفع الحصانة البرلمانية عن السيد العضو وأنه أحال الطلب إلى اللجنة التشريعية التى أعدت تقريرا فى هذا الشأن، تم عرضه فى أول اجتماع للمجلس فى 11 إبريل 2006، حيث وافق على رفع الحصانة، وأنه أبلغ ذلك فى ذات التاريخ للمدعى الاشتراكى.. «أى أنه رفع عنه الحصانة مرتين».. ولم ينس رئيس مجلس الشورى المنحل أن يطلب فى خطابه لمجلس الشعب أن يتم عرض هذه الحقائق على مجلس الشعب الموقر إجلاء لواقع ما اتخذه مجلس الشورى من إجراءات.. وحتى لا ينسب إليه غير الحقيقة.. وقد قرأ د. فتحى سرور رئيس مجلس الشعب السابق هذا الخطاب فى اليوم التالى لجلسة الاستجوابات أى فى 22 مايو 2007 وسط تساؤلات النواب عن أسباب تأخر طلب رفع الحصانة عنه حتى تمكن من ترتيب أوراقه واستعداده للهرب.. وكان معهم كل الحق! *** ولكن السؤال الذى لم يجب عنه أحد حتى الآن: مَن الذى ساعد ممدوح إسماعيل على الهرب إلى لندن.. واستطاع إدارة الأزمة من هناك.. وكان يقوم بالرد على كل الاتهامات التى كانت توجه إليه من خلال صفحات إعلانية مدفوعة الأجر لبعض السذج من الصحفيين والإعلاميين والمرتزقة والمتربحين من دم الشهداء؟! هل كان د. زكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق وعضو مجلس الشعب السابق وراء هذا الهرب؟! أذكر أن د. زكريا عزمى أثناء المناقشات الساخنة لحادث العبارة فى مجلس الشعب فى جلسات فبراير 2006 نفى أنه شريك لممدوح إسماعيل ولكنهما أصدقاء فقط من مصر الجديدة. وقال بالحرف الواحد: «وحينما يكون الصديق فى أزمة، فلا يمكن أن أتخلى عنه لأنى فلاح وكلكم تعرفون أخلاق الفلاحين.. ولكن أقرر أنه ليس لى علاقة عمل أو مصالح شخصية معه وهو لم يطلب منى أى خدمة.. وإذا أثبت التحقيق خطأه فليأخذ جزاءه، وحينما تقرر النيابة محاكمته فليحاكم.. وإذا وجهت لى أية شبهة فأنا على استعداد أن أقف أمام النيابة العامة لأقول كلمتى».. وطبعا كانت هذه كلمات حق ولكن يراد بها باطل من أحد رجال النظام السابق الفاسد. وكان زكريا عزمى يرد على غمز ولمز النائب المستقل سعد عبود الذى طلب فى كلمته أثناء المناقشات أن يعرف حقيقة العلاقة بين صاحب العبارة ممدوح إسماعيل والنائب زكريا عزمى! *** ولكن كيف أدارت حكومة أحمد نظيف أزمة العبارة التى كانت مثالا صارخا على فساد النظام السابق قبل ثورة 25 يناير؟! وكيف تعاملت الحكومة مع تقرير لجنة تقصى الحقائق الذى أعده النائب المحترم والبرلمانى القدير حمدى الطحان رئيس لجنة النقل والمواصلات فى برلمان 2005 -2010؟ هذا ما سنكشف عنه فى الخواطر القادمة إن شاء الله العلى القدير.